هَلْ تَرَى «مَنْ لَا يُرَى»؟
«بَقِيَ رَاسِخًا كَأَنَّهُ يَرَى مَنْ لَا يُرَى». — عب ١١:٢٧.
١، ٢ (أ) لِمَ بَدَا أَنَّ مُوسَى كَانَ فِي خَطَرٍ؟ (اُنْظُرِ ٱلصُّورَةَ فِي مُسْتَهَلِّ ٱلْمَقَالَةِ.) (ب) لِمَ لَمْ يَخَفْ مُوسَى مِنْ غَضَبِ ٱلْمَلِكِ؟
كَانَ فِرْعَوْنُ حَاكِمًا مُرْعِبًا وَإِلٰهًا بِٱلنِّسْبَةِ إِلَى ٱلْمِصْرِيِّينَ. فَفِي نَظَرِهِمْ، كَانَ «يَفُوقُ كُلَّ ٱلْبَشَرِ ٱلْفَانِينَ، فِي ٱلْحِكْمَةِ وَٱلْقُوَّةِ»، حَسْبَمَا يَذْكُرُ كِتَابُ عِنْدَمَا حَكَمَتْ مِصْرُ ٱلشَّرْقَ. وَلِكَيْ يَبْعَثَ فِرْعَوْنُ ٱلْخَوْفَ فِي نُفُوسِ رَعَايَاهُ، كَانَ يَضَعُ عَلَى رَأْسِهِ تَاجًا تُزَيِّنُهُ أَفْعَى كُوبْرَا مُتَأَهِّبَةٌ لِلِٱنْقِضَاضِ بِهَدَفِ ٱلتَّذْكِيرِ أَنَّ أَعْدَاءَ ٱلْمَلِكِ يُبَادُونَ سَرِيعًا. فَتَخَيَّلْ إِذًا مَا شَعَرَ بِهِ مُوسَى حِينَ قَالَ لَهُ يَهْوَهُ: «هَلُمَّ أُرْسِلُكَ إِلَى فِرْعَوْنَ، وَأَخْرِجْ شَعْبِي بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ مِصْرَ». — خر ٣:١٠.
٢ فَٱنْطَلَقَ مُوسَى إِلَى مِصْرَ وَأَعْلَنَ رِسَالَةَ ٱللّٰهِ، مَا أَثَارَ غَضَبَ فِرْعَوْنَ. وَبَعْدَمَا نَزَلَتْ بِأَرْضِ مِصْرَ تِسْعُ ضَرَبَاتٍ، حَذَّرَ فِرْعُونُ مُوسَى: «اِحْتَرِزْ! لَا تَرَ وَجْهِي ثَانِيَةً، لِأَنَّكَ يَوْمَ تَرَى وَجْهِي تَمُوتُ». (خر ١٠:٢٨) فَأَنْبَأَ مُوسَى قَبْلَ أَنْ يُغَادِرَ ٱلْبَلَاطَ ٱلْمَلَكِيَّ أَنَّ ٱلِٱبْنَ ٱلْبِكْرَ لِلْمَلِكِ سَيَلْقَى حَتْفَهُ. (خر ١١:٤-٨) ثُمَّ أَوْصَى كُلَّ عَائِلَةٍ إِسْرَائِيلِيَّةٍ أَنْ تَذْبَحَ مِعْزَاةً أَوْ حَمَلًا — حَيَوَانًا مُخَصَّصًا لِعِبَادَةِ ٱلْإِلٰهِ ٱلْمِصْرِيِّ رَع — وَأَنْ تَرُشَّ دَمَهُ عَلَى عَتَبَةِ بَيْتِهَا. (خر ١٢:٥-٧) فَبِٱلْإِيمَانِ، أَطَاعَ مُوسَى يَهْوَهَ ‹غَيْرَ خَائِفٍ مِنْ غَضَبِ ٱلْمَلِكِ، لِأَنَّهُ بَقِيَ رَاسِخًا كَأَنَّهُ يَرَى مَنْ لَا يُرَى›. — اقرإ العبرانيين ١١:٢٧، ٢٨.
٣ أَيَّةُ أَسْئِلَةٍ تَتَعَلَّقُ بِإِيمَانِ مُوسَى سَنُنَاقِشُهَا فِي هٰذِهِ ٱلْمَقَالَةِ؟
٣ وَمَاذَا عَنْكَ؟ هَلْ إِيمَانُكَ هُوَ مِنَ ٱلْقُوَّةِ بِحَيْثُ إِنَّكَ، عَلَى سَبِيلِ ٱلْمَجَازِ، ‹تَرَى ٱللّٰهَ›؟ (مت ٥:٨) فِي هٰذِهِ ٱلْمَقَالَةِ، سَنَتَأَمَّلُ فِي مِثَالِ مُوسَى ٱلَّذِي يُسَاعِدُنَا عَلَى تَقْوِيَةِ إِيمَانِنَا كَيْ نَرَى «مَنْ لَا يُرَى». فَكَيْفَ حَمَاهُ إِيمَانُهُ بِيَهْوَهَ مِنْ خَوْفِ ٱلْإِنْسَانِ؟ كَيْفَ أَعْرَبَ عَنِ ٱلْإِيمَانِ بِوُعُودِ ٱللّٰهِ؟ وَكَيْفَ أَمَدَّتْهُ قُدْرَتُهُ عَلَى رُؤْيَةِ «مَنْ لَا يُرَى» بِٱلْقُوَّةِ حِينَ كَانَ هُوَ وَشَعْبُهُ فِي خَطَرٍ؟
لَمْ يَخَفْ «مِنْ غَضَبِ ٱلْمَلِكِ»
٤ كَيْفَ يَنْظُرُ ٱلَّذِينَ لَدَيْهِمْ وُجْهَةُ نَظَرٍ بَشَرِيَّةٌ إِلَى مُوسَى مُقَارَنَةً بِفِرْعَوْنَ؟
٤ مِنْ وُجْهَةِ نَظَرٍ بَشَرِيَّةٍ، لَمْ يَكُنْ مُوسَى يُضَاهِي فِرْعَوْنَ ٱلْجَبَّارَ فِي ٱلْقُوَّةِ. فَحَيَاتُهُ وَمُسْتَقْبَلُهُ كَانَا فِي يَدَيْ فِرْعَوْنَ. حَتَّى إِنَّهُ هُوَ نَفْسُهُ أَدْرَكَ حَقِيقَةَ ٱلْأَمْرِ. وَيَتَّضِحُ ذٰلِكَ مِنَ ٱلسُؤَالِ ٱلَّذِي سَبَقَ أَنْ طَرَحَهُ عَلَى يَهْوَهَ: «مَنْ أَنَا حَتَّى أَذْهَبَ إِلَى فِرْعَوْنَ، وَحَتَّى أُخْرِجَ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ مِصْرَ؟». (خر ٣:١١) فَقَبْلَ نَحْوِ ٤٠ سَنَةً، فَرَّ مُوسَى هَارِبًا مِنْ مِصْرَ. لِذٰلِكَ، لَرُبَّمَا تَسَاءَلَ: ‹هَلْ مِنَ ٱلْحِكْمَةِ أَنْ أَرْجِعَ إِلَى مِصْرَ وَأُعَرِّضَ نَفْسِي لِغَضَبِ ٱلْمَلِكِ؟›.
٥، ٦ مَاذَا سَاعَدَ مُوسَى أَنْ يَخَافَ يَهْوَهَ لَا فِرْعَوْنَ؟
٥ قَبْلَ أَنْ يَرْجِعَ مُوسَى إِلَى مِصْرَ، عَلَّمَهُ ٱللّٰهُ مَبْدَأً فِي غَايَةِ ٱلْأَهَمِّيَّةِ، وَهُوَ ٱلْمَبْدَأُ ذَاتُهُ ٱلَّذِي دَوَّنَهُ مُوسَى لَاحِقًا فِي سِفْرِ أَيُّوبَ: «إِنَّ مَخَافَةَ يَهْوَهَ هِيَ ٱلْحِكْمَةُ». (اي ٢٨:٢٨) فَلِكَيْ يُسَاعِدَ يَهْوَهُ مُوسَى عَلَى ٱكْتِسَابِ هٰذَا ٱلْخَوْفِ وَٱلتَّصَرُّفِ بِحِكْمَةٍ، قَارَنَ نَفْسَهُ — هُوَ ٱلْإِلٰهُ ٱلْقَادِرُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ — بِٱلْبَشَرِ. فَقَدْ سَأَلَ قَائِلًا: «مَنْ جَعَلَ لِلْإِنْسَانِ فَمًا، أَوْ مَنْ يَجْعَلُهُ أَبْكَمَ أَوْ أَصَمَّ أَوْ بَصِيرًا أَوْ أَعْمَى؟ أَمَا هُوَ أَنَا يَهْوَهُ؟». — خر ٤:١١.
٦ فَأَيُّ دَرْسٍ تَعَلَّمَهُ مُوسَى؟ أَلَّا يَشْعُرَ بِٱلْخَوْفِ أَبَدًا. فَيَهْوَهُ هُوَ مَنْ أَرْسَلَهُ وَهُوَ مَنْ سَيُزَوِّدُهُ بِمَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ لِإِيصَالِ رِسَالَةِ ٱللّٰهِ إِلَى فِرْعَوْنَ. كَمَا أَنَّ فِرْعَوْنَ لَمْ يَكُنْ يُضَاهِي يَهْوَهَ مِنْ حَيْثُ ٱلْقُوَّةُ. بِٱلْإِضَافَةِ إِلَى ذٰلِكَ، لَمْ تَكُنْ هٰذِهِ ٱلْمَرَّةَ ٱلْأُولَى ٱلَّتِي يَتَعَرَّضُ فِيهَا خُدَّامُ ٱللّٰهِ لِلْخَطَرِ فِي ظِلِّ ٱلْحُكْمِ ٱلْمِصْرِيِّ. فَلَعَلَّ مُوسَى تَأَمَّلَ كَيْفَ حَمَاهُ يَهْوَهُ وَكَيْفَ حَمَى سَلَفَيْهِ إِبْرَاهِيمَ وَيُوسُفَ خِلَالَ حُكْمِ ٱلْفَرَاعِنَةِ ٱلسَّابِقِينَ. (تك ١٢:١٧-١٩؛ ٤١:١٤، ٣٩-٤١؛ خر ١:٢٢–٢:١٠) وَإِذْ رَأَى مُوسَى «مَنْ لَا يُرَى»، مَثَلَ بِشَجَاعَةٍ أَمَامَ فِرْعَوْنَ وَأَبْلَغَهُ بِكُلِّ كَلَامِ يَهْوَهَ.
٧ كَيْفَ حَمَى ٱلْإِيمَانُ بِيَهْوَهَ إِحْدَى ٱلْأَخَوَاتِ؟
٧ بِشَكْلٍ مُشَابِهٍ، حَمَى ٱلْإِيمَانُ بِيَهْوَهَ أُخْتًا ٱسْمُهَا إِيلَّا مِنَ ٱلِٱسْتِسْلَامِ لِخَوْفِ ٱلْإِنْسَانِ. فَعَامَ ١٩٤٩، ٱعْتَقَلَتْهَا لَجْنَةُ أَمْنِ ٱلدَّوْلَةِ ٱلسُّوْفِيَاتِيَّةِ (KGB) فِي أَسْتُونِيَا. فَجُرِّدَتْ مِنْ ثِيَابِهَا وَرَاحَ ٱلشُّرْطِيُّونَ ٱلشُّبَّانُ يُحَدِّقُونَ إِلَيْهَا، مَا جَعَلَهَا تَشْعُرُ بِٱلذُّلِّ وَٱلْمَهَانَةِ. وَلٰكِنْ بَعْدَمَا صَلَّتْ إِلَى يَهْوَهَ، غَمَرَتِ ٱلسَّكِينَةُ قَلْبَهَا. بَعْدَ ذٰلِكَ، وُضِعَتْ إِيلَّا فِي ٱلسِّجْنِ ٱلِٱنْفِرَادِيِّ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ. تُعَلِّقُ قَائِلَةً: «صَرَخَ ٱلْمَسْؤُولُونَ ٱلرَّسْمِيُّونَ فِي وَجْهِي قَائِلِينَ: ‹سَنَعْمَلُ عَلَى أَنْ يُمْحَى ٱسْمُ يَهْوَهَ مِنْ ذَاكِرَةِ ٱلْجَمِيعِ فِي أَسْتُونِيَا! سَتَذْهَبِينَ أَنْتِ إِلَى مُعَسْكَرٍ لِلِٱعْتِقَالِ وَسَيُنْفَى ٱلْآخَرُونَ إِلَى سِيبِيرِيَا!›. وَأَضَافُوا مُسْتَهْزِئِينَ: ‹أَيْنَ هُوَ إِلٰهُكِ يَهْوَهُ؟›». فَهَلْ خَافَتْ إِيلَّا مِنَ ٱلْإِنْسَانِ أَمْ وَثِقَتْ بِيَهْوَهَ؟ عِنْدَ ٱسْتِجْوَابِهَا، قَالَتْ دُونَمَا خَوْفٍ: «لَقَدْ فَكَّرْتُ مَلِيًّا بِٱلْمَوْضُوعِ وَأُفَضِّلُ ٱلْبَقَاءَ فِي ٱلسِّجْنِ وَعَلَاقَتِي بِٱللّٰهِ سَلِيمَةٌ عَلَى نَيْلِ حُرِّيَّتِي وَخِسَارَةِ رِضَاهُ». فَبِٱلنِّسْبَةِ إِلَيْهَا، كَانَ يَهْوَهُ حَقِيقِيًّا، تَمَامًا مِثْلَ أُولٰئِكَ ٱلرِّجَالِ ٱلْوَاقِفِينَ أَمَامَهَا. وَهٰكَذَا، حَافَظَتْ عَلَى ٱسْتِقَامَتِهَا بِفَضْلِ إِيمَانِهَا.
٨، ٩ (أ) مَا هُوَ عِلَاجُ ٱلْخَوْفِ مِنَ ٱلْإِنْسَانِ؟ (ب) عَلَى مَنْ يَجِبُ أَنْ تُرَكِّزَ ٱنْتِبَاهَكَ إِذَا شَعَرْتَ أَنَّكَ قَدْ تَقَعُ فِي شَرَكِ ٱلْخَوْفِ مِنَ ٱلْإِنْسَانِ؟
٨ يُسَاعِدُكَ ٱلْإِيمَانُ بِيَهْوَهَ أَنْ تَتَغَلَّبَ عَلَى مَخَاوِفِكَ. فَإِنْ حَاوَلَتِ ٱلسُّلُطَاتُ مَنْعَكَ مِنْ عِبَادَةِ ٱللّٰهِ، فَقَدْ يَبْدُو أَنَّ حَيَاتَكَ وَمُسْتَقْبَلَكَ هُمَا بَيْنَ يَدَيْ بَشَرٍ. حَتَّى إِنَّكَ قَدْ تَتَسَاءَلُ مَا إِذَا كَانَ مِنَ ٱلْحِكْمَةِ ٱلِٱسْتِمْرَارُ فِي خِدْمَةِ يَهْوَهَ وَإِغْضَابُ ٱلسُّلُطَاتِ. وَلٰكِنْ تَذَكَّرْ أَنَّ عِلَاجَ ٱلْخَوْفِ مِنَ ٱلْإِنْسَانِ هُوَ ٱلْإِيمَانُ بِٱللّٰهِ. (اقرإ الامثال ٢٩:٢٥.) فَلَا دَاعِيَ أَنْ ‹تَخَافَ مِنْ إِنْسَانٍ فَانٍ يَمُوتُ، وَمِنِ ٱبْنِ بَشَرٍ يَصِيرُ كَٱلْعُشْبِ ٱلْأَخْضَرِ›. — اش ٥١:١٢، ١٣.
٩ رَكِّزِ ٱنْتِبَاهَكَ عَلَى أَبِيكَ ٱلْكُلِّيِّ ٱلْقُدْرَةِ. فَهُوَ يَرَى كُلَّ ٱلَّذِينَ يُعَانُونَ مِنَ ٱلظُّلْمِ، يَتَعَاطَفُ مَعَهُمْ، وَيُسَاعِدُهُمْ. (خر ٣:٧-١٠) حَتَّى لَوِ ٱضْطُرِرْتَ إِلَى ٱلدِّفَاعِ عَنْ إِيمَانِكَ أَمَامَ ٱلسُّلُطَاتِ، ‹فَلَا تَحْمِلْ هَمًّا كَيْفَ أَوْ بِمَ تَتَكَلَّمُ، فَإِنَّكَ تُعْطَى فِي تِلْكَ ٱلسَّاعَةِ مَا تَتَكَلَّمُ بِهِ›. (مت ١٠:١٨-٢٠) فَٱلْحُكَّامُ وَذَوُو ٱلسُّلْطَةِ لَا يُضَاهُونَ يَهْوَهَ فِي ٱلْقُوَّةِ. نَعَمْ، إِنْ قَوَّيْتَ إِيمَانَكَ ٱلْآنَ، فَسَتَرَى يَهْوَهَ كَشَخْصٍ حَقِيقِيٍّ يَتُوقُ إِلَى مُسَاعَدَتِكَ.
آمَنَ بِوُعُودِ ٱللّٰهِ
١٠ (أ) أَيَّةُ إِرْشَادَاتٍ أَعْطَاهَا يَهْوَهُ لِلْإِسْرَائِيلِيِّينَ فِي شَهْرِ نِيسَانَ ٱلْقَمَرِيِّ مِنْ عَامِ ١٥١٣ قم؟ (ب) لِمَ أَطَاعَ مُوسَى إِرْشَادَاتِ ٱللّٰهِ؟
١٠ فِي شَهْرِ نِيسَانَ ٱلْقَمَرِيِّ مِنْ عَامِ ١٥١٣ قم، أَوْصَى يَهْوَهُ مُوسَى وَهَارُونَ أَنْ يَأْمُرَا ٱلْإِسْرَائِيلِيِّينَ بِذَبْحِ مِعْزَاةٍ أَوْ حَمَلٍ سَلِيمٍ وَرَشِّ دَمِهِ عَلَى عَتَبَةِ بُيُوتِهِمْ. (خر ١٢:٣-٧) فَكَيْفَ تَجَاوَبَ مُوسَى؟ كَتَبَ ٱلرَّسُولُ بُولُسُ عَنْهُ فِي وَقْتٍ لَاحِقٍ: «بِٱلْإِيمَانِ ٱحْتَفَلَ بِٱلْفِصْحِ وَرَشَّ ٱلدَّمَ، لِئَلَّا يَمَسَّ ٱلْمُهْلِكُ أَبْكَارَهُمْ». (عب ١١:٢٨) فَقَدْ عَرَفَ مُوسَى أَنَّ بِإِمْكَانِهِ ٱلثِّقَةَ بِيَهْوَهَ وَآمَنَ بِوَعْدِهِ أَنَّهُ سَيَقْتُلُ ٱلْأَبْكَارَ فِي مِصْرَ.
١١ لِمَ حَذَّرَ مُوسَى ٱلْآخَرِينَ؟
١١ عَلَى مَا يَبْدُو، كَانَ ٱبْنَا مُوسَى فِي مِدْيَانَ، بَعِيدَيْنِ جِدًّا عَنِ «ٱلْمُهْلِكِ».a (خر ١٨:١-٦) رَغْمَ ذٰلِكَ، أَطَاعَ مُوسَى ٱللّٰهَ وَأَبْلَغَ ٱلْعَائِلَاتِ ٱلْإِسْرَائِيلِيَّةَ ٱلْأُخْرَى بِمَا طَلَبَهُ يَهْوَهُ مِنْهُ. فَعَلَى ٱلْفَوْرِ، «دَعَا . . . جَمِيعَ شُيُوخِ إِسْرَائِيلَ وَقَالَ لَهُمْ: . . . ‹اِذْبَحُوا ٱلْفِصْحَ›». (خر ١٢:٢١) فَمَا ٱلَّذِي دَفَعَهُ إِلَى ذٰلِكَ؟ مَحَبَّتُهُ لِلْقَرِيبِ، إِذْ إِنَّهُ عَلِمَ أَنَّ حَيَاةَ ٱلْأَبْكَارِ كَانَتْ فِي خَطَرٍ.
١٢ أَيَّةُ رِسَالَةٍ مُهِمَّةٍ أَوْصَانَا يَهْوَهُ أَنْ نَنْقُلَهَا؟
١٢ تَحْتَ ٱلتَّوْجِيهِ ٱلْمَلَائِكِيِّ، يَنْقُلُ شَعْبُ يَهْوَهَ ٱلْيَوْمَ رِسَالَةً مُهِمَّةً: «خَافُوا ٱللّٰهَ وَأَعْطُوهُ مَجْدًا، لِأَنَّ سَاعَةَ دَيْنُونَتِهِ قَدْ جَاءَتْ، فَٱعْبُدُوا صَانِعَ ٱلسَّمَاءِ وَٱلْأَرْضِ وَٱلْبَحْرِ وَيَنَابِيعِ ٱلْمِيَاهِ». (رؤ ١٤:٧) وَٱلْآنَ هُوَ ٱلْوَقْتُ لِإِعْلَانِ هٰذِهِ ٱلرِّسَالَةِ. فَعَلَيْنَا أَنْ نُحَذِّرَ مَنْ حَوْلَنَا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْ بَابِلَ ٱلْعَظِيمَةِ كَيْ لَا ‹يَنَالُوا مِنْ ضَرَبَاتِهَا›. (رؤ ١٨:٤) وَ ‹ٱلْخِرَافُ ٱلْأُخَرُ› يَنْضَمُّونَ إِلَى ٱلْمَسِيحِيِّينَ ٱلْمَمْسُوحِينَ فِي دَعْوَةِ ٱلْمُبْعَدِينَ عَنِ ٱللّٰهِ أَنْ ‹يَتَصَالَحُوا مَعَهُ›. — يو ١٠:١٦؛ ٢ كو ٥:٢٠.
١٣ مَاذَا يَزِيدُ مِنْ رَغْبَتِنَا فِي ٱلْقِيَامِ بِعَمَلِ ٱلْكِرَازَةِ؟
١٣ نَحْنُ مُقْتَنِعُونَ أَنَّ «سَاعَةَ دَيْنُونَةِ» يَهْوَهَ قَدْ جَاءَتْ. هٰذَا وَنَثِقُ بِأَنَّ يَهْوَهَ لَمْ يُبَالِغْ فِي مَسْأَلَةِ إِلْحَاحِ عَمَلِ ٱلْكِرَازَةِ وَٱلتَّلْمَذَةِ ٱلَّذِي نَقُومُ بِهِ. فَقَدْ رَأَى ٱلرَّسُولُ يُوحَنَّا فِي رُؤْيَا «أَرْبَعَةَ مَلَائِكَةٍ وَاقِفِينَ عَلَى أَرْبَعِ زَوَايَا ٱلْأَرْضِ، مُمْسِكِينَ بِأَرْبَعِ رِيَاحِ ٱلْأَرْضِ». (رؤ ٧:١) فَهَلْ تَرَى بِعَيْنِ ٱلْإِيمَانِ أُولٰئِكَ ٱلْمَلَائِكَةَ مُسْتَعِدِّينَ لِإِطْلَاقِ رِيَاحِ دَمَارِ ٱلضِّيقِ ٱلْعَظِيمِ عَلَى هٰذَا ٱلْعَالَمِ؟ إِذَا كَانَ ٱلْأَمْرُ كَذٰلِكَ، فَسَتَتَمَكَّنُ مِنَ ٱلْمُشَارَكَةِ فِي عَمَلِ ٱلْكِرَازَةِ بِكُلِّ ثِقَةٍ.
١٤ مَا ٱلَّذِي يَدْفَعُنَا إِلَى ‹تَحْذِيرِ ٱلشِّرِّيرِ مِنْ طَرِيقِهِ›؟
١٤ صَحِيحٌ أَنَّنَا نَحْظَى بِصَدَاقَةِ يَهْوَهَ وَرَجَاءِ ٱلْحَيَاةِ ٱلْأَبَدِيَّةِ، لٰكِنَّنَا نُدْرِكُ أَنَّنَا مَسْؤُولُونَ عَنْ ‹تَحْذِيرِ ٱلشِّرِّيرِ مِنْ طَرِيقِهِ لِٱسْتِحْيَائِهِ›. (اقرأ حزقيال ٣:١٧-١٩.) طَبْعًا، نَحْنُ لَا نَكْرِزُ فَقَطْ كَيْ نَتَجَنَّبَ ذَنْبَ سَفْكِ ٱلدَّمِ. فَنَحْنُ نُحِبُّ يَهْوَهَ وَقَرِيبَنَا. وَقَدْ أَوْضَحَ يَسُوعُ ٱلْمَعْنَى ٱلْحَقِيقِيَّ لِلْمَحَبَّةِ وَٱلرَّحْمَةِ فِي مَثَلِهِ عَنِ ٱلسَّامِرِيِّ ٱلْمُحِبِّ لِلْقَرِيبِ. لِذَا، حَرِيٌّ بِنَا أَنْ نَسْأَلَ أَنْفُسَنَا: ‹هَلْ أَنَا مِثْلُ ٱلسَّامِرِيِّ أَمْ مِثْلُ ٱلْكَاهِنِ وَٱللَّاوِيِّ؟ هَلْ تَدْفَعُنِي «ٱلشَّفَقَةُ» إِلَى تَقْدِيمِ ٱلشَّهَادَةِ لِلْآخَرِينَ؟ أَمْ إِنِّي «أَجْتَازُ فِي ٱلْجَانِبِ ٱلْمُقَابِلِ»، أَيْ أَخْتَلِقُ ٱلْأَعْذَارَ كَيْ لَا أَكْرِزَ لِلنَّاسِ؟›. (لو ١٠:٢٥-٣٧) إِنَّ ٱلْإِيمَانَ بِوُعُودِ ٱللّٰهِ وَمَحَبَّةَ ٱلْقَرِيبِ سَيَدْفَعَانِنَا إِلَى ٱلْمُشَارَكَةِ إِلَى أَقْصَى حَدٍّ مُمْكِنٍ فِي عَمَلِ ٱلْكِرَازَةِ قَبْلَ فَوَاتِ ٱلْأَوَانِ.
«اِجْتَازُوا فِي ٱلْبَحْرِ ٱلْأَحْمَرِ»
١٥ لِمَ أَحَسَّ ٱلْإِسْرَائِيلِيُّونَ أَنَّهُمْ مُحَاصَرُونَ؟
١٥ إِنَّ إِيمَانَ مُوسَى بِـ «مَنْ لَا يُرَى» سَاعَدَهُ حِينَمَا كَانَ ٱلْإِسْرَائِيلِيُّونَ فِي خَطَرٍ بَعْدَ مُغَادَرَتِهِمْ أَرْضَ مِصْرَ. يَقُولُ ٱلْكِتَابُ ٱلْمُقَدَّسُ: «رَفَعَ بَنُو إِسْرَائِيلَ عُيُونَهُمْ، فَإِذَا ٱلْمِصْرِيُّونَ سَاعُونَ وَرَاءَهُمْ. فَخَافَ بَنُو إِسْرَائِيلَ جِدًّا وَصَرَخُوا إِلَى يَهْوَهَ». (خر ١٤:١٠-١٢) فَهَلْ كَانَ هٰذَا ٱلْمَأْزِقُ غَيْرَ مُتَوَقَّعٍ؟ كَلَّا عَلَى ٱلْإِطْلَاقِ. فَيَهْوَهُ كَانَ قَدْ أَنْبَأَ: «أَتْرُكُ قَلْبَ فِرْعَوْنَ يَتَصَلَّبُ، فَيَسْعَى وَرَاءَهُمْ وَأَتَمَجَّدُ بِفِرْعَوْنَ وَكُلِّ جَيْشِهِ، وَيَعْرِفُ ٱلْمِصْرِيُّونَ أَنِّي أَنَا يَهْوَهُ». (خر ١٤:٤) غَيْرَ أَنَّ ٱلْإِسْرَائِيلِيِّينَ لَمْ يَرَوْا إِلَّا مَا بَدَا لِأَعْيُنِهِمِ ٱلْحَرْفِيَّةِ: اَلْبَحْرَ ٱلْأَحْمَرَ ٱلَّذِي قَطَعَ ٱلطَّرِيقَ أَمَامَهُمْ، مَرْكَبَاتِ فِرْعَوْنَ ٱلْحَرْبِيَّةَ ٱلَّتِي تَدْنُو مِنْهُمْ بِسُرْعَةٍ، وَرَاعِيًا عُمْرُهُ ٨٠ سَنَةً يَقُودُهُمْ. فَأَحَسُّوا أَنَّهُمْ مُحَاصَرُونَ.
١٦ كَيْفَ قَوَّى ٱلْإِيمَانُ مُوسَى عِنْدَ ٱلْبَحْرِ ٱلْأَحْمَرِ؟
١٦ إِلَّا أَنَّ مُوسَى لَمْ يَخَفْ لِأَنَّهُ رَأَى بِعَيْنِ ٱلْإِيمَانِ مَا هُوَ أَعْظَمُ مِنَ ٱلْبَحْرِ ٱلْأَحْمَرِ أَوِ ٱلْجَيْشِ ٱلْمِصْرِيِّ. فَقَدِ ٱسْتَطَاعَ أَنْ يَرَى «خَلَاصَ يَهْوَهَ» وَعَرَفَ أَنَّ ٱللّٰهَ سَيُحَارِبُ عَنِ ٱلْإِسْرَائِيلِيِّينَ. (اقرإ الخروج ١٤:١٣، ١٤.) فَقَوَّى إِيمَانُ مُوسَى شَعْبَ ٱللّٰهِ وَشَجَّعَهُمْ. وَٱلنَّتِيجَةُ أَنَّهُمْ «بِٱلْإِيمَانِ ٱجْتَازُوا فِي ٱلْبَحْرِ ٱلْأَحْمَرِ كَمَا فِي أَرْضٍ يَابِسَةٍ، وَلٰكِنْ لَمَّا تَجَاسَرَ ٱلْمِصْرِيُّونَ عَلَى ٱلْعُبُورِ ٱبْتُلِعُوا». (عب ١١:٢٩) وَهٰكَذَا، «خَافَ ٱلشَّعْبُ يَهْوَهَ وَآمَنُوا بِيَهْوَهَ وَبِخَادِمِهِ مُوسَى». — خر ١٤:٣١.
١٧ أَيُّ حَدَثٍ مُسْتَقْبَلِيٍّ سَيَمْتَحِنُ إِيمَانَنَا؟
١٧ عَمَّا قَرِيبٍ، سَتَبْدُو حَيَاتُنَا فِي خَطَرٍ. فَفِي ذُرْوَةِ ٱلضِّيقِ ٱلْعَظِيمِ، سَتَكُونُ حُكُومَاتُ هٰذَا ٱلْعَالَمِ قَدْ دَمَّرَتْ مُنَظَّمَاتٍ دِينِيَّةً أَقْوَى وَأَكْثَرَ عَدَدًا مِنَّا. (رؤ ١٧:١٦) وَيَصِفُ يَهْوَهُ نَبَوِيًّا حَالَتَنَا كَمَا لَوْ أَنَّنَا سَاكِنُونَ فِي ‹أَرْضٍ أَعْرَاءٍ، بِلَا سُورٍ، وَلَا مَزَالِيجَ وَلَا مَصَارِيعَ›. (حز ٣٨:١٠-١٢، ١٤-١٦) فَبِأَعْيُنِنَا ٱلْحَرْفِيَّةِ، سَيَبْدُو أَنَّنَا لَا نَمْتَلِكُ فُرْصَةً لِلنَّجَاةِ. فَكَيْفَ سَتَتَصَرَّفُ حِينَذَاكَ؟
١٨ لِمَاذَا يُمْكِنُنَا أَنْ نَبْقَى ثَابِتِينَ خِلَالَ ٱلضِّيقِ ٱلْعَظِيمِ؟
١٨ لَا يَجِبُ أَنْ يَعْتَرِيَكَ ٱلْخَوْفُ. وَلِمَاذَا؟ لِأَنَّ يَهْوَهَ لَمْ يُنْبِئْ بِٱلْهُجُومِ عَلَى شَعْبِهِ فَحَسْبُ، بَلْ بِعَاقِبَةِ هٰذَا ٱلْهُجُومِ أَيْضًا: «‹يَكُونُ فِي ذٰلِكَ ٱلْيَوْمِ، يَوْمَ يَأْتِي جُوجٌ عَلَى أَرْضِ إِسْرَائِيلَ›، يَقُولُ ٱلسَّيِّدُ ٱلرَّبُّ يَهْوَهُ، ‹أَنَّ سُخْطِي يَصْعَدُ إِلَى أَنْفِي. وَفِي حَمِيَّتِي وَنَارِ سُخْطِي أَتَكَلَّمُ›». (حز ٣٨:١٨-٢٣) فَٱللّٰهُ سَيُدَمِّرُ آنَذَاكَ جَمِيعَ مَنْ فِي نِيَّتِهِ إِيذَاءُ شَعْبِهِ. وَإِيمَانُكَ بِأَنَّ يَهْوَهَ سَيَحْمِيكَ فِي ‹يَوْمِهِ ٱلْعَظِيمِ ٱلْمَخُوفِ› سَيُسَاعِدُكَ أَنْ تَرَى «خَلَاصَ يَهْوَهَ» وَتُحَافِظَ عَلَى ٱسْتِقَامَتِكَ. — يوء ٢:٣١، ٣٢.
١٩ (أ) إِلَى أَيِّ حَدٍّ كَانَتْ صَدَاقَةُ يَهْوَهَ مَعَ مُوسَى حَمِيمَةً؟ (ب) أَيَّةُ بَرَكَةٍ سَتَحْظَى بِهَا إِذَا ٱلْتَفَتَّ إِلَى يَهْوَهَ فِي كُلِّ طُرُقِكَ؟
١٩ هَيِّئْ نَفْسَكَ ٱلْآنَ لِهٰذِهِ ٱلْأَحْدَاثِ ٱلْمُثِيرَةِ بِٱلْبَقَاءِ ‹رَاسِخًا كَأَنَّكَ تَرَى مَنْ لَا يُرَى›. عَزِّزْ صَدَاقَتَكَ مَعَ يَهْوَهَ ٱللّٰهِ عَبْرَ ٱلدَّرْسِ ٱلْمُنْتَظِمِ وَٱلصَّلَاةِ. فَقَدْ حَظِيَ مُوسَى بِصَدَاقَةٍ حَمِيمَةٍ مَعَ يَهْوَهَ وَٱسْتُخْدِمَ لِإِنْجَازِ أَعْمَالٍ قَدِيرَةٍ لِدَرَجَةِ أَنَّ ٱلْكِتَابَ ٱلْمُقَدَّسَ يَقُولُ إِنَّ يَهْوَهَ عَرَفَ مُوسَى «وَجْهًا لِوَجْهٍ». (تث ٣٤:١٠) حَقًّا، كَانَ مُوسَى نَبِيًّا مُمَيَّزًا. وَبِإِمْكَانِكَ أَنْتَ أَيْضًا، إِذَا تَحَلَّيْتَ بِٱلْإِيمَانِ، أَنْ تَعْرِفَ يَهْوَهَ جَيِّدًا كَمَا لَوْ أَنَّكَ تَرَاهُ حَقًّا. فَإِنِ ٱلْتَفَتَّ إِلَيْهِ «فِي كُلِّ طُرُقِكَ»، فَإِنَّهُ ‹سَيُقَوِّمُ سُبُلَكَ›. — ام ٣:٦.
a أَرْسَلَ يَهْوَهُ عَلَى مَا يَتَّضِحُ مَلَائِكَةً لِيُنَفِّذُوا ٱلدَّيْنُونَةَ فِي ٱلْمِصْرِيِّينَ. — مز ٧٨:٤٩-٥١.