مقالة الدرس ٤٠
تمَثَّلْ بِبُطْرُس ولا تستَسلِم
«إبتَعِدْ عنِّي يا رَبُّ لِأنِّي رَجُلٌ خاطِئ». — لو ٥:٨.
التَّرنيمَة ٣٨ لن يترُكَك!
لَمحَةٌ عنِ المَقالَةa
١ كَيفَ شعَرَ بُطْرُس بَعدَما رأى عَجيبَةَ يَسُوع؟
يُمضي بُطْرُس والَّذينَ معهُ اللَّيلَ كُلَّهُ في الصَّيد، لكنَّهُم لا يُمسِكونَ ولا سَمَكَة. لِذا، لا شَكَّ أنَّهُ يستَغرِبُ حينَ يقولُ لهُ يَسُوع: «أَبحِرْ إلى مَكانٍ أعمَق، وارْموا شِباكَكُم لِتَتَصَيَّدوا». (لو ٥:٤) يشُكُّ بُطْرُس أنَّهُم سيَصطادونَ أيَّ سَمَكَة. مع ذلِك، يفعَلُ مِثلَما قالَ لهُ يَسُوع. والنَّتيجَة؟ تمتَلِئُ الشِّباكُ بِالسَّمَك، لِدَرَجَةِ أنَّها تبدَأُ تتَمَزَّق. وحينَ يرى بُطْرُس والَّذينَ معهُ هذِهِ العَجيبَة، ‹يندَهِشونَ كَثيرًا›. فيَقولُ بُطْرُس لِيَسُوع: «إبتَعِدْ عنِّي يا رَبُّ لِأنِّي رَجُلٌ خاطِئ». (لو ٥:٦-٩) فكما يبدو، يشعُرُ بُطْرُس أنَّهُ لا يستاهِلُ أن يكونَ مع يَسُوع.
٢ لِمَ يُفيدُنا مِثالُ بُطْرُس؟
٢ حينَ قالَ بُطْرُس إنَّهُ «رَجُلٌ خاطِئ»، كانَ معهُ حَقّ. فمِثلَما يُخبِرُ الكِتابُ المُقَدَّس، أخطَأَ بُطْرُس أحيانًا بِكَلامِهِ أو تَصَرُّفاتِه، وندِمَ لاحِقًا على ذلِك. فهل تشعُرُ مِثلَه؟ هل تُحارِبُ بِاستِمرارٍ ضَعَفاتٍ أو مُيولًا خاطِئَة؟ في هذِهِ الحالَة، سيُشَجِّعُكَ مِثالُ بُطْرُس. فكِّرْ في ذلِك: كانَ يَهْوَه يقدِرُ بِبَساطَةٍ أن لا يذكُرَ أخطاءَ بُطْرُس في الكِتابِ المُقَدَّس. لكنَّهُ ذكَرَها لِنتَعَلَّمَ مِنها. (٢ تي ٣:١٦، ١٧) فبُطْرُس كانَت لَدَيهِ ضَعَفاتٌ ومَشاعِرُ مِثلَنا. وحينَ نتَأمَّلُ في قِصَّتِه، نتَعَلَّمُ أنَّ يَهْوَه لا يطلُبُ مِنَّا أن نكونَ كامِلين، بل يعرِفُ أنَّ لَدَينا ضَعَفات. وهو يُريدُ أن نستَمِرَّ في مُحارَبَتِها، ولا نستَسلِم.
٣ لِمَ مُهِمٌّ أن لا نستَسلِم؟
٣ ولِمَ مُهِمٌّ أن لا نستَسلِم؟ لِأنَّنا نتَعَلَّمُ بِالمُمارَسَة. مَثَلًا، يتَدَرَّبُ الموسيقِيُّ سِنينَ كَثيرَة على العَزف. وفيما يتَدَرَّب، يُخطِئُ آلافَ المَرَّات. لكنَّهُ يظَلُّ يتَدَرَّب، ويَسعى لِيَتَحَسَّن. وحتَّى بَعدَما يصيرُ ماهِرًا، يُخطِئُ أحيانًا في العَزف. لكنَّهُ لا يستَسلِم، بل يجتَهِدُ لِيَتَقَدَّمَ أكثَر. بِشَكلٍ مُماثِل، كُلُّنا نُخطِئُ أحيانًا بِكَلامِنا أو تَصَرُّفاتِنا، ونندَمُ لاحِقًا على ذلِك. وحتَّى بَعدَما نتَغَلَّبُ على ضُعفٍ مُعَيَّن، قد نقَعُ فيهِ مُجَدَّدًا. لكنَّنا لا نستَسلِم. ويَهْوَه بِدَورِهِ يُساعِدُنا أن نتَقَدَّم. (١ بط ٥:١٠) وفي هذا المَجال، رسَمَ لنا بُطْرُس مِثالًا رائِعًا. فمع أنَّهُ ظلَّ يرتَكِبُ أخطاء، لم يستَسلِم. كما أنَّ يَسُوع لم يقطَعِ الأمَلَ مِنه، بل ظلَّ يثِقُ به. فلْنتَأمَّلْ إذًا في مِثالِ بُطْرُس، لِأنَّهُ سيُشَجِّعُنا أن نستَمِرَّ في خِدمَةِ يَهْوَه بِأمانَة.
حارَبَ ضَعَفاتٍ ونالَ بَرَكات
٤ حَسَبَ لُوقَا ٥:٥-١٠، ماذا قالَ بُطْرُس عن نَفْسِه، وماذا أكَّدَ لهُ يَسُوع؟
٤ لا يُخبِرُنا الكِتابُ المُقَدَّسُ لِمَ قالَ بُطْرُس إنَّهُ «رَجُلٌ خاطِئ»، أو ماذا كانَ في بالِه. (إقرأ لوقا ٥:٥-١٠.) ولكنْ يبدو أنَّ بُطْرُس ارتَكَبَ أخطاءً كَبيرَة. لِذا، خافَ وشعَرَ أنَّهُ لا يستاهِلُ أن يكونَ مع يَسُوع. لكنَّ يَسُوع لاحَظَ ذلِك، ووَثِقَ أنَّ بُطْرُس سيَبقى أمينًا. لِذا، قالَ لهُ بِلُطف: «لا تَخَفْ بَعدَ اليَوم». ولا شَكَّ أنَّ بُطْرُس تشَجَّعَ كَثيرًا بِثِقَةِ يَسُوع. وبِالنَّتيجَة، أخَذَ قَرارًا غيَّرَ حَياتَه. فهو وأخوهُ أَنْدَرَاوُس ترَكا مِهنَةَ صَيدِ السَّمَك، وبدَآ يتبَعانِ يَسُوع دائِمًا. وهكَذا، نالا بَرَكاتٍ رائِعَة. — مر ١:١٦-١٨.
٥ أيُّ بَرَكاتٍ نالَها بُطْرُس؟
٥ نالَ بُطْرُس بَرَكاتٍ كَثيرَة لِأنَّهُ اتَّبَعَ يَسُوع. فقدْ رآهُ يشفي المَرضى، يطرُدُ الشَّياطين، وحتَّى يُقيمُ المَوتى.b (مت ٨:١٤-١٧؛ مر ٥:٣٧، ٤١، ٤٢) كما شاهَدَ رُؤيا عن مَجدِ يَسُوع في مَملَكَتِه، رُؤيا بقِيَت في بالِهِ وظلَّت تُشَجِّعُه. (مر ٩:١-٨؛ ٢ بط ١:١٦-١٨) فِعلًا، رأى بُطْرُس أشياءَ لا تخطُرُ على البال. تخَيَّلْ إذًا كم فرِحَ لِأنَّهُ لم يستَسلِمْ لِمَشاعِرِهِ السَّلبِيَّة، ولم يُفَوِّتْ كُلَّ هذِهِ البَرَكات.
٦ ماذا يُظهِرُ أنَّ بُطْرُس ظلَّ يُحارِبُ بَعضَ الضَّعَفات؟
٦ ولكنْ رَغمَ كُلِّ ما رآهُ بُطْرُس، ظلَّ يُحارِبُ بَعضَ الضَّعَفات. فتَكرارًا، تجادَلَ معَ الرُّسُلِ الآخَرينَ بِخُصوصِ مَن هوَ الأعظَمُ بَينَهُم. (مر ٩:٣٣، ٣٤) حتَّى إنَّهُ وبَّخَ يَسُوع حينَ أخبَرَهُم أنَّهُ سيَتَألَّمُ ويَموتُ إتمامًا لِلنُّبُوَّات. (مر ٨:٣١-٣٣) وفي آخِرِ لَيلَةٍ قَبلَ مَوتِ يَسُوع، تهَوَّرَ بُطْرُس وقطَعَ أُذُنَ أحَدِ الرِّجال. (يو ١٨:١٠) وفي نَفْسِ اللَّيلَة، وقَعَ في فَخِّ الخَوف، وأنكَرَ ثَلاثَ مَرَّاتٍ أنَّهُ يعرِفُ صَديقَهُ يَسُوع. (مر ١٤:٦٦-٧٢) ونَتيجَةَ ذلِك، بكى بِحَرقَة. — مت ٢٦:٧٥.
٧ أيُّ فُرصَةٍ أعطاها يَسُوع لِبُطْرُس؟
٧ كانَت مَعنَوِيَّاتُ بُطْرُس مُنهارَة. لكنَّ يَسُوع لم يقطَعِ الأمَلَ مِنه. فبَعدَما قام، أعطى بُطْرُس فُرصَةً لِيُؤَكِّدَ لهُ أنَّهُ يُحِبُّه. كما طلَبَ مِنهُ أن يرعى خِرافَه. (يو ٢١:١٥-١٧) وهذا ما فعَلَهُ بُطْرُس. وهكَذا، كانَ بَينَ الأشخاصِ الأوائِلِ بِأُورُشَلِيم الَّذينَ نالوا الرُّوحَ القُدُسَ في يَومِ الخَمسين.
٨ أيُّ خَطَإٍ خَطيرٍ ارتَكَبَهُ بُطْرُس؟
٨ ولكنْ حتَّى بَعدَما أصبَحَ بُطْرُس مِنَ المَسيحِيِّينَ المُختارين، ظلَّ يُحارِبُ بَعضَ الضَّعَفات. مَثَلًا سَنَةَ ٣٦ بم، رأى بُطْرُس الرُّوحَ القُدُسَ ينزِلُ على كَرْنِيلِيُوس، الَّذي كانَ مِنَ الأُمَمِ غَيرِ المَختونين. وتأكَّدَ بِالتَّالي أنَّ اللّٰهَ لَيسَ عِندَهُ تَحَيُّز، وأنَّ الأُمَمَ يقدِرونَ أن يصيروا مَسيحِيِّين. (أع ١٠:٣٤، ٤٤، ٤٥) وهكَذا، بدَأَ بُطْرُس يفعَلُ شَيئًا لم يكُنْ مُعتادًا علَيه: بدَأَ يأكُلُ مع أشخاصٍ مِنَ الأُمَم. (غل ٢:١٢) لكنَّ بَعضَ المَسيحِيِّينَ اليَهُود شعَروا أنَّهُم لا يجِبُ أن يأكُلوا معَ الأُمَم. وحينَ أتى بَعضٌ مِنهُم إلى أنْطَاكْيَة، يبدو أنَّ بُطْرُس خافَ مِنهُم. فتَوَقَّفَ عنِ الأكلِ معَ الإخوَةِ الَّذينَ مِنَ الأُمَم. وعِندَما رأى الرَّسولُ بُولُس هذا النِّفاق، وبَّخَ بُطْرُس أمامَ الجَميع. (غل ٢:١٣، ١٤) صَحيحٌ أنَّ بُطْرُس ارتَكَبَ خَطَأً خَطيرًا، لكنَّهُ لم يستَسلِم. فماذا ساعَدَه؟
ماذا ساعَدَهُ أن لا يستَسلِم؟
٩ كَيفَ تُظهِرُ يُوحَنَّا ٦:٦٨، ٦٩ أنَّ بُطْرُس كانَ وَلِيًّا؟
٩ كانَ بُطْرُس وَلِيًّا. لِذا، لم يتَوَقَّفْ عنِ اتِّباعِ يَسُوع مَهما حصَل. فمَرَّةً، قالَ يَسُوع كَلامًا لم يفهَمْهُ تَلاميذُه. (إقرأ يوحنا ٦:٦٨، ٦٩.) وبِالنَّتيجَة، توَقَّفَ كَثيرونَ مِنهُم عنِ اتِّباعِه. فهُم لم يسألوهُ ماذا قصَد، أو ينتَظِروهُ حتَّى يشرَحَ لهُم. أمَّا بُطْرُس، فعرَفَ أنَّ يَسُوع فَقَط عِندَهُ «كَلامُ الحَياةِ الأبَدِيَّة».
١٠ كَيفَ أظهَرَ يَسُوع أنَّهُ يثِقُ بِبُطْرُس؟ (أُنظُرْ أيضًا الصُّورَة.)
١٠ في آخِرِ لَيلَةٍ قَبلَ أن يموتَ يَسُوع، عرَفَ أنَّ بُطْرُس وباقِيَ الرُّسُلِ سيَترُكونَه. لكنَّ يَسُوع لم يترُكْ بُطْرُس، بل وثِقَ أنَّ هذا الرَّسولَ سيَرجِعُ ويَبقى أمينًا. (لو ٢٢:٣١، ٣٢) كما تعاطَفَ مع بُطْرُس وباقي الرُّسُل، وقال: «إنَّ الرُّوحَ مُندَفِع، أمَّا الجَسَدُ فضَعيف». (مر ١٤:٣٨) لِذا، حتَّى بَعدَما أنكَرَهُ بُطْرُس، لم يقطَعِ الأمَلَ مِنه. بل ظهَرَ لهُ بَعدَ قِيامَتِه، على انفِرادٍ كما يتَّضِح. (مر ١٦:٧؛ لو ٢٤:٣٤؛ ١ كو ١٥:٥) تخَيَّلْ إذًا كم تشَجَّعَ هذا الرَّسولُ الَّذي كانَت مَعنَوِيَّاتُهُ مُنهارَة.
١١ كَيفَ أكَّدَ يَسُوع لِبُطْرُس أنَّ يَهْوَه سيَدعَمُه؟
١١ أيضًا، أكَّدَ يَسُوع لِبُطْرُس أنَّ يَهْوَه سيَدعَمُه. فقدْ ظهَرَ لهُ ولِرُسُلٍ آخَرين، وساعَدَهُم مُجَدَّدًا أن يصطادوا سَمَكًا كَثيرًا بِأُعجوبَة. (يو ٢١:٤-٦) بِالتَّأكيد، فهِمَ بُطْرُس عِندَئِذٍ أنَّ يَهْوَه سيُؤَمِّنُ حاجاتِه. وعلى الأرجَح، تذَكَّرَ ما قالَهُ يَسُوع سابِقًا: إنَّ يَهْوَه يُؤَمِّنُ حاجاتِ الَّذينَ ‹يضَعونَ دائِمًا مَملَكَتَه أوَّلًا في حَياتِهِم›. (مت ٦:٣٣) لِذلِك، بدَأَ بُطْرُس يُعطي الأولَوِيَّةَ لِلخِدمَة، بَدَلَ صَيدِ السَّمَك. ففي يَومِ الخَمسين، بشَّرَ الآلافَ بِشَجاعَة، وساعَدَهُم أن يقبَلوا الأخبارَ الحُلوَة. (أع ٢:١٤، ٣٧-٤١) ولاحِقًا، ساعَدَ السَّامِرِيِّينَ والأُمَمَ أن يصيروا مِن أتباعِ المَسِيح. (أع ٨:١٤-١٧؛ ١٠:٤٤-٤٨) فيَهْوَه استَخدَمَ بُطْرُس بِطَريقَةٍ رائِعَة لِيَجلُبَ مُختَلَفَ الأشخاصِ إلى الجَماعَةِ المَسيحِيَّة.
ماذا نتَعَلَّمُ مِنه؟
١٢ ماذا نتَعَلَّمُ مِن مِثالِ بُطْرُس، فيما نُحارِبُ ضُعفًا مُعَيَّنًا؟
١٢ هل نُحارِبُ ضَعَفاتٍ مُعَيَّنَة مُنذُ وَقتٍ طَويل؟ طَبعًا، قد نستَصعِبُ ذلِك. وحتَّى قد نشعُرُ أنَّ ضَعَفاتِنا أصعَبُ مِنَ الضَّعَفاتِ الَّتي حارَبَها بُطْرُس. لكنَّ يَهْوَه يُقَوِّينا كَي لا نستَسلِم. (مز ٩٤:١٧-١٩) مَثَلًا، قَبلَ أن يتَعَلَّمَ أحَدُ الإخوَةِ الحَقّ، كانَ مِثلِيًّا لِسِنينَ طَويلَة. لكنَّهُ استَطاعَ أن يُغَيِّرَ حَياتَه، ويَعيشَ حَسَبَ الكِتابِ المُقَدَّس. مع ذلِك، ظلَّ يُحارِبُ الرَّغَباتِ الخاطِئَة. فماذا ساعَدَهُ أن لا يستَسلِم؟ يُخبِر: «يَهْوَه يُقَوِّيني. . . . فهو يُساعِدُني بِروحِه . . .، وقدْ تعَلَّمتُ مِنِ اختِباري أنَّنا نقدِرُ أن نستَمِرَّ في طَريقِ الحَقّ . . . لقدْ سمَحَ يَهْوَه لي أن أخدُمَه. وهو لا يَزالُ يُقَوِّيني، رَغمَ ضَعَفاتي».
١٣ كَيفَ نتبَعُ مِثالَ بُطْرُس المَذكورَ في الأعْمَال ٤:١٣، ٢٩، ٣١؟ (أُنظُرْ أيضًا الصُّوَر.)
١٣ كما رأينا، وقَعَ بُطْرُس أكثَرَ مِن مَرَّةٍ في فَخِّ الخَوف. لكنَّهُ صلَّى إلى يَهْوَه كَي يُعطِيَهُ الشَّجاعَة. وهكَذا، استَطاعَ أن يُنَمِّيَ هذِهِ الصِّفَة. (إقرإ الأعمال ٤:١٣، ٢٩، ٣١.) نَحنُ أيضًا، نقدِرُ أن نتَغَلَّبَ على الخَوف. لاحِظْ ماذا حصَلَ معَ الأخ هُورْسْت. ففي صِغَرِه، عاشَ في ألْمَانِيَا النَّازِيَّة. وأكثَرَ مِن مَرَّة، استَسلَمَ لِلضَّغطِ في المَدرَسَة، وقالَ تَحِيَّةَ «هَايْل هِتْلِر». لكنَّ والِدَيهِ لم يُوَبِّخاه. بل صلَّيا معه، وطلَبا مِن يَهْوَه أن يُعطِيَهُ الشَّجاعَة. فبَدَأَ هُورْسْت يتَّكِلُ على يَهْوَه. وهكَذا، نمَّى الشَّجاعَةَ وبقِيَ ثابِتًا. قالَ لاحِقًا: «يَهْوَه لم يتَخَلَّ عنِّي».c
١٤ كَيفَ يُشَجِّعُ الرُّعاةُ المُحِبُّونَ مَن تضعُفُ مَعنَوِيَّاتُهُم؟
١٤ بَعدَما أنكَرَ بُطْرُس أنَّهُ يعرِفُ يَسُوع، كانَ علَيهِ أن يُقَرِّرَ هل سيَستَسلِمُ أم سيَبقى أمينًا. فماذا ساعَدَه؟ كانَ يَسُوع قد توَسَّلَ إلى يَهْوَه مِن أجْلِه، كَي لا يضعُفَ إيمانُه. وهو أخبَرَ بُطْرُس بِذلِك، وعبَّرَ لهُ عن ثِقَتِهِ به. فقدْ وثِقَ أنَّهُ سيَرجِعُ ويُقَوِّي إخوَتَه. (لو ٢٢:٣١، ٣٢) ولا شَكَّ أنَّ بُطْرُس تشَجَّعَ بِهذِهِ الكَلِمات. فقدْ أكَّدَت لهُ أنَّ يَهْوَه ويَسُوع لم يقطَعا الأمَلَ مِنه. بِشَكلٍ مُماثِل، لن يقطَعَ يَهْوَه ويَسُوع الأمَلَ مِنَّا. فمِثلَ بُطْرُس، يكونُ أمامَنا أحيانًا قَرارٌ مُهِمّ. ومِن خِلالِ الرُّعاةِ المُحِبِّين، يُشَجِّعُنا يَهْوَه لِنبقى أُمَناء. (أف ٤:٨، ١١) لاحِظْ مَثَلًا ماذا يفعَلُ بُول، الَّذي يخدُمُ شَيخًا مِن سِنينَ طَويلَة. فهو يَسعى دائِمًا لِيُشَجِّعَ الإخوَةَ الَّذينَ تضعُفُ مَعنَوِيَّاتُهُم. فيُذَكِّرُهُم كَيفَ جذَبَهُم يَهْوَه إلى الحَقّ. ثُمَّ يُؤَكِّدُ لهُم أنَّ يَهْوَه وَلِيّ، ولن يتَخَلَّى عنهُم. يُخبِر: «على مَرِّ السِّنين، رأيتُ إخوَةً كَثيرينَ كانَت مَعنَوِيَّاتُهُم ضَعيفَة، لكنَّهُمُ استَمَرُّوا في خِدمَةِ يَهْوَه بِفَضلِ مُساعَدَتِه».
١٥ كَيفَ يزيدُ مِثالُ بُطْرُس وهُورْسْت ثِقَتَنا بِالوَعدِ في مَتَّى ٦:٣٣؟
١٥ مِثلَما اهتَمَّ يَهْوَه بِحاجاتِ بُطْرُس وباقي الرُّسُل، سيَهتَمُّ بِحاجاتِنا فيما نضَعُ خِدمَتَهُ أوَّلًا في حَياتِنا. (مت ٦:٣٣) مَثَلًا، بَعدَما انتَهَتِ الحَربُ العالَمِيَّة الثَّانِيَة، أرادَ الأخ هُورْسْت أن يُصبِحَ فاتِحًا. لكنَّهُ كانَ فَقيرًا جِدًّا، وخافَ أن لا يقدِرَ أن يُؤَمِّنَ حاجاتِه. فماذا فعَل؟ بِما أنَّ ناظِرَ الدَّائِرَةِ كانَ يزورُ جَماعَتَهُم، قرَّرَ أن يقضِيَ الأُسبوعَ في الخِدمَة، ويَرى ماذا سيَفعَلُ يَهْوَه. ولِدَهشَتِه، أعطاهُ ناظِرُ الدَّائِرَةِ في آخِرِ الأُسبوعِ ظَرفًا. وحينَ فتَحَه، وجَدَ فيهِ مالًا مِن مُتَبَرِّعٍ مَجهول، مالًا يكفيهِ عِدَّةَ أشهُر. وهكَذا، تأكَّدَ أنَّ يَهْوَه سيَهتَمُّ بِحاجاتِه. فبَدَأَ خِدمَةَ الفَتح، وظلَّ يضَعُ مَملَكَةَ اللّٰهِ أوَّلًا طولَ حَياتِه. — مل ٣:١٠.
١٦ لِمَ يُفيدُنا مِثالُ بُطْرُس ورِسالَتاه؟
١٦ تخَيَّلْ كم كانَ بُطْرُس سَعيدًا. فمع أنَّهُ قالَ لِيَسُوع: «إبتَعِدْ عنِّي يا رَبُّ»، لم يفعَلْ يَسُوع ذلِك، بلِ استَمَرَّ يُدَرِّبُه. وبُطْرُس استَفادَ كَثيرًا مِن هذا التَّدريب. فهو بقِيَ أمينًا، ورسَمَ مِثالًا رائِعًا لِلمَسيحِيِّين. نَحنُ أيضًا، نتَعَلَّمُ دُروسًا مُهِمَّة مِنَ التَّدريبِ الَّذي أعطاهُ لهُ يَسُوع. وقدْ ذكَرَ بُطْرُس بَعضَها في الرِّسالَتَينِ اللَّتَينِ كتَبَهُما بِالوَحْي. لِذا، سنُناقِشُ في المَقالَةِ التَّالِيَة دُروسًا مِن هاتَينِ الرِّسالَتَين، ونرى كَيفَ نُطَبِّقُها اليَوم.
التَّرنيمَة ١٢٦ إسهَروا، تشَجَّعوا، واثبُتوا
a هل تُحارِبُ بَعضَ الضَّعَفات؟ ستُؤَكِّدُ لكَ هذِهِ المَقالَةُ أنَّكَ تقدِرُ أن تتَغَلَّبَ علَيها، وتستَمِرَّ في خِدمَةِ يَهْوَه بِأمانَة.
b في هذِهِ المَقالَة، هُناك آياتٌ كَثيرَة مِن إنجيلِ مُرْقُس. وفي هذا الإنجيل، كتَبَ مُرْقُس كما يتَّضِحُ ما رواهُ لهُ بُطْرُس بِصِفَتِهِ شاهِدَ عِيان.
c أُنظُرْ قِصَّةَ حَياةِ هُورْسْت هِنْشِل «وَلاءُ عائِلَتي لِلّٰهِ كانَ حافِزًا لي» في إستَيقِظ!، عَدَد ٢٢ شُبَاط (فِبْرَايِر) ١٩٩٨.
d وصف الصور: إعادة تصوير الأحداث: والدا الأخ هورست هنشل يصليان معه، ويشجِّعانه أن يبقى ثابتًا.