الفصل ٢٥
الكرازة جهرا ومن بيت الى بيت
عندما ارسل يسوع تلاميذه، امرهم: «وفيما انتم ذاهبون اكرزوا قائلين انه قد اقترب ملكوت السموات.» (متى ١٠:٧) وفي وصيَّته النبوية للمسيحيين الحقيقيين الذين كانوا سيحيون خلال اختتام نظام الاشياء قال: «يُكرز ببشارة الملكوت هذه في كل المسكونة شهادة.» (متى ٢٤:١٤) فماذا عنى ذلك؟
لم يعنِ انه كان عليهم ان يبنوا كنائس، يقرعوا جرسا، وينتظروا حتى تجتمع جماعةٌ لتصغي اليهم وهم يقدِّمون موعظة كلَّ اسبوع. فالفعل اليوناني المنقول هنا الى «يكرز» (كِريسّو) يعني، من حيث الاساس، «ينادي كبشير.» والفكرة ليست إلقاء مواعظ على فريق محدود من التلاميذ بل بالاحرى صنع اعلان جهري علني.
رسم يسوع نفسه المثال في ما يتعلق بكيفية القيام بذلك. فذهب الى اماكن حيث كان بإمكانه ان يجد الناس. وفي القرن الاول كان الناس يجتمعون قانونيا في المجامع ليسمعوا قراءة الاسفار المقدسة. فانتهز يسوع الفرص ليكرز لهم هناك، لا في مجرد مدينة واحدة بل في المدن والقرى في كل انحاء الجليل واليهودية. (متى ٤:٢٣؛ لوقا ٤:٤٣، ٤٤؛ يوحنا ١٨:٢٠) وبشكل متكرِّر اكثر ايضا، كما تُظهر سجلات الاناجيل، كرز عند شاطئ البحر، في سفح الجبل، على طول الطريق، في القرى، وفي بيوت اولئك الذين استقبلوه. وحيثما وجد اناسا، كان يتكلم عن قصد اللّٰه للجنس البشري. (لوقا ٥:٣؛ ٦:١٧-٤٩؛ ٧:٣٦-٥٠؛ ٩:١١، ٥٧-٦٢؛ ١٠:٣٨-٤٢؛ يوحنا ٤:٤-٢٦، ٣٩-٤٢) وعندما ارسل تلاميذه، امرهم ان يذهبوا الى بيوت الناس ليفحصوا مَن فيها مستحقون ويشهدوا لهم بملكوت اللّٰه. — متى ١٠:٧، ١١-١٣.
وفي الازمنة العصرية يسعى شهود يهوه الى اتِّباع المثال الذي رسمه يسوع وتلاميذه في القرن الاول.
التبشير بخبر حضور المسيح
اذ ابتدأ تشارلز تاز رصل وعشراؤه يدركون نموذج الحق المتناسق المرسوم في كلمة اللّٰه، تأثَّروا عميقا بما تعلَّموه عن هدف وطريقة رجوع المسيح. فشعر الاخ رصل بالحاجة الى اعلان ذلك وبالالحاح الكبير في هذا الامر على السواء. فرتَّب شؤونه ليسافر الى اماكن يوجد فيها اشخاص يمكنه التكلم اليهم عن حقائق الكتاب المقدس هذه. وحضر الاجتماعات الدينية التي تُعقد في الهواء الطلق واستفاد من الفرص للتكلم اليهم، كما كان يسوع يكرز في المجامع. ولكنه سرعان ما ادرك انه يمكن انجاز المزيد بطرائق اخرى. وأظهر درسه للاسفار المقدسة ان يسوع ورسله قاموا بالجزء الاكبر من كرازتهم وهم يتحدثون شخصيا الى الافراد وحين يذهبون من بيت الى بيت. وأدرك ايضا قيمة متابعة المحادثة بوضع شيء مطبوع بين ايدي الناس.
في السنة ١٨٧٧ كان قد اصدر كراس هدف وطريقة رجوع ربنا. وبعد سنتين شرع في الاصدار القانوني لمجلة برج مراقبة زيون وبشير حضور المسيح. اجل، كان الهدف هو الكرازة، او التبشير، بالخبر الحيوي عن حضور المسيح.
وقديما في السنة ١٨٨١ كانت مطبوعات تلاميذ الكتاب المقدس تُعطى مجانا قرب الكنائس — لا عند ابواب الكنائس مباشرة بل على مقربة منها لكي يتسلَّمها الناس ذوو الميل الديني. وكثيرون من تلاميذ الكتاب المقدس اعطوا مطبوعات كهذه لمعارفهم او ارسلوها بالبريد. وبحلول السنة ١٩٠٣ اوصت برج المراقبة بأن يحاولوا الوصول الى كل شخص بتوزيع النشرات من بيت الى بيت، عوض التركيز على روَّاد الكنائس. لم يفعل هذا كل تلاميذ الكتاب المقدس، لكنَّ كثيرين تجاوبوا بغيرة حقيقية. مثلا، أُخبر انه في عدد من المدن الكبرى في الولايات المتحدة، وكذلك في ضواحيها على بعد عشرة اميال (١٦ كلم) او اكثر بكل اتجاه، جرت زيارة كل بيت تقريبا. وبهذه الطريقة وُزِّعت ملايين وملايين النشرات او الكراريس. وفي ذلك الوقت كان معظم تلاميذ الكتاب المقدس الذين اشتركوا في نشر البشارة قد فعلوا ذلك بشكل من اشكال التوزيع المجاني للنشرات والمطبوعات الاخرى.
وآخرون من تلاميذ الكتاب المقدس — وهم اقل عددا — خدموا كمبشرين جائلين لتوزيع المطبوعات، مستعملين جزءا كبيرا من وقتهم كليا لهذا العمل.
موزعو المطبوعات الجائلون الغيورون في الطليعة
ان الدعوة الاولى للرجال والنساء المنتذرين الذين يمكنهم استعمال مقدار كبير من وقتهم في هذه الخدمة خرجت في نيسان ١٨٨١. فكانوا يقدِّمون لاصحاب البيوت ورجال الاعمال كتابا صغيرا يشرح حقائق الكتاب المقدس واشتراكا في برج المراقبة. وكان هدفهم ان يفتِّشوا جاهدين عن الجياع للحق ويشتركوا معهم في الاستنارة. وقد حاولوا لمدة من الوقت ان يقولوا مجرد ما يكفي لاثارة الاهتمام، تاركين في كل بيت رزمة صغيرة تحتوي على مطبوعات ليتفحَّصها صاحب البيت، وعائدين بعد ايام قليلة. كان بعض اصحاب البيوت يعيدون المطبوعات؛ وكان آخرون يرغبون في شرائها؛ وكثيرا ما كانت تُتاح الفرص للمحادثة. وفي ما يتعلق بهدفهم، ذكرت برج المراقبة: «ليس الامر بيع الرِّزَم الصغيرة، ولا الحصول على الاشتراكات، بل نشر الحق بحمل الناس على القراءة.»
كان العدد الذي اشترك في عمل التبشير الجائل لتوزيع المطبوعات هذا صغيرا نسبيا. فخلال الـ ٣٠ سنة الاولى، تراوحت صفوفهم بين عدد قليل و ٦٠٠ او نحو ذلك. وكان موزعو المطبوعات الجائلون هؤلاء فاتحين بكل معنى الكلمة، مفتتحين مقاطعات جديدة. كانت آنا اندرسن واحدة من الذين واظبوا على هذه الخدمة لعقود، متنقِّلة عادةً على دراجة، وقد وصلت شخصيا بالبشارة الى كل بلدة تقريبا في النَّروج. وسافر موزعو مطبوعات جائلون آخرون الى الخارج وكانوا اول مَن حملوا الرسالة الى بلدان مثل فنلندا، باربادوس، السلڤادور، ڠواتيمالا، هُندوراس، وبورما (الآن ميانمار). وكان هنالك ايضا بعض الذين لم يكونوا قادرين على الانتقال الى مناطق اخرى ولكنهم خدموا كمبشرين جائلين لتوزيع المطبوعات في مقاطعتهم المحلية.
كان عمل موزعي المطبوعات الجائلين رائعا. وفي السنة ١٨٩٨ كتب شخص كان يخدم في الساحل الغربي للولايات المتحدة انه، خلال الاشهر الـ ٣٣ الماضية، سافر ٠٠٠,٨ ميل (٨٠٠,١٢ كلم) بعربته وجواده، شهد في ٧٢ بلدة، قام بـ ٠٠٠,١٨ زيارة، وضع ٥٠٠,٤ كتاب، حصل على ١٢٥ اشتراكا، وزَّع مجانا ٠٠٠,٤٠ نشرة، ورأى ٤٠ شخصا ليس فقط يقبلون الرسالة بل ايضا يبدأون باخبارها للآخرين. ونجح فريق يتألف من زوج وزوجة يخدم في اوستراليا في وضع ٠٠٠,٢٠ كتاب بين ايدي الاشخاص المهتمين خلال فترة سنتين ونصف فقط.
هل كانت التوزيعات الكثيرة استثناء ام قاعدة؟ يظهر تقرير السنة ١٩٠٩ ان نحو ٦٢٥ موزِّعا للمطبوعات جائلا (المجموع في القائمة في ذلك الوقت) تسلَّموا من الجمعية ٩٨١,٦٢٦ كتابا مجلَّدا للتوزيع على العامة (معدل اكثر من ألف لكل موزِّع مطبوعات جائل)، الى جانب مقدار كبير من المطبوعات المجانية. وفي اغلب الاحيان لم يكن بإمكانهم ان يحملوا ما يكفي من الكتب من بيت الى بيت، ولذلك كانوا يأخذون الطلبات ثم يعودون لاحقا للتسليم.
لكنَّ البعض اعترضوا: «هذه ليست كرازة!» ولكنها في الواقع، كما اوضح الاخ رصل، كانت كرازة من النوع الاكثر فعَّالية. فعوض الاصغاء الى مجرد موعظة واحدة، كان الناس ينالون مواعظ عديدة في شكل مطبوع وهكذا كان بإمكانهم ان يتمتعوا بها مرة بعد اخرى وأن يتحقَّقوا محتوياتها في كتبهم المقدسة. فهذا كان تبشيرا اخذ في الاعتبار واقع ان التعليم العام مكَّن الناس من القراءة. اوضح كتاب الخليقة الجديدة: «ان واقع عمل هؤلاء المبشرين وفقا لأساليب تلائم زمننا بدلا من اساليب تلائم الماضي ليس حجة ضد هذا العمل اكثر من واقع سفرهم بوسائل تعمل بالطاقة البخارية والكهربائية بدلا من المشي او ركوب الجمال. فالتبشير هو بتقديم الحق . . .، كلمة اللّٰه.»
ان الاهتمام الاصيل لتلاميذ الكتاب المقدس بمساعدة الناس كان ظاهرا في الشمولية التي صارت على مر الوقت صفة تميِّز عملهم الكرازي. وقد اختصرت برج المراقبة عدد ١ آذار ١٩١٧ (بالانكليزية) البرنامج كما يلي: اولا، يقوم موزعو المطبوعات الجائلون بزيارة المنازل في المنطقة، مقدِّمين مجلَّدات دروس في الاسفار المقدسة. ثم يقوم العمال الرعويونa بزيارة الاشخاص الذين يسجِّل اسماءهم موزعو المطبوعات الجائلون او يقدِّمونها في الاجتماعات العامة. وكانوا يحاولون اثارة الرغبة في قراءة المطبوعات، يشجِّعون المهتمين على حضور الخطابات المرتَّبة بشكل خصوصي، ويبذلون جهدا لترتيب صفوف للدرس البيري للكتاب المقدس. وعندما يكون ممكنا، يغطي موزعو المطبوعات الجائلون المنطقة نفسها من جديد، ثم يلاحق العمال الرعويون زياراتهم بهدف البقاء على اتصال بالذين اظهروا اهتماما. وفي ما بعد يزور عمال الصف الآخرون المنازل نفسها بمواد طوعية، كما كانوا يَدْعون النشرات والمطبوعات المجانية الاخرى التي يقدِّمونها. وهذا مكَّن الجميع من نيل شيء على الاقل قد يثير الرغبة في تعلُّم المزيد عن قصد اللّٰه.
عندما كان يخدم موزع مطبوعات جائل واحد او اثنان فقط في منطقة، ولم تكن هنالك جماعة، كثيرا ما كان موزعو المطبوعات الجائلون يقومون هم بعمل الملاحقة. وهكذا، عندما ذهب هرمان هِركِندِل ورفيقه الى بيلفَلت، المانيا، كموزعَي مطبوعات جائلَين في السنة ١٩٠٨، أُعطيا تعليمات على وجه التخصيص بأن يعرِّفا المهتمين في المنطقة بعضهم ببعض ويشكِّلا جماعة. وبعد سنوات قليلة، ذكرت برج المراقبة موزعي مطبوعات جائلين آخرين كانوا يمنحون انتباها شخصيا للمهتمين حتى انهم كانوا يتركون صفا من تلاميذ الكتاب المقدس في كل بلدة او مدينة يخدمون فيها.
وزُوِّد مساعد قيِّم في هذا العمل سنة ١٩٢١ في كتاب The Harp of God (قيثارة اللّٰه). واذ صُمِّم خصوصا لفائدة المبتدئين، بلغ توزيع الكتاب اخيرا ٠٣٧,٨١٩,٥ بـ ٢٢ لغة. ولمساعدة الذين حصلوا على هذا الكتاب، رتَّبت الجمعية مقرَّرا تعليميا بالمراسلة في درس للكتاب المقدس مرتَّب بحسب المواضيع. وقد تألف هذا المقرَّر من ١٢ مجموعة من الاسئلة ترسَل خلال فترة ١٢ اسبوعا. وباستعمال هذا الكتاب كانت تُصنَع ايضا ترتيبات لمناقشات للكتاب المقدس كفريق في بيوت الاشخاص المهتمين. وكان عدد من تلاميذ الكتاب المقدس يحضر عادةً درسا كهذا.
ولكنَّ الشهود كانوا مدركين جيدا ضخامة الحقل وقلَّة أعدادهم. — لوقا ١٠:٢.
الوصول الى كثيرين عندما كانت الاعداد قليلة
اوضحت برج المراقبة ان اولئك الذين هم مسيحيون ممسوحون بالروح حقا، لديهم المسؤولية المعطاة من اللّٰه ان يجدوا ويساعدوا كل الذين هم مسيحيون مخلصون، سواء أكانوا من روَّاد الكنائس أم لا. (اشعياء ٦١:١، ٢) فكيف كان يمكن القيام بذلك؟
ان تلميذَي الكتاب المقدس (ج. سي. سانْدِرْلِن و ج. ج. بِندر) اللذين أُرسلا الى انكلترا في السنة ١٨٨١ كان يمكن ان ينجزا القليل نسبيا وحدهما؛ ولكن بمساعدة مئات الشبان الذين دُفع لهم لقاء خدماتهم، نجحا في توزيع ٠٠٠,٣٠٠ نسخة من طعام للمسيحيين المفكرين في مجرد وقت قصير. وأدولف وايبر، الذي عاد الى سويسرا حاملا البشارة في اواسط تسعينات الـ ١٨٠٠، كانت لديه مقاطعة واسعة تمتد الى بلدان عديدة ليكرز فيها. فكيف كان بإمكانه ان يغطيها كلها؟ لقد سافر شخصيا بعيدا كموزع جائل للمطبوعات، ولكنه وضع ايضا اعلانات في الصحف وصنع الترتيبات لكي يشمل باعةُ الكتب مطبوعات برج المراقبة بمجموعاتهم. والفريق الصغير لتلاميذ الكتاب المقدس في المانيا في السنة ١٩٠٧ رتَّب لارسال ٠٠٠,٨٥٠,٤ نشرة مؤلَّفة من اربع صفحات مع الصحف بالبريد. وبعد الحرب العالمية الاولى بوقت قصير، دفع المال اخ من لاتڤيا، وهو احد مستخدَمي المركز الرئيسي للجمعية في نيويورك، لقاء نشر اعلانات في الصحف في بلده الام. وأحد الرجال الذي تجاوب مع احد هذه الاعلانات صار اول تلميذ للكتاب المقدس في لاتڤيا. إلا ان استعمال وسائل دعاية كهذه لم يحل محل الشهادة الشخصية والبحث من بيت الى بيت عن المستحقين. ولكنها استُعملت لتوسيع المناداة.
إلا انه نُشر في الصحف اكثر من مجرد اعلانات. فخلال السنوات التي ادَّت الى الحرب العالمية الاولى، وتحت اشراف الاخ رصل، نُشرت مواعظه قانونيا. وفي فترة قصيرة ازداد نشرها في الصحف بشكل مذهل. فأكثر من ٠٠٠,٢ صحيفة، بمجموع قرَّاء من ٠٠٠,٠٠٠,١٥، كانت تحمل هذه المواعظ في آن واحد في الولايات المتحدة، كندا، بريطانيا، اوستراليا، وجنوب افريقيا. وهل كان بالامكان فعل المزيد؟ اعتقد الاخ رصل ذلك.
بعد سنتين من التحضير، عُرضت لأول مرة «رواية الخلق المصوَّرة» في كانون الثاني ١٩١٤. وقد قُدِّمت «الرواية المصوَّرة» في اربعة اجزاء. وشمل البرنامج الذي يستغرق ثماني ساعات صورا متحركة وصورا منزلقة، متناسقة مع تسجيلات صوتية. لقد كانت في الحقيقة انتاجا رائعا مصمَّما لبناء التقدير للكتاب المقدس وقصد اللّٰه كما هو موجود فيه. ونُظِّمت العروض بحيث يكون بالامكان خدمة ٨٠ مدينة كل يوم. وجرى الاعلان مسبقا بواسطة الصحف، عدد كبير من اللافتات الموضوعة على زجاج شبابيك البيوت وواجهات المتاجر، وتوزيع كميات ضخمة من المواد المطبوعة المجانية المصمَّمة لاثارة الاهتمام بـ «الرواية المصوَّرة.» وحيثما عُرضت كانت الحشود تخرج لرؤيتها. وفي غضون سنة، وصلت «الرواية المصوَّرة» الى حضور يزيد مجموعه على ٠٠٠,٠٠٠,٨ شخص في الولايات المتحدة وكندا، ووردت تقارير عن حشود كبيرة اخرى من بريطانيا والقارة الاوروپية بالاضافة الى اوستراليا ونيوزيلندا. وتبعت «الرواية المصوَّرة» نسخةٌ معدَّلة اقصر نوعا ما (دون الصور المتحركة) للاستعمال في البلدات الاصغر والمناطق الريفية. واستمر استعمال الرواية لعقدين على الاقل بلغات مختلفة. فأُثير كثير من الاهتمام، قُدِّمت اسماء المهتمين، وجرى القيام بزيارات الملاحقة.
ثم، في السنة ١٩٢٠، توافرت اداة اخرى لاعلان رسالة الملكوت بشكل واسع. وشعر الاخ رذرفورد بقوة بأن يد الرب كانت ظاهرة في تطوُّرها. فماذا كانت؟ الراديو. فبعد اقل من سنتين من ابتداء البث القانوني لأول محطة اذاعية تجارية في العالم (في السنة ١٩٢٠)، تكلَّم ج. ف. رذرفورد، رئيس جمعية برج المراقبة، على الهواء لاذاعة حق الكتاب المقدس. وهذه كانت اداة يمكن ان تصل الى ملايين الناس في آن واحد. وبعد سنتين اضافيتين، في السنة ١٩٢٤، كانت للجمعية محطتها الاذاعية الخاصة، WBBR، العاملة في نيويورك. وبحلول السنة ١٩٣٣، السنة الذروة، كانت ٤٠٨ محطات تُستخدم لنقل الرسالة الى ست قارات. والى جانب البرامج الاذاعية الحية، سُجِّلت مسبقا برامج حول عدد كبير من المواضيع. وجرى القيام بالاعلان المحلي المكثَّف بتوزيع اعلانات مطبوعة لكي يعلم الناس بالبرامج الاذاعية ويستفيدوا منها. وهذه البرامج الاذاعية خففت كثيرا التحامل وفتحت اعين الاشخاص المستقيمي القلب. فكثيرون من الناس، بدافع الخوف من جيرانهم ورجال الدين، احجموا عن حضور الاجتماعات التي يرعاها تلاميذ الكتاب المقدس، ولكنَّ ذلك لم يمنعهم من الاصغاء الى الراديو في عزلة بيوتهم الخاصة. ولم تحل البرامج الاذاعية محل الحاجة الى الشهادة من بيت الى بيت؛ لكنها حملت حق الكتاب المقدس الى اماكن يصعب الوصول اليها، وزوَّدت فرصا ملائمة ممتازة للمحادثات عندما كان الشهود يزورون البيوت شخصيا.
مسؤولية كل فرد ان يشهد
طوال عقود في برج المراقبة، لُفِت الانتباه الى مسؤولية الاشتراك الشخصي في الشهادة. ولكن من السنة ١٩١٩ فصاعدا كان ذلك موضوعا للمناقشة المستمرة في المطبوعات وفي برامج المحافل. ومع ذلك بالنسبة الى كثيرين لم يكن من السهل الاقتراب الى الغرباء عند بابهم، وفي بادئ الامر اشترك قانونيا عدد محدود فقط من تلاميذ الكتاب المقدس في الشهادة من بيت الى بيت.
مُنح تشجيع مبهج للقلب مؤسس على الاسفار المقدسة. وبرز الموضوع «مبارَكون هم الشجعان» في عددَي برج المراقبة ١ و ١٥ آب ١٩١٩ (بالانكليزية). وقد حذَّر من خوف الانسان، لفت الانتباه الى محاربي جدعون الـ ٣٠٠ الشجعان الذين كانوا منتبهين ومستعدين للخدمة بالطريقة التي يوجِّههم اليها الرب وفي وجه الصعاب التي تبدو ساحقة، ومدح اتكال اليشع الشجاع على يهوه. (قضاة ٧:١-٢٥؛ ٢ ملوك ٦:١١-١٩؛ امثال ٢٩:٢٥) وفي السنة ١٩٢١، ابرزت المقالة «تشجَّعوا» لا مجرد الواجب بل الامتياز الذي للخدمة الى جانب الرب ضد قوى الظلمة الشيطانية بالاشتراك في القيام بالعمل المنبإ به في متى ٢٤:١٤. والذين تفرض عليهم ظروفهم تقييدات، جرى حثُّهم على عدم التثبُّط وفي الوقت نفسه على عدم الاحجام عن فعل ما في وسعهم.
وبواسطة مناقشات صريحة مؤسسة على الاسفار المقدسة، جعلت برج المراقبة كل الذين يدَّعون انهم خدام ممسوحون للّٰه يدركون مسؤوليتهم ان يكونوا منادين بملكوت اللّٰه. واحتوى عدد ١٥ آب ١٩٢٢ (بالانكليزية) على مقالة مختصرة وصريحة بعنوان «الخدمة اساسية» — اي الخدمة تمثُّلا بالمسيح، الخدمة التي كانت ستأخذ الفرد الى بيوت الآخرين لاخبارهم عن ملكوت اللّٰه. ولاحقا في تلك السنة عينها، أُظهر ان خدمة كهذه يجب ان تدفعها المحبة لتكون ذات قيمة في نظر اللّٰه. (١ يوحنا ٥:٣) والمقالة في عدد ١٥ حزيران ١٩٢٦ (بالانكليزية) ذكرت ان اللّٰه لا يتأثر مطلقا بالعبادة الشكلية؛ فما يريده هو الطاعة، وهذا يشمل التقدير لاية وسيلة يستعملها لانجاز قصده. (١ صموئيل ١٥:٢٢) وفي السنة التالية، عند التأمل في «مهمة المسيحيين على الارض،» وُجِّه الانتباه الى دور يسوع بصفته «الشاهد الامين الصادق» والى واقع ان الرسول بولس كرز «جهرا ومن بيت الى بيت.» — رؤيا ٣:١٤؛ اعمال ٢٠:٢٠، عج.
وكانت العروض المفصَّلة ليحفظها الناشرون تُزوَّد في النشرة، رسالتهم الشهرية التي تحتوي على ارشادات تتعلق بالخدمة. وكان يُمنح التشجيع على الاشتراك في خدمة الحقل قانونيا كل اسبوع. ولكنَّ عدد الذين يشهدون فعليا بالذهاب من بيت الى بيت كان صغيرا في البداية، وبعض الذين بدأوا لم يستمروا في العمل. ففي الولايات المتحدة، مثلا، كان المعدل الاسبوعي لعدد الذين أُخبر انهم اشتركوا في خدمة الحقل سنة ١٩٢٢ يبلغ ٧١٢,٢. ولكن بحلول السنة ١٩٢٤، انخفض الرقم الى ٠٣٤,٢. وفي السنة ١٩٢٦، ارتفع المعدل الى ٢٦١,٢، بذروة ٩٣٧,٥ اشتركوا خلال اسبوع واحد من النشاط الخصوصي.
ثم، في وقت متأخر من السنة ١٩٢٦، ابتدأت الجمعية تشجِّع الجماعات ان يشملوا جزءا من يوم الاحد كوقت لشهادة الفريق وأن يقدِّموا في ذلك الوقت لا النشرات فقط بل ايضا الكتب لدرس الكتاب المقدس. وفي السنة ١٩٢٧، حثَّت برج المراقبة الاولياء في الجماعات ان ينحّوا عن مركز شيخ كل مَن يُظهر كلامهم او اعمالهم انهم لا يقبلون مسؤولية الشهادة جهرا ومن بيت الى بيت. وهكذا، مجازيا، نُزعت الاغصان التي لا تأتي بثمر، وتلك الباقية جرى قضبها لكي تأتي بثمر اكثر تسبيحا للّٰه. (قارنوا مثل يسوع في يوحنا ١٥:١-١٠.) وهل انتج ذلك فعلا زيادة في تسبيح يهوه الجهري؟ شهدت السنة ١٩٢٨ زيادة ٥٣ في المئة في المعدل الاسبوعي لعدد المشتركين في الشهادة في الولايات المتحدة!
لم يعد الشهود يكتفون بتسليم الناس نشرة مجانية والانتقال الى البيت التالي. فقد كان المزيد منهم يتكلمون باختصار مع اصحاب البيوت، محاولين اثارة الاهتمام برسالة الكتاب المقدس، ثم يعرضون عليهم الكتب ليقرأوها.
كان اولئك الشهود الاولون شجعانا بالتأكيد، بالرغم من انهم لم يكونوا جميعا لبقين. ومع ذلك برزوا متميزين عن الفرق الدينية الاخرى. فهم لم يقولوا فقط ان كل فرد يجب ان يشهد لايمانه. ولكنهم كانوا يقومون بذلك فعلا بأعداد متزايدة على الدوام.
بطاقات الشهادة والفونوڠرافات
في وقت متأخر من السنة ١٩٣٣ جرى الابتداء بأسلوب مختلف للكرازة. كمقدمة، كان الشهود يسلِّمون الناس بطاقة شهادة فيها رسالة مختصرة ليقرأها صاحب البيت. وكان ذلك مساعدا الى حد بعيد وخصوصا للناشرين الجدد، الذين لم ينالوا الكثير من التدريب في تلك الايام. وعموما، كانوا يقدِّمون لصاحب البيت مجرد تعليقات مختصرة قليلة بعد ان تكون البطاقة قد قُرئت؛ وكان البعض يتكلمون بشكل مطوَّل اكثر، مستخدمين الكتاب المقدس. واستمر استعمال بطاقات الشهادة حتى اواخر اربعينات الـ ١٩٠٠. وسمح ذلك بتغطية سريعة للمقاطعة، ومكَّن الشهود من بلوغ مزيد من الناس، ايصال الكثير من مطبوعات الكتاب المقدس القيِّمة الى ايديهم، اعطاء شهادة موحَّدة، وحتى تقديم الرسالة للناس الذين لا يتكلمون لغتهم. وأدَّى ايضا الى لحظات حرجة عندما كان اصحاب البيوت يحتفظون بالبطاقة ويغلقون بابهم، مما يضطر الشاهد الى القرع من جديد لاسترجاعها!
ومحاضرات الكتاب المقدس المسجَّلة كان لها ايضا دور بارز خلال ثلاثينات الـ ١٩٠٠ وأوائل اربعينات الـ ١٩٠٠. ففي السنة ١٩٣٤، ابتدأ بعض الشهود يأخذون معهم فونوڠرافا قابلا للحمل عندما يذهبون للشهادة. وكان الجهاز ثقيلا الى حد ما، ولذلك كانوا يُبقونه في سياراتهم او يتركونه في مكان ملائم حتى يجدوا اشخاصا راغبين في الاصغاء الى خطاب مسجَّل من الكتاب المقدس. ثم، في السنة ١٩٣٧، جرى الابتداء باستخدام الفونوڠراف القابل للحمل عند عتبة الباب. وكان الاجراء بسيطا: بعد ان يذكر الشاهد انَّ لديه رسالة مهمة من الكتاب المقدس، كان يضع الإبرة على الاسطوانة ويدعها تتكلم. كاسپر كايم، فاتح الماني يخدم في النَّذَرلند، كان شاكرا جدا على ‹هٰرونه،› كما دعا الفونوڠراف، لانه كان يستصعب الشهادة بالهولندية. (قارنوا خروج ٤:١٤-١٦.) وبدافع الفضول كانت احيانا عائلات بكاملها تصغي الى الاسطوانات.
في السنة ١٩٤٠، كان يُستعمَل اكثر من ٠٠٠,٤٠ فونوڠراف. وفي تلك السنة أُدخل طراز عمودي جديد من تصميم وصنع الشهود، واستُعمل خصوصا في الاميركتين. وقد اثار فضولا اكثر ايضا لانه لم يكن بإمكان اصحاب البيوت ان يروا الاسطوانات وهي تشغَّل. وكانت كل اسطوانة تدور بسرعة ٧٨ دورة في الدقيقة ومدَّتها اربع دقائق ونصف. وكانت العناوين قصيرة وتصيب الهدف: «الملكوت،» «الصلاة،» «الطريق الى الحياة،» «الثالوث،» «المطهر،» «لماذا يقاوم رجال الدين الحق.» وقد سُجِّل ما يزيد على ٩٠ محاضرة مختلفة؛ وأكثر من مليون اسطوانة وُضعت قيد الاستعمال. وكانت العروض واضحة وسهلة المتابعة. وكثيرون من اصحاب البيوت اصغوا بتقدير؛ وقليلون تجاوبوا بعنف. ولكن جرى تقديم شهادة فعَّالة ومنتظمة.
اعلان البشارة بجرأة في الاماكن العامة
مع ان بطاقات الشهادة وأسطوانات الفونوڠراف كانت تقوم بالقسط الاكبر من «الكلام،» كانت تلزم شجاعة كبيرة ليكون المرء شاهدا خلال تلك السنوات. فطبيعة العمل بحد ذاتها تطلَّبت من الشهود الافراد ان يظهروا امام الناس.
عقب محفل السنة ١٩٣١ في كولومبس، اوهايو، وزَّع شهود يهوه كراس الملكوت، رجاء العالم، الذي تضمَّن قرارا بعنوان «تحذير من يهوه» كان موجَّها «الى الحكام والى الشعب.» واعترفوا بأنه يُلقى عليهم، كشهود ليهوه، التزام خطير ان يقدِّموا التحذير الموجود في كلمته. (حزقيال ٣:١٧-٢١) وهم لم يكتفوا بوضع هذه الكراريس في البريد او دسِّها تحت الابواب. لقد سلَّموها شخصيا. فزاروا كل رجال الدين والى الحد الممكن السياسيين، القادة العسكريين، والموظفين الاداريين في الشركات الكبرى. وبالاضافة الى ذلك، زاروا الناس عموما في مئة بلد تقريبا حيث كان شهود يهوه آنذاك يواصلون شهادة منظَّمة.
وبحلول السنة ١٩٣٣ كانوا يستخدمون فونوڠرافات قوية الصوت لتشغيل اسطوانات محاضرات صريحة مؤسسة على الكتاب المقدس في الاماكن العامة. وكان الاخَوان سْمِتْس وپولمانس يضعان تجهيزاتهما على دراجة ثلاثية العجلات ويقفان الى جانبها فيما تذيع عاليا الرسالة في الاسواق وقرب الكنائس في لييج، بلجيكا. وكثيرا ما كانوا يقضون هناك عشر ساعات كل يوم. وكان الناس في جامايكا يتجمعون بسرعة عندما يسمعون الموسيقى، ولذلك كان الاخوة هناك يشغِّلون الموسيقى اولا. وعندما يخرج الحشود بأعداد كبيرة من مناطق الادغال الى الطرق الرئيسية ليروا ما يحدث، كانوا يجدون شهود يهوه يقدِّمون رسالة الملكوت.
كانت بعض اجهزة الفونوڠراف هذه تُركَّب في السيارات والقوارب، بمكبِّرات للصوت على السطح لجعل مدى الصوت ابعد. وكان برت وڤَي هورتُن، في اوستراليا، يديران شاحنة صغيرة مقفلة وعلى سطحها مكبِّر للصوت تظهر عليه الكلمتان «رسالة الملكوت.» وذات سنة جعلا كل شارع في ملبورن تقريبا يضجُّ بتشهيرات مثيرة للدين الباطل ووصف مبهج لبركات ملكوت اللّٰه. وخلال تلك السنوات، كان كلود ڠودمان يخدم كفاتح في الهند. واستعمال السيارة المزوَّدة بمكبِّر للصوت، مع اسطوانات باللغات المحلية، مكَّنه من الوصول الى الحشود الكبيرة في الاسواق، في المتنزَّهات، على طول الطريق — حيثما يمكن ان يوجد الناس.
عندما كان الاخوة في لبنان يوقفون سيارتهم المزوَّدة بمكبِّر للصوت على تلّ ويبثّون المحاضرات، كان الصوت يبلغ الاودية. والناس في القرى، اذ لا يرون مصدر الصوت، كانوا احيانا يخافون، معتقدين ان اللّٰه يتكلم اليهم من السموات!
ولكن كانت هنالك لحظات قليلة من التوتُّر بالنسبة الى الاخوة. ففي احدى المناسبات، في سوريا، ترك كاهن القرية غداءه على الطاولة، قبض على عكازه الكبير، وخرج راكضا الى الحشد الذي اجتمع ليسمع محاضرة من الكتاب المقدس تُبَثّ من سيارة مزوَّدة بمكبِّر للصوت. فطلب ملوِّحا بعكَّازه بغضب وصراخ: «توقفوا! آمركم بأن تتوقفوا!» ولكنَّ الاخوة ادركوا انه لم يكن الجميع يوافقونه؛ فكان هنالك مَن يريدون ان يسمعوا. وسرعان ما رفع بعض من الحشد الكاهنَ معا وحملوه عائدين به الى منزله، حيث وضعوه من جديد على طاولة الغداء! فعلى الرغم من مقاومة رجال الدين، تأكد الشهود بشجاعة ان الناس يحصلون على فرصة للسماع.
شهدت هذه الفترة ايضا استخداما مكثَّفا للَّافتات الاعلانية التي كان الشهود يلبسونها في المناطق التجارية وهم يوزِّعون الدعوات الى المحاضرات الخصوصية. بدأ ذلك في السنة ١٩٣٦ في ڠلاسكو، أسكتلندا. وفي تلك السنة استُعمل اسلوب الاعلان نفسه في لندن، انكلترا، ثم في الولايات المتحدة. وبعد سنتين وُسِّعت مثل هذه الاعلانات بحَمل لافتات معلَّقة على عصي. وقد اعلنت هذه اللافتات، «الدين هو شرك وخدعة»b و«اخدموا اللّٰه والمسيح الملك.» وفي وقت المحفل، كان يمكن ان يبلغ طول صف المشاة الحاملين هذه اللافتات اميالا. وإذ كانوا يمشون بهدوء، في صف طويل واحد، على طول الشوارع الناشطة الحركة، كان المظهر اشبه بذاك الذي لجيش اسرائيل القديمة وهو يدور حول اريحا قبل سقوط اسوارها. (يشوع ٦:١٠، ١٥-٢١) وقُدِّمت شهادة علنية جريئة كهذه من لندن، انكلترا، الى مانيلا، في الفيليپين.
وجرى الابتداء ايضا بأسلوب آخر للشهادة العلنية في السنة ١٩٤٠. فانسجاما مع الآية التي تشير الى ‹الحكمة التي تنادي في الشوارع،› بدأ شهود يهوه في شباط من تلك السنة بتوزيع برج المراقبة والتعزية (المعروفة الآن بـ استيقظ!) في زوايا الشوارع.c (امثال ١:٢٠) وكانوا ينادون بشعارات تلفت الانتباه الى المجلات والرسالة التي تحتويها. وفي المدن الكبيرة والبلدات الصغيرة في كل انحاء العالم، صار شهود يهوه وهم يقدِّمون مجلاتهم منظرا مألوفا. لكنَّ القيام بهذا العمل يتطلَّب الشجاعة، وشجاعة كهذه كانت لازمة خصوصا عندما بدأ هذا العمل، لانها كانت فترة كَثُر فيها الاضطهاد المقترن بحمّى قومية زمن الحرب.
عندما دُعوا الى الاشتراك في شهادة علنية كهذه، تجاوب الشهود بايمان. وعدد الذين اشتركوا شخصيا في العمل استمر في الازدياد. فقد حسبوه امتيازا ان يعربوا عن استقامتهم امام يهوه بهذه الطريقة. ولكن كان هنالك المزيد ليتعلَّموه.
كل فرد قادر على توضيح ايمانه
بدأ برنامج تعليمي رائع في السنة ١٩٤٢. وقد بدأ في المركز الرئيسي العالمي لشهود يهوه، وبحلول السنة التالية، بدأ العمل به في جماعات شهود يهوه في كل انحاء الارض. وإذ كانوا واثقين ان روح اللّٰه كان عليهم وأنه وضع كلمته في افواههم، صمَّموا على الكرازة بتلك الكلمة حتى ولو حرمهم المضطهِدون من مطبوعات برج المراقبة او الكتاب المقدس نفسه. (اشعياء ٥٩:٢١) وكانت هنالك من قبل بلدان، مثل نَيجيريا، حيث كان للشهود الكتاب المقدس وحده ليستعملوه عند الكرازة، لان الحكومة حظرت كل مطبوعات برج المراقبة وصادرت ايضا مطبوعات اخوة كثيرين في مكتباتهم الخاصة.
في ١٦ شباط ١٩٤٢ ابدأ الاخ نور منهجا متقدما في الخدمة الثيوقراطية في «بيت ايل» ببروكلين، نيويورك. وزوَّد المقرَّر ارشادا في امور كالبحث، تعبير المرء عن نفسه بشكل واضح وصحيح، صنع مجمل للمواد من اجل القاء المحاضرات، تقديم الخطابات بفعَّالية، عرض الافكار بإقناع، والاتصاف باللباقة. وكان يُرحَّب بحضور الاخوة والاخوات على السواء، لكنَّ الذكور وحدهم كانوا مدعوين الى الانخراط وتقديم خطابات التلاميذ التي سيُنصَحون بشأنها. وسرعان ما صارت الفوائد واضحة لا عند التكلُّم من على المنبر فقط بل ايضا بفعَّالية اعظم في الكرازة من بيت الى بيت.
وفي السنة التالية ابتدأ هذا التعليم يمتد الى جماعات شهود يهوه المحلية في كل انحاء العالم. كان اولا بالانكليزية، ثم بلغات اخرى. وقصد المدرسة المعلَن كان مساعدة كل فرد من شهود يهوه ليكون قادرا على تعليم الآخرين عند مقابلة الناس من بيت الى بيت، القيام بالزيارات المكررة، وإدارة دروس في الكتاب المقدس. فكانت ستجري مساعدة كل شاهد ليصير خادما مؤهَّلا. (٢ تيموثاوس ٢:٢) وفي السنة ١٩٥٩، أُعطيت الاخوات ايضا فرصة الانخراط في المدرسة وتقديم الخطابات في مشاهد لخدمة الحقل — لا بمخاطبة الحضور بكامله بل بالاحرى الشخص المعيَّن ليأخذ دور صاحب البيت. ولم يكن ذلك كل شيء.
فمنذ السنة ١٩٢٦ كان ممثِّلو الجمعية الجائلون يعملون مع الشهود الافراد في خدمة الحقل بهدف مساعدتهم على تحسين قدراتهم. ولكن، في محفل اممي في نيويورك في السنة ١٩٥٣، اذ كان نظار الدوائر والكور جالسين امام المنبر، اعلن الاخ نور ان العمل الرئيسي لكل الخدام، او النظار، يجب ان يكون مساعدة كل شاهد على الصيرورة خادما قانونيا من بيت الى بيت. «كل شخص،» قال، «يجب ان يكون قادرا على الكرازة بالبشارة من بيت الى بيت.» فجرى الشروع في حملة عالمية لانجاز ذلك.
ولماذا مثل هذا التشديد على المسألة؟ تأملوا في الولايات المتحدة كمثال: في ذلك الوقت كان ٢٨ في المئة من الشهود يجعلون نشاطهم يقتصر على توزيع اوراق الدعوة او الوقوف في الشوارع ومعهم المجلات. وأكثر من ٤٠ في المئة من الشهود كانوا يشتركون في خدمة الحقل انما بشكل غير قانوني، سامحين بانقضاء اشهر دون القيام بأية شهادة على الاطلاق. وكانت هنالك حاجة الى المساعدة الحبية في شكل تدريب شخصي. فوُضِعت الخطط التي كانت ستمكِّن كل شهود يهوه الذين لم يكونوا آنذاك شهودا من بيت الى بيت من نيل المساعدة في الاقتراب الى الناس عند ابوابهم، التكلُّم اليهم من الكتاب المقدس، والاجابة عن اسئلتهم. وكانوا سيتعلمون تحضير مواعظ مؤسسة على الاسفار المقدسة يمكنهم تقديمها ربما في ثلاث دقائق للناس المشغولين، او في نحو ثماني دقائق للآخرين. وكان الهدف مساعدة كل شاهد على الصيرورة مبشِّرا مسيحيا ناضجا.
لم يكن النظار الجائلون وحدهم الاشخاص الذين قدَّموا هذا الارشاد. فالخدام، او النظار، المحليون فعلوا ذلك ايضا؛ وفي السنوات التالية، تعيَّن شهود آخرون مؤهَّلون حسنا لتدريب البعض. وطوال سنوات قُدِّمت في اجتماع الخدمة الاسبوعي للجماعة تمثيليات تظهر كيفية القيام بالعمل. ولكنَّ ذلك اقترن الآن بالتشديد المتزايد على التدريب الشخصي في الحقل.
كانت النتائج رائعة. فعدد الشهود الكارزين من بيت الى بيت ازداد، كما ازداد عدد المشتركين قانونيا في خدمة الحقل. وفي خلال عقد ارتفع مجموع عدد الشهود في كل العالم ١٠٠ في المئة. وازدادت الزيارات المكررة ايضا التي كانوا يقومون بها لاجابة المهتمين عن الاسئلة المتعلقة بالكتاب المقدس ١٢٦ في المئة، وازدادت الدروس البيتية القانونية في الكتاب المقدس التي كانوا يديرونها مع الذين اظهروا جوعا لحق الكتاب المقدس ١٥٠ في المئة. فكانوا يبرهنون حقا انهم خدام اكفاء.
نظرا الى الخلفيات الثقافية والتربوية المتنوِّعة التي اتى منها اولئك الشهود، والى واقع انهم كانوا مشتَّتين في فرق صغيرة في كل انحاء الارض، يتَّضح سبب نسب الشهود الفضل، لا الى ايّ انسان، بل الى يهوه اللّٰه في الطريقة التي بها تأهبوا وتدرَّبوا للمناداة بالبشارة. — يوحنا ١٤:١٥-١٧.
الكرازة من بيت الى بيت — علامة مميِّزة
في اوقات مختلفة شجَّعت فرق دينية اخرى اعضاءها على الذهاب الى بيوت الناس في مجتمعهم للتكلُّم عن الدين. وقد جرَّب بعض الافراد ذلك. حتى ان البعض فعلوا ذلك كمرسلين لبضع سنوات، ولكن كان هذا كل ما في الامر. إلا انه بين شهود يهوه فقط يشترك في الواقع الجميع، الصغار والكبار، الذكور والاناث، سنة بعد سنة في الخدمة من بيت الى بيت. وشهود يهوه فقط يسعون حقا الى الوصول الى كل المسكونة برسالة الملكوت، اطاعة للوصية النبوية في متى ٢٤:١٤.
ليس ان جميع شهود يهوه يجدون هذا العمل سهلا.d على العكس، قال كثيرون منهم عندما بدأوا اولا بدرس الكتاب المقدس: ‹هنالك شيء واحد لن افعله ابدا، وهو الذهاب من بيت الى بيت!› ورغم ذلك فهو نشاط يشترك فيه تقريبا جميع شهود يهوه اذا كانوا جسديا قادرين على ذلك. وكثيرون من الذين ليسوا جسديا قادرين على ذلك يقومون به على اية حال — على كراسٍ ذات دواليب، بعكازات، وهلم جرا. وآخرون — إما لانهم غير قادرين كاملا على مغادرة بيتهم، او محتجَزون مؤقتا، او بهدف الوصول الى اشخاص يستحيل الوصول اليهم بطريقة اخرى — يشهدون بالهاتف او بكتابة الرسائل. فلماذا هذا الجهد المتَّسم بالتصميم؟
اذ يأتون الى معرفة يهوه، تغيِّر محبتهم له كامل نظرتهم الى الحياة. فهم يريدون ان يتكلموا عنه. والامور الرائعة التي يخبِّئها للذين يحبونه هي ابدع من ان يحتفظوا بها لأنفسهم. وهم يشعرون امام اللّٰه بمسؤولية تحذير الناس من الضيق العظيم الكامن امامهم. (متى ٢٤:٢١؛ قارنوا حزقيال ٣:١٧-١٩.) ولكن لماذا يفعلون ذلك بالذهاب من بيت الى بيت؟
انهم يعرفون ان يسوع علَّم تلاميذه ان يذهبوا الى بيوت الناس ليكرزوا ويعلِّموا. (متى ١٠:١١-١٤) وهم يدركون ان الرسل، بعد سكب الروح القدس في يوم الخمسين سنة ٣٣ بم، داوموا بلا انقطاع على اعلان البشارة «في الهيكل [في اورشليم] ومن بيت الى بيت.» (اعمال ٥:٤٢، عج) وكل شاهد يعرف الاعمال ٢٠:٢٠، عج، التي تقول ان الرسول بولس علَّم «جهرا ومن بيت الى بيت.» وهم يرون دليلا وافرا على بركة يهوه على هذا العمل في الازمنة العصرية. وهكذا، اذ يكتسبون الخبرة في الخدمة من بيت الى بيت، كثيرا ما يصير النشاط الذي كانوا يخشونه مرةً امرا يتطلعون اليه بشوق.
وهم يفعلون ذلك بشكل شامل. فيحفظون سجلات دقيقة لكي يتمكَّنوا من الرجوع للتكلم الى جميع الذين لم يكونوا في البيت. وليس ذلك فقط، لكنَّهم يرجعون مرارا الى كل بيت.
ولسبب فعَّالية الخدمة من بيت الى بيت، حاول المقاومون في بلدان عديدة ان يوقفوها. وبهدف كسب الاحترام الرسمي لحقِّهم في الكرازة من باب الى باب، لجأ شهود يهوه الى رسميي الحكومة. وحيثما كان ضروريا، ذهبوا الى المحاكم لكي يثبِّتوا شرعيا حق نشر البشارة بهذه الطريقة. (فيلبي ١:٧، عج) وحيث استمرت الحكومات المستبدة في منع نشاط كهذا، قام به شهود يهوه احيانا بطريقة اقل لفتا للانتباه او، اذا كان ذلك ضروريا، استخدموا اساليب اخرى للوصول الى الناس برسالة الملكوت.
ومع ان البث الاذاعي والتلفزيوني كان يُستعمل لنشر رسالة الملكوت، يدرك شهود يهوه ان الاتصال الشخصي الممكن بالذهاب من بيت الى بيت هو اكثر فعَّالية بكثير. وهو يمنح فرصة افضل للاجابة عن اسئلة اصحاب البيوت الافراد وللتفتيش عن المستحقين. (متى ١٠:١١) وهذا هو احد الاسباب التي لاجلها، في السنة ١٩٥٧، باعت جمعية برج المراقبة محطة الراديو WBBR في نيويورك.
ولكن، بعد الشهادة للناس شخصيا، لا يشعر شهود يهوه بأن عملهم قد أُنجز. فذلك هو البداية فقط.
«تلمذوا . . . وعلِّموهم»
اوصى يسوع أتباعه ان يقوموا بأكثر من الكرازة. فتمثُّلا به، ينبغي لهم ايضا ان يعلِّموا. (متى ١١:١) وقبل صعوده الى السماء، امرهم: «فاذهبوا وتلمذوا جميع الامم . . . وعلِّموهم ان يحفظوا جميع ما اوصيتكم به.» (متى ٢٨:١٩، ٢٠) والتعليم (باليونانية، ديداسكو) يختلف عن الكرازة في ان المعلِّم يقوم بأكثر من المناداة؛ فهو يرشد، يشرح، يقدِّم البراهين.
قدَّمت برج المراقبة، قديما في نيسان ١٨٨١، بعض الاقتراحات المختصرة حول كيفية التعليم. وبعض موزعي المطبوعات الجائلين الاولين بذلوا جهدا خصوصيا ليزوروا ثانية اولئك الذين اظهروا اهتماما ليشجِّعوهم على قراءة كتب الجمعية والاجتماع مع الآخرين من اجل درس قانوني لكلمة اللّٰه. وكتاب قيثارة اللّٰه (الصادر سنة ١٩٢١) غالبا ما كان يُستعمل لهذا القصد. ولكن، في ما بعد، جرى فعل المزيد ايضا في سبيل منح المهتمين انتباها شخصيا. وكانت تُستعمل بشكل بارز في هذا النشاط محاضرات مؤسسة على الكتاب المقدس مسجَّلة الى جانب كتب دراسية مطبوعة. فكيف حدث ذلك؟
منذ وقت باكر من السنة ١٩٣٣، اضافت الجمعية الى بثِّها الاذاعي اسطوانات تشغِّلها اجهزة فونوڠراف قابلة للحمل في قاعات الاجتماع، في المتنزَّهات، عند مداخل المعامل، وهلم جرا. وخلال وقت قصير، كان الشهود الذين يجدون اشخاصا مهتمين عند الذهاب من بيت الى بيت يصنعون الترتيبات ليعودوا ويشغِّلوا لهم بعض هذه الاسطوانات في بيوتهم. وعندما صار كتاب الغنى متوافرا في السنة ١٩٣٦، كانت تُستعمل المناقشات منه، بعد الاسطوانات، لتأسيس دروس يمكن ان يحضرها المهتمون في المنطقة. وجرى التشديد خصوصا على هذا العمل بهدف مساعدة اعضاء ‹الجمع الكثير› المرتقَبين على تعلُّم الحق. — رؤيا ٧:٩.
في ذلك الوقت تقريبا، ضاعفت هيئة الكهنوت الكاثوليكية ضغطها على اصحاب ومديري محطات الراديو وكذلك الوكالات الحكومية في جهد متَّسم بالتصميم لايقاف بثّ برامج برج المراقبة. ووقَّع ٠٠٠,٦٣٠,٢ شخص في الولايات المتحدة عريضة تطالب بمناظرة علنية بين ج. ف. رذرفورد ومسؤول كبير في الكنيسة الكاثوليكية الرومانية. فلم يكن ايّ من رجال الدين الكاثوليك على استعداد لقبول التحدي. ولذلك، في السنة ١٩٣٧، صنع الاخ رذرفورد اسطوانتين بعنوان «التشهير» و«الدين والمسيحية،» قدَّمتا تعاليم الكتاب المقدس الاساسية، وخصوصا في دحض العقائد الكاثوليكية غير المؤسسة على الاسفار المقدسة. والمواد نفسها صدرت في الكراسين Protection (الحماية) و Uncovered (الكشف)، وسُلِّمت شخصيا نسخة من الكشف الى كل مَن وقَّع العريضة لكي يقرأ الناس بأنفسهم حقائق الكتاب المقدس التي كانت هيئة الكهنوت الكاثوليكية تسعى الى اخفائها.
وبهدف مساعدة الناس على رؤية القضايا بوضوح وفحص ما لها من اساس في الاسفار المقدسة، طُبع كراس Model Study (الدرس النموذجي) رقم ١ ليُستعمل في الاجتماعات المرتَّبة للمهتمين. وتضمَّن الكراس اسئلة، اجوبة، وآيات تدعم الاجوبة المقدَّمة. اولا، كان المدير يشغِّل واحدة او اكثر من الاسطوانات الآنفة الذكر للمحاضرات المسجَّلة لكي يسمع الجميع الحجة العامة. ثم تتبع مناقشة، باستعمال المواد المزوَّدة في كراس الدرس النموذجي، وبفحص الاسفار المقدسة نفسها. والدرس النموذجي رقم ١ تبعه الرقمان ٢ و ٣، بتنسيق مع محاضرات مسجَّلة اخرى. ونُظِّمت دروس كهذه اولا في اماكن يمكن ان تجتمع فيها فرق من الاشخاص المهتمين، ولكن سرعان ما صارت تُعقَد ايضا مع الافراد والعائلات.
ومنذ ذلك الوقت، زُوِّد الكثير من الكتب الممتازة ليستعملها شهود يهوه خصوصا في ادارة الدروس البيتية في الكتاب المقدس. والتي لاقت اعظم انتشار هي «ليكن اللّٰه صادقا،» الحق الذي يقود الى الحياة الابدية، ويمكنكم ان تحيوا الى الابد في الفردوس على الارض. وكانت هنالك ايضا كراريس من ٣٢ صفحة — “This Good News of the Kingdom” («بشارة الملكوت هذه»)، God’s Way Is Love (المحبة طريق اللّٰه)، “Look! I Am Making All Things New” («ها انا اصنع كل شيء جديدا»)، والكثير غيرها. وتبعتها كراسات مثل تمتعوا بالحياة على الارض الى الابد!، التي تحتوي على عرض بسيط جدا وسهل الفهم لتعاليم الكتاب المقدس الاساسية.
ان استعمال هذه الادوات، الى جانب التدريب الشخصي والجماعي الشامل، انتج ازديادا مثيرا في عدد الدروس البيتية في الكتاب المقدس التي تُدار. ففي السنة ١٩٥٠ بلغ معدَّل الدروس البيتية في الكتاب المقدس، التي تُدار غالبا كل اسبوع ٩٥٢,٢٣٤. والدروس التي لا تحرز تقدُّما كافيا كانت توقف. إلا ان تلاميذ كثيرين كانوا يتقدَّمون الى ان يصيروا بدورهم معلِّمين. وعلى الرغم من عدد الدروس التي تتوقف، استمر العدد في الارتفاع، وغالبا بسرعة. وفي السنة ١٩٩٢، كان الشهود يديرون ١٢٧,٢٧٨,٤ درسا بيتيا في الكتاب المقدس حول العالم.
وبهدف انجاز عمل الكرازة والتعليم الواسع هذا، بلغات كل الارض، استخدم شهود يهوه الصفحة المطبوعة على نحو واسع. وتطلَّب ذلك عمليات طبع بكميات هائلة.
[الحواشي]
a نُظِّم عمل الرعاية اولا خلال ١٩١٥-١٩١٦ في الـ ٥٠٠ جماعة او نحو ذلك التي كانت قد انتخبت الاخ رصل راعيا لها. وبصفته راعيا، كان قد كتب اليهم رسالة توجز العمل، الذي كان في بادئ الامر مقتصرا على الاخوات. وفي السنة التالية شمل هذا النشاط الاخوة ايضا. وعمل الرعاية هذا، الذي واصله فريق مختار، استمر حتى السنة ١٩٢١.
b كانت هذه العبارة مؤسسة على الفهم ان الكلمة دين تشمل كل عبادة مبنية على تقاليد الناس، بدلا من كلمة اللّٰه، الكتاب المقدس. ولكن، في السنة ١٩٥٠، عندما صدرت ترجمة العالم الجديد للاسفار اليونانية المسيحية، دلَّت الحواشي في اعمال ٢٦:٥، كولوسي ٢:١٨، ويعقوب ١:٢٦، ٢٧ انه يمكن استعمال الكلمة دين بشكل ملائم للاشارة الى العبادة الحقة او الباطلة. واتَّضح ذلك اكثر في برج المراقبة عدد ١٥ آذار ١٩٥١، الصفحة ١٩١ (بالانكليزية)، وكتاب What Has Religion Done for Mankind? (ماذا فعل الدين للجنس البشري؟)، الصفحات ٨-١٠.
c في السنة التي سبقت، جرى القيام بشيء من شهادة الشوارع بالمجلات على اساس تجريبي في كاليفورنيا، الولايات المتحدة الاميركية. وحتى قديما في السنة ١٩٢٦، انهمك تلاميذ الكتاب المقدس في توزيع عام في الشوارع للكراريس التي تحتوي على رسائل مهمة. وفي وقت ابكر بكثير، في السنة ١٨٨١، كانوا قد وزَّعوا المطبوعات قرب الكنائس ايام الآحاد.
d برج المراقبة، ١٥ نيسان ١٩٨٢، «تحدي الذهاب من بيت الى بيت» (١٥ ايار ١٩٨١، بالانكليزية).
[النبذة في الصفحة ٥٥٦]
حيثما وجد يسوع اناسا، كان يتكلم عن قصد اللّٰه للجنس البشري
[الاطار في الصفحة ٥٥٩]
بركة خصوصية على العمل من باب الى باب
«كما عند المجيء الاول، يبدو ان العمل من باب الى باب، بدلا من الكرازة من على المنبر، ينال بركة الرب الخصوصية.» — «برج المراقبة،» ١٥ تموز ١٨٩٢ (بالانكليزية).
[الاطار في الصفحة ٥٧١]
لماذا يزور الشهود مرة بعد اخرى
اذ اوضحت لماذا يزور شهود يهوه تكرارا كل بيت، قالت «برج المراقبة» عدد ١ تموز ١٩٦٢ (بالانكليزية): «الظروف تتغيَّر باستمرار. اليوم قد لا يكون الشخص في البيت، وفي المرة التالية قد يكون. اليوم قد يكون مشغولا اكثر من ان يصغي، ولكن في المرة التالية قد لا يكون. اليوم يفتح الباب احد اعضاء العائلة، وفي المرة التالية يفتحه آخر؛ والشهود مهتمون بالوصول ليس فقط الى كل بيت في تعييناتهم بل ايضا، ان امكن، الى كل شخص راشد في كل بيت. وكثيرا ما تكون العائلات منقسمة في ما يتعلق بالدين، ولذلك ليس ممكنا دائما ان يتكلم احد الاعضاء عن العائلة بكاملها. وبالاضافة الى ذلك، يستمر الناس في الانتقال ولذلك لا يمكن ان يكون الشهود ابدا على يقين ممَّن سيلتقونه عند باب معيَّن.
«ليست الظروف وحدها هي التي تتغيَّر، ولكنَّ الناس انفسهم يتغيَّرون. . . . بسبب مجرد امر تافه قد يكون الشخص بمزاج رديء وغير راغب مطلقا في مناقشة الدين او ايّ شيء آخر ايًّا كان الآتي الى بابه، ولكن من غير المنطقي ان نستنتج انه سيكون بذلك الموقف العقلي في وقت آخر. او ان مجرد كون الشخص غير مهتم على الاطلاق بمناقشة الدين في الشهر الماضي لا يعني انه قد لا يكون مهتما هذا الشهر. ومنذ زيارة الشاهد الاخيرة لهذا الشخص ربما اختبر امرا مزعجا للغاية او بطريقة اخرى تعلَّم شيئا جعله متواضعا بدلا من متكبِّر، جائعا ومدركا لحاجته الروحية بدلا من الرضا عن الذات.
«وبالاضافة الى ذلك، تبدو الرسالة التي يحملها الشهود غريبة بالنسبة الى اشخاص كثيرين وهم يفشلون في فهم إلحاحها. ولكن بسماعها مرة بعد اخرى يفهمون المغزى تدريجيا.»
[الاطار/الصورة في الصفحة ٥٧٤]
استعمال «كل طريقة ممكنة»
«حاول اولئك الذين منا داخل هيئة الرب، بكل طريقة ممكنة، ان يجذبوا انتباه [العالم] الى رسالة الحياة. فاستعملنا الشعارات، اعلانات الصفحة الكاملة، الراديو، السيارات المزوَّدة بمكبِّر للصوت، الفونوڠرافات القابلة للحمل، المحافل الضخمة، مواكب المشاة حاملي اللافتات الاعلانية، وجيشا متزايدا من الخدام من بيت الى بيت. وهذا النشاط عمل على تقسيم الناس — الذين هم مع ملكوت اللّٰه المؤسس في الجانب الواحد، والذين هم ضده في الجانب الآخر. هذا هو العمل الذي سبق وأنبأ به يسوع لجيلي.» — كتبها سنة ١٩٨٧ ملڤن سارجنت، بعمر ٩١ سنة.
[الصورة]
ملڤن سارجنت
[الرسم البياني في الصفحة ٥٧٤]
(اطلب النص في شكله المنسَّق في المطبوعة)
الزيادة في الدروس البيتية في الكتاب المقدس
٠٠٠,٠٠٠,٤
٠٠٠,٠٠٠,٣
٠٠٠,٠٠٠,٢
٠٠٠,٠٠٠,١
١٩٥٠ ١٩٦٠ ١٩٧٠ ١٩٨٠ ١٩٩٢
[الصور في الصفحة ٥٥٧]
وُزِّعت عشرات الملايين من هذه النشرات مجانا قرب الكنائس، من بيت الى بيت، وبالبريد
[الصور في الصفحة ٥٥٨]
المبشرون الجائلون لتوزيع المطبوعات وزَّعوا الكتب التي تشرح الكتاب المقدس
[الصورة في الصفحة ٥٥٩]
وصلت آنا اندرسن بمطبوعات الكتاب المقدس الى كل بلدة تقريبا في النَّروج
[الصورتان في الصفحة ٥٦١]
ساعدت اعلانات الصحف على الوصول الى الناس الذين لا يُتَّصل بهم بطرائق اخرى
[الصور في الصفحة ٥٦٠]
اكثر من ٠٠٠,٢ صحيفة في اربع قارات كانت تحمل مواعظ الاخ رصل في آن واحد
[الصورتان في الصفحة ٥٦٣]
قدَّمت «رواية الخلق المصوَّرة» شهادة قوية لملايين الناس في بلدان كثيرة
[الصورة في الصفحة ٥٦٢]
بواسطة الراديو، استطاع ج. ف. رذرفورد ان يشهد لملايين الناس في كل انحاء العالم وهم في بيوتهم
[الصورة في الصفحة ٥٦٥]
مستعدون للذهاب بالدراجة لشهادة الفريق في انكلترا
[الصورة في الصفحة ٥٦٤]
ابتداء من السنة ١٩٣٣ استُعملت بطاقات الشهادة المطبوعة
[الصورة في الصفحة ٥٦٦]
قدَّمت محاضرات الكتاب المقدس المسجَّلة شهادة قوية خلال ثلاثينات وأربعينات الـ ١٩٠٠
[الصورة في الصفحة ٥٦٧]
السيارات المزوَّدة بمكبِّرات للصوت، والكثير منها احيانا (كما هنا في اوستراليا)، كانت تُستعمل لبثّ حق الكتاب المقدس في الاماكن العامة
[الصورة في الصفحة ٥٦٩]
اللافتات المضاءة في شبابيك بيوت شهود يهوه قدَّمت شهادة متواصلة
[الصورة في الصفحة ٥٦٩]
اللوحات واللافتات الاعلانية ساهمت في شهادة علنية جريئة (كما هنا في أسكتلندا)
[الصورة في الصفحة ٥٦٨]
توزيع «برج المراقبة» و«التعزية» في الشوارع (كما يظهر هنا في الولايات المتحدة الاميركية) بدأ في السنة ١٩٤٠
[الصورة في الصفحة ٥٦٨]
ابتداء من السنة ١٩٤٣ كان الاخوة في الجماعات يُدرَّبون على الخطابة العامة
[الصور في الصفحة ٥٧٠]
تُدار الدروس البيتية في الكتاب المقدس مع المهتمين. وأدناه مطبوعات مصمَّمة خصوصا لاجل ذلك — صدرت اولا بالانكليزية، ثم بلغات كثيرة اخرى
[الصور في الصفحتين ٥٧٢ و ٥٧٣]
يشترك الشهود، الصغار والكبار، الذكور والاناث، حول الكرة الارضية في الشهادة من بيت الى بيت
رومانيا
بوليڤيا
زمبابوي
هونڠ كونڠ
بلجيكا
اورڠواي
فيجي