الفصل ١٩
«وَاظِبْ عَلَى ٱلتَّكَلُّمِ وَلَا تَسْكُتْ»
بُولُسُ يَعْمَلُ لِإِعَالَةِ نَفْسِهِ لٰكِنَّهُ يُعْطِي ٱلْأَوْلَوِيَّةَ لِخِدْمَتِهِ
مُؤَسَّسٌ عَلَى ٱلْأَعْمَال ١٨:١-٢٢
١-٣ لِمَ قَصَدَ ٱلرَّسُولُ بُولُسُ مَدِينَةَ كُورِنْثُوسَ، وَأَيَّ تَحَدِّيَيْنِ وَاجَهَ هُنَاكَ؟
إِنَّهُ خَرِيفُ ٱلْعَامِ ٥٠ بم. يَصِلُ ٱلرَّسُولُ بُولُسُ إِلَى كُورِنْثُوسَ، مَدِينَةٍ تِجَارِيَّةٍ مُزْدَهِرَةٍ تُقِيمُ فِيهَا أَعْدَادٌ كَبِيرَةٌ مِنَ ٱلْيُونَانِ وَٱلرُّومَانِ وَٱلْيَهُودِ.a لٰكِنَّهُ لَمْ يَأْتِهَا بَحْثًا عَنْ عَمَلٍ أَوْ سَعْيًا وَرَاءَ صَفْقَةٍ تِجَارِيَّةٍ. فَهَدَفُ زِيَارَتِهِ أَسْمَى بِأَشْوَاطٍ: تَأْدِيَةُ ٱلشَّهَادَةِ عَنْ مَلَكُوتِ ٱللّٰهِ. غَيْرَ أَنَّ ٱلرَّسُولَ بِحَاجَةٍ إِلَى مَكَانٍ يَنْزِلُ فِيهِ، وَهُوَ مُصَمِّمٌ أَلَّا يُثَقِّلَ عَلَى أَحَدٍ وَيُعْطِيَ ٱلِٱنْطِبَاعَ أَنَّهُ يَتَكَسَّبُ مِنْ كَلِمَةِ ٱللّٰهِ. فَمَا عَسَاهُ يَفْعَلُ؟
٢ كَانَ بُولُسُ مُتَمَرِّسًا بِصِنَاعَةِ ٱلْخِيَامِ. حِرْفَتُهُ هٰذِهِ شَاقَّةٌ، لٰكِنَّهُ مُسْتَعِدٌّ أَنْ يَعْمَلَ بِهَا كَيْ يُعِيلَ نَفْسَهُ. فَهَلْ يَسْتَطِيعُ مُزَاوَلَةَ مِهْنَتِهِ فِي مَدِينَةِ كُورِنْثُوسَ ٱلْمُزْدَحِمَةِ؟ وَهَلْ يَهْتَدِي إِلَى مَكَانٍ مُلَائِمٍ لِلسَّكَنِ؟ حَتَّى فِي وَجْهِ تَحَدِّيَاتٍ كَهٰذِهِ، لَا يُحَوِّلُ ٱلرَّسُولُ بَصَرَهُ عَنْ عَمَلِهِ ٱلْأَهَمِّ، أَلَا وَهُوَ ٱلْمُنَادَاةُ بِٱلْبِشَارَةِ.
٣ بِٱلنَّتِيجَةِ، يَبْقَى بُولُسُ فِي كُورِنْثُوسَ بَعْضَ ٱلْوَقْتِ وَيَجْنِي ثَمَرًا جَزِيلًا مِنْ خِدْمَتِهِ. فَأَيَّةُ دُرُوسٍ نَسْتَقِيهَا مِنْ نَشَاطَاتِ ٱلرَّسُولِ تُسَاعِدُنَا عَلَى تَأْدِيَةِ شَهَادَةٍ كَامِلَةٍ عَنْ مَلَكُوتِ ٱللّٰهِ فِي مُقَاطَعَتِنَا؟
«كَانَا صَانِعَيْ خِيَامٍ» (اعمال ١٨:١-٤)
٤، ٥ (أ) أَيْنَ مَكَثَ بُولُسُ خِلَالَ إِقَامَتِهِ فِي كُورِنْثُوسَ، وَأَيَّ عَمَلٍ دُنْيَوِيٍّ زَاوَلَ؟ (ب) لِمَ تَعَلَّمَ بُولُسُ صُنْعَ ٱلْخِيَامِ عَلَى ٱلْأَرْجَحِ؟
٤ بَعْدَ وُصُولِ بُولُسَ إِلَى كُورِنْثُوسَ، ٱلْتَقَى يَهُودِيًّا يُدْعَى أَكِيلَا وَزَوْجَتَهُ بِرِيسْكِلَّا، أَوْ بِرِيسْكَا. وَكَانَ هٰذَانِ ٱلزَّوْجَانِ ٱلْمِضْيَافَانِ قَدِ ٱسْتَقَرَّا فِي كُورِنْثُوسَ بِسَبَبِ مَرْسُومٍ أَصْدَرَهُ ٱلْإِمْبَرَاطُورُ كُلُودِيُوسُ أَمَرَ فِيهِ «كُلَّ ٱلْيَهُودِ أَنْ يَرْحَلُوا عَنْ رُومَا». (اع ١٨:١، ٢) فَعَرَضَا عَلَى بُولُسَ ٱلْمُكُوثَ فِي بَيْتِهِمَا وَمُشَارَكَتَهُمَا ٱلْعَمَلَ أَيْضًا. نَقْرَأُ: «لِكَوْنِهِ مِنْ صَنْعَتِهِمَا مَكَثَ فِي بَيْتِهِمَا وَعَمِلَ مَعَهُمَا، لِأَنَّهُمَا فِي صَنْعَتِهِمَا كَانَا صَانِعَيْ خِيَامٍ». (اع ١٨:٣) فَأَصْبَحَ مَنْزِلُهُمَا مَحَلَّ إِقَامَةِ ٱلرَّسُولِ طِيلَةَ فَتْرَةِ خِدْمَتِهِ فِي كُورِنْثُوسَ. وَلَرُبَّمَا كَتَبَ وَهُوَ فِي ضِيَافَتِهِمَا بَعْضَ رَسَائِلِهِ ٱلَّتِي أُدْرِجَتْ فِي مَا بَعْدُ فِي قَانُونِ ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ.b
٥ وَلٰكِنْ لَعَلَّكَ تَتَسَاءَلُ: ‹كَيْفَ لِرَجُلٍ مِثْلِ بُولُسَ تَثَقَّفَ «عِنْدَ قَدَمَيْ غَمَالَائِيلَ» أَنْ يَكُونَ فِي ٱلْوَقْتِ نَفْسِهِ صَانِعَ خِيَامٍ؟›. (اع ٢٢:٣) عَلَى مَا يَبْدُو، لَمْ يَنْظُرْ يَهُودُ ٱلْقَرْنِ ٱلْأَوَّلِ نَظْرَةً دُونِيَّةً إِلَى تَعْلِيمِ أَوْلَادِهِمْ صَنْعَةً مَا، وَلَوْ حَصَّلَ بَنُوهُمْ تَعْلِيمًا عَالِيًا. وَبُولُسُ فِي ٱلْأَصْلِ مِنْ مَدِينَةِ طَرْسُوسَ فِي كِيلِيكِيَةَ، مِنْطَقَةٍ ٱشْتُهِرَتْ بِإِنْتَاجِ قُمَاشٍ ٱسْمُهُ كِيلِيكِيُومُ ٱسْتُخْدِمَ فِي صِنَاعَةِ ٱلْخِيَامِ. لِذٰلِكَ يُرَجَّحُ أَنَّهُ تَعَلَّمَ هٰذِهِ ٱلصَّنْعَةَ فِي صِغَرِهِ. وَعَلَامَ ٱشْتَمَلَتْ؟ كَانَ ٱلصَّانِعُ يَنْسِجُ ٱلْأَقْمِشَةَ أَوْ يُفَصِّلُ وَيَخِيطُ ٱلْأَنْسِجَةَ ٱلْخَشِنَةَ وَٱلْقَاسِيَةَ. وَفِي مُطْلَقِ ٱلْأَحْوَالِ، تَطَلَّبَتْ هٰذِهِ ٱلْمِهْنَةُ جُهْدًا وَعَنَاءً كَبِيرَيْنِ.
٦، ٧ (أ) كَيْفَ نَظَرَ بُولُسُ إِلَى صِنَاعَةِ ٱلْخِيَامِ، وَمَاذَا يَدُلُّ أَنَّ أَكِيلَا وَبِرِيسْكِلَّا شَاطَرَاهُ نَظْرَتَهُ؟ (ب) كَيْفَ يَقْتَدِي ٱلْمَسِيحِيُّونَ ٱلْيَوْمَ بِبُولُسَ وَأَكِيلَا وَبِرِيسْكِلَّا؟
٦ لَمْ يَعْتَبِرْ بُولُسُ صُنْعَ ٱلْخِيَامِ شُغْلَهُ ٱلشَّاغِلَ، أَوْ عَمَلَهُ ٱلرَّئِيسِيَّ. فَقَدِ ٱمْتَهَنَ هٰذِهِ ٱلْحِرْفَةَ لِمُجَرَّدِ إِعَالَةِ نَفْسِهِ فِيمَا يُنَادِي بِٱلْبِشَارَةِ «بِغَيْرِ كُلْفَةٍ». (٢ كو ١١:٧) وَمَاذَا عَنْ أَكِيلَا وَبِرِيسْكِلَّا؟ كَيْفَ نَظَرَا إِلَى صَنْعَتِهِمَا؟ لَا رَيْبَ أَنَّ شَخْصَيْنِ مَسِيحِيَّيْنِ مِثْلَهُمَا شَاطَرَا بُولُسَ نَظْرَتَهُ إِلَى ٱلْعَمَلِ ٱلدُّنْيَوِيِّ. فَحِينَ غَادَرَ ٱلرَّسُولُ كُورِنْثُوسَ عَامَ ٥٢ بم، وَضَّبَا أَمْتِعَتَهُمَا وَلَحِقَا بِهِ إِلَى أَفَسُسَ حَيْثُ عَقَدَتِ ٱلْجَمَاعَةُ ٱلْمَحَلِّيَّةُ ٱلِٱجْتِمَاعَاتِ فِي مَنْزِلِهِمَا. (١ كو ١٦:١٩) وَفِي وَقْتٍ لَاحِقٍ، عَادَا إِلَى رُومَا ثُمَّ إِلَى أَفَسُسَ ثَانِيَةً. حَقًّا لَقَدْ وَضَعَ هٰذَانِ ٱلزَّوْجَانِ ٱلْغَيُورَانِ مَصَالِحَ ٱلْمَلَكُوتِ أَوَّلًا وَبَذَلَا أَنْفُسَهُمَا طَوْعًا فِي خِدْمَةِ ٱلْآخَرِينَ، فَٱسْتَحَقَّا ٱمْتِنَانَ «جَمِيعِ جَمَاعَاتِ ٱلْأُمَمِ». — رو ١٦:٣-٥؛ ٢ تي ٤:١٩.
٧ يَقْتَدِي ٱلْمَسِيحِيُّونَ ٱلْيَوْمَ بِبُولُسَ وَأَكِيلَا وَبِرِيسْكِلَّا. فَيَجْتَهِدُ ٱلْخُدَّامُ ٱلْغَيُورُونَ كَيْ لَا يَضَعُوا «عِبْئًا مُكَلِّفًا عَلَى أَحَدٍ». (١ تس ٢:٩) مَثَلًا، إِنَّ عَدَدًا كَبِيرًا مِنَ ٱلْمُبَشِّرِينَ كَامِلَ ٱلْوَقْتِ يَعْمَلُونَ إِمَّا بِدَوَامٍ جُزْئِيٍّ أَوْ شُهُورًا قَلِيلَةً فِي ٱلسَّنَةِ كَيْ يُعِيلُوا أَنْفُسَهُمْ فِي عَمَلِهِمِ ٱلرَّئِيسِيِّ، أَيِ ٱلْخِدْمَةِ ٱلْمَسِيحِيَّةِ. أَوَلَا يَسْتَحِقُّ هٰؤُلَاءِ ٱلْإِخْوَةُ ٱلْمَدْحَ؟! فَضْلًا عَنْ ذٰلِكَ، يَفْتَحُ مَسِيحِيُّونَ مِضْيَافُونَ كَثِيرُونَ بُيُوتَهُمْ لِلنُّظَّارِ ٱلْجَائِلِينَ عَلَى غِرَارِ أَكِيلَا وَبِرِيسْكِلَّا. وَبِٱتِّبَاعِهِمْ «مَسْلَكَ ٱلضِّيَافَةِ»، يَتَشَجَّعُونَ وَيَتَشَدَّدُونَ لِلْغَايَةِ. — رو ١٢:١٣.
«كَثِيرُونَ مِنَ ٱلْكُورِنْثِيِّينَ . . . آمَنُوا» (اعمال ١٨:٥-٨)
٨، ٩ مَاذَا فَعَلَ بُولُسُ حِينَ قُوبِلَتْ بِشَارَتُهُ ٱلْمُكَثَّفَةُ لِلْيَهُودِ بِٱلْمُقَاوَمَةِ، وَأَيْنَ رَاحَ يَكْرِزُ؟
٨ حِينَ وَصَلَ سِيلَا وَتِيمُوثَاوُسُ مِنْ مَقْدُونِيَةَ حَامِلَيْنِ مُسَاعَدَاتٍ سَخِيَّةً، لَمْ يَبْقَ مَجَالٌ لِلشَّكِّ أَنَّ بُولُسَ ٱعْتَبَرَ ٱلْعَمَلَ ٱلدُّنْيَوِيَّ مُجَرَّدَ وَسِيلَةٍ، لَا هَدَفًا بِحَدِّ ذَاتِهِ. (٢ كو ١١:٩) فَدُونَ إِبْطَاءٍ، أَصْبَحَ «بُولُسُ أَكْثَرَ ٱنْشِغَالًا بِٱلْكَلِمَةِ [«تَفَرَّغَ بُولُسُ تَمَامًا لِلتَّبْشِيرِ»، كِتَابُ ٱلْحَيَاةِ — تَرْجَمَةٌ تَفْسِيرِيَّةٌ]». (اع ١٨:٥) غَيْرَ أَنَّ بِشَارَتَهُ ٱلْمُكَثَّفَةَ لِلْيَهُودِ قُوبِلَتْ بِمُقَاوَمَةٍ شَرِسَةٍ. فَنَفَضَ ٱلرَّسُولُ عِنْدَئِذٍ ثِيَابَهُ، رَافِعًا عَنْ نَفْسِهِ مَسْؤُولِيَّةَ رَفْضِهِمْ بِشَارَةَ ٱلْخَلَاصِ ٱلْمَسِيحِيَّةَ. وَقَالَ لِمُقَاوِمِيهِ ٱلْيَهُودِ: «دَمُكُمْ عَلَى رُؤُوسِكُمْ! أَنَا طَاهِرٌ مِنْهُ. مِنَ ٱلْآنَ أَذْهَبُ إِلَى ٱلَّذِينَ مِنَ ٱلْأُمَمِ». — اع ١٨:٦؛ حز ٣:١٨، ١٩.
٩ فَأَيْنَ لِبُولُسَ أَنْ يَكْرِزَ ٱلْآنَ؟ عِوَضًا عَنِ ٱلْمَجْمَعِ، رَاحَ ٱلرَّسُولُ يُبَشِّرُ فِي مَنْزِلِ تِيطِيُوسَ يُوسْتُسَ، وَهُوَ عَلَى ٱلْأَرْجَحِ مُتَهَوِّدٌ كَانَ بَيْتُهُ مُلَاصِقًا لِلْمَجْمَعِ. (اع ١٨:٧) صَحِيحٌ أَنَّ بُولُسَ ظَلَّ سَاكِنًا مَعَ أَكِيلَا وَبِرِيسْكِلَّا خِلَالَ إِقَامَتِهِ فِي كُورِنْثُوسَ، غَيْرَ أَنَّهُ ٱتَّخَذَ مِنْ بَيْتِ يُوسْتُسَ مَرْكَزًا لِبِشَارَتِهِ.
١٠ مَا ٱلْبُرْهَانُ أَنَّ بُولُسَ لَمْ يَقْصُرْ كِرَازَتَهُ عَلَى ٱلْأُمَمِيِّينَ فَقَطْ؟
١٠ وَلٰكِنْ هَلْ عَنَى قَوْلُ بُولُسَ: «مِنَ ٱلْآنَ أَذْهَبُ إِلَى ٱلَّذِينَ مِنَ ٱلْأُمَمِ» أَنَّهُ صَرَفَ ٱلنَّظَرَ كُلِّيًّا عَنْ جَمِيعِ ٱلْيَهُودِ وَٱلْمُتَهَوِّدِينَ، حَتَّى ٱلْمُتَجَاوِبِينَ مِنْهُمْ؟ إِطْلَاقًا! عَلَى سَبِيلِ ٱلْمِثَالِ، «آمَنَ كِرِيسْبُسُ رَئِيسُ ٱلْمَجْمَعِ بِٱلرَّبِّ، وَكَذٰلِكَ كُلُّ أَهْلِ بَيْتِهِ». وَعَلَى مَا يَبْدُو، ٱنْضَمَّ إِلَيْهِ أَيْضًا عَدَدٌ مِمَّنْ تَرَدَّدُوا عَلَى ٱلْمَجْمَعِ. فَٱلسِّجِلُّ يَذْكُرُ: «كَثِيرُونَ مِنَ ٱلْكُورِنْثِيِّينَ ٱلَّذِينَ سَمِعُوا آمَنُوا وَٱعْتَمَدُوا». (اع ١٨:٨) وَهٰكَذَا أَصْبَحَ مَنْزِلُ تِيطِيُوسَ يُوسْتُسَ مُلْتَقَى ٱلْجَمَاعَةِ ٱلْمَسِيحِيَّةِ ٱلْجَدِيدَةِ فِي كُورِنْثُوسَ. وَفِي حَالِ كَانَ سِجِلُّ ٱلْأَعْمَالِ يَتَّبِعُ أُسْلُوبَ لُوقَا ٱلْمَعْهُودَ، أَيْ تَرْتِيبَ ٱلْأَحْدَاثِ وَفْقًا لِلتَّسَلْسُلِ ٱلزَّمَنِيِّ، يَكُونُ ٱهْتِدَاءُ هٰؤُلَاءِ ٱلْيَهُودِ أَوِ ٱلْمُتَهَوِّدِينَ قَدْ وَقَعَ بَعْدَ أَنْ ‹نَفَضَ بُولُسُ ثِيَابَهُ›. وَإِذَا صَحَّ ذٰلِكَ، فَإِنَّ هٰذِهِ ٱلْحَادِثَةَ تُشَكِّلُ بُرْهَانًا سَاطِعًا عَلَى مُرُونَةِ ٱلرَّسُولِ.
١١ كَيْفَ يَقْتَدِي شُهُودُ يَهْوَهَ ٱلْيَوْمَ بِبُولُسَ فِي مُحَاوَلَتِهِمْ بُلُوغَ ٱلْمُنْتَمِينَ إِلَى ٱلْعَالَمِ ٱلْمَسِيحِيِّ؟
١١ وَمَا ٱلْقَوْلُ فِي عَالَمِنَا ٱلْيَوْمَ؟ إِنَّ كَنَائِسَ ٱلْعَالَمِ ٱلْمَسِيحِيِّ مُتَجَذِّرَةٌ بِعُمْقٍ فِي بُلْدَانٍ عَدِيدَةٍ، وَلَهَا سَطْوَةٌ عَلَى أَعْضَائِهَا. هٰذَا وَقَدْ نَجَحَ مُرْسَلُوهَا فِي «هِدَايَةِ» أَعْدَادٍ كَبِيرَةٍ فِي بَعْضِ ٱلْمَنَاطِقِ. وَعَلَى غِرَارِ ٱلْيَهُودِ فِي كُورِنْثُوسِ ٱلْقَرْنِ ٱلْأَوَّلِ، غَالِبًا مَا يَتَشَبَّثُ مُدَّعُو ٱلْمَسِيحِيَّةِ بِٱلتَّقَالِيدِ. غَيْرَ أَنَّ شُهُودَ يَهْوَهَ يُحَاوِلُونَ بِغَيْرَةٍ أَنْ يَبْلُغُوا هٰؤُلَاءِ ٱلْأَشْخَاصَ وَيُحَسِّنُوا فَهْمَهُمْ لِلْأَسْفَارِ ٱلْمُقَدَّسَةِ، تَمَثُّلًا بِٱلرَّسُولِ بُولُسَ. وَهُمْ لَا يَفْقِدُونَ ٱلْأَمَلَ وَلَوْ قَاوَمَهُمْ عُمُومُ ٱلنَّاسِ أَوِ ٱلْقَادَةُ ٱلدِّينِيُّونَ. فَمِنْ بَيْنِ مَنْ «لَهُمْ غَيْرَةٌ لِلّٰهِ، وَلٰكِنْ لَيْسَ حَسَبَ ٱلْمَعْرِفَةِ ٱلدَّقِيقَةِ»، هُنَاكَ حُلَمَاءُ مِنْ وَاجِبِنَا ٱلْبَحْثُ عَنْهُمْ وَإِيجَادُهُمْ. — رو ١٠:٢.
«إِنَّ لِي شَعْبًا كَثِيرًا فِي هٰذِهِ ٱلْمَدِينَةِ» (اعمال ١٨:٩-١٧)
١٢ أَيُّ تَأْكِيدٍ نَالَهُ بُولُسُ فِي رُؤْيَا؟
١٢ فِي حَالِ سَاوَرَتْ بُولُسَ أَيَّةُ شُكُوكٍ حَوْلَ مُوَاصَلَةِ ٱلْكِرَازَةِ فِي كُورِنْثُوسَ، لَا بُدَّ أَنَّهَا ٱنْجَلَتْ لَيْلَةَ تَرَاءَى لَهُ ٱلرَّبُّ يَسُوعُ فِي رُؤْيَا، قَائِلًا: «لَا تَخَفْ، بَلْ وَاظِبْ عَلَى ٱلتَّكَلُّمِ وَلَا تَسْكُتْ، لِأَنِّي أَنَا مَعَكَ وَلَنْ يَعْتَدِيَ عَلَيْكَ أَحَدٌ لِيُؤْذِيَكَ، فَإِنَّ لِي شَعْبًا كَثِيرًا فِي هٰذِهِ ٱلْمَدِينَةِ». (اع ١٨:٩، ١٠) يَا لَهٰذِهِ ٱلرُّؤْيَا ٱلْمُشَجِّعَةِ! فَٱلرَّبُّ نَفْسُهُ أَكَّدَ لِبُولُسَ أَنَّهُ يُصَانُ مِنَ ٱلْأَذَى وَأَنَّ عَدَدًا كَبِيرًا مِنَ ٱلسُّكَّانِ يَسْتَحِقُّونَ سَمَاعَ ٱلْبِشَارَةِ. فَكَيْفَ تَجَاوَبَ ٱلرَّسُولُ؟ نَقْرَأُ: «مَكَثَ هُنَاكَ سَنَةً وَسِتَّةَ أَشْهُرٍ يُعَلِّمُ بَيْنَهُمْ بِكَلِمَةِ ٱللّٰهِ». — اع ١٨:١١.
١٣ مَاذَا رُبَّمَا خَطَرَ فِي بَالِ بُولُسَ فِيمَا دَنَا مِنْ كُرْسِيِّ ٱلْقَضَاءِ، وَلٰكِنْ لِمَ عَرَفَ أَنَّهُ لَنْ يَلْقَى هٰذَا ٱلْمَصِيرَ؟
١٣ بَعْدَ قَضَاءِ سَنَةٍ تَقْرِيبًا فِي كُورِنْثُوسَ، لَمَسَ ٱلرَّسُولُ بُرْهَانًا إِضَافِيًّا عَلَى دَعْمِ ٱلرَّبِّ. فَقَدْ «قَامَ ٱلْيَهُودُ مَعًا عَلَى بُولُسَ وَسَاقُوهُ إِلَى كُرْسِيِّ ٱلْقَضَاءِ» ٱلْمَدْعُوِّ بِما. (اع ١٨:١٢) وَكُرْسِيُّ ٱلْقَضَاءِ فِي ٱعْتِقَادِ ٱلْبَعْضِ مِنَصَّةٌ مُرْتَفِعَةٌ مِنَ ٱلرُّخَامِ ٱلْأَزْرَقِ وَٱلْأَبْيَضِ مُزَخْرَفَةٌ بِٱلنُّقُوشِ ٱلْجَمِيلَةِ، تَقَعُ كَمَا يَبْدُو بِٱلْقُرْبِ مِنْ وَسَطِ سَاحَةِ ٱلسُّوقِ فِي كُورِنْثُوسَ. وَٱلْبَاحَةُ أَمَامَ ٱلْكُرْسِيِّ كَانَتْ كَافِيَةً لِتَسَعَ حَشْدًا كَبِيرًا. وَتُشِيرُ ٱلِٱكْتِشَافَاتُ ٱلْأَثَرِيَّةُ أَنَّ هٰذِهِ ٱلْمِنَصَّةَ لَمْ تَكُنْ تَبْعُدُ سِوَى بِضْعِ خُطُوَاتٍ عَنِ ٱلْمَجْمَعِ ٱلْمُلَاصِقِ لِبَيْتِ يُوسْتُسَ. فَبِمَ كَانَ بُولُسُ يُفَكِّرُ فِيمَا دَنَا مِنْ كُرْسِيِّ ٱلْقَضَاءِ؟ لَرُبَّمَا ٱسْتَذْكَرَ رَجْمَ إِسْتِفَانُوسَ ٱلْمُشَارِ إِلَيْهِ عُمُومًا بِصِفَتِهِ أَوَّلَ شَهِيدٍ مَسِيحِيٍّ. آنَذَاكَ، كَانَ شَاوُلُ، ٱلْمَعْرُوفُ ٱلْآنَ بِبُولُسَ، «رَاضِيًا بِقَتْلِهِ». (اع ٨:١) فَهَلْ يَذُوقُ هُوَ ٱلْيَوْمَ ٱلْكَأْسَ نَفْسَهَا؟ كَلَّا، فَيَسُوعُ وَعَدَهُ: «لَنْ يُؤْذِيَكَ أَحَدٌ». — اع ١٨:١٠، الترجمة العربية الجديدة.
١٤، ١٥ (أ) بِمَ ٱتَّهَمَ ٱلْيَهُودُ بُولُسَ، وَلِمَ رَدَّ غَالِيُونُ ٱلدَّعْوَى؟ (ب) مَاذَا جَرَى لِسُوسْتَانِيسَ، وَإِلَامَ رُبَّمَا آلَتِ ٱلْحَادِثَةُ؟
١٤ وَمَاذَا حَصَلَ عِنْدَمَا مَثَلَ بُولُسُ أَمَامَ كُرْسِيِّ ٱلْقَضَاءِ؟ كَانَ ٱلْجَالِسُ عَلَى ٱلْكُرْسِيِّ هُوَ غَالِيُونَ وَالِيَ أَخَائِيَةَ وَٱلْأَخَ ٱلْأَكْبَرَ لِلْفَيْلَسُوفِ ٱلرُّومَانِيِّ سَنِيكَا. هُنَاكَ وَجَّهَ ٱلْيَهُودُ إِلَى بُولُسَ ٱلِٱتِّهَامَ ٱلتَّالِيَ: «إِنَّ هٰذَا يُقْنِعُ ٱلنَّاسَ أَنْ يَعْبُدُوا ٱللّٰهَ بِخِلَافِ ٱلشَّرِيعَةِ». (اع ١٨:١٣) فَلَمَّحُوا بِكَلِمَاتِهِمْ أَنَّهُ مُذْنِبٌ بِٱلْهِدَايَةِ غَيْرِ ٱلشَّرْعِيَّةِ. غَيْرَ أَنَّ غَالِيُونَ رَأَى أَنَّ بُولُسَ بَرِيءٌ مِنْ أَيِّ «خَطَإٍ أَوْ جِنَايَةٍ فَاحِشَةٍ». (اع ١٨:١٤) فَلَمْ يَكُنِ ٱلْوَالِي يَنْوِي ٱلتَّدَخُّلَ فِي مُجَادَلَاتِ ٱلْيَهُودِ. حَتَّى إِنَّهُ رَدَّ ٱلدَّعْوَى نِهَائِيًّا قَبْلَ أَنْ يَتَفَوَّهَ بُولُسُ بِأَيِّ كَلِمَةٍ! فَٱسْتَشَاطَ ٱلْمُتَّهِمُونَ غَيْظًا وَصَبُّوا جَامَ غَضَبِهِمْ عَلَى سُوسْتَانِيسَ، رَئِيسِ ٱلْمَجْمَعِ ٱلَّذِي رُبَّمَا حَلَّ مَحَلَّ كِرِيسْبُسَ. فَأَمْسَكُوا بِهِ «وَأَخَذُوا يَضْرِبُونَهُ أَمَامَ كُرْسِيِّ ٱلْقَضَاءِ». — اع ١٨:١٧.
١٥ وَلٰكِنْ لِمَ لَمْ يَكُفَّ غَالِيُونُ ٱلْجَمْعَ عَنْ ضَرْبِ سُوسْتَانِيسَ ضَرْبًا مُبَرِّحًا؟ لَرُبَّمَا ٱعْتَقَدَ ٱلْوَالِي أَنَّ سُوسْتَانِيسَ هُوَ مَنْ حَرَّضَ ٱلرَّعَاعَ عَلَى بُولُسَ، فَٱسْتَحَقَّ بِٱلتَّالِي جَزَاءَ فَعْلَتِهِ. فِي مُطْلَقِ ٱلْأَحْوَالِ، يُحْتَمَلُ أَنَّ ٱلْحَادِثَةَ آلَتْ إِلَى نِهَايَةٍ سَعِيدَةٍ. فَحِينَ رَاسَلَ بُولُسُ جَمَاعَةَ كُورِنْثُوسَ لِلْمَرَّةِ ٱلْأُولَى بَعْدَ عِدَّةِ سَنَوَاتٍ، ذَكَرَ بِٱلِٱسْمِ أَخًا يُدْعَى سُوسْتَانِيسَ. (١ كو ١:١، ٢) فَهَلْ هٰذَا ٱلْأَخُ هُوَ نَفْسُهُ رَئِيسُ ٱلْمَجْمَعِ ٱلَّذِي ضُرِبَ فِي تِلْكَ ٱلْحَادِثَةِ؟ لَا نَعْرِفُ يَقِينًا. وَلٰكِنْ إِذَا صَحَّ هٰذَا ٱلتَّخْمِينُ، فَمِنَ ٱلْمَعْقُولِ أَنَّ ٱلِٱخْتِبَارَ ٱلْأَلِيمَ ٱلَّذِي مَرَّ بِهِ سَاهَمَ فِي ٱعْتِنَاقِهِ ٱلْمَسِيحِيَّةَ.
١٦ كَيْفَ تُؤَثِّرُ كَلِمَاتُ ٱلرَّبِّ إِلَى بُولُسَ فِي خِدْمَتِنَا؟
١٦ فَمَاذَا نَتَعَلَّمُ مِنْ هٰذِهِ ٱلْحَادِثَةِ؟ تَذَكَّرْ مَا قَالَهُ ٱلرَّبُّ يَسُوعُ لِبُولُسَ بَعْدَمَا رَفَضَ ٱلْيَهُودُ كِرَازَتَهُ: «لَا تَخَفْ، بَلْ وَاظِبْ عَلَى ٱلتَّكَلُّمِ وَلَا تَسْكُتْ، لِأَنِّي أَنَا مَعَكَ». (اع ١٨:٩، ١٠) وَيَحْسُنُ بِنَا نَحْنُ أَنْ نُبْقِيَ هٰذِهِ ٱلْكَلِمَاتِ فِي بَالِنَا، خُصُوصًا حِينَ تُرْفَضُ رِسَالَتُنَا. وَلَا نَنْسَ أَيْضًا أَنَّ يَهْوَهَ يَرَى ٱلْقَلْبَ وَيَجْتَذِبُ أَصْحَابَ ٱلْقُلُوبِ ٱلطَّيِّبَةِ إِلَيْهِ. (١ صم ١٦:٧؛ يو ٦:٤٤) فَٱلْمِئَاتُ يَعْتَمِدُونَ كُلَّ يَوْمٍ، وَمِئَاتُ ٱلْآلَافِ كُلَّ سَنَةٍ. أَوَلَا يُشَجِّعُنَا ذٰلِكَ عَلَى ٱلْمُثَابَرَةِ فِي ٱلْخِدْمَةِ مِنْ كُلِّ ٱلنَّفْسِ؟! وَيَسُوعُ يُطَمْئِنُ كُلَّ ٱلَّذِينَ يَتْبَعُونَ وَصِيَّتَهُ ‹مُتَلْمِذِينَ أُنَاسًا مِنْ جَمِيعِ ٱلْأُمَمِ›، فَيَقُولُ: «هَا أَنَا مَعَكُمْ كُلَّ ٱلْأَيَّامِ إِلَى ٱخْتِتَامِ نِظَامِ ٱلْأَشْيَاءِ». — مت ٢٨:١٩، ٢٠.
«إِنْ شَاءَ يَهْوَهُ» (اعمال ١٨:١٨-٢٢)
١٧، ١٨ فِيمَ تَأَمَّلَ بُولُسُ عَلَى ٱلْأَرْجَحِ وَهُوَ مُتَّجِهٌ إِلَى أَفَسُسَ؟
١٧ لَا يُمْكِنُنَا ٱلْجَزْمُ هَلْ أَسْفَرَ مَوْقِفُ غَالِيُونَ مِنْ مُتَّهِمِي بُولُسَ عَنْ فَتْرَةِ سَلَامٍ لِلْجَمَاعَةِ ٱلْمَسِيحِيَّةِ ٱلْفَتِيَّةِ فِي كُورِنْثُوسَ. غَيْرَ أَنَّ بُولُسَ «مَكَثَ أَيَّامًا كَثِيرَةً» قَبْلَمَا وَدَّعَ ٱلْإِخْوَةَ هُنَاكَ. ثُمَّ فِي رَبِيعِ عَامِ ٥٢ بم، خَطَّطَ لِلْإِبْحَارِ إِلَى سُورِيَّةَ مِنْ مَرْفَإِ كَنْخَرِيَا عَلَى بُعْدِ ١١ كلم تَقْرِيبًا شَرْقِيَّ كُورِنْثُوسَ. وَلٰكِنْ قَبْلَ مُغَادَرَةِ كَنْخَرِيَا، «قَصَّ شَعْرَهُ قَصِيرًا . . . لِأَنَّهُ كَانَ عَلَيْهِ نَذْرٌ».c (اع ١٨:١٨) ثُمَّ ٱصْطَحَبَ أَكِيلَا وَبِرِيسْكِلَّا وَأَبْحَرَ عَبْرَ بَحْرِ إِيجَه إِلَى أَفَسُسَ فِي آسِيَا ٱلصُّغْرَى.
١٨ وَفِيمَا تَوَارَى مَرْفَأُ كَنْخَرِيَا عَنِ ٱلْأَنْظَارِ، ٱسْتَعْرَضَ ٱلرَّسُولُ عَلَى ٱلْأَرْجَحِ مَا ٱخْتَبَرَهُ فِي كُورِنْثُوسَ، مُسْتَرْجِعًا ٱلْكَثِيرَ مِنَ ٱلذِّكْرَيَاتِ ٱلْحُلْوَةِ وَٱلْأَسْبَابِ ٱلَّتِي تَبُثُّ فِيهِ ٱكْتِفَاءً عَمِيقًا. فَٱلسَّنَةُ وَٱلنِّصْفُ ٱلَّتِي قَضَاهَا فِي كُورِنْثُوسَ أَثْمَرَتْ بِوَفْرَةٍ. فَقَدْ تَأَسَّسَتِ ٱلْجَمَاعَةُ ٱلْأُولَى فِي ٱلْمَدِينَةِ. وَمِنْ جُمْلَةِ أَعْضَائِهَا ٱلَّذِينَ ٱجْتَمَعُوا فِي بَيْتِ يُوسْتُسَ كَانَ كِرِيسْبُسُ وَأَهْلُ بَيْتِهِ، إِضَافَةً إِلَى كَثِيرِينَ غَيْرِهِمْ. وَلَا شَكَّ أَنَّ بُولُسَ أَعَزَّ هٰؤُلَاءِ ٱلْمُؤْمِنِينَ ٱلْجُدُدَ ٱلَّذِينَ سَاعَدَهُمْ عَلَى ٱعْتِنَاقِ ٱلْمَسِيحِيَّةِ. فَقَدْ رَاسَلَهُمْ فِي وَقْتٍ لَاحِقٍ وَاصِفًا إِيَّاهُمْ بِأَنَّهُمْ رِسَالَةُ تَوْصِيَةٍ، مَكْتُوبَةً فِي قَلْبِهِ. أَوَلَا نَشْعُرُ نَحْنُ أَيْضًا أَنَّ رِبَاطًا وَثِيقًا يَجْمَعُ بَيْنَنَا وَبَيْنَ مَنْ نُسَاعِدُهُمْ عَلَى إِيجَادِ ٱلْعِبَادَةِ ٱلْحَقَّةِ؟! فَكَمْ نَفْرَحُ لِرُؤْيَتِهِمْ، هُمُ ٱلَّذِينَ يُعْتَبَرُونَ «رَسَائِلَ تَوْصِيَةٍ» حَيَّةً لَنَا! — ٢ كو ٣:١-٣.
١٩، ٢٠ مَاذَا فَعَلَ بُولُسُ حَالَمَا وَصَلَ إِلَى أَفَسُسَ، وَمَاذَا نَتَعَلَّمُ مِنْهُ عَنِ ٱلسَّعْيِ وَرَاءَ أَهْدَافٍ رُوحِيَّةٍ؟
١٩ حَالَمَا وَصَلَ بُولُسُ إِلَى أَفَسُسَ، بَاشَرَ عَمَلَهُ دُونَمَا تَأْخِيرٍ. «فَدَخَلَ ٱلْمَجْمَعَ وَحَاجَّ ٱلْيَهُودَ مَنْطِقِيًّا». (اع ١٨:١٩) وَهٰذِهِ ٱلْمَرَّةَ، لَمْ يُطِلِ ٱلْبَقَاءَ فِي أَفَسُسَ. فَرَغْمَ أَنَّ ٱلْإِخْوَةَ طَلَبُوا مِنْهُ أَنْ يَبْقَى زَمَانًا أَطْوَلَ، «لَمْ يُوَافِقْ» عَلَى طَلَبِهِمْ. قَالَ لَهُمْ وَهُوَ يُوَدِّعُهُمْ: «سَأَعُودُ إِلَيْكُمْ ثَانِيَةً، إِنْ شَاءَ يَهْوَهُ». (اع ١٨:٢٠، ٢١) فَقَدْ أَدْرَكَ دُونَ شَكٍّ أَنَّ هُنَاكَ بَعْدُ عَمَلًا كَثِيرًا يَجِبُ إِنْجَازُهُ فِي هٰذِهِ ٱلْمَدِينَةِ. لِذٰلِكَ خَطَّطَ لِلْعَوْدَةِ إِلَيْهَا، لٰكِنَّهُ فِي ٱلْوَقْتِ عَيْنِهِ تَرَكَ ٱلْأُمُورَ بَيْنَ يَدَيْ يَهْوَهَ. وَفِي هٰذَا مِثَالٌ لَنَا. فَمِنْ جِهَةٍ، عَلَيْنَا أَنْ نَأْخُذَ ٱلْمُبَادَرَةَ فِي ٱلسَّعْيِ وَرَاءَ ٱلْأَهْدَافِ ٱلرُّوحِيَّةِ. وَلٰكِنْ مِنَ ٱلضَّرُورِيِّ فِي ٱلْوَقْتِ نَفْسِهِ أَنْ نَتَّكِلَ دَائِمًا عَلَى إِرْشَادِ يَهْوَهَ وَنَسْعَى لِلْعَمَلِ ٱنْسِجَامًا مَعَ مَشِيئَتِهِ. — يع ٤:١٥.
٢٠ تَرَكَ بُولُسُ أَكِيلَا وَبِرِيسْكِلَّا فِي أَفَسُسَ وَنَزَلَ بَحْرًا إِلَى قَيْصَرِيَّةَ. ثُمَّ «صَعِدَ» إِلَى أُورُشَلِيمَ عَلَى مَا يَبْدُو حَيْثُ سَلَّمَ عَلَى ٱلْجَمَاعَةِ هُنَاكَ. (اع ١٨:٢٢؛ حاشية الكتاب المقدس — ترجمة العالم الجديد، بشواهد [بالانكليزية]) بَعْدَئِذٍ عَادَ ٱلرَّسُولُ إِلَى نُقْطَةِ ٱنْطِلَاقِهِ، أَيْ أَنْطَاكِيَةِ سُورِيَّةَ. وَهٰكَذَا ٱخْتَتَمَ بِنَجَاحٍ رِحْلَتَهُ ٱلْإِرْسَالِيَّةَ ٱلثَّانِيَةَ. فَمَاذَا تُخَبِّئُ لَهُ رِحْلَتُهُ ٱلْأَخِيرَةُ يَا تُرَى؟
a اُنْظُرِ ٱلْإِطَارَ «كُورِنْثُوسُ: سَيِّدَةُ ٱلْبَحْرَيْنِ».
b اُنْظُرِ ٱلْإِطَارَ «رَسَائِلُ مُلْهَمَةٌ تَمُدُّ ٱلْإِخْوَةَ بِٱلتَّشْجِيعِ».
c اُنْظُرِ ٱلْإِطَارَ «نَذْرُ بُولُسَ».