الفصل الرابع
«انتم شهودي»!
١ كيف يستخدم يهوه النبوة، وكيف يجب ان يتجاوب شعبه مع النبوة المتمَّمة؟
القدرة على الانباء بالمستقبل هي احد الامور التي تميِّز الاله الحقيقي من كل الآلهة الباطلة. ولكن عندما يتنبأ يهوه، لا ينوي بذلك إثبات ألوهيته فقط. فكما يُظهر الاصحاح ٤٣ من سفر اشعياء، يجعل يهوه من النبوة إثباتا لألوهيته وكذلك لمحبته لشعب عهده. ولا يجب على شعبه ان يميِّزوا النبوة المتمَّمة ويلزموا الصمت، بل عليهم ان يشهدوا بما يرونه. نعم، يجب ان يكونوا شهودا ليهوه!
٢ (أ) ما هي الحالة الروحية لإسرائيل في ايام اشعيا؟ (ب) كيف يفتح يهوه عيون شعبه؟
٢ من المؤسف ان اسرائيل في ايام اشعيا تعيش في وضع مزرٍ جدا حتى ان يهوه يعتبر الشعب معاقا روحيا. «أخرِج الشعب الاعمى وله عيون والاصم وله آذان». (اشعياء ٤٣:٨) وكيف يمكن لشعب افراده عمي وصم روحيا ان يخدموا يهوه كشهود احياء له؟ هنالك طريقة واحدة فقط. يجب ان تنفتح عيونهم وآذانهم بطريقة عجائبية. وهذا ما يفعله يهوه دون شك. كيف؟ اولا، يمنح يهوه تأديبا شديدا، بسبي سكان مملكة اسرائيل الشمالية سنة ٧٤٠ قم ويهوذا سنة ٦٠٧ قم. ثم يُظهر يهوه قوته نحو شعبه بتحريرهم وإعادة بقية تائبة منتعشة روحيا الى ارضها سنة ٥٣٧ قم. ويهوه واثق جدا ان قصده في هذا الشأن لا يمكن ان يُحبط، حتى انه يتحدث قبل ٢٠٠ سنة تقريبا عن تحرير اسرائيل كما لو انه سبق فحصل.
٣ ايّ تشجيع يمنحه يهوه للذين سيُسبَون؟
٣ «هكذا يقول الرب خالقك يا يعقوب وجابلك يا اسرائيل. لا تخف لأني فديتك. دعوتك باسمك. انت لي. اذا اجتزت في المياه فأنا معك وفي الانهار فلا تغمرك. اذا مشيت في النار فلا تُلذع واللهيب لا يحرقك. لأني انا الرب الهك قدوس اسرائيل مخلصك». — اشعياء ٤٣:١-٣ أ.
٤ كيف يكون يهوه خالق اسرائيل، وماذا يؤكد لشعبه بشأن رجوعهم الى ارضهم؟
٤ يهتم يهوه اهتماما خصوصيا بإسرائيل لأن الامة له. فقد خلقها هو بنفسه اتماما للعهد الابراهيمي. (تكوين ١٢:١-٣) وهكذا يقول المزمور ١٠٠:٣: «اعلموا ان الرب هو اللّٰه. هو صنعنا وله نحن شعبه وغنم مرعاه». ويهوه، بصفته خالق اسرائيل وفاديها، سيُرجِع شعبه بسلامة الى ارضهم. وكل العوائق، كالمياه والانهار الفائضة والصحاري اللاذعة، لن تقف في طريقهم او تؤذيهم، تماما كما ان امورا مماثلة لم تُعِق تقدُّم آبائهم في طريقهم الى ارض الموعد قبل الف سنة.
٥ (أ) كيف تعزِّي كلمات يهوه اسرائيل الروحي؟ (ب) مَن هم رفقاء اسرائيل الروحي، وبمَن يُرمز اليهم؟
٥ وتعزِّي كلمات يهوه ايضا بقية اسرائيل الروحي العصري، الذي يشكّل اعضاؤه «خليقة جديدة» مولودة من الروح. (٢ كورنثوس ٥:١٧) وإذ يقفون بجرأة امام «مياه» الجنس البشري، يتمتعون بحماية اللّٰه الحبية عندما يتعرَّضون لفيضانات مجازية. والنار التي تنبعث من اعدائهم لا تؤذيهم، بل تساعد على تمحيصهم. (زكريا ١٣:٩؛ كشف ١٢:١٥-١٧) وتشمل عناية يهوه ‹الجمع الكثير› من ‹الخراف الاخر› الذين انضموا الى امة اللّٰه الروحية. (كشف ٧:٩؛ يوحنا ١٠:١٦) وقد رُمز اليهم ‹باللفيف الكثير› الذي خرج من مصر مع الاسرائيليين وأيضا بغير اليهود الذين رجعوا من بابل مع المسبيين المحرَّرين. — خروج ١٢:٣٨؛ عزرا ٢:١، ٤٣، ٥٥، ٥٨.
٦ كيف يُظهر يهوه انه اله عادل في ما يتعلق بافتداء (أ) اسرائيل الجسدي؟ (ب) اسرائيل الروحي؟
٦ يعد يهوه بإنقاذ شعبه من بابل بواسطة جيوش مادي وفارس. (اشعياء ١٣:١٧-١٩؛ ٢١:٢، ٩؛ ٤٤:٢٨؛ دانيال ٥:٢٨) وبما ان يهوه اله عادل، فسيدفع «لأُجَرائه» الماديين والفرس فدية مناسبة عوض اسرائيل. «جعلتُ مصر فديتك كوش وسبا عوضك. اذ صرتَ عزيزا في عينيَّ مكرَّما وأنا قد احببتك اعطي اناسا عوضك وشعوبا عوض نفسك». (اشعياء ٤٣:٣ب، ٤) يؤكد التاريخ ان الامبراطورية الفارسية اخضعت مصر وكوش وسبا المجاورة، تماما كما انبأ اللّٰه. (امثال ٢١:١٨) وفي سنة ١٩١٩، اطلق يهوه ايضا بقية اسرائيل الروحي من الاسر بواسطة يسوع المسيح. لكنَّ يسوع لم يكن بحاجة الى مكافأة لقاء خدماته. فهو ليس حاكما وثنيا، وقد كان يحرِّر اخوته الروحيين. وبالاضافة الى ذلك، كان يهوه قد سبق وأعطاه في سنة ١٩١٤ ‹الامم ميراثا له وأقاصي الارض مُلكا له›. — مزمور ٢:٨.
٧ كيف يشعر يهوه نحو شعبه في الماضي وفي الحاضر؟
٧ لاحظوا كيف يعبِّر يهوه بصراحة عن مشاعره الرقيقة تجاه المسبيين المفديين. فهو يقول لهم انهم ‹اعزّاء› و ‹مكرَّمون› في عينيه، وإنه ‹يحبهم›. (ارميا ٣١:٣) وعند اللّٰه الشعور نفسه — إن لم يكن اقوى — نحو خدامه الاولياء اليوم. والعلاقة التي تربط المسيحيين الممسوحين باللّٰه ليست ناجمة عن تحدُّرهم، بل عن عمل روح اللّٰه القدس بعد انتذارهم الشخصي لخالقهم. وقد اجتذب يهوه هؤلاء الى ابنه وإلى نفسه وكتب شرائعه ومبادئه على قلوبهم المتقبِّلة. — ارميا ٣١:٣١-٣٤؛ يوحنا ٦:٤٤.
٨ بمَ يطمئن يهوه المسبيين، وماذا سيكون شعورهم حيال عمل انقاذهم؟
٨ يتابع يهوه طمأنته للمسبيين ويقول: «لا تخف فإني معك. من المشرق آتي بنسلك ومن المغرب اجمعك. اقول للشمال اعطِ وللجنوب لا تمنع. ايتِ ببنيَّ من بعيد وببناتي من اقصى الارض. بكل مَن دعي باسمي ولمجدي خلقتُه وجبلتُه وصنعتُه». (اشعياء ٤٣:٥-٧) حتى لو كان بنو اللّٰه وبناته في اقصى اقصاء الارض، فلن يعسر على يهوه ان يحرِّرهم عندما يحين الوقت ويعيدهم الى ارضهم المحبوبة. (ارميا ٣٠:١٠، ١١) ولا شك انهم سيعتبرون هذا التحرير اعظم من انقاذ الامة السابق من مصر. — ارميا ١٦:١٤، ١٥.
٩ بأية طريقتين يربط يهوه اسمه بأعماله الانقاذية؟
٩ عندما يذكّر يهوه شعبه بأنهم دُعوا باسمه، يؤكد صدق وعده بإنقاذ اسرائيل. (اشعياء ٥٤:٥، ٦) بالاضافة الى ذلك، يربط يهوه اسمه بوعود التحرير التي يقطعها. وهكذا يضمن انه سينال هو المجد حين تتم كلمته النبوية. حتى فاتح بابل لن يُعطى الاكرام الذي لا يليق إلا بالاله الحي الوحيد.
الآلهة تحاكَم
١٠ امام ايّ تحدٍّ يضع يهوه الامم وآلهتها؟
١٠ يجعل يهوه الآن وعده بتحرير اسرائيل الاساس لدعوى قضائية كونية يحاكِم فيها آلهة الامم. نقرأ: «اجتمعوا يا كل الامم معا ولتلتئم القبائل. مَن مِن [آلهتهم] يخبر بهذا ويعلِمنا بالاوليات. ليقدِّم [آلهتُهم] شهودَهم ويتبرروا. او ليسمعوا فيقولوا صدق». (اشعياء ٤٣:٩) يضع يهوه امم العالم امام تحدٍّ كبير. فكما لو انه يقول: ‹لتثبت آلهتكم انها فعلا آلهة وتنبئ بالمستقبل بشكل دقيق›. وبما ان الاله الحقيقي هو وحده القادر على التنبؤ دون فشل، فسيفضح هذا الامتحان كل الدجالين. (اشعياء ٤٨:٥) لكنَّ القادر على كل شيء يضيف شرطا قانونيا آخر: كل مَن يدّعون انهم آلهة حقيقيون يجب ان يقدّموا شهودا على تنبؤاتهم وكذلك على اتمام هذه التنبؤات. ومن الطبيعي ألا يستثني يهوه نفسه من هذا المطلب القانوني.
١١ ايّ تفويض يعطيه يهوه لعبده، وماذا يكشف يهوه بشأن ألوهيته؟
١١ لا يمكن للآلهة الباطلة العاجزة ان تقدِّم شهودا. لذلك تبقى منصة الشهود خالية بشكل محرج. ولكن يأتي الآن دور يهوه ليثبت ألوهيته. فينظر الى شعبه ويقول: «انتم شهودي . . . وعبدي الذي اخترته لكي تعرفوا وتؤمنوا بي وتفهموا اني انا هو. قبلي لم يصوَّر اله وبعدي لا يكون. انا انا الرب وليس غيري مخلّص. انا اخبرت وخلصت وأعلمت وليس بينكم [«اله»، عج] غريب. وأنتم شهودي . . . وأنا اللّٰه. ايضا من اليوم انا هو ولا منقذ من يدي. أفعل ومَن يرد [يدي]». — اشعياء ٤٣:١٠-١٣.
١٢، ١٣ (أ) اية شهادة وافرة يجب ان يقدّمها شعب يهوه؟ (ب) كيف برز اسم يهوه في الازمنة العصرية؟
١٢ تجاوبا مع كلمات يهوه، تكتظ منصة الشهود بأعداد كبيرة من الشهود الفرحين. ويقدّم هؤلاء شهادة واضحة لا تُدحض. وكيشوع، يشهدون ان ‹كل ما تكلم به يهوه صار. لم تسقط كلمة واحدة›. (يشوع ٢٣:١٤) ولا يزال شعب يهوه يذكرون كلمات اشعيا وإرميا وحزقيال وأنبياء آخرين تنبأوا، كما بصوت واحد، بسبي يهوذا وإنقاذهم العجائبي من السبي. (ارميا ٢٥:١١، ١٢) وذُكر كورش، منقذ يهوذا، بالاسم قبل وقت طويل من ولادته! — اشعياء ٤٤:٢٦–٤٥:١.
١٣ نظرا الى كل هذه الادلة الغامرة، مَن يمكنه ان ينكر بعد ان يهوه هو الاله الحقيقي الوحيد؟ فيهوه وحده غير مخلوق، بخلاف الآلهة الوثنية؛ وهو وحده الاله الحقيقي.a لذلك يتمتع الشعب الحامل اسم يهوه بامتياز فريد ومثير: إخبار الاجيال المقبلة، وكل مَن يستعلم عن يهوه، بأعماله العجيبة. (مزمور ٧٨:٥-٧) كذلك يملك شهود يهوه العصريون امتياز اعلان اسم يهوه في كل الارض. ففي عشرينات القرن العشرين، صار تلاميذ الكتاب المقدس يعون اكثر فأكثر اهمية اسم اللّٰه، يهوه. وبعد ذلك، في ٢٦ تموز (يوليو) ١٩٣١، في محفل عُقد في مدينة كولومبس بولاية أوهايو الاميركية، عرض رئيس الجمعية جوزيف ف. رذرفورد قرارا بعنوان «اسم جديد». وهلّل المجتمعون هناك عندما سمعوا الكلمات: «نرغب في ان نُعرَف ونُدعى بالاسم، اي شهود يهوه»، ووافقوا على القرار بقول «نعم» مدوّية. ومنذ ذلك الحين برز اسم يهوه عالميا. — مزمور ٨٣:١٨.
١٤ بمَ يذكّر يهوه الاسرائيليين، ولماذا يأتي هذا التذكير في وقته؟
١٤ يهتم يهوه بالذين يحملون اسمه بشكل لائق، ويعتبرهم «كحدقة عينه». ويذكّر الاسرائيليين بذلك، مخبرا اياهم كيف انقذهم من مصر وقادهم بأمان في البرية. (تثنية ٣٢:١٠، ١٢) في ذلك الوقت لم يكن هنالك اله غريب بينهم، لأنهم رأوا بأم عينهم الاذلال الشديد الذي عانته كل آلهة مصر. نعم، لقد عجزت كل الآلهة المصرية عن حماية مصر وعن منع اسرائيل من الرحيل. (خروج ١٢:١٢) وبابل الجبارة، التي ينتشر في ارجاء عاصمتها ٥٠ معبدا على الاقل للآلهة الباطلة، لن تتمكن من رد يد القادر على كل شيء حين يحرِّر شعبه. فمن الواضح انه «لا منقذ» غير يهوه.
خيول الحرب تسقط، والسجون تنفتح
١٥ ماذا يتنبأ يهوه عن بابل؟
١٥ «هكذا يقول الرب فاديكم قدوس اسرائيل. لأجلكم ارسلت الى بابل وألقيت المغاليق كلها والكلدانيين في سفن ترنمهم. انا الرب قدوسكم خالق اسرائيل ملككم. هكذا يقول الرب الجاعل في البحر طريقا وفي المياه القوية مسلكا. المخرج المركبة والفرس الجيش والعز. يضطجعون معا لا يقومون. قد خمدوا. كفتيلة انطفأوا». — اشعياء ٤٣:١٤-١٧.
١٦ ماذا سيحلّ ببابل، التجار الكلدانيين، وأيّ مدافعين محتمَلين عن بابل؟
١٦ بابل هي كالسجن بالنسبة الى المسبيين، لأنها تحُول دون عودتهم الى اورشليم. لكنَّ دفاعات بابل لا تقف عائقا امام القادر على كل شيء، ذاك الذي جعل قبلا «في البحر [الاحمر] طريقا وفي المياه القوية مسلكا» — اشارة الى مياه الاردن كما يَظهر. (خروج ١٤:١٦؛ يشوع ٣:١٣) وكذلك سيجعل كورش، الاداة التي يستخدمها يهوه، مياه الفرات تتراجع، مما يتيح لمحاربيه دخول المدينة. أما التجار الكلدانيون المتنقّلون عبر قنوات بابل — مجارٍ مائية تجوبها آلاف السفن التجارية والمراكب التي تحمل الآلهة البابلية — فسينوحون عندما تسقط عاصمتهم الجبارة. وكمركبات فرعون في البحر الاحمر، لن تنفع مركبات بابل السريعة في شيء. وهي لن تنقذهم. وستُطفأ حياة ايّ مدافعين محتمَلين بالسهولة نفسها التي تُطفأ بها فتيلة القنديل.
يهوه يحمي شعبه العائد
١٧، ١٨ (أ) ايّ امر «جديد» يتنبأ يهوه به؟ (ب) بأيّ معنى يلزم ألا يذكر الشعب الاوليات، ولماذا؟
١٧ يقول يهوه، مقارنا اعماله الانقاذية السابقة بما ينوي فعله: «لا تذكروا الاوليات. والقديمات لا تتأملوا بها. هأنذا صانع امرا جديدا. الآن ينبت. ألا تعرفونه. أجعل في البرية طريقا في القفر انهارا. يمجدني حيوان الصحراء الذئاب وبنات النعام لأني جعلت في البرية ماء انهارا في القفر لأسقي شعبي مختاري. هذا الشعب جبلته لنفسي. يحدِّث بتسبيحي». — اشعياء ٤٣:١٨-٢١.
١٨ عندما يقول يهوه «لا تذكروا الاوليات»، لا يطلب من خدامه ان يمحوا من ذاكرتهم اعماله الانقاذية السابقة. فالكثير من هذه الاعمال هو جزء من تاريخ اسرائيل الموحى به من اللّٰه، وقد امر يهوه بأن يتذكروا خروجهم من مصر كل سنة عند الاحتفال بالفصح. (لاويين ٢٣:٥؛ تثنية ١٦:١-٤) لكنَّ يهوه يريد الآن من شعبه ان يمجّده ‹لأمر جديد› — امر سيرونه بأم عينهم. ولا يشتمل ذلك على انقاذهم من بابل فحسب، بل ايضا على رحلة عودتهم العجائبية، ربما عبر طريق الصحراء الاقصر. ففي تلك الارض القاحلة، سيجعل يهوه لهم «طريقا» ويقوم بعجائب تذكّر بما فعله من اجل الاسرائيليين في ايام موسى، اذ سيُطعم العائدين في الصحراء ويطفئ ظمأهم بأنهار حقيقية. وستكون تدابير يهوه سخية جدا حتى ان الحيوانات البرية ستمجّد اللّٰه ولن تهاجم الشعب.
١٩ كيف يسلك اعضاء بقية اسرائيل الروحي ورفقاؤهم في «الطريق المقدسة»؟
١٩ وبشكل مماثل، تحرَّرت بقية اسرائيل الروحي من الاسر البابلي سنة ١٩١٩، وشرعوا يسلكون في طريق اعدَّها لهم يهوه، «الطريق المقدسة». (اشعياء ٣٥:٨) لم يضطر هؤلاء الى السير في صحراء حارقة من موقع جغرافي الى آخر، كما فعل الاسرائيليون، ولم تنتهِ رحلتهم بالوصول الى اورشليم بعد بضعة اشهر. لكنَّ «الطريق المقدسة» قادت بقية المسيحيين الممسوحين الى فردوس روحي. وهم لا يزالون في تلك «الطريق المقدسة»، لأنهم لا بد ان يعبروا نظام الاشياء هذا بعد. وما داموا في السكة — اي ما داموا يحفظون مقاييس اللّٰه المتعلقة بالطهارة والقداسة — يبقون في الفردوس الروحي. وكم يفرحون بانضمام جمع كثير من الرفقاء «غير الاسرائيليين» اليهم! وفي تباين حاد مع الذين يعتمدون على نظام الشيطان، يستمر اعضاء البقية ورفقاؤهم في التمتع بوليمة روحية غنية من يد يهوه. (اشعياء ٢٥:٦؛ ٦٥:١٣، ١٤) وكثيرون من الاشخاص المشبَّهين بالوحوش، حين يرون بركات يهوه على شعبه، يغيِّرون طرقهم ويمجِّدون الاله الحقيقي. — اشعياء ١١:٦-٩.
يهوه يكشف عن تضايقه
٢٠ كيف خذلت اسرائيل يهوه في ايام اشعيا؟
٢٠ ان البقية المستردة من اسرائيل في الماضي مختلفون عن الجيل الشرير في ايام اشعيا. يقول يهوه عن ذلك الجيل الشرير: «انت لم تدعُني يا يعقوب حتى تتعب من اجلي [«بل سئمت مني»، تف] يا اسرائيل. لم تحضر لي شاةَ محرقتك وبذبائحك لم تكرمني. لم استخدمك [«انا ما ألزمتُك»، جد] بتقدمة ولا اتعبتُك بلُبان. لم تشترِ لي بفضة قصبا وبشحم ذبائحك لم تُرْوِني. لكن استخدمتَني بخطاياك [«جعلتني اخدمك بسبب خطاياك»، عج] وأتعبتَني بآثامك». — اشعياء ٤٣:٢٢-٢٤.
٢١، ٢٢ (أ) لماذا يمكن القول ان مطالب يهوه ليست ثقيلة؟ (ب) بأيّ معنى يُلزم الشعب يهوه بأن يخدمهم؟
٢١ عندما يقول يهوه: ‹ما ألزمتُك بتقدمة ولا اتعبتُك بلُبان›، لا يقصد ان التقدمة واللبان (احد مكوِّنات البخور المقدس) ليسا مفروضَين عليهم. فهما جزء لا يتجزأ من العبادة الحقة تحت عهد الشريعة. ويصح الامر نفسه في ‹القصب›، الذي يشير الى قصب الذَّريرة العطر، وهو احد المكوِّنات الطيبة الرائحة لدهن المسحة المقدس. فالاسرائيليون يتجاهلون استعمال هذه الاشياء في خدمة الهيكل. ولكن هل هذه المطالب ثقيلة؟ كلا! فمطالب يهوه خفيفة مقارنةً بما تطلبه الآلهة الباطلة. مثلا، اقتضت عبادة الاله الباطل مولك تقديم الاولاد ذبائح — شيء لم يأمر به يهوه قط! — تثنية ٣٠:١١؛ ميخا ٦:٣، ٤، ٨.
٢٢ لو كان عند الاسرائيليين ادراك روحي، لَما ‹سئموا قط من يهوه›. فبفحص شريعته، كانوا سيرون مدى عمق محبته لهم، وكانوا سيقدّمون له ‹الشحم› — افضل اجزاء ذبائحهم — عن طيب نفس. لكنهم أبقوا الشحم لأنفسهم بجشع. (لاويين ٣:٩-١١، ١٦) وكم ارهقت هذه الامة الشريرة يهوه بخطاياها، ملزمةً اياه بأن يخدمها. — نحميا ٩:٢٨-٣٠.
التأديب يثمر
٢٣ (أ) لماذا التأديب الذي يمنحه يهوه يستأهله نائلوه؟ (ب) على ماذا يشتمل تأديب اللّٰه لإسرائيل؟
٢٣ مع ان تأديب يهوه شديد — وهم يستأهلونه — فهو يحقق الغايات المنشودة، وهذا ما يجعل اظهار الرحمة ممكنا. «انا انا هو الماحي ذنوبك لأجل نفسي وخطاياك لا اذكرها. ذكِّرني فنتحاكم معا. حدِّث لكي تتبرر. ابوك الاول اخطأ ووسطاؤك عصوا عليَّ. فدنستُ رؤساء القدس ودفعتُ يعقوب الى اللعن وإسرائيل الى الشتائم». (اشعياء ٤٣:٢٥-٢٨) تحدَّرت اسرائيل، كجميع امم العالم، من «الاول»، آدم. لذلك لا يستطيع ايّ اسرائيلي ان ‹يتبرر›. حتى وسطاء اسرائيل — معلّمو او مفسِّرو شريعتها — اخطأوا الى يهوه وعلّموا الاكاذيب. وبالمقابل، سيسلّم يهوه كامل امته الى «اللعن» و «الشتائم». وسيدنّس ايضا كل اصحاب المسؤوليات في ‹مقدسه›.
٢٤ لأيّ سبب رئيسي يغفر يهوه لشعبه — القديم والعصري على السواء — ومع ذلك بماذا يشعر نحوهم؟
٢٤ ولكن لاحظوا ان الرحمة الالهية لن يُعرب عنها لمجرد ان اسرائيل ندمت، بل لأجل يهوه. نعم، فاسمه مشمول بالامر. فإذا ترك اسرائيل مسبيَّة الى الابد، عيَّر الناظرون اسمه. (مزمور ٧٩:٩؛ حزقيال ٢٠:٨-١٠) واليوم ايضا، يحتل خلاص البشر المرتبة الثانية بعد تقديس اسم يهوه وتبرئة سلطانه. لكنَّ يهوه يحب الذين يقبلون تأديبه دون تحفُّظ ويعبدونه بالروح والحق. وهو يعرب عن محبته لهؤلاء — سواء أكانوا ممسوحين ام من الخراف الاخر — بمحو تعدّياتهم على اساس ذبيحة يسوع المسيح. — يوحنا ٣:١٦؛ ٤:٢٣، ٢٤.
٢٥ اية امور مدهشة سيقوم بها يهوه في المستقبل القريب، وكيف يمكننا إظهار تقديرنا الآن؟
٢٥ وعلاوة على ذلك، سيعرب يهوه قريبا عن محبته لجمع كثير من عبّاده الاولياء حين يصنع شيئا جديدا من اجلهم وينقذهم من «الضيق العظيم» ويُدخلهم الى ‹ارض جديدة› مطهَّرة. (كشف ٧:١٤؛ ٢ بطرس ٣:١٣) فسيشاهدون كيف سيعبّر يهوه عن قوته بأروع طريقة رآها البشر. والتوقع الاكيد لهذا الحدث يجعل البقية الممسوحة وجميع الذين سيؤلفون الجمع الكثير يبتهجون ويعيشون كل يوم من حياتهم بانسجام مع هذا التفويض السامي: «انتم شهودي». — اشعياء ٤٣:١٠.
[الحاشية]
a الكثير من الآلهة، في اساطير الامم، «مولودة» ولها «اولاد».
[الصورة في الصفحتين ٤٨ و ٤٩]
يدعم يهوه اليهود في طريق عودتهم الى اورشليم
[الصور في الصفحة ٥٢]
يتحدى يهوه الامم ان يأتوا بشهود لآلهتهم
١- تمثال برونزي لبعل ٢- تماثيل صلصالية صغيرة لعَشْتورة ٣- الثالوث المصري المؤلف من حورس وأوزيريس وإيزيس ٤- الإلاهتان اليونانيتان اثينا (الى اليسار) وأفروديت
[الصور في الصفحة ٥٨]
«انتم شهودي». — اشعياء ٤٣:١٠