اِقْتَدِ بِإِيمَانِ مُوسَى
«بِٱلْإِيمَانِ مُوسَى، لَمَّا كَبِرَ، أَبَى أَنْ يُدْعَى ٱبْنَ ٱبْنَةِ فِرْعَوْنَ». — عب ١١:٢٤.
١، ٢ (أ) أَيُّ قَرَارٍ ٱتَّخَذَهُ مُوسَى حِينَ بَلَغَ مِنَ ٱلْعُمْرِ ٤٠ سَنَةً؟ (اُنْظُرِ ٱلصُّورَةَ فِي مُسْتَهَلِّ ٱلْمَقَالَةِ.) (ب) لِمَ ٱتَّخَذَ مُوسَى هٰذَا ٱلْقَرَارَ؟
أَدْرَكَ مُوسَى مَا كَانَ فِي مَقْدُورِهِ ٱلْحُصُولُ عَلَيْهِ فِي مِصْرَ. فَقَدْ رَأَى ٱلْقُصُورَ ٱلْفَخْمَةَ ٱلَّتِي ٱمْتَلَكَهَا ٱلْأَثْرِيَاءُ، ٱنْتَمَى إِلَى ٱلْأُسْرَةِ ٱلْمَلَكِيَّةِ، وَ «تَلَقَّى . . . ٱلْإِرْشَادَ فِي حِكْمَةِ ٱلْمِصْرِيِّينَ كُلِّهَا»، ٱلَّتِي شَمَلَتْ عَلَى ٱلْأَرْجَحِ ٱلْفَنَّ وَعِلْمَيِ ٱلْفَلَكِ وَٱلرِّيَاضِيَّاتِ وَغَيْرَهَا. (اع ٧:٢٢) نَعَمْ، كَانَ بِٱسْتِطَاعَتِهِ أَنْ يَنْعَمَ بِٱلْغِنَى، وَٱلسُّلْطَةِ، وَٱمْتِيَازَاتٍ أُخْرَى لَمْ يَكُنِ ٱلْمِصْرِيُّ ٱلْعَادِيُّ لِيَحْصُلَ عَلَيْهَا إِلَّا فِي أَحْلَامِهِ.
٢ مَعَ ذٰلِكَ، حِينَ بَلَغَ مِنَ ٱلْعُمْرِ ٤٠ سَنَةً، ٱتَّخَذَ قَرَارًا لَا بُدَّ أَنَّهُ صَعَقَ ٱلْأُسْرَةَ ٱلْحَاكِمَةَ ٱلْمِصْرِيَّةَ ٱلَّتِي تَبَنَّتْهُ. فَهُوَ لَمْ يَخْتَرْ حَتَّى أَنْ يَعِيشَ حَيَاةَ ٱلْمِصْرِيِّ ٱلْعَادِيِّ، بَلْ حَيَاةَ ٱلْعَبِيدِ. وَلِمَاذَا؟ لِأَنَّهُ ٱمْتَلَكَ ٱلْإِيمَانَ. (اقرإ العبرانيين ١١:٢٤-٢٦.) فَبِٱلْإِيمَانِ، رَأَى مُوسَى مَا هُوَ أَبْعَدُ بِكَثِيرٍ مِنَ ٱلْعَالَمِ ٱلْمَنْظُورِ حَوْلَهُ. فَبِصِفَتِهِ شَخْصًا رُوحِيًّا، آمَنَ بِيَهْوَهَ ٱلَّذِي «لَا يُرَى» وَآمَنَ بِإِتْمَامِ وُعُودِهِ. — عب ١١:٢٧.
٣ أَيَّةُ أَسْئِلَةٍ ثَلَاثَةٍ سَنُنَاقِشُهَا فِي هٰذِهِ ٱلْمَقَالَةِ؟
٣ عَلَيْنَا نَحْنُ أَيْضًا أَنْ نَرَى مَا هُوَ أَبْعَدُ مِمَّا نَرَاهُ بِأَعْيُنِنَا ٱلْحَرْفِيَّةِ. فَيَنْبَغِي أَنْ نَكُونَ «مِمَّنْ لَهُمْ إِيمَانٌ». (عب ١٠:٣٨، ٣٩) وَكَيْ نُقَوِّيَ إِيمَانَنَا، لِنَتَفَحَّصْ مَا كُتِبَ عَنْ مُوسَى فِي ٱلْعِبْرَانِيِّين ١١:٢٤-٢٦. وَفِيمَا نَفْعَلُ ذٰلِكَ، لِنَبْحَثْ عَنْ أَجْوِبَةِ ٱلْأَسْئِلَةِ ٱلتَّالِيَةِ: كَيْفَ دَفَعَ ٱلْإِيمَانُ مُوسَى إِلَى رَفْضِ ٱلرَّغَبَاتِ ٱلْجَسَدِيَّةِ؟ كَيْفَ سَاعَدَهُ ٱلْإِيمَانُ عَلَى تَقْدِيرِ ٱمْتِيَازَاتِ خِدْمَتِهِ حِينَ لَحِقَ بِهِ ٱلتَّعْيِيرُ؟ وَلِمَاذَا «كَانَ يَنْظُرُ بِإِمْعَانٍ إِلَى ٱلْمُكَافَاةِ»؟
رَفَضَ ٱلرَّغَبَاتِ ٱلْجَسَدِيَّةَ
٤ مَاذَا أَدْرَكَ مُوسَى بِشَأْنِ ‹ٱلتَّمَتُّعِ بِٱلْخَطِيَّةِ›؟
٤ أَدْرَكَ مُوسَى، بِعَيْنَيِ ٱلْإِيمَانِ، أَنَّ ‹ٱلتَّمَتُّعَ بِٱلْخَطِيَّةِ› وَقْتِيٌّ. لَرُبَّمَا كَانَ شَخْصٌ غَيْرُهُ سَيُفَكِّرُ: ‹صَحِيحٌ أَنَّ مِصْرَ مُنْغَمِسَةٌ فِي ٱلصَّنَمِيَّةِ وَٱلْأَرْوَاحِيَّةِ، إِلَّا أَنَّهَا قُوَّةٌ عَالَمِيَّةٌ فِي حِينِ أَنَّ شَعْبَ يَهْوَهَ هُمْ مُجَرَّدُ عَبِيدٍ›. لٰكِنَّ مُوسَى أَدْرَكَ أَنَّ ٱللّٰهَ فِي وِسْعِهِ أَنْ يَقْلِبَ ٱلْوَضْعَ رَأْسًا عَلَى عَقِبٍ. فَمَعَ أَنَّ ٱلْأَشْرَارَ بَدَوْا مُزْدَهِرِينَ، آمَنَ مُوسَى بِأَنَّهُمْ سَيَهْلَكُونَ لَا مَحَالَةَ. نَتِيجَةَ ذٰلِكَ، لَمْ يُغْرَ بِـ «ٱلتَّمَتُّعِ ٱلْوَقْتِيِّ بِٱلْخَطِيَّةِ».
٥ مَاذَا يُسَاعِدُنَا أَنْ نُقَاوِمَ «ٱلتَّمَتُّعَ ٱلْوَقْتِيَّ بِٱلْخَطِيَّةِ»؟
٥ وَكَيْفَ يُمْكِنُكَ مُقَاوَمَةُ «ٱلتَّمَتُّعِ ٱلْوَقْتِيِّ بِٱلْخَطِيَّةِ»؟ لَا تَنْسَ أَبَدًا أَنَّ ٱللَّذَّةَ ٱلْخَاطِئَةَ سَرِيعَةُ ٱلزَّوَالِ. فَعَلَيْكَ أَنْ تَرَى بِعَيْنَيِ ٱلْإِيمَانِ أَنَّ «ٱلْعَالَمَ يَزُولُ وَكَذٰلِكَ شَهْوَتُهُ». (١ يو ٢:١٥-١٧) تَأَمَّلْ فِي عَاقِبَةِ ٱلْخُطَاةِ غَيْرِ ٱلتَّائِبِينَ. فَهُمْ «فِي مَزَالِقَ» وَ ‹سَيَفْنَوْنَ مِنَ ٱلْأَهْوَالِ›. (مز ٧٣:١٨، ١٩) وَحِينَ تُغْرَى بِٱلِٱنْهِمَاكِ فِي سُلُوكٍ خَاطِئٍ، ٱسْأَلْ نَفْسَكَ: ‹أَيُّ مُسْتَقْبَلٍ أَرْغَبُ فِيهِ لِنَفْسِي؟›.
٦ (أ) لِمَ رَفَضَ مُوسَى «أَنْ يُدْعَى ٱبْنَ ٱبْنَةِ فِرْعَوْنَ»؟ (ب) لِمَ ٱتَّخَذَ مُوسَى ٱلْقَرَارَ ٱلصَّائِبَ بِرَأْيِكَ؟
٦ كَذٰلِكَ، سَاعَدَ ٱلْإِيمَانُ مُوسَى أَنْ يَخْتَارَ نَمَطَ ٱلْحَيَاةِ ٱلَّذِي سَيَعِيشُهُ. ‹فَبِٱلْإِيمَانِ، لَمَّا كَبِرَ، أَبَى أَنْ يُدْعَى ٱبْنَ ٱبْنَةِ فِرْعَوْنَ›. (عب ١١:٢٤) فَهُوَ لَمْ يُحَلِّلْ أَنَّ بِإِمْكَانِهِ أَنْ يَخْدُمَ ٱللّٰهَ كَعُضْوٍ فِي ٱلْبَلَاطِ ٱلْمَلَكِيِّ وَمِنْ ثُمَّ أَنْ يَسْتَخْدِمَ ثَرْوَتَهُ وَمَكَانَتَهُ لِيُسَاعِدَ إِخْوَتَهُ ٱلْإِسْرَائِيلِيِّينَ. بِٱلْأَحْرَى، صَمَّمَ أَنْ يُحِبَّ يَهْوَهَ بِكُلِّ قَلْبِهِ وَنَفْسِهِ وَقُوَّتِهِ. (تث ٦:٥) وَقَدْ جَنَّبَهُ هٰذَا ٱلْقَرَارُ ٱلْكَثِيرَ مِنَ ٱلْمُعَانَاةِ. فَٱلْعَدِيدُ مِنْ كُنُوزِ مِصْرَ ٱلَّتِي تَخَلَّى عَنْهَا سُرْعَانَ مَا سَلَبَهَا ٱلْإِسْرَائِيلِيُّونَ أَنْفُسُهُمْ. (خر ١٢:٣٥، ٣٦) كَمَا أَنَّ فِرْعَوْنَ أُذِلَّ وَقَضَى غَرَقًا فِي ٱلْبَحْرِ ٱلْأَحْمَرِ. (مز ١٣٦:١٥) بِٱلْمُقَابِلِ، حَفِظَ يَهْوَهُ مُوسَى حَيًّا وَٱسْتَخْدَمَهُ فِي قِيَادَةِ أُمَّةٍ كَامِلَةٍ إِلَى بَرِّ ٱلْأَمَانِ. فَكَانَتْ حَيَاتُهُ ذَاتَ مَعْنًى حَقِيقِيٍّ.
٧ (أ) لِمَ يَنْبَغِي أَنْ نَرَى أَبْعَدَ مِمَّا نَرَاهُ بِأَعْيُنِنَا ٱلْحَرْفِيَّةِ ٱنْسِجَامًا مَعَ مَتَّى ٦:١٩-٢١؟ (ب) أَيُّ ٱخْتِبَارٍ يُسَلِّطُ ٱلضَّوْءَ عَلَى ٱلْفَرْقِ بَيْنَ ٱلْكُنُوزِ ٱلْمَادِّيَّةِ وَٱلرُّوحِيَّةِ؟
٧ إِذَا كُنْتَ خَادِمًا لِيَهْوَهَ شَابًّا، فَكَيْفَ يُسَاعِدُكَ ٱلْإِيمَانُ أَنْ تَخْتَارَ مَا سَتَفْعَلُهُ فِي حَيَاتِكَ؟ صَحِيحٌ أَنَّهُ مِنَ ٱلْحِكْمَةِ ٱلتَّخْطِيطُ لِلْمُسْتَقْبَلِ، وَلٰكِنْ هَلْ يَدْفَعُكَ ٱلْإِيمَانُ بِوُعُودِ ٱللّٰهِ أَنْ تَدَّخِرَ لِنَفْسِكَ «كُنُوزًا فِي ٱلسَّمَاءِ»، أَيْ أَنْ تُخَطِّطَ لِمُسْتَقْبَلٍ أَبَدِيٍّ لَا وَقْتِيٍّ ؟ (اقرأ متى ٦:١٩-٢١.) هٰذَا هُوَ ٱلْخِيَارُ ٱلَّذِي كَانَ عَلَى رَاقِصَةِ بَالِيه مَوْهُوبَةٍ ٱسْمُهَا صُوفِي أَنْ تَتَّخِذَهُ. فَقَدْ عَرَضَتْ عَلَيْهَا فِرَقُ بَالِيه فِي كُلِّ أَنْحَاءِ ٱلْوِلَايَاتِ ٱلْمُتَّحِدَةِ مِنَحًا دِرَاسِيَّةً وَفُرَصَ عَمَلٍ لَا تُفَوَّتُ. تَعْتَرِفُ قَائِلَةً: «كَانَ حُبُّ ٱلْمُعْجَبِينَ لِي يُشْعِرُنِي بِٱلْحَمَاسَةِ. وَفِي ٱلْحَقِيقَةِ، أَحْسَسْتُ أَنَّنِي أَفُوقُ نُظَرَائِي. لٰكِنَّنِي لَمْ أَكُنْ سَعِيدَةً». فِي تِلْكَ ٱلْفَتْرَةِ، شَاهَدَتْ صُوفِي فِيلْمَ ٱلْفِيدْيُو اَلْأَحْدَاثُ يَسْأَلُونَ: مَا هِيَ أَهْدَافِي فِي ٱلْحَيَاةِ؟. تَقُولُ: «أَدْرَكْتُ أَنَّ ٱلْعَالَمَ أَعْطَانِي ٱلنَّجَاحَ وَٱلْمُعْجَبِينَ مُقَابِلَ ٱلتَّخَلِّي عَنْ تَعَبُّدِي ٱلْمُطْلَقِ لِيَهْوَهَ. فَصَلَّيْتُ إِلَيْهِ بِحَرَارَةٍ، وَمِنْ ثُمَّ ٱسْتَقَلْتُ مِنْ مِهْنَتِي كَرَاقِصَةٍ». وَكَيْفَ تَشْعُرُ تِجَاهَ قَرَارِهَا؟ «لَا أَشْتَاقُ إِلَى حَيَاتِي ٱلْقَدِيمَةِ. فَٱلْيَوْمَ، أَنَا سَعِيدَةٌ مِئَةً فِي ٱلْمِئَةِ، وَأَخْدُمُ فَاتِحَةً إِلَى جَانِبِ زَوْجِي. وَمَعَ أَنَّنَا لَا نَتَمَتَّعُ بِٱلشُّهْرَةِ وَلَا بِٱلثَّرَاءِ، لَدَيْنَا عَلَاقَةٌ لَصِيقَةٌ بِيَهْوَهَ، تَلَامِيذُ نَدْرُسُ ٱلْكِتَابَ ٱلْمُقَدَّسَ مَعَهُمْ، وَأَهْدَافٌ رُوحِيَّةٌ. وَأَنَا لَا أَشْعُرُ بِٱلنَّدَمِ إِطْلَاقًا».
٨ أَيَّةُ نَصِيحَةٍ فِي ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ تُسَاعِدُ ٱلشَّابَّ أَنْ يُقَرِّرَ أَيَّ نَمَطِ حَيَاةٍ سَيَخْتَارُهُ؟
٨ يَعْرِفُ يَهْوَهُ مَا هُوَ ٱلْأَفْضَلُ لَكَ. قَالَ مُوسَى: «مَا ٱلَّذِي يَطْلُبُهُ مِنْكَ يَهْوَهُ إِلٰهُكَ إِلَّا أَنْ تَخَافَ يَهْوَهَ إِلٰهَكَ، فَتَسْلُكَ فِي جَمِيعِ طُرُقِهِ وَتُحِبَّهُ وَتَخْدُمَ يَهْوَهَ إِلٰهَكَ بِكُلِّ قَلْبِكَ وَكُلِّ نَفْسِكَ، وَتَحْفَظَ وَصَايَا يَهْوَهَ وَسُنَنَهُ ٱلَّتِي أَنَا أُوصِيكَ بِهَا ٱلْيَوْمَ لِخَيْرِكَ؟». (تث ١٠:١٢، ١٣) فَبَيْنَمَا لَا تَزَالُ شَابًّا، ٱخْتَرْ نَمَطَ حَيَاةٍ يُمَكِّنُكَ مِنْ أَنْ تُحِبَّ يَهْوَهَ وَتَخْدُمَهُ «بِكُلِّ قَلْبِكَ وَكُلِّ نَفْسِكَ». وَكُنْ عَلَى ثِقَةٍ أَنَّ قَرَارًا كَهٰذَا سَيَكُونُ «لِخَيْرِكَ».
أَظْهَرَ ٱلتَّقْدِيرَ لِٱمْتِيَازَاتِ خِدْمَتِهِ
٩ لِمَ رُبَّمَا كَانَ مِنَ ٱلصَّعْبِ أَنْ يُتَمِّمَ مُوسَى تَعْيِينَهُ؟
٩ «اِعْتَبَرَ [مُوسَى] عَارَ ٱلْمَسِيحِ غِنًى أَعْظَمَ مِنْ كُنُوزِ مِصْرَ». (عب ١١:٢٦) فَهُوَ عُيِّنَ ‹مَسِيحًا›، أَوْ مَمْسُوحًا، بِمَعْنَى أَنَّ يَهْوَهَ ٱخْتَارَهُ لِيُخْرِجَ ٱلْإِسْرَائِيلِيِّينَ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ. وَقَدْ عَرَفَ مُوسَى أَنَّ ٱلْقِيَامَ بِتَفْوِيضِهِ سَيَكُونُ صَعْبًا، حَتَّى إِنَّهُ سَيَجْلُبُ لَهُ ‹ٱلْعَارَ›. فَأَحَدُ ٱلْإِسْرَائِيلِيِّينَ قَالَ لَهُ سَابِقًا بِسُخْرِيَةٍ: «مَنْ عَيَّنَكَ رَئِيسًا وَقَاضِيًا عَلَيْنَا؟». (خر ٢:١٣، ١٤) وَفِي مَا بَعْدُ، سَأَلَ مُوسَى يَهْوَهَ: «كَيْفَ يَسْمَعُ لِي فِرْعَوْنُ؟». (خر ٦:١٢) فَلِكَيْ يُهَيِّئَ مُوسَى نَفْسَهُ لِلتَّعْيِيرِ وَيَصْمُدَ فِي وَجْهِهِ، أَخْبَرَ يَهْوَهَ عَنْ مَخَاوِفِهِ وَهُمُومِهِ. فَكَيْفَ سَاعَدَهُ يَهْوَهُ عَلَى إِتْمَامِ تَعْيِينِهِ ٱلصَّعْبِ؟
١٠ كَيْفَ هَيَّأَ يَهْوَهُ مُوسَى لِيُتَمِّمَ تَعْيِينَهُ؟
١٠ أَوَّلًا، أَكَّدَ يَهْوَهُ لِمُوسَى: «أَنَا أَكُونُ مَعَكَ». (خر ٣:١٢) ثَانِيًا، بَعَثَ ٱلثِّقَةَ فِي نَفْسِهِ حِينَ شَرَحَ لَهُ أَحَدَ أَوْجُهِ مَعْنَى ٱسْمِهِ: «أَنَا أَصِيرُ مَا أَشَاءُ أَنْ أَصِيرَ».a (خر ٣:١٤) ثَالِثًا، وَهَبَ يَهْوَهُ مُوسَى قُوَّةً عَجَائِبِيَّةً لِيُبَرْهِنَ بِوَاسِطَتِهَا أَنَّ ٱللّٰهَ هُوَ مَنْ أَرْسَلَهُ. (خر ٤:٢-٥) وَرَابِعًا، عَيَّنَ هَارُونَ كَشَرِيكٍ لَهُ وَنَاطِقٍ بِٱسْمِهِ لِيُسَاعِدَهُ عَلَى إِتْمَامِ تَعْيِينِهِ. (خر ٤:١٤-١٦) وَقَدْ كَانَ مُوسَى فِي أَوَاخِرِ حَيَاتِهِ مُقْتَنِعًا أَنَّ ٱللّٰهَ يُهَيِّئُ خُدَّامَهُ لِيُتَمِّمُوا أَيَّ تَعْيِينٍ يُوكِلُهُ إِلَيْهِمْ. فَٱسْتَطَاعَ أَنْ يَقُولَ لِخَلَفِهِ يَشُوعَ بِكُلِّ ثِقَةٍ: «يَهْوَهُ سَائِرٌ أَمَامَكَ. هُوَ يَكُونُ مَعَكَ. لَا يَهْجُرُكَ وَلَا يَتَخَلَّى عَنْكَ. لَا تَخَفْ وَلَا تَرْتَعْ». — تث ٣١:٨.
١١ لِمَ قَدَّرَ مُوسَى تَعْيِينَهُ حَقَّ ٱلتَّقْدِيرِ؟
١١ وَنَتِيجَةَ هٰذَا ٱلدَّعْمِ ٱلَّذِي قَدَّمَهُ يَهْوَهُ، قَدَّرَ مُوسَى حَقَّ ٱلتَّقْدِيرِ تَعْيِينَهُ ٱلصَّعْبَ، مُعْتَبِرًا إِيَّاهُ «أَعْظَمَ مِنْ كُنُوزِ مِصْرَ». فَمَا هِيَ خِدْمَةُ فِرْعَوْنَ مُقَارَنَةً بِخِدْمَةِ ٱللّٰهِ ٱلْقَادِرِ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ؟ وَمَا قِيمَةُ أَنْ يَكُونَ ٱلْمَرْءُ أَمِيرًا مِصْرِيًّا مُقَارَنَةً بِكَوْنِهِ ‹مَسِيحَ› يَهْوَهَ، أَيْ مُعَيَّنًا مِنْ قِبَلِهِ؟ وَلِأَنَّ مُوسَى أَعْرَبَ عَنْ تَقْدِيرٍ لِٱمْتِيَازِ خِدْمَةِ يَهْوَهَ، حَصَدَ ٱلْمُكَافَآتِ. فَقَدْ تَمَتَّعَ بِعَلَاقَةٍ خُصُوصِيَّةٍ بِهِ، فَتَمَكَّنَ مِنَ ٱلْقِيَامِ ‹بِأَعْمَالٍ مَهِيبَةٍ› وَهُوَ يَقُودُ ٱلْإِسْرَائِيلِيِّينَ إِلَى أَرْضِ ٱلْمَوْعِدِ. — تث ٣٤:١٠-١٢.
١٢ أَيَّةُ ٱمْتِيَازَاتٍ يُعْطِينَا إِيَّاهَا يَهْوَهُ يَجِبُ أَنْ نُقَدِّرَهَا؟
١٢ نَحْنُ أَيْضًا لَدَيْنَا تَعْيِينٌ لِنَقُومَ بِهِ. فَقَدْ أَوْكَلَ إِلَيْنَا يَهْوَهُ بِوَاسِطَةِ ٱبْنِهِ ٱمْتِيَازَ ٱلْقِيَامِ بِخِدْمَةٍ كَمَا أَوْكَلَ إِلَى ٱلرَّسُولِ بُولُسَ وَغَيْرِهِ. (اقرأ ١ تيموثاوس ١:١٢-١٤.) فَلَدَيْنَا جَمِيعًا ٱمْتِيَازُ ٱلْمُنَادَاةِ بِبِشَارَةِ ٱلْمَلَكُوتِ. (مت ٢٤:١٤؛ ٢٨:١٩، ٢٠) وَٱلْبَعْضُ مُنْخَرِطُونَ فِي ٱلْخِدْمَةِ كَامِلَ ٱلْوَقْتِ. هٰذَا وَإِنَّ ٱلْإِخْوَةَ ٱلْمُنْتَذِرِينَ ٱلنَّاضِجِينَ يَخْدُمُونَ ٱلْآخَرِينَ فِي ٱلْجَمَاعَةِ كَخُدَّامٍ مُسَاعِدِينَ أَوْ شُيُوخٍ. لٰكِنَّ أَعْضَاءَ عَائِلَتِكَ غَيْرَ ٱلْمُؤْمِنِينَ وَغَيْرَهُمْ قَدْ يَحُطُّونَ مِنْ قَدْرِ هٰذِهِ ٱلِٱمْتِيَازَاتِ أَوْ حَتَّى يُعَيِّرُونَكَ بِسَبَبِ إِعْرَابِكَ عَنِ ٱلتَّضْحِيَةِ بِٱلذَّاتِ. (مت ١٠:٣٤-٣٧) فَإِنْ نَجَحُوا فِي إِحْبَاطِكَ وَبَدَأْتَ تَتَسَاءَلُ مَا إِذَا كَانَتْ تَضْحِيَاتُكَ قَيِّمَةً أَوْ مَا إِذَا كَانَ بِٱسْتِطَاعَتِكَ إِتْمَامُ تَعْيِينِكَ، يُسَاعِدُكَ ٱلْإِيمَانُ عَلَى ٱلثَّبَاتِ بِٱحْتِمَالٍ. كَيْفَ؟
١٣ كَيْفَ يُهَيِّئُنَا يَهْوَهُ لِنُتَمِّمَ تَعْيِينَاتِنَا ٱلثِّيُوقْرَاطِيَّةَ؟
١٣ تَضَرَّعْ إِلَى يَهْوَهَ بِإِيمَانٍ كَيْ يَمُدَّكَ بِٱلدَّعْمِ وَأَخْبِرْهُ عَنْ مَخَاوِفِكَ وَهُمُومِكَ. فَيَهْوَهُ هُوَ مَنْ أَوْكَلَ إِلَيْكَ ٱلتَّعْيِينَ وَسَيُسَاعِدُكَ أَنْ تَنْجَحَ فِيهِ بِٱلطَّرَائِقِ ذَاتِهَا ٱلَّتِي سَاعَدَ بِهَا مُوسَى. أَوَّلًا، يُطَمْئِنُكَ يَهْوَهُ: «أُشَدِّدُكَ وَأُعِينُكَ. أَعْضُدُكَ بِيَمِينِ بِرِّي». (اش ٤١:١٠) ثَانِيًا، يُذَكِّرُكَ أَنَّ وُعُودَهُ جَدِيرَةٌ بِٱلثِّقَةِ، بِقَوْلِهِ: «قَدْ تَكَلَّمْتُ بِذٰلِكَ وَسَآتِي بِهِ. قَدْ رَسَمْتُهُ وَسَأَفْعَلُهُ». (اش ٤٦:١١) ثَالِثًا، يَمْنَحُكَ «ٱلْقُدْرَةَ ٱلَّتِي تَفُوقُ مَا هُوَ عَادِيٌّ» كَيْ تُتَمِّمَ خِدْمَتَكَ. (٢ كو ٤:٧) وَرَابِعًا، يُعْطِيكَ أَبُونَا ٱلسَّمَاوِيُّ ٱلْمُحِبُّ، كَيْ تَحْتَمِلَ فِي تَعْيِينِكَ، مَعْشَرَ إِخْوَةٍ عَالَمِيًّا مُؤَلَّفًا مِنْ خُدَّامٍ حَقِيقِيِّينَ ‹يُوَاظِبُونَ عَلَى تَعْزِيَةِ بَعْضِهِمْ بَعْضًا وَبِنَاءِ بَعْضِهِمْ بَعْضًا›. (١ تس ٥:١١) وَفِيمَا يُهَيِّئُكَ يَهْوَهُ لِتُتَمِّمَ تَعْيِينَاتِكَ، سَيَنْمُو إِيمَانُكَ بِهِ وَسَتَعْتَبِرُ ٱلِٱمْتِيَازَاتِ ٱلَّتِي تَنَالُهَا فِي خِدْمَتِهِ كُنُوزًا أَعْظَمَ مِنْ أَيِّ كَنْزٍ أَرْضِيٍّ.
«كَانَ يَنْظُرُ بِإِمْعَانٍ إِلَى ٱلْمُكَافَاةِ»
١٤ لِمَ كَانَ مُوسَى وَاثِقًا مِنْ أَنَّهُ سَيَنَالُ ٱلْمُكَافَأَةَ؟
١٤ «كَانَ [مُوسَى] يَنْظُرُ بِإِمْعَانٍ إِلَى ٱلْمُكَافَاةِ». (عب ١١:٢٦) نَعَمْ، سَمَحَ مُوسَى لِمَعْرِفَتِهِ بِٱلْمُسْتَقْبَلِ — وَلَوْ كَانَتْ مَعْرِفَةً مَحْدُودَةً آنَذَاكَ — أَنْ تَصُوغَ وُجْهَةَ نَظَرِهِ. فَقَدْ كَانَ وَاثِقًا مِنْ قُدْرَةِ يَهْوَهَ عَلَى إِقَامَةِ ٱلْأَمْوَاتِ، عَلَى غِرَارِ سَلَفِهِ إِبْرَاهِيمَ. (لو ٢٠:٣٧، ٣٨؛ عب ١١:١٧-١٩) وَٱلْبَرَكَاتُ ٱلْمُسْتَقْبَلِيَّةُ ٱلَّتِي رَجَاهَا سَاعَدَتْهُ أَلَّا يَعْتَبِرَ ٱلْـ ٤٠ سَنَةً ٱلَّتِي قَضَاهَا كَهَارِبٍ وَٱلْ ٤٠ سَنَةً ٱلَّتِي أَمْضَاهَا فِي ٱلْبَرِّيَّةِ سِنِينَ ضَائِعَةً مِنْ حَيَاتِهِ. فَمَعَ أَنَّهُ لَمْ يَمْتَلِكْ كُلَّ ٱلتَّفَاصِيلِ ٱلْمُتَعَلِّقَةِ بِكَيْفِيَّةِ إِتْمَامِ وُعُودِ ٱللّٰهِ، رَأَى بِعَيْنِ ٱلْإِيمَانِ ٱلْمُكَافَأَةَ غَيْرَ ٱلْمَنْظُورَةِ.
١٥، ١٦ (أ) لِمَ يَنْبَغِي أَنْ نُرَكِّزَ عَلَى مُكَافَأَتِنَا؟ (ب) أَيَّةُ بَرَكَاتٍ تَتُوقُ إِلَى نَيْلِهَا تَحْتَ حُكْمِ ٱلْمَلَكُوتِ؟
١٥ هَلْ ‹تَنْظُرُ بِإِمْعَانٍ إِلَى مُكَافَاتِكَ›؟ نَحْنُ لَا نَمْتَلِكُ كُلَّ ٱلتَّفَاصِيلِ ٱلْمُتَعَلِّقَةِ بُوُعُودِ ٱللّٰهِ شَأْنُنَا شَأْنُ مُوسَى. مَثَلًا، نَحْنُ ‹لَا نَعْرِفُ مَتَى يَكُونُ ٱلْوَقْتُ ٱلْمُعَيَّنُ› لِلضِّيقِ ٱلْعَظِيمِ. (مر ١٣:٣٢، ٣٣) لٰكِنَّنَا نَعْرِفُ عَنِ ٱلْفِرْدَوْسِ ٱلْمُسْتَقْبَلِيِّ أَكْثَرَ بِكَثِيرٍ مِمَّا عَرَفَ مُوسَى. حَتَّى دُونَ كُلِّ ٱلتَّفَاصِيلِ، لَدَيْنَا مَا يَكْفِي مِنَ ٱلْوُعُودِ ٱلْإِلٰهِيَّةِ عَنِ ٱلْحَيَاةِ فِي ظِلِّ مَلَكُوتِ ٱللّٰهِ كَيْ نَنْظُرَ «بِإِمْعَانٍ» إِلَيْهِ. وَسَيَدْفَعُنَا ٱمْتِلَاكُ صُورَةٍ ذِهْنِيَّةٍ وَاضِحَةٍ لِلْعَالَمِ ٱلْجَدِيدِ أَنْ نَطْلُبَ ٱلْمَلَكُوتَ أَوَّلًا. كَيْفَ؟ تَأَمَّلْ فِي مَا يَلِي: هَلْ تَشْتَرِي بَيْتًا لَا تَعْرِفُ عَنْهُ سِوَى ٱلْقَلِيلِ؟ طَبْعًا لَا! بِشَكْلٍ مُمَاثِلٍ، لَا نَقْضِي حَيَاتَنَا سَاعِينَ وَرَاءَ أَمَلٍ مُبْهَمٍ. فَبِوَاسِطَةِ ٱلْإِيمَانِ، يَلْزَمُ أَنْ نَرَى صُورَةً وَاضِحَةً عَنِ ٱلْحَيَاةِ تَحْتَ حُكْمِ ٱلْمَلَكُوتِ.
١٦ وَلِكَيْ يَكُونَ لَدَيْكَ صُورَةٌ وَاضِحَةٌ لِمَلَكُوتِ ٱللّٰهِ، ‹ٱنْظُرْ بِإِمْعَانٍ إِلَى ٱلْمُكَافَاةِ›، أَيْ تَخَيَّلْ حَيَاتَكَ فِي ٱلْفِرْدَوْسِ. مَثَلًا، عِنْدَمَا تَدْرُسُ عَنْ شَخْصِيَّاتِ ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ فِي فَتْرَةِ مَا قَبْلَ ٱلْمَسِيحِيَّةِ، فَكِّرْ فِي ٱلْأَسْئِلَةِ ٱلَّتِي سَتَطْرَحُهَا عَلَيْهِمْ عِنْدَ قِيَامَتِهِمْ. تَخَيَّلِ ٱلْأَسْئِلَةَ ٱلَّتِي قَدْ يَسْأَلُونَهَا عَنْ حَيَاتِكَ فِي ٱلْأَيَّامِ ٱلْأَخِيرَةِ. تَصَوَّرْ كَمْ سَتَكُونُ حَمَاسَتُكَ شَدِيدَةً عِنْدَمَا تَلْتَقِي أَسْلَافَكَ ٱلَّذِينَ عَاشُوا مُنْذُ قُرُونٍ خَلَتْ وَتُعَلِّمُهُمْ عَنْ كُلِّ مَا فَعَلَهُ ٱللّٰهُ مِنْ أَجْلِهِمْ. تَخَيَّلْ فَرْحَتَكَ فِيمَا تُرَاقِبُ ٱلْحَيَوَانَاتِ ٱلْبَرِّيَّةَ لِتَتَعَلَّمَ عَنْهَا دُونَ أَنْ تَخَافَ مِنْهَا. وَتَأَمَّلْ كَمْ سَتَشْعُرُ أَنَّكَ قَرِيبٌ مِنْ يَهْوَهَ فِيمَا تَتَقَدَّمُ نَحْوَ ٱلْكَمَالِ.
١٧ كَيْفَ يُسَاعِدُنَا ٱلْيَوْمَ ٱمْتِلَاكُ صُورَةٍ وَاضِحَةٍ لِمُكَافَأَتِنَا غَيْرِ ٱلْمَنْظُورَةِ؟
١٧ يُسَاعِدُنَا ٱمْتِلَاكُ صُورَةٍ وَاضِحَةٍ لِمُكَافَأَتِنَا غَيْرِ ٱلْمَنْظُورَةِ عَلَى ٱلِٱحْتِمَالِ، ٱلشُّعُورِ بِٱلْفَرَحِ، وَٱتِّخَاذِ ٱلْقَرَارَاتِ فِيمَا نُبْقِي مُسْتَقْبَلَنَا ٱلْأَبَدِيَّ فِي ذِهْنِنَا. كَتَبَ بُولُسُ إِلَى ٱلْمَسِيحِيِّينَ ٱلْمَمْسُوحِينَ: «إِنْ كُنَّا نَرْجُو مَا لَا نَرَاهُ، فَإِنَّنَا نَنْتَظِرُهُ بِٱحْتِمَالٍ». (رو ٨:٢٥) وَهٰذَا يَنْطَبِقُ مِنْ حَيْثُ ٱلْمَبْدَأُ عَلَى جَمِيعِ ٱلْمَسِيحِيِّينَ ٱلَّذِينَ لَدَيْهِمْ رَجَاءُ ٱلْحَيَاةِ ٱلْأَبَدِيَّةِ. فَمَعَ أَنَّنَا لَمْ نَنَلْ بَعْدُ مُكَافَأَتَنَا، إِلَّا أَنَّ إِيمَانَنَا قَوِيٌّ لِدَرَجَةِ أَنَّنَا نَنْتَظِرُ بِصَبْرٍ ٱلْحُصُولَ عَلَيْهَا. وَأُسْوَةً بِمُوسَى، لَا نَعْتَبِرُ سَنَوَاتِ خِدْمَتِنَا لِيَهْوَهَ وَقْتًا ضَائِعًا، بَلْ نَحْنُ مُقْتَنِعُونَ أَنَّ ٱلْأُمُورَ «ٱلَّتِي تُرَى وَقْتِيَّةٌ، وَأَمَّا ٱلَّتِي لَا تُرَى فَأَبَدِيَّةٌ». — اقرأ ٢ كورنثوس ٤:١٦-١٨.
١٨، ١٩ (أ) لِمَ يَلْزَمُ أَنْ نُجَاهِدَ بُغْيَةَ ٱلْمُحَافَظَةِ عَلَى إِيمَانِنَا؟ (ب) مَاذَا سَنُنَاقِشُ فِي ٱلْمَقَالَةِ ٱلتَّالِيَةِ؟
١٨ يُتِيحُ لَنَا ٱلْإِيمَانُ أَنْ نُمَيِّزَ «ٱلْبُرْهَانَ ٱلْجَلِيَّ عَلَى حَقَائِقَ لَا تُرَى». (عب ١١:١) إِنَّ ٱلْإِنْسَانَ ٱلْمَادِّيَّ لَا يَرَى ٱلْقِيمَةَ ٱلْكَبِيرَةَ لِخِدْمَةِ يَهْوَهَ، وَيَعْتَبِرُ ٱلْكُنُوزَ ٱلرُّوحِيَّةَ مُجَرَّدَ «حَمَاقَةٍ». (١ كو ٢:١٤) أَمَّا نَحْنُ فَنَرْجُو نَيْلَ ٱلْحَيَاةِ ٱلْأَبَدِيَّةِ وَرُؤْيَةَ قِيَامَةِ ٱلْأَمْوَاتِ، وَهِيَ أُمُورٌ لَا يَرَاهَا ٱلْعَالَمُ. فَمُعْظَمُ ٱلنَّاسِ ٱلْيَوْمَ يَظُنُّونَ أَنَّ ٱلرَّجَاءَ ٱلَّذِي نَكْرِزُ بِهِ هُوَ هُرَاءٌ. وَهُمْ بِذٰلِكَ يُشْبِهُونَ ٱلْفَلَاسِفَةَ فِي أَيَّامِ بُولُسَ ٱلَّذِينَ دَعَوْا هٰذَا ٱلرَّسُولَ ‹مِهْذَارًا› جَاهِلًا يُكْثِرُ مِنَ ٱلْكَلَامِ ٱلَّذِي لَا فَائِدَةَ مِنْهُ. — اع ١٧:١٨.
١٩ وَبِمَا أَنَّنَا مُحَاطُونَ بِعَالَمٍ عَدِيمِ ٱلْإِيمَانِ، فَعَلَيْنَا أَنْ نُجَاهِدَ بُغْيَةَ ٱلْمُحَافَظَةِ عَلَى إِيمَانِنَا. فَلْنَتَضَرَّعْ إِلَى يَهْوَهَ ‹لِكَيْلَا يَتَلَاشَى إِيمَانُنَا›. (لو ٢٢:٣٢) وَعَلَى غِرَارِ مُوسَى، لِنَتَأَمَّلْ فِي عَوَاقِبِ ٱلْخَطِيَّةِ ٱلْوَخِيمَةِ، ٱلْقِيمَةِ ٱلْكَبِيرَةِ لِخِدْمَةِ يَهْوَهَ، وَرَجَاءِ ٱلْحَيَاةِ ٱلْأَبَدِيَّةِ. وَهَلْ هٰذَا هُوَ كُلُّ مَا نَتَعَلَّمُهُ مِنْ مِثَالِ مُوسَى؟ كَلَّا. فَفِي ٱلْمَقَالَةِ ٱلتَّالِيَةِ، سَنُنَاقِشُ كَيْفَ سَاعَدَهُ إِيمَانُهُ أَنْ يَرَى «مَنْ لَا يُرَى». — عب ١١:٢٧.
a كَتَبَ أَحَدُ عُلَمَاءِ ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ، تَعْلِيقًا عَلَى كَلِمَاتِ ٱللّٰهِ ٱلْمَذْكُورَةِ فِي ٱلْخُرُوج ٣:١٤: ‹لَا شَيْءَ يُعِيقُ ٱللّٰهَ عَنْ فِعْلِ مَشِيئَتِهِ. كَانَ ٱلِٱسْمُ يَهْوَهُ سَيَصِيرُ مَلْجَأً يَحْتَمِي بِهِ ٱلْإِسْرَائِيلِيُّونَ وَمَصْدَرَ أَمَلٍ وَتَعْزِيَةٍ كَبِيرًا لَهُمْ›.