الفصل ١٥
تطوُّر بنية الهيئة
خضع سير عمل هيئة شهود يهوه لتغييرات مهمة منذ بدأ تشارلز تاز رصل وعشراؤه اولا بدرس الكتاب المقدس معا في السنة ١٨٧٠. وعندما كان تلاميذ الكتاب المقدس الاولون قليلي العدد، كان لديهم القليل جدا مما يعتبره الذين هم من خارج يميِّز الهيئة. ولكن اليوم، اذ يلاحظ الناس جماعات شهود يهوه، محافلهم، وكرازتهم بالبشارة في اكثر من ٢٠٠ بلد، يتعجبون من كيفية سير عمل الهيئة بنعومة. فكيف تطوَّرت؟
كان تلاميذ الكتاب المقدس مهتمين بشدة بأن يفهموا ليس فقط عقيدة الكتاب المقدس بل ايضا الطريقة التي بها يجب ان تُنجَز خدمة اللّٰه، كما تدل على ذلك الاسفار المقدسة. وأدركوا ان الكتاب المقدس لا يزوِّد اساسا لفكرة رجال دين ذوي ألقاب، وعامة شعب يكرزون هم لهم. وكان الاخ رصل مصمِّما ألَّا يكون بينهم صف رجال دين.a وعبر اعمدة برج المراقبة، جرى تذكير القرَّاء تكرارا بأن يسوع اخبر أتباعه: «معلِّمكم واحد المسيح،» ولكن «انتم جميعا اخوة.» — متى ٢٣:٨، ١٠.
المعشر الباكر لتلاميذ الكتاب المقدس
سرعان ما رأى قرَّاء برج المراقبة والمطبوعات المتعلقة بها انه بغية ارضاء اللّٰه كان عليهم ان يقطعوا الروابط بأية كنيسة تكون غير امينة للّٰه بوضع تعاليم الناس وتقاليدهم قبل كلمته المكتوبة. (٢ كورنثوس ٦:١٤-١٨) ولكن بعد الانسحاب من كنائس العالم المسيحي، الى اين ذهبوا؟
في مقالة بعنوان «الكنيسة،»b بيَّن الاخ رصل ان الكنيسة الحقيقية، الجماعة المسيحية، ليست هيئة من اعضاء يؤيدون تعليما من صنع الناس ويجعلون اسماءهم تُكتب في سجل كنيسة. وعوضا عن ذلك، اوضح انها تتألف من اشخاص «يكرِّسون» (او، ينذرون) وقتهم، مواهبهم، وحياتهم للّٰه، ولديهم امامهم رجاء الاشتراك في الملكوت السماوي مع المسيح. هؤلاء، كما قال، هم مسيحيون يتحدون في رُبُط المحبة المسيحية والاهتمام المشترك، يتجاوبون مع توجيه روح اللّٰه، ويذعنون لرئاسة المسيح. والاخ رصل لم يكن مهتما بتأسيس ترتيب آخر، وكان يقاوم بشدة المساهمة بأية طريقة في الطائفية الموجودة بين المدَّعين المسيحية.
وفي الوقت نفسه، قدَّر كاملا حاجة خدام الرب الى الاجتماع معا، انسجاما مع المشورة في العبرانيين ١٠:٢٣-٢٥. وسافر شخصيا ليزور ويبني قرَّاء برج المراقبة وليجمعهم مع آخرين في منطقتهم ممَّن لهم التفكير نفسه. وفي وقت باكر من السنة ١٨٨١ طلب من اولئك الذين يعقدون اجتماعات قانونية ان يُشعِروا مكتب برج المراقبة بمكان انعقادها. ورأى قيمة ابقائهم على اتصال احدهم بالآخر.
لكنَّ الاخ رصل شدَّد انهم لا يحاولون تأسيس «هيئة ارضية.» وعوضا عن ذلك، كما قال، «نحن نلتصق فقط بتلك الهيئة السماوية — ‹مكتوبين في السموات.› (عبرانيين ١٢:٢٣؛ لوقا ١٠:٢٠.)» وبسبب تاريخ العالم المسيحي الدنيء، كانت الاشارة الى «هيئة كنسية» عادةً تذكِّر المرء بالطائفية، هيمنة رجال الدين، والعضوية على اساس الالتصاق بتعليم وضعه مجمع ديني. ولذلك، عند الاشارة الى انفسهم، شعر الاخ رصل بأن الاصطلاح «معشر» هو افضل.
وكان يدرك جيدا ان رسل المسيح قد شكَّلوا الجماعات وعيَّنوا الشيوخ في كل منها. لكنه اعتقد ان المسيح كان حاضرا ثانية، ولو كان بشكل غير منظور، وأنه يوجِّه شخصيا الحصاد الاخير لاولئك الذين سيكونون وارثين معه. ونظرا الى الظروف، شعر الاخ رصل في بادئ الامر بأنه خلال وقت الحصاد ليست هنالك حاجة الى ترتيب الشيوخ الذي كان موجودا في الجماعات المسيحية للقرن الاول.
إلا ان الاخ رصل، اذ نما عدد تلاميذ الكتاب المقدس، ادرك ان الرب يدير الامور بطريقة تختلف عما كان يتوقعه هو نفسه. فكان يلزم تعديل في وجهة النظر. ولكن على ايّ اساس؟
سدّ الحاجات الباكرة للمعشر النامي
خُصِّصت برج المراقبة عدد ١٥ تشرين الثاني ١٨٩٥ (بالانكليزية) بكاملها تقريبا لموضوع «بلياقة وبحسب ترتيب.» وباخلاص، اعترف الاخ رصل هناك: «كان لدى الرسل الكثير ليقولوه للكنيسة الباكرة في ما يتعلق بالترتيب في محافل القديسين؛ وكما يظهر كنا الى حد ما مهملين لهذه المشورة الحكيمة، شاعرين بأنها ذات اهمية ثانوية نوعا ما، لان الكنيسة قريبة جدا من نهاية مسلكها والحصاد هو وقت فرز.» فماذا دفعهم الى اتخاذ نظرة جديدة الى هذه المشورة؟
ادرجت تلك المقالة اربعة ظروف: (١) اتَّضح ان التطوُّر الروحي للافراد يختلف من واحد الى آخر. فكانت هنالك تجارب، محن، مصاعب، ومخاطر لم يكن الجميع مستعدين بالتساوي لمواجهتها. وهكذا، كانت هنالك حاجة الى نظار حكماء وفُطُن، رجال خبرة ومقدرة، يهتمون عميقا بالاعتناء بالخير الروحي للجميع ولديهم الكفاءة لارشادهم في الحق. (٢) تبيَّن ان الرعية بحاجة الى الحماية من ‹الذئاب بثياب الحملان.› (متى ٧:١٥) وكان يلزم تحصينهم بمساعدتهم على احراز معرفة شاملة للحق. (٣) اظهر الاختبار انه اذا لم يكن هنالك ايّ ترتيب لتعيين شيوخ يصونون الرعية فسيستولي البعض على هذا المركز ويعتبرون الرعية خاصتهم. (٤) بدون ترتيب منظَّم قد يجد الافراد الاولياء للحق خدماتهم غير مرغوب فيها بسبب نفوذ اشخاص قليلين يخالفونهم في الرأي.
على ضوء ذلك قالت برج المراقبة: «لا نتردد في ان نوصي الكنائسc في كل مكان، سواء كانت اعدادها كبيرة او صغيرة، بالمشورة الرسولية ان يختاروا في كل فرقة شيوخا من بينهم لكي ‹يُطعموا› الرعية و ‹يُشرفوا› عليها.» (اعمال ١٤:٢١-٢٣؛ ٢٠:١٧، ٢٨) واتَّبعت الجماعات المحلية هذه المشورة السليمة من الاسفار المقدسة. فصارت هذه خطوة مهمة في تأسيس بنية الجماعة انسجاما مع ما كان موجودا في ايام الرسل.
ومن ناحية اخرى، انسجاما مع الطريقة التي فهموا بها الامور آنذاك، كان اختيار الشيوخ، والشمامسة لمساعدتهم، يجري عن طريق تصويت الجماعة. وكل سنة، او اكثر اذا لزم الامر، كان يجري التأمل في مؤهلات اولئك الذين يمكن ان يخدموا، ويجري التصويت. وكان ذلك من حيث الاساس اجراء ديموقراطيا، انما تضبطه قيود مصمَّمة لتعمل كوقاية. فجرى حث الجميع في الجماعة ان يراجعوا بعناية المؤهلات من الاسفار المقدسة ويعبِّروا بالتصويت، لا عن رأيهم الخاص، بل عما اعتقدوا انه مشيئة الرب. وبما ان اولئك «المكرَّسين كاملا» وحدهم كان لهم الحق في التصويت، اعتُبِر تصويتهم الجماعي، عندما يكون موجَّها من كلمة الرب وروحه، تعبيرا عن مشيئة الرب في المسألة. وعلى الرغم من ان الاخ رصل ربما لم يكن مدركا ذلك كاملا، قد تكون توصيته بهذا الترتيب متأثرة الى حد ما ليس فقط بتصميمه على تجنُّب ايّ تشابه مع صف رجال دين مرفَّع بل ايضا بخلفيته كمراهق في الكنيسة الجماعية.
وعندما ناقش مجلد الفجر الالفي بعنوان الخليقة الجديدة (الصادر في السنة ١٩٠٤) ثانية بالتفصيل دور الشيوخ والطريقة التي بها يجب اختيارهم، وُجِّه انتباه خصوصي الى الاعمال ١٤:٢٣. والفهرسان اللذان جمعهما جيمس سترونڠ وروبرت يونڠ أُشير اليهما كمرجعين للفكرة ان العبارة «عيَّنا لهم شيوخا» (مج) يجب ترجمتها «انتخبا لهم شيوخا برفع الايدي.»d حتى ان بعض ترجمات الكتاب المقدس تقول ان الشيوخ ‹عُيِّنوا بالتصويت.› (الترجمة الحرفية للكتاب المقدس لواضعه يونڠ؛ الكتاب المقدس المؤكد لواضعه رذرهام) ولكن مَن كان يجب ان يقوم بذلك التصويت؟
وتبنّي الفكرة ان التصويت يجب ان تقوم به الجماعة ككل لم يعطِ دائما النتائج المرجوَّة. فالمصوِّتون وجب ان يكونوا اشخاصا «مكرَّسين كاملا،» وبعض الذين انتُخِبوا بلغوا حقا مؤهلات الاسفار المقدسة وخدموا بتواضع اخوتهم. لكنَّ التصويت غالبا ما كان يعكس التفضيل الشخصي عوضا عن كلمة اللّٰه وروحه. وهكذا، في هالي، المانيا، عندما لم يحصل بعض الاشخاص الذين اعتقدوا انهم يجب ان يكونوا شيوخا على المراكز التي ارادوها، سبَّبوا خلافا خطيرا. وفي بارمن، المانيا، كان بين المرشحين في السنة ١٩٢٧ رجال قاوموا عمل الجمعية، وكان هنالك صياح ليس بقليل خلال رفع الايدي وقت الانتخاب. لذلك كان من الضروري التعديل الى اقتراع سري.
وقديما في السنة ١٩١٦، قبل سنين من هذه الاحداث، كتب الاخ رصل باهتمام عميق: «تسود حالة مروِّعة في بعض الصفوف عندما يجري الانتخاب. فخدام الكنيسة يحاولون ان يكونوا حكاما، دكتاتوريين — حتى انهم احيانا يتولَّون مركز عريف الاجتماع بالهدف الظاهر للتأكد انهم وأصدقاءهم الاحماء سيُنتخبون كشيوخ وشمامسة. . . . ويحاول البعض بهدوء استغلال الصف باجراء الانتخاب في وقت مؤاتٍ على نحو خصوصي لهم ولأصدقائهم. ويسعى آخرون الى ملء الاجتماع بأصدقائهم، مدخلين غرباء معروفين اقل، لا يفكِّرون في الحضور قانونيا في الصف، لكنهم يأتون فقط بمقتضى الصداقة للتصويت لاحد اصدقائهم.»
فهل كان يلزمهم ان يتعلَّموا كيفية معالجة الانتخابات وفق الاساليب الديموقراطية بنعومة اكثر، ام انه كان هنالك شيء من كلمة اللّٰه لم يفهموه بعد؟
التنظيم للكرازة بالبشارة
في مرحلة باكرة جدا ادرك الاخ رصل ان احدى المسؤوليات الاهم الملقاة على عاتق كل فرد من افراد الجماعة المسيحية هي عمل التبشير. (١ بطرس ٢:٩) وأوضحت برج المراقبة انه ليس فقط على يسوع وحده بل على جميع أتباعه الممسوحين بالروح انطبقت الكلمات النبوية لاشعياء ٦١:١، وهي: «(يهوه) مسحني لأبشِّر،» او كما تنقل ترجمة الملك جيمس اقتباس يسوع لهذا المقطع، «مسحني لأكرز بالانجيل.» — لوقا ٤:١٨.
قديما في السنة ١٨٨١، نشرت برج المراقبة المقالة «مطلوب ٠٠٠,١ كارز.» وكان ذلك مناشدة لكل عضو في الجماعة ان يستعمل ما استطاع من الوقت (نصف ساعة، ساعة، او اثنتين، او ثلاثا) للاشتراك في نشر حق الكتاب المقدس. والرجال والنساء الذين لم تكن لديهم عائلات تعتمد عليهم والذين كان بامكانهم اعطاء النصف او اكثر من وقتهم لعمل الرب على وجه الحصر جرى تشجيعهم ان يشرعوا في العمل كمبشرين موزعين جائلين للمطبوعات. وكان العدد يختلف كثيرا من سنة الى سنة، ولكن بحلول السنة ١٨٨٥ كان هنالك نحو ٣٠٠ يشتركون في هذا العمل كموزعين جائلين للمطبوعات. واشترك آخرون ايضا انما على نطاق محدود اكثر. وأُعطيت الاقتراحات للموزعين الجائلين للمطبوعات حول كيفية الشروع في عملهم. لكنَّ الحقل كان واسعا، وفي البداية على الاقل، كانوا يختارون مقاطعتهم الخاصة وينتقلون من منطقة الى اخرى وفي اغلب الاحيان كما كان يبدو انه الافضل لهم. ثم عندما يلتقون في المحافل كانوا يصنعون التعديلات اللازمة لتنسيق جهودهم.
وفي السنة نفسها التي بدأت فيها خدمة الموزعين الجائلين للمطبوعات، طبع الاخ رصل عددا من الكراريس للتوزيع المجاني. وكان البارز بينها طعام للمسيحيين المفكرين، الذي وُزِّع منه ٠٠٠,٢٠٠,١ في الاشهر الاربعة الاولى. والعمل المشمول بترتيب الطبع والتوزيع هذا كان السبب لتشكيل جمعية برج مراقبة زيون للكراريس للاعتناء بالتفاصيل اللازمة. وللحيلولة دون تعطيل العمل في حال موته، ولتسهيل معالجة الهبات التي كانت ستُستخدم في العمل، سجَّل الاخ رصل الجمعية شرعيا، وصارت مسجَّلة رسميا في ١٥ كانون الاول ١٨٨٤. فأوجد ذلك الوكالة الشرعية اللازمة.
واذ نشأت الحاجة، أُسِّست مكاتب فروع لجمعية برج المراقبة في بلدان اخرى. فكان الاول في لندن، انكلترا، في ٢٣ نيسان ١٩٠٠. والآخر في أَلْبِرفِلت، المانيا، في السنة ١٩٠٢. وبعد سنتين، في الجانب الآخر من الارض، نُظِّم فرع في مَلبورن، اوستراليا. وفي وقت هذه الكتابة، كان هنالك ٩٩ فرعا حول العالم.
وعلى الرغم من ان الترتيبات التنظيمية اللازمة لتزويد كميات من مطبوعات الكتاب المقدس كانت قيد التطوُّر، ففي البداية تُرِك للجماعات ان تعدّ اية ترتيبات محلية للتوزيع العام لتلك المواد. وفي رسالة بتاريخ ١٦ آذار ١٩٠٠ ذكر الاخ رصل كيف كان ينظر الى المسألة. وتلك الرسالة، الموجهة الى «ألكساندر م. ڠراهام، والكنيسة في بوسطن، ماساتشوستس،» قالت: «كما تعلمون جميعا، ان نيتي الواضحة هي ان اترك لكل فرقة من شعب الرب ادارة شؤونهم الخاصة، بحسب تمييزهم الخاص، مقدِّما الاقتراحات، ليس بقصد التدخل، بل على سبيل النصح فقط.» وشمل ذلك ليس فقط اجتماعاتهم بل ايضا الطريقة التي بها يواصلون خدمتهم للحقل. وهكذا، بعد تقديم المشورة العملية للاخوة، اختتم بالتعليق: «هذا مجرد اقتراح.»
تطلَّبت بعض النشاطات توجيها اكثر تحديدا من قبل الجمعية. ففي ما يتعلق بعرض «رواية الخلق المصوَّرة،» تُرِك لكل جماعة ان تقرِّر ما اذا كانت مستعدة وقادرة ان تستأجر مسرحا او تسهيلا آخر للعرض المحلي. ولكن كان من الضروري ان تُنقل التجهيزات من مدينة الى مدينة، وكان يجب اعداد البرامج؛ ولذلك زوَّدت الجمعية من هذه النواحي توجيها مركزيا. وجرى تشجيع كل جماعة على حيازة لجنة للرواية للاعتناء بالترتيبات المحلية. لكنَّ المشرف الذي ترسله الجمعية كان يمنح الانتباه الدقيق للتفاصيل بغية التيقن ان كل شيء يسير بنعومة.
واذ انقضت السنتان ١٩١٤ ثم ١٩١٥، كان اولئك المسيحيون الممسوحون بالروح ينتظرون بشوق شديد اتمام رجائهم السماوي. وفي الوقت نفسه جرى تشجيعهم على البقاء مشغولين بخدمة الرب. ورغم انهم اعتبروا وقتهم الباقي في الجسد قصيرا جدا، صار واضحا انه لمواصلة الكرازة بالبشارة بترتيب كان يلزم توجيه اكثر مما عندما كانوا يُعَدّون بمئات قليلة. وبعد ان صار ج. ف. رذرفورد الرئيسَ الثاني لجمعية برج المراقبة بوقت قصير، اتخذ هذا التوجيه اوجها جديدة. وعدد ١ آذار ١٩١٧ (بالانكليزية) من برج المراقبة اعلن انه، من ذلك الحين فصاعدا، سيعيِّن مكتب الجمعية كل المقاطعة التي سيخدمها الموزعون الجائلون للمطبوعات والعمال الرعويونe في الجماعات. وحيثما اشترك عمال محليون وموزعون جائلون للمطبوعات على السواء في خدمة حقل كهذه في مدينة او منطقة، كانت المقاطعة تقسَّم في ما بينهم بواسطة لجنة اقليمية معيَّنة محليا. وقد ساهم هذا الترتيب في توزيع بارز حقا لـ السر المنتهي في غضون اشهر قليلة في ١٩١٧-١٩١٨. وكان ذلك قيِّما ايضا في تحقيق توزيع سريع لـ ٠٠٠,٠٠٠,١٠ نسخة من تشهير قوي للعالم المسيحي في نشرة ابرزت الموضوع «سقوط بابل.»
وبعد ذلك بوقت قصير جرى اعتقال اعضاء هيئة مديري الجمعية، وفي ٢١ حزيران ١٩١٨ حُكم عليهم بالسجن ٢٠ سنة. فبلغت الكرازة بالبشارة مرحلة جمود فعلي. فهل كان ذلك الوقتَ الذي سيتحدون فيه اخيرا مع الرب في المجد السماوي؟
بعد اشهر قليلة انتهت الحرب. وفي السنة التالية أُطلق سراح رسميي الجمعية. وكانوا لا يزالون في الجسد. ولم يحصل ما توقعوه، لكنهم استنتجوا انه لا بد ان يكون للّٰه عمل بعدُ ليقوموا به هنا على الارض.
لقد اجتازوا قبل وقت قليل امتحانات قاسية لايمانهم. ولكن في السنة ١٩١٩ شدَّدتهم برج المراقبة بدروس مثيرة من الاسفار المقدسة حول المحور «مباركون هم الشجعان.» وهذه تبعتها المقالة «فرص للخدمة.» لكنَّ الاخوة لم يتصوروا التطوُّرات التنظيمية الواسعة التي كانت ستحدث خلال العقود التالية.
المثال اللائق للرعية
قدَّر الاخ رذرفورد ان المثال اللائق للرعية امر حيوي بغية استمرار العمل في التقدم بترتيب وبطريقة موحَّدة مهما كان الوقت قصيرا. فقد وصف يسوع أتباعه كخراف، والخراف تتبع راعيها. طبعا، يسوع نفسه هو الراعي الصالح، لكنه يستخدم ايضا شيوخا كرعاة معاونين لشعبه. (١ بطرس ٥:١-٣) وهؤلاء الشيوخ يجب ان يكونوا رجالا يشتركون هم انفسهم في العمل الذي عيَّنه يسوع ويشجعون الآخرين على ذلك. ويجب ان يملكوا بشكل اصيل روح التبشير. ولكن، عند توزيع السر المنتهي، تقاعس بعض الشيوخ؛ حتى ان البعض كانوا صرحاء تماما في تثبيط الآخرين عن الاشتراك.
اتُّخذت خطوة بالغة الاهمية نحو تصحيح هذا الوضع في السنة ١٩١٩ عندما بدأت مجلة العصر الذهبي بالصدور. وهذه كانت ستصير اداة فعَّالة لاعلان ملكوت اللّٰه بصفته الحل الدائم الوحيد لمشاكل الجنس البشري. فكل جماعة ترغب في الاشتراك في هذا النشاط دُعيت ان تطلب من الجمعية ان تسجِّلها بصفتها «هيئة خدمة.» ثم عيَّنت الجمعية مديرا، او مدير خدمة كما صار معروفا، غير خاضع للانتخاب السنوي.f وبصفته الممثل المحلي للجمعية، كان سينظِّم العمل، يعيِّن المقاطعة، ويشجع الجماعة على الاشتراك في خدمة الحقل. وهكذا، الى جانب الشيوخ والشمامسة المنتخَبين ديموقراطيا، ابتدأ يعمل نوع آخر من الترتيب التنظيمي، نوع يعترف بسلطة التعيين من خارج الجماعة المحلية ويشدِّد اكثر على الكرازة ببشارة ملكوت اللّٰه.g
خلال السنوات التي تلت، أُعطي عمل المناداة بالملكوت زخما هائلا، كما لو انه بقوة لا تقاوَم. فالحوادث في السنة ١٩١٤ وما بعدها اوضحت ان النبوة العظمى التي يصف فيها الرب يسوع المسيح اختتام النظام القديم كانت تختبر الاتمام. وعلى ضوء ذلك، في السنة ١٩٢٠، بيَّنت برج المراقبة ان هذا، كما أُنبئ في متى ٢٤:١٤، هو الوقت للمناداة بالبشارة عن «نهاية نظام الاشياء القديم وتأسيس ملكوت المسيَّا.»h (متى ٢٤:٣-١٤) وبعد حضور محفل تلاميذ الكتاب المقدس في سيدر پوينت، اوهايو، في السنة ١٩٢٢، غادر المندوبون والشعار يرنّ في آذانهم: «أَعلنوا، أَعلنوا، أَعلنوا، الملك وملكوته.» ودور المسيحيين الحقيقيين صار اوضح ونال تشديدا اكثر ايضا في السنة ١٩٣١، عند تبنّي الاسم شهود يهوه.
صار واضحا ان يهوه عيَّن لخدامه عملا يمكنهم جميعا ان يشتركوا فيه. وكان هنالك تجاوب حماسي. فكثيرون صنعوا تعديلات رئيسية في حياتهم لتخصيص وقتهم الكامل لهذا العمل. وحتى بين اولئك الذين خصَّصوا مجرد جزء من الوقت، صرف عدد كبير اياما كاملة في خدمة الحقل في نهايات الاسابيع. واذ تجاوبوا مع التشجيع الوارد في برج المراقبة و Informant (المخبر) في السنتين ١٩٣٨ و ١٩٣٩، سعى كثيرون من شهود يهوه آنذاك بضمير حي الى تخصيص ٦٠ ساعة شهريا لخدمة الحقل.
وبين اولئك الشهود الغيارى كان هنالك كثيرون من خدام يهوه المتواضعين المخلصين الذين كانوا شيوخا في الجماعات. ولكن في بعض الاماكن، خلال عشرينات الـ ١٩٠٠ وأوائل ثلاثينات الـ ١٩٠٠، كانت هنالك ايضا مقاومة كبيرة لفكرة اشتراك كل فرد في خدمة الحقل. وكثيرا ما كان الشيوخ المنتخَبون ديموقراطيا صرحاء تماما في معارضة ما تقوله برج المراقبة عن مسؤولية الكرازة للناس خارج الجماعة. ورفْض الاصغاء الى ما يقوله روح اللّٰه، بواسطة الاسفار المقدسة، للجماعة في هذه المسألة اعاق تدفق روح اللّٰه في تلك الفرق. — رؤيا ٢:٥، ٧.
اتُّخذت الاجراءات في السنة ١٩٣٢ لتصحيح هذا الوضع. ولم تكن نقطة الاهتمام الرئيسي ما اذا كان بعض الشيوخ البارزين يمكن ان يستاءوا او ما اذا كان بعض المقترنين بالجماعات يمكن ان ينسحبوا. لكنَّ رغبة الاخوة كانت ارضاء يهوه وفعل مشيئته. ولهذه الغاية، ابرز العددان ١٥ آب و ١ ايلول (بالانكليزية) من برج المراقبة في تلك السنة الموضوع «هيئة يهوه.»
اظهرت هذه المقالات بالتحديد ان جميع الذين هم حقا جزء من هيئة يهوه سيقومون بالعمل الذي تقول كلمته انه يجب القيام به خلال فترة الوقت هذه. وأيَّدت المقالات النظرة ان الكينونة شيخا مسيحيا ليست منصبا يمكن ان يُنتخَب المرء له ولكنها حالة يجري بلوغها بالنمو الروحي. وشُدِّد خصوصا على صلاة يسوع ان يكون «جميع» أتباعه «واحدا» — في اتحاد مع اللّٰه والمسيح، وبالتالي متحدين واحدهم بالآخر في فعل مشيئة اللّٰه. (يوحنا ١٧:٢١) وبأية نتيجة؟ اجابت المقالة الثانية ان «كل فرد من البقية يجب ان يكون شاهدا لاسم يهوه اللّٰه وملكوته.» ولم يكن الاشراف ليُعهَد فيه الى ايٍّ من الذين يفشلون او يرفضون ان يفعلوا ما يمكنهم فعله بشكل معقول للاشتراك في الشهادة العلنية.
وعند اختتام درس هذه المقالات، دُعيت الجماعات الى اصدار قرار يشير الى موافقتها. وهكذا أُلغي الانتخاب الجماعي السنوي للرجال ليكونوا شيوخا وشمامسة. وفي بلفاست، ايرلندا الشمالية، كما في اماكن اخرى، ترك بعض «الشيوخ المنتخَبين» السابقين معاشرة الجماعة؛ والافراد الآخرون الذين شاركوهم في نظرتهم مضوا معهم. فنتج عن ذلك نقص في عدد المقترنين بالجماعة ولكن تقوية لكامل الهيئة. وأولئك الذين بقوا كانوا اناسا على استعداد لتحمل مسؤولية الشهادة المسيحية. وعوضا عن انتخاب الشيوخ، اختارت الجماعات — اذ كانت لا تزال تستخدم الاساليب الديموقراطية — لجنة خدمةi مؤلَّفة من رجال ناضجين روحيا يشتركون بنشاط في الشهادة العلنية. وأعضاء الجماعة انتخبوا ايضا عريفا للاشراف على اجتماعاتهم اضافة الى كاتب وأمين صندوق. وكان جميع هؤلاء رجالا من الشهود النشاطى ليهوه.
واذ عُهِد الآن في الاشراف على الجماعة الى رجال يهتمون لا بالمركز الشخصي بل بالقيام بعمل اللّٰه — الشهادة لاسمه وملكوته — ويرسمون مثالا جيدا باشتراكهم فيه، تَقدَّم العمل بنعومة اكثر. ومع انهم لم يعرفوا ذلك آنذاك، كان هنالك الكثير لفعله، شهادة اوسع مما جرى تقديمه سابقا، تجميع لم يتوقعوه. (اشعياء ٥٥:٥) ومن الواضح ان يهوه كان يعدّهم لذلك.
ابتدأ قليلون من ذوي الرجاء بالحياة الابدية على الارض يعاشرونهم.j لكنَّ الكتاب المقدس سبق وأنبأ بتجميع جمع كثير بقصد حفظهم عبر الضيقة العظيمة القادمة. (رؤيا ٧:٩-١٤) وفي السنة ١٩٣٥ جرى ايضاح هوية هذا الجمع الكثير. والتغييرات في اختيار النظار خلال ثلاثينات الـ ١٩٠٠ جهَّزت الهيئة على نحو افضل للاعتناء بعمل تجميعهم، تعليمهم، وتدريبهم.
بالنسبة الى معظم شهود يهوه، كان العمل الموسَّع هذا تطوُّرا مثيرا. واتخذت خدمتهم للحقل معنى جديدا. لكنَّ البعض لم يكونوا تواقين الى الكرازة. فامتنعوا عن الاشتراك فيها، وحاولوا تبرير خمولهم بالمحاجّة انه لن يجري تجميع جمع كثير إلا بعد هرمجدون. لكنَّ الغالبية رأوا فرصة جديدة للاعراب عن ولائهم ليهوه ومحبتهم لرفيقهم الانسان.
وكيف تلاءم الذين هم من الجمع الكثير مع بنية الهيئة؟ لقد أُظهر لهم الدور الذي عيَّنته كلمة اللّٰه لـ «القطيع الصغير» من الممسوحين بالروح، فعملوا بسرور وفق هذا الترتيب. (لوقا ١٢:٣٢-٤٤) وتعلَّموا ايضا انه، كالمسيحيين الممسوحين بالروح، لديهم مسؤولية الاشتراك في البشارة مع الآخرين. (رؤيا ٢٢:١٧) وبما انهم ارادوا ان يكونوا رعايا ارضيين لملكوت اللّٰه، يجب ان يأتي هذا الملكوت اولا في حياتهم، ويجب ان يكونوا غيورين في اخبار الآخرين عنه. ولكي ينطبق عليهم وصف الكتاب المقدس لأولئك الذين سيُحفظون عبر الضيقة العظيمة الى نظام اللّٰه الجديد، يجب ان يكونوا اشخاصا «يصرخون بصوت عظيم قائلين الخلاص لالهنا الجالس على العرش وللخروف.» (رؤيا ٧:١٠، ١٤) وفي السنة ١٩٣٧، اذ ابتدأت اعدادهم تنمو وصارت غيرتهم للرب ظاهرة، دُعوا ايضا الى المساعدة على حمل ثقل المسؤولية في الاشراف على الجماعة.
ولكن، جرى تذكيرهم بأن الهيئة هي ليهوه، لا لأيّ انسان. ولم يكن ليوجد انقسام بين بقية الممسوحين بالروح والذين هم من الجمع الكثير من الخراف الاخر. فكان يجب ان يعملوا معا كاخوة وأخوات في خدمة يهوه. وكما قال يسوع، «لي خراف اخر ليست من هذه الحظيرة ينبغي ان آتي بتلك ايضا فتسمع صوتي وتكون رعية واحدة وراع واحد.» (يوحنا ١٠:١٦) وواقع هذا الامر صار يتضح.
حدثت تطوُّرات مذهلة في الهيئة في فترة من الوقت قصيرة نسبيا. ولكن هل كان هنالك شيء اكثر يلزم القيام به لكي تُدار شؤون الجماعات بانسجام تام مع طرائق يهوه كما هي مبيَّنة في كلمته الموحى بها؟
هيئة ثيوقراطية
«الثيوقراطية» تعني «حكم اللّٰه.» فهل كان ذلك نوع الحكم الذي ساد الجماعات؟ أليس انهم لم يعبدوا يهوه فقط بل تطلعوا ايضا اليه من اجل توجيه شؤونهم الجماعية؟ وهل عملوا كاملا وفق ما قاله عن هذه الامور في كلمته الموحى بها؟ ان مقالة «الهيئة» المؤلَّفة من جزءين التي ظهرت في برج المراقبة ١ و ١٥ حزيران ١٩٣٨ (بالانكليزية)، ذكرت بالتحديد: «ان هيئة يهوه ليست ديموقراطية على الاطلاق. فيهوه هو الاسمى، وحكومته او هيئته هي ثيوقراطية كاملا.» غير انه في الجماعات المحلية لشهود يهوه في ذلك الوقت كانت الاجراءات الديموقراطية لا تزال تُستخدم في اختيار معظم الافراد الموكول اليهم الاشراف على الاجتماعات وخدمة الحقل. فالتغييرات الاضافية كانت ملائمة.
ولكن ألم تُشِر الاعمال ١٤:٢٣ الى ان الشيوخ في الجماعات يجب تعيينهم في المنصب ‹بمدّ اليد› كما في التصويت؟ ان اولى مقالتي برج المراقبة هاتين بعنوان «الهيئة» اعترفت بأن هذه الآية أُسيء فهمها في الماضي. فلم تكن التعيينات تجري بين مسيحيي القرن الاول ‹بمدّ اليد› من جهة جميع اعضاء الجماعة. ولكن أُظهر ان الرسل والممنوحين السلطة منهم هم الذين ‹مدّوا ايديهم.› وكان ذلك يجري ليس بالاشتراك في تصويت الجماعة بل بوضع ايديهم على الافراد الاكفاء. وكان ذلك رمزا الى التثبيت، الموافقة، او التعيين.k والجماعات المسيحية الاولى كانت احيانا توصي برجال اكفاء، لكنَّ الاختيار الاخير او الموافقة كان يجري بواسطة الذين كُلِّفوا مباشرة من قِبَل المسيح، او بواسطة الممنوحين السلطة من قِبَل الرسل. (اعمال ٦:١-٦) ولفتت برج المراقبة الانتباه الى واقع انه فقط في رسالتين الى ناظرَين مسؤولَين (تيموثاوس وتيطس) اعطى الرسول بولس، تحت توجيه الروح القدس، ارشادات لتعيين النظار. (١ تيموثاوس ٣:١-١٣؛ ٥:٢٢؛ تيطس ١:٥) ولم تتضمن اية من الرسائل الموحى بها الموجَّهة الى الجماعات مثل هذه الارشادات.
اذًا كيف كانت ستُجرَى التعيينات آنذاك للخدمة في الجماعات؟ ان تحليل برج المراقبة للتنظيم الثيوقراطي اظهر من الاسفار المقدسة ان يهوه عيَّن يسوع المسيح ‹رأسا . . . للجماعة›؛ أنه عندما رجع المسيح بصفته السيد، عهد الى ‹عبده الامين الحكيم› في مسؤولية الاشراف «على جميع امواله»؛ أن العبد الامين الحكيم هذا مؤلَّف من كل الافراد الموجودين على الارض الذين مُسِحوا بالروح القدس ليكونوا وارثين مع المسيح والذين يخدمون باتحاد تحت توجيهه؛ وأن المسيح يستخدم صف العبد هذا بصفته وكالته في تزويد الاشراف اللازم على الجماعات. (كولوسي ١:١٨، عج؛ متى ٢٤:٤٥-٤٧؛ ٢٨:١٨) فمن واجب صف العبد ان يطبق بروح الصلاة الارشادات المذكورة بوضوح في كلمة اللّٰه الموحى بها، مستخدما اياها ليقرِّر مَن هم اكفاء لمراكز الخدمة.
وبما ان الوكالة المنظورة التي كان المسيح سيستخدمها هي العبد الامين الحكيم (ووقائع التاريخ العصري التي جرى التأمل فيها سابقا تُظهر ان هذا «العبد» يستخدم جمعية برج المراقبة كأداة شرعية)، اوضحت برج المراقبة ان الاجراء الثيوقراطي يقتضي ان تُجرى تعيينات الخدمة بواسطة هذه الوكالة. وكما اعترفت الجماعات في القرن الاول بالهيئة الحاكمة في اورشليم، كذلك اليوم لن تزدهر الجماعات روحيا دون اشراف مركزي. — اعمال ١٥:٢-٣٠؛ ١٦:٤، ٥.
ولكن للنظر الى الامور في علاقتها الصحيحة، لُفِتَ الانتباه الى انه عندما تشير برج المراقبة الى «الجمعية،» يعني ذلك، لا مجرد الاداة الشرعية، بل هيئة المسيحيين الممسوحين التي شكَّلت واستخدمت هذا الكيان الشرعي. وهكذا عنى التعبير العبدَ الامين الحكيم مع هيئته الحاكمة.
وحتى قبل نشر مقالتَي برج المراقبة بعنوان «الهيئة» في السنة ١٩٣٨، عندما نمت الجماعات في لندن، نيويورك، شيكاڠو، ولوس انجلوس الى حد انه صار مستحسنا تقسيمها الى فرق اصغر، طلبت الى الجمعية ان تعيِّن جميع خدامها. وعدد ١٥ حزيران ١٩٣٨ (بالانكليزية) من برج المراقبة دعا الآن كل الجماعات الاخرى ان تتخذ اجراء مماثلا. ولهذه الغاية جرى اقتراح القرار التالي:
«نحن، فرقة شعب اللّٰه المأخوذ على اسمه، والموجودين الآن في . . . . . . . . . . . .، نعترف بأن حكومة اللّٰه هي ثيوقراطية محض وأن المسيح يسوع هو في الهيكل وهو مسؤول ويضبط كاملا هيئة يهوه المنظورة، وكذلك غير المنظورة، وأن ‹الجمعية› هي الممثل المنظور للرب على الارض، ولذلك نطلب الى ‹الجمعية› ان تنظِّم هذه الفرقة للخدمة وتعيِّن مختلف الخدام فيها، لكي نعمل جميعا معا في سلام، برّ، انسجام ووحدة تامة. ونرفق بهذه الوثيقة قائمة بأسماء الاشخاص في هذه الفرقة الذين يبدون لنا اكثر نضجا والذين يبدون بالتالي الأنسب لملء المراكز الخصوصية المعيَّنة للخدمة.»l
وافقت تقريبا كل جماعات شهود يهوه بسرعة على ذلك. وأولئك القليلون الذين امتنعوا سرعان ما توقفوا كليا عن الاشتراك في المناداة بالملكوت وبالتالي لم يعودوا شهودا ليهوه.
فوائد التوجيه الثيوقراطي
من الواضح انه لو كان ممكنا ان تقرَّر التعاليم، مقاييس السلوك، واجراءات التنظيم او الشهادة محليا، لفقدت الهيئة سريعا هويتها ووحدتها. وكان يمكن ان ينقسم الاخوة بسهولة نتيجة الاختلافات الاجتماعية، الثقافية، والقومية. ومن ناحية اخرى، كان التوجيه الثيوقراطي سيضمن وصول الفوائد الناجمة عن التقدم الروحي الى كل الجماعات حول العالم دون عائق. وهكذا كانت ستوجد الوحدة الحقيقية التي صلَّى يسوع ان تسود بين أتباعه الحقيقيين، وسيُنجز كاملا عمل التبشير الذي اوصى به. — يوحنا ١٧:٢٠-٢٢.
ولكنَّ البعض ادَّعوا انه بتأييد هذا التغيير التنظيمي كان ج. ف. رذرفورد يسعى الى كسب سيطرة اعظم على الشهود وأنه استخدم هذه الوسيلة لتوطيد سلطته. فهل كانت الحال كذلك؟ لا شك في ان الاخ رذرفورد كان رجلا ذا قناعات قوية. وقد تكلَّم جهارا بقوة ودون مسايرة دفاعا عما آمن بأنه الحق. وكان يمكن ان يكون فظًّا تماما في معالجة الحالات عندما يرى ان الناس مهتمون بنفسهم اكثر مما بعمل الرب. لكنَّ الاخ رذرفورد كان متواضعا بشكل اصيل امام اللّٰه. وكما كتب لاحقا كارل كلاين، الذي صار عضوا في الهيئة الحاكمة في السنة ١٩٧٤: «ان صلوات الاخ رذرفورد في العبادة الصباحية . . . حبَّبته اليَّ. ورغم انه كان يتمتع بصوت قوي، كان يبدو عند مخاطبته اللّٰه كصبي صغير يتحدث الى ابيه. فيا للعلاقة البديعة بيهوه التي كشَفها ذلك!» كان الاخ رذرفورد مقتنعا تماما في ما يتعلق بهوية هيئة يهوه المنظورة، وسعى الى التيقن انه ما من انسان او فريق من الناس يمكن ان يعيق الاخوة محليا عن نيل الفائدة الكاملة من الطعام الروحي والتوجيه الذي كان يهوه يزوِّده لخدامه.
ومع ان الاخ رذرفورد خدم طوال ٢٥ سنة كرئيس لجمعية برج المراقبة وخصَّص كل طاقته لترويج عمل الهيئة، إلا انه لم يكن قائدا لشهود يهوه، ولم يُرِدْ ان يكون كذلك. وفي محفل في سانت لويس، ميسوري، في السنة ١٩٤١، قبيل موته، تكلم عن مسألة القيادة، قائلا: «اريد ان يعرف ايّ من الغرباء هنا ما هو رأيكم في ان يكون رجل قائدا لكم، حتى لا ينسوا. فكلما نشأ شيء وابتدأ ينمو يقولون ان هنالك رجلا قائدا له أتباع كثيرون. فاذا كان هنالك ايّ شخص من هذا الحضور يعتقد انني انا، هذا الرجل الواقف هنا، هو قائد شهود يهوه، فليقل نعم.» كان التجاوب صمتا مؤثِّرا خرقته فقط «لا» تأكيدية من افراد عديدين من الحضور. وتابع الخطيب: «واذا كنتم انتم الموجودين هنا تعتقدون انني مجرد واحد من خدام الرب، وأننا نعمل معا كتفا الى كتف في وحدة، خادمين اللّٰه وخادمين المسيح، فقولوا نعم.» وبصوت مدوٍّ واحد اجاب الحضور بـ «نعم!» حاسمة. وفي الشهر التالي تجاوب الحضور في انكلترا بالطريقة نفسها تماما.
في بعض المناطق جرى الشعور سريعا بفوائد التنظيم الثيوقراطي. وفي اماكن اخرى استغرق الامر مدة اطول؛ والذين لم يبرهنوا انهم خدام ناضجون متواضعون عُزلوا في حينه، وآخرون عُيِّنوا.
ومع ذلك، اذ ترسَّخت الاجراءات الثيوقراطية بشكل اكمل، ابتهج شهود يهوه باختبار ما أُنبئ به مسبقا في اشعياء ٦٠:١٧. يقول يهوه هنا، مستخدما تعابير مجازية لتصوير الاحوال المتحسنة التي كانت ستوجد بين خدام اللّٰه: «عوضا عن النحاس آتي بالذهب وعوضا عن الحديد آتي بالفضة وعوضا عن الخشب بالنحاس وعوضا عن الحجارة بالحديد وأجعل وكلاءك سلاما وولاتك برا.» لا يصف ذلك ما كان البشر سيفعلونه بل بالاحرى ما كان اللّٰه نفسه سيفعله والفوائد التي كان خدامه سينالونها اذ يذعنون لها. فيجب ان يسود السلام في وسطهم. ويجب ان تكون محبة البر القوة التي تدفعهم الى الخدمة.
من البرازيل كتبت مود يولي، زوجة ناظر الفرع، الى الاخ رذرفورد: «ان المقالة ‹الهيئة› في عددي ١ و ١٥ حزيران [١٩٣٨، بالانكليزية] من برج المراقبة تدفعني الى التعبير بكلمات قليلة لك، انت الذي يستخدم يهوه خدمته الامينة، عن شكري ليهوه على الترتيب البديع الذي اعدَّه لهيئته المنظورة، كما ورد في هذين العددين من برج المراقبة. . . . يا لها من راحة ان نرى نهاية ‹الحكم الذاتي›، بما في ذلك ‹حقوق المرأة› والاجراءات الاخرى غير المؤسسة على الاسفار المقدسة التي اخضعت بعض الاشخاص للآراء المحلية والحكم الفردي، بدلا من [يهوه اللّٰه ويسوع المسيح]، الامر الذي جلب التعيير على اسم يهوه. صحيح انه فقط ‹منذ عهد قريب اشارت الجمعية الى الجميع في الهيئة بصفتهم «خداما»›، لكنني الاحظ انه قبل ذلك الوقت بسنين عديدة اعترفتَ في مراسلاتك لاخوتك بأنك ‹اخوكم وخادمكم، بنعمته›.»
وفي ما يتعلق بهذا التعديل التنظيمي ذكر تقرير الفرع في الجزر البريطانية: «كان التأثير الجيد لذلك مدهشا تماما. فالوصف الشعري والنبوي لذلك في اشعياء الاصحاح الستين مفعم بالجمال ولكن دون مبالغة. وكل مَن هو في الحق كان يتكلم عنه. وكان الموضوع الرئيسي للمحادثة. فسادَ شعور عام بالانتعاش — استعداد للمضيّ قُدُما في معركة هادفة. واذ ازداد التوتر العالمي، كثر الفرح بالحكم الثيوقراطي.»
النظار الجائلون يقوّون الجماعات
تقوَّت الروابط التنظيمية الى حد ابعد نتيجة لخدمة النظار الجائلين. ففي القرن الاول انهمك الرسول بولس بشكل بارز في مثل هذا النشاط. وأحيانا كان رجال مثل برنابا، تيموثاوس، وتيطس يشتركون ايضا. (اعمال ١٥:٣٦؛ فيلبي ٢:١٩، ٢٠؛ تيطس ١:٤، ٥) وكانوا جميعا مبشِّرين غيورين. وبالاضافة الى ذلك، كانوا يشجعون الجماعات بمحاضراتهم. وعندما كانت تنشأ القضايا التي يمكن ان تؤثر في وحدة الجماعات، كانت تُحال الى الهيئة الحاكمة المركزية. ثم ان الذين أُوكلت اليهم المسؤولية «اذ كانوا يجتازون في المدن كانوا يسلِّمونهم القضايا التي حكم بها الرسل والمشايخ الذين في اورشليم ليحفظوها.» والنتيجة؟ «كانت (الجماعات) تتشدد في الايمان وتزداد في العدد كل يوم.» — اعمال ١٥:١–١٦:٥؛ ٢ كورنثوس ١١:٢٨.
في سبعينات الـ ١٨٠٠ زار الاخ رصل فرق تلاميذ الكتاب المقدس — المؤلَّفة من شخصين وثلاثة اشخاص وكذلك الفرق الاكبر — لبنائها روحيا. واشترك في ذلك اخوة آخرون قليلون في ثمانينات الـ ١٨٠٠. ثم في السنة ١٨٩٤ صُنعت الترتيبات لكي ترسل الجمعية خطباء حسني الكفاءة يسافرون قانونيا اكثر لمساعدة تلاميذ الكتاب المقدس على النمو في المعرفة والتقدير للحق ولضمِّهم معا على نحو اوثق.
واذا كان ممكنا، يقضي الخطيب يوما او ربما عدة ايام مع الفريق، مقدِّما محاضرة عامة او اثنتين، ثم يزور الفرق الاصغر والافراد لمناقشة بعض الامور الاعمق في كلمة اللّٰه. وبُذل جهد لزيارة كل فريق في الولايات المتحدة وكندا مرتين في السنة، رغم ان ذلك لم يكن عادةً من قبل الاخ نفسه. وفي اختيار الخطباء الجائلين هؤلاء جرى التشديد على الوداعة، التواضع، والفهم الواضح للحق وكذلك الالتصاق الولي به والقدرة على تعليمه بوضوح. وخدمتهم لم تكن على الاطلاق مأجورة. والاخوة المحليون كانوا يزوِّدونهم بالطعام والمأوى فقط، والى الحد الضروري، كانت الجمعية تساعدهم بنفقات السفر. وصاروا يُعرَفون بالخطباء الجائلين.
وكثيرون من هؤلاء الممثلين الجائلين للجمعية كانوا محبوبين الى اولئك الذين خدموهم. أ. ه. ماكميلان، كندي، يجري تذكّره كأخ كانت كلمة اللّٰه بالنسبة اليه «كنار محرقة.» (ارميا ٢٠:٩) فما كان عليه إلا ان يتحدث عنها، وقد فعل ذلك، مخاطبا الحضور ليس فقط في كندا بل ايضا في انحاء عديدة من الولايات المتحدة وفي بلدان اخرى. وويليام هرسي، خطيب جائل آخر، يجري تذكّره باعزاز بسبب الانتباه الخصوصي الذي منحه للاحداث. وصلواته ايضا تركت انطباعا دائما لأنها عكست عمقا من الروحيات مسّ قلوب الصغار والكبار على السواء.
والسفر لم يكن سهلا على الخطباء الجائلين في الايام الباكرة. فلكي يخدم الفريقَ قرب شلالات كلاماث، اوريغون، مثلا، سافر ادوارد برِنسِن اولا بالقطار، ثم الليل كله بعربة خيل مقفلة، وأخيرا بعربة خيل مكشوفة غير مريحة في الجبال الى المزرعة حيث كانوا يجتمعون. وباكرا في الصباح، في اليوم الذي تلا اجتماعهم، زوَّده احد الاخوة بحصان ليجتاز به نحو ٦٠ ميلا (١٠٠ كلم) الى اقرب محطة للسكك الحديدية ليتمكن من السفر الى تعيينه التالي. لقد كانت حياة شاقة، لكنَّ نتائج جيدة أُحرزت من جهود الخطباء الجائلين. فتقوَّى شعب يهوه، اتحدوا في فهمهم لكلمة اللّٰه، وتقاربوا على نحو اوثق رغم انهم مشتَّتون بشكل واسع جغرافيا.
في السنة ١٩٢٦ ابتدأ الاخ رذرفورد ينجز ترتيبات غيَّرت عمل الخطباء الجائلين من مجرد عمل خطباء جائلين الى ذاك الذي لمشرفين جائلين ومروِّجين لخدمة الحقل بواسطة الجماعات. وللتشديد على مسؤولياتهم الجديدة، دُعُوا في السنة ١٩٢٨ مديري خدمة المناطق. وقد عملوا مباشرة مع الاخوة المحليين، مانحين اياهم الارشاد الشخصي في خدمة الحقل. وفي ذلك الوقت كان ممكنا لهم الوصول الى كل جماعة في الولايات المتحدة وفي بعض البلدان الاخرى مرة كل سنة تقريبا، فيما بقوا ايضا على اتصال بالافراد والفرق الصغيرة التي لم تكن قد نُظِّمت بعدُ للخدمة.
وخلال السنوات التي تلت خضع عمل النظار الجائلين لتعديلات مختلفة.a وصار مكثَّفا الى حد كبير في السنة ١٩٣٨ عندما عُيِّن جميع الخدام في الجماعات ثيوقراطيا. والزيارات للجماعات في فترات منتظمة خلال السنوات القليلة التالية قدَّمت الفرصة لتزويد التدريب الشخصي لكل من الخدام المعيَّنين وزادت المساعدة لكل فرد في خدمة الحقل. وفي السنة ١٩٤٢، قبل ارسال النظار الجائلين ثانية الى الجماعات، مُنِحوا شيئا من التدريس المكثَّف؛ ونتيجة لذلك جرى انجاز عملهم بانتظام اكبر. وكانت زياراتهم مختصرة (من يوم الى ثلاثة ايام، وفقا لحجم الجماعة). وخلال هذا الوقت كانوا يفحصون سجلات الجماعة، يجتمعون مع جميع الخدام لتقديم اية مشورة لازمة، يلقون خطابا او اكثر على الجماعة، ويأخذون القيادة في خدمة الحقل. وفي السنة ١٩٤٦ جرى تطويل الزيارات الى اسبوع واحد لكل جماعة.
وترتيب الزيارات للجماعات هذا أُلحقت به في السنة ١٩٣٨ خدمة خادم المنطقة في دور جديد. فكان يغطِّي منطقة اوسع، صارفا دوريا اسبوعا مع كلٍّ من الاخوة الذين يجولون في اقليم (دائرة) لزيارة الجماعات. وخلال زيارته كان يخدم في برنامج المحفل الذي تحضره الجماعات كلها في ذلك الاقليم.b وهذا الترتيب كان حافزا عظيما للاخوة وزوَّد فرصة قانونية لمعمودية التلاميذ الجدد.
«شخص يحبّ الخدمة»
بين اولئك الذين اشتركوا في هذه الخدمة ابتداء من السنة ١٩٣٦ كان جون بوث، الذي صار في السنة ١٩٧٤ عضوا في الهيئة الحاكمة. وعند مقابلته كمشرف جائل محتمَل، قيل له: «ليس الخطباء الفصحاء ما يلزم، بل شخص يحبّ الخدمة وسيأخذ القيادة فيها ويتحدث عن الخدمة في الاجتماعات.» لقد امتلك الاخ بوث هذه المحبة لخدمة يهوه، كما تدل عليه خدمته الغيورة كفاتح منذ السنة ١٩٢٨، وحرَّك في الآخرين الغيرة للتبشير بالمثال وكلمات التشجيع على حد سواء.
كانت الجماعة الاولى التي زارها، في آذار ١٩٣٦، في ايستون، پنسلڤانيا. كتب لاحقا: «كنت اصِل عادةً الى المكان في الوقت المحدَّد من اجل خدمة الحقل في الصباح، اعقد اجتماعا مع خدام الفرقة في المساء الباكر واجتماعا آخر بعد ذلك مع كامل الفرقة. وكنت اقضي عادةً مجرد يومين مع الفرقة ويوما واحدا فقط مع الفريق الاصغر، وأحيانا كنت ازور ستا من امثال هذه الفرق الاصغر اسبوعيا. فكنت على الدوام في حالة تنقّل.»
وبعد سنتين، في السنة ١٩٣٨، جرى تعيينه، كخادم منطقة، للاعتناء بمحفل اقليمي (يُعرَف الآن بمحفل دائري) كل اسبوع. وهذه ساعدت على تقوية الاخوة في وقت اشتد فيه الاضطهاد في بعض المناطق. واذ تذكَّر تلك الايام ومسؤولياته المتنوعة، قال الاخ بوث: «في الاسبوع نفسه [الذي كنت فيه شاهدا في دعوى قضائية تشمل نحو ٦٠ شاهدا في إنديانا پولِس، إنديانا] كنت المدَّعى عليه في قضية اخرى في جولييت، ايلينُوي، ومحاميا عن اخ في قضية اخرى ايضا في ماديسون، إنديانا، واضافة الى ذلك، كنت مسؤولا عن محفل اقليمي كل نهاية اسبوع.»
بعد سنتين من احياء هذه المحافل الاقليمية في السنة ١٩٤٦ (الآن محافل دائرية)، صار كاري باربر بين اولئك الذين عُيِّنوا كخدام كور. وكان قد خدم كعضو في عائلة البتل في بروكلين، نيويورك، لمدة ٢٥ سنة. وقد غطَّت كورته الاولى الجزء الغربي بكامله من الولايات المتحدة. وفي البداية كان السفر بين المحافل نحو ٠٠٠,١ ميل (٦٠٠,١ كلم) كل اسبوع. واذ ازداد عدد الجماعات وحجمها، تقلَّصت تلك المسافات، وصارت تُعقد غالبا محافل دائرية عديدة في منطقة مدينة واحدة وضواحيها. وبعد ٢٩ سنة من الخبرة كناظر جائل، دُعي الاخ باربر الى العودة الى المركز الرئيسي العالمي في السنة ١٩٧٧ كعضو في الهيئة الحاكمة.
خلال اوقات الحرب والاضطهاد الشديد كثيرا ما كان النظار الجائلون يجازفون بحريتهم وحياتهم للاعتناء بخير اخوتهم الروحي. وخلال زمن الاحتلال النازي لبلجيكا استمر اندريه وُزْنيك في زيارة الجماعات وساعد على تزويدها بالمطبوعات. وكثيرا ما لاحقه الڠستاپو انما دون ان يفلحوا البتة في القبض عليه.
وفي روديسيا (المعروفة الآن بزمبابوي) في اواخر سبعينات الـ ١٩٠٠ عاش الناس في خوف، وخفَّت حركة السفر خلال فترة من الحرب الداخلية. لكنَّ النظار الجائلين لشهود يهوه، بصفتهم رعاة ونظارا محبين، اثبتوا انهم «كمخبإٍ من الريح» لاخوتهم. (اشعياء ٣٢:٢) وكان البعض يسيرون اياما عبر الادغال، سالكين الجبال صعودا ونزولا، مجتازين انهارا محفوفة بالمخاطر، نائمين ليلا في العراء — كل ذلك بغية الوصول الى الجماعات والناشرين المنعزلين لتشجيعهم على البقاء ثابتين في الايمان. وكان بين هؤلاء اشعيا ماكوراي، الذي نجا بصعوبة عندما ازَّت الرصاصات فوق رأسه خلال معركة بين جنود حكوميين و «مقاتلي الحرية.»
خدم نظار جائلون آخرون سنوات عديدة الهيئة على اساس اممي. فرؤساء جمعية برج المراقبة سافروا مرارا الى بلدان اخرى لمنح الانتباه للحاجات التنظيمية وإلقاء الخطابات في المحافل. ومثل هذه الزيارات فعلت الشيء الكثير لابقاء شهود يهوه في كل مكان مدركين جيدا اخوَّتهم الاممية. وقد انهمك الاخ نور بشكل خصوصي في هذا النشاط على اساس قانوني، زائرا كل فرع وبيت ارسالي. واذ نمت الهيئة، قُسِم العالم الى عشرة اقاليم اممية، وابتداء من ١ كانون الثاني ١٩٥٦، شرع اخوة اكفاء، تحت توجيه الرئيس، في المساعدة في هذه الخدمة بحيث يمكن منحها انتباها قانونيا. وهذه الزيارات الاقليمية، التي تتواصل الآن تحت توجيه لجنة الخدمة في الهيئة الحاكمة، تستمر في المساهمة في الوحدة العالمية النطاق وتقدُّم كامل الهيئة.
وثمة تطوُّرات مهمة اخرى ايضا ساهمت في بنية الهيئة الحالية.
تراصف ثيوقراطي اضافي
في منتصف الحرب العالمية الثانية مات جوزيف ف. رذرفورد، في ٨ كانون الثاني ١٩٤٢، وصار ناثان ه. نور الرئيس الثالث لجمعية برج المراقبة. وكانت الهيئة تحت ضغط شديد بسبب الحظر الذي فُرض على نشاطها في بلدان عديدة، عنف الرعاع تحت ستار الوطنية، واعتقال الشهود في اثناء توزيعهم مطبوعات الكتاب المقدس في خدمتهم العلنية. فهل كان تغيُّر الادارة سيؤدي الى تباطؤ العمل في مثل هذا الوقت الحرج؟ تطلَّع الاخوة المعتنون بالمسائل الادارية الى يهوه طلبا لتوجيهه وبركته. وانسجاما مع رغبتهم في الارشاد الالهي اعادوا فحص بنية الهيئة نفسها ليروا ما اذا كانت هنالك مجالات يمكن فيها التكيُّف بشكل ادقّ وفق طرائق يهوه.
ثم، في السنة ١٩٤٤، عُقد محفل خدمة في پيتسبورڠ، پنسلڤانيا، في ما يختص بالاجتماع السنوي لجمعية برج المراقبة. وفي ٣٠ ايلول، قبل ذلك الاجتماع السنوي، أُلقيت سلسلة خطابات بالغة الاهمية حول ما تقوله الاسفار المقدسة عن هيئة خدام يهوه.c فجرى تركيز الانتباه على الهيئة الحاكمة. وفي تلك المناسبة جرى التشديد على ان المبدأ الثيوقراطي يجب ان ينطبق على جميع الوكالات التي يستخدمها صف العبد الامين الحكيم. وأُوضح ان المؤسسة الشرعية لم تكن تشمل جميع شعب اللّٰه «المكرَّس» كأعضاء. وانما كانت تمثِّلهم فقط، عاملةً كوكالة شرعية لاجلهم. ولكن، نظرا الى ان الجمعية هي وكيل النشر المستخدَم لتزويد شهود يهوه بالمطبوعات التي تحتوي على الانارة الروحية، صارت الهيئة الحاكمة منطقيا وبحكم الضرورة مقترنة على نحو وثيق بالرسميين والمديرين في هذه الجمعية الشرعية. فهل جرى تطبيق المبادئ الثيوقراطية كاملا في شؤونها؟
عرض ميثاق الجمعية ترتيبا للمساهمين حيث كان كل مجموع تبرع من ١٠ دولارات اميركية يخوِّل المتبرع صوتا في ما يتعلق باختيار اعضاء مجلس المديرين والرسميين في الجمعية. وربما بدا ان مثل هذه التبرعات تعطي الدليل على الاهتمام الاصيل بعمل الهيئة. لكنَّ هذا الترتيب قدَّم المشاكل. اوضح الاخ نور، رئيس الجمعية: «من تدابير ميثاق الجمعية يبدو ان الكينونة جزءا من الهيئة الحاكمة كانت تتوقف على التبرعات للجمعية الشرعية. غير انه بحسب مشيئة اللّٰه لا يمكن ان يكون هذا الامر كذلك بين شعبه المختار الحقيقي.»
صحيح ان تشارلز تاز رصل، الشخص الرئيسي في الهيئة الحاكمة للسنين الـ ٣٢ الاولى للجمعية، كان المتبرع الاكبر للجمعية ماليا، جسديا، وعقليا. لكنَّ التبرع المالي لم يكن ما قرَّر كيف يستخدمه الرب. ان انتذاره الكامل، غيرته التي لم تعرف الكلل، موقفه غير المساير الى جانب ملكوت اللّٰه، وولاءه وأمانته غير المنثلمة هي ما كانت تميِّزه في نظر اللّٰه بصفته ملائما للخدمة. وفي ما يتعلق بالهيئة الثيوقراطية تنطبق القاعدة: «وضع اللّٰه الاعضاء كل واحد منها في الجسد كما اراد.» (١ كورنثوس ١٢:١٨) «ولكن،» اوضح الاخ نور، «بما ان ميثاق الجمعية زوَّد ان توزَّع اسهم الاقتراع على المتبرعين بالاموال لعمل الجمعية، ادَّى ذلك الى حجب او انتهاك هذا المبدإ الثيوقراطي في ما يتعلق بالهيئة الحاكمة؛ وأدَّى ايضا الى تعريضها للخطر او خلق العراقيل امامها.»
وهكذا، في اجتماع العمل لجميع المساهمين المقترعين في الجمعية في ٢ تشرين الاول ١٩٤٤، جرى التصويت بالاجماع ان يُعدَّل ميثاق الجمعية ويكيَّف ليصير منسجما اكثر مع المبادئ الثيوقراطية. فالعضوية لن تكون الآن غير محدودة العدد بل ستكون بين ٣٠٠ و ٥٠٠، وسيكونون جميعهم رجالا يختارهم مجلس المديرين، لا على اساس التبرعات المالية، بل لأنهم شهود ناضجون، نشاطى، امناء ليهوه يخدمون كامل الوقت في عمل الهيئة او لأنهم خدام نشاطى في جماعات شهود يهوه. وهؤلاء الاعضاء كانوا سينتخبون مجلس المديرين، ومجلس المديرين كان سيختار بعد ذلك رسمييه. وهذه الترتيبات الجديدة صارت نافذة المفعول في السنة التالية، في ١ تشرين الاول ١٩٤٥. وكم تبرهن ان ذلك حماية في عصر تلاعبت فيه تكرارا العناصر المعادية بالشؤون التجارية للسيطرة على المؤسسات ثم اعادة بنائها لتلائم غاياتهم الخاصة!
ان بركة يهوه على هذه الخطى التقدُّمية الواسعة في التكيُّف وفق المبادئ الثيوقراطية كانت ظاهرة. وعلى الرغم من الضغط الشديد الذي اتى على الهيئة خلال الحرب العالمية الثانية، استمر عدد المنادين بالملكوت في النمو. وبلا تراخٍ، استمروا بنشاط في الشهادة عن ملكوت اللّٰه. ومن السنة ١٩٣٩ الى السنة ١٩٤٦، كانت هنالك زيادة مذهلة من ١٥٧ في المئة في صفوف شهود يهوه، وقد وصلوا بالبشارة الى ستة بلدان اضافية. وخلال السنين الـ ٢٥ التالية ازداد عدد الشهود النشاطى نحو ٨٠٠ في المئة اخرى، وكانوا يقدِّمون تقريرا قانونيا عن النشاط في ٨٦ بلدا اضافيا.
تدريب متخصص للنظار
اعتبر بعض المراقبين من الخارج انه عندما تكبر الهيئة، لا بد ان تصير مقاييسها اقل صرامة. ولكن، على الضد من ذلك، سبق وأنبأ الكتاب المقدس بأن البر والسلام سيسودان بين خدام يهوه. (اشعياء ٦٠:١٧) وكان ذلك سيتطلب تعليما دقيقا ومستمرا في كلمة اللّٰه للنظار المسؤولين، فهما واضحا لمقاييسه القضائية، وتطبيقا ثابتا لهذه المقاييس. ومثل هذا التعليم جرى تزويده. فالدرس الشامل لمطالب اللّٰه البارة زُوِّد بشكل تدريجي في برج المراقبة، وهذه المواد درستها بشكل نظامي كل جماعة لشهود يهوه حول العالم. ولكن، بالاضافة الى ذلك، مُنِح نظار الرعية الكثير من الارشاد الاضافي.
والنظار الرئيسيون لفروع الجمعية جُمعوا معا من اجل تدريب خصوصي في وقت المحافل الاممية. ومن السنة ١٩٦١ حتى السنة ١٩٦٥، أُديرت من اجلهم في نيويورك مقرَّرات دراسية مصمَّمة بشكل خصوصي، طولها ثمانية الى عشرة اشهر. ومن السنة ١٩٧٧ الى السنة ١٩٨٠ كانت هنالك من اجلهم سلسلة اخرى من المقرَّرات الخصوصية لخمسة اسابيع. وشمل تدريبهم درسا لجميع اسفار الكتاب المقدس عددًا فعددًا اضافة الى التأمل في التفاصيل التنظيمية والطرائق لتعزيز الكرازة بالبشارة. ولا توجد هنالك انقسامات قومية بين شهود يهوه. وبصرف النظر عن المكان الذي يعيشون فيه، يلتصقون بمقاييس الكتاب المقدس السامية نفسها ويؤمنون ويعلِّمون بالامور نفسها.
ونظار الدوائر والكور مُنحوا ايضا انتباها خصوصيا. وكثيرون منهم حضروا مدرسة جلعاد برج المراقبة للكتاب المقدس او احدى مدارسها الفرعية. ودوريا، يجتمعون ايضا في مكاتب فروع الجمعية، او يجتمعون في اماكن ملائمة اخرى، من اجل حلقات دراسية لبضعة ايام او اسبوع.
وفي السنة ١٩٥٩ جرى العمل بتدبير بارز آخر. وكان هذا مدرسة خدمة الملكوت التي يحضرها نظار الدوائر والكور وكذلك نظار الجماعات. وقد بدأت كمقرَّر دراسي لشهر كامل. وبعد استخدامها لسنة في الولايات المتحدة، تُرجِمت مواد المقرَّر بلغات اخرى واستُخدمت تدريجيا حول الكرة الارضية. وبما انه لم يكن ممكنا لجميع النظار ان يرتِّبوا ليكونوا بعيدين عن عملهم الدنيوي لشهر كامل، جرى استخدام مقرَّر معدَّل لمدة اسبوعين ابتداء من السنة ١٩٦٦.
لم تكن هذه المدرسة معهدا لاهوتيا يدرَّب فيه الرجال استعدادا لرسمهم. فالذين حضروا كانوا خداما معيَّنين من قبل. وكثيرون منهم كانوا نظارا ورعاة للرعية طوال عقود. وكان مقرَّرهم الدراسي فرصة ليناقشوا بالتفصيل الارشادات من كلمة اللّٰه في ما يتعلق بعملهم. وقد جرى التشديد الى حد كبير على اهمية خدمة الحقل وكيفية القيام بها بفعَّالية. وبسبب المقاييس الادبية المتغيِّرة في العالم، خُصِّص ايضا وقت ليس بقليل لمناقشة تأييد المقاييس الادبية في الكتاب المقدس. وهذا المقرَّر تبعته مؤخرا حلقات دراسية كل سنتين او ثلاث سنوات، وكذلك اجتماعات مساعدة يديرها النظار الجائلون مع الشيوخ المحليين عدة مرات كل سنة. وهذه تتيح الفرصة لمنح انتباه خصوصي للحاجات الحالية. وهي اجراء وقائي من ايّ انحراف عن مقاييس الكتاب المقدس، وتساهم في معالجة متناسقة للحالات في كل الجماعات.
يصغي شهود يهوه الى النصح الوارد في ١ كورنثوس ١:١٠: «اطلب اليكم ايها الاخوة باسم ربنا يسوع المسيح ان تقولوا جميعكم قولا واحدا ولا يكون بينكم انشقاقات بل كونوا كاملين في فكر واحد ورأي واحد.» وهذا ليس انسجاما قسريا؛ فهو ينجم عن التعليم في طرق اللّٰه كما هو مسجل في الكتاب المقدس. وشهود يهوه يبتهجون بطرق اللّٰه وقصده. واذا لم يعد ايٌّ منهم يجد المسرة في العيش بموجب مقاييس الكتاب المقدس، فهو حرّ ان يترك الهيئة. أما اذا ابتدأ احد يكرز بمعتقدات اخرى او يتجاهل آداب الكتاب المقدس فان النظار يتخذون الاجراء لحماية الرعية. والهيئة تطبق مشورة الكتاب المقدس: «لاحظوا الذين يصنعون الشقاقات والعثرات خلافا للتعليم الذي تعلمتموه وأَعرضوا عنهم.» — رومية ١٦:١٧؛ ١ كورنثوس ٥:٩-١٣.
سبق وأنبأ الكتاب المقدس بأن اللّٰه سيعمل على ايجاد مثل هذا الجو بين خدامه، جو يسود فيه البر ويُنتج ثمرا سلميا. (اشعياء ٣٢:١، ٢، ١٧، ١٨) وهذه الاحوال تروق بشدة الناس الذين يحبون ما هو صواب.
وكم شخصا من محبي البر هؤلاء سيُجمعون قبل نهاية النظام القديم؟ شهود يهوه لا يعرفون. لكنَّ يهوه يعرف ما يتطلَّبه عمله، وفي وقته الخاص وبطريقته الخاصة يتأكد ان تكون هيئته مجهَّزة للاعتناء به.
الإعداد للنمو السريع
عند القيام بالبحث تحت اشراف الهيئة الحاكمة في اعداد العمل المرجعي Aid to Bible Understanding (مساعد على فهم الكتاب المقدس)، وُجِّه الانتباه مرة اخرى الى الطريقة التي نُظِّمت بها الجماعة المسيحية للقرن الاول. فجرى القيام بدرس دقيق لتعابير الكتاب المقدس مثل «شيخ،» «ناظر،» و «خادم.» فهل يمكن للهيئة العصرية لشهود يهوه ان تتكيَّف بشكل اكمل وفق النموذج المحفوظ في الاسفار المقدسة كدليل؟
كان خدام يهوه مصمِّمين على الاستمرار في الاذعان للتوجيه الالهي. وفي سلسلة من المحافل التي عُقدت في السنة ١٩٧١ لُفت الانتباه الى الترتيبات التي سادت الجماعة المسيحية الاولى. وجرت الاشارة الى ان التعبير پرسبيتيروس (شيخ) كما هو مستعمل في الكتاب المقدس لم يكن مقتصرا على الاشخاص الاكبر سنا، ولا طُبِّق على جميع الناضجين روحيا في الجماعات. لقد استُعمِل خصوصا بمعنى رسمي في ما يتعلق بنظار الجماعات. (اعمال ١١:٣٠؛ ١ تيموثاوس ٥:١٧؛ ١ بطرس ٥:١-٣) وقد نال هؤلاء مراكزهم بالتعيين، انسجاما مع المطالب التي صارت جزءا من الاسفار الموحى بها. (اعمال ١٤:٢٣؛ ١ تيموثاوس ٣:١-٧؛ تيطس ١:٥-٩) وحيثما توافر عدد كافٍ من الرجال الاكفاء، كان هنالك اكثر من شيخ واحد في الجماعة. (اعمال ٢٠:١٧؛ فيلبي ١:١) وهؤلاء ألَّفوا «هيئة الشيوخ،» الذين كانت لجميعهم المرتبة الرسمية نفسها، ولا احد منهم كان العضو الابرز او الاقوى في الجماعة. (١ تيموثاوس ٤:١٤، عج) وجرى الايضاح انه، لمساعدة الشيوخ، كان هنالك ايضا ‹خدام مساعدون› معيَّنون، وفقا للمطالب التي عرضها الرسول بولس. — ١ تيموثاوس ٣:٨-١٠، ١٢، ١٣، عج.
وسرعان ما وُضعت الترتيبات موضع العمل لجعل الهيئة على انسجام اوثق مع نموذج الكتاب المقدس هذا. وجرت هذه ابتداء من الهيئة الحاكمة نفسها. فوُسِّعت عضويتها الى ما فوق السبعة الذين، بصفتهم اعضاء مجلس المديرين لجمعية برج المراقبة للكتاب المقدس والكراريس في پنسلڤانيا، كانوا يخدمون كهيئة حاكمة لشهود يهوه. ولم يحدَّد عدد ثابت لاعضاء الهيئة الحاكمة. ففي السنة ١٩٧١ كان هنالك ١١؛ ولعدة سنين كان هنالك ١٨؛ وفي السنة ١٩٩٢، كان هنالك ١٢. وجميعهم رجال ممسوحون من اللّٰه كوارثين مع يسوع المسيح. والـ ١٢ الذين يخدمون كأعضاء في الهيئة الحاكمة في السنة ١٩٩٢ كان لديهم في ما بينهم آنذاك سجل يزيد على ٧٢٨ سنة من الخدمة كامل الوقت كخدام ليهوه اللّٰه.
وتَقَرَّر في ٦ ايلول ١٩٧١ ان مركز العريف في اجتماعات الهيئة الحاكمة يجب تناوبه سنويا بحسب الترتيب الابجدي لاسم عائلة اعضائها. وصار ذلك فعلا ساري المفعول في ١ تشرين الاول. وأعضاء الهيئة الحاكمة ايضا، على اساس اسبوعي، تناوبوا الاشراف على العبادة الصباحية ودرس برج المراقبة لاعضاء هيئة مستخدَمي المركز الرئيسي.d وهذا الترتيب صار ساري المفعول في ١٣ ايلول ١٩٧١ عندما قاد فردريك و. فرانز برنامج العبادة الصباحية في المركز الرئيسي للجمعية في بروكلين، نيويورك.
وخلال السنة التالية، جرى الاعداد للتعديلات في الاشراف على الجماعات. فلن يكون هنالك في ما بعد مجرد خادم جماعة واحد يعاونه عدد معيَّن من الخدام الآخرين. فالرجال الاكفاء بحسب الاسفار المقدسة كانوا سيعيَّنون ليخدموا كشيوخ. والآخرون، الذين يبلغون مطالب الكتاب المقدس، كانوا سيعيَّنون ليكونوا خداما مساعدين. وهذا فتح الطريق لعدد اكبر كي يشتركوا في مسؤوليات الجماعة ويحرزوا بالتالي خبرة قيِّمة. ولا احد من شهود يهوه كانت لديه اية فكرة آنذاك بأن عدد الجماعات سيزيد ١٥٦ في المئة خلال الـ ٢١ سنة التالية، بالغا ما مجموعه ٥٥٨,٦٩ في السنة ١٩٩٢. لكنَّ رأس الجماعة، الرب يسوع المسيح، كان بشكل واضح يعدّ لما سيأتي.
وفي اوائل سبعينات الـ ١٩٠٠ مُنح تفكير دقيق لاعادة تنظيم الهيئة الحاكمة الى حد ابعد. فمنذ تأسيس جمعية برج المراقبة في السنة ١٨٨٤، كان يُعنَى بنشر المطبوعات، الاشراف على عمل التبشير العالمي النطاق، والترتيبات للمدارس والمحافل تحت توجيه مكتب رئيس جمعية برج المراقبة للكتاب المقدس والكراريس. ولكن بعد التحليل الدقيق ومناقشة التفاصيل خلال فترة من عدة اشهر، جرى تبنّي ترتيب جديد بالاجماع في ٤ كانون الاول ١٩٧٥. فتشكَّلت ست لجان في الهيئة الحاكمة.
لجنة العريف (المؤلَّفة من العريف الحالي للهيئة الحاكمة، العريف السابق، والعريف التالي) تتسلَّم التقارير عن الحالات الطارئة الرئيسية، الكوارث، وحملات الاضطهاد، وتتأكد من معالجتها بسرعة مع الهيئة الحاكمة. لجنة الكتابة تشرف على وضع الطعام الروحي بشكل مكتوب، مسموع، ومرئي لشهود يهوه وللتوزيع على العموم، وتشرف على عمل الترجمة بمئات اللغات. ومسؤولية لجنة التعليم هي الاشراف على المدارس والمحافل الدائرية، وكذلك المحافل الكورية والاممية، لشعب يهوه، فضلا عن ارشاد عائلة البتل وتحضير موجز المواد التي ستُستعمل لمثل هذه المقاصد. وتشرف لجنة الخدمة على كل مجالات عمل التبشير، بما في ذلك نشاط الجماعات والنظار الجائلين. أما الطبع، النشر، وشحن المطبوعات اضافة الى سير عمل المصانع ومعالجة الشؤون القانونية وشؤون العمل فتشرف عليها كلها لجنة النشر. و لجنة المستخدَمين تشرف على ترتيبات المساعدة الشخصية والروحية لاعضاء عائلات البتل وهي مسؤولة عن دعوة الاعضاء الجدد الى الخدمة في عائلات البتل حول العالم.
وتُعيَّن لجان مساعِدة اضافية للاشراف على المصانع، بيوت ايل، والمزارع المقترنة بالمركز الرئيسي العالمي. وفي هذه اللجان تقوم الهيئة الحاكمة باستخدام وافر لقدرات اعضاء من ‹الجمع الكثير.› — رؤيا ٧:٩، ١٥.
أُجريت ايضا تعديلات في الاشراف على فروع الجمعية. فمنذ ١ شباط ١٩٧٦ تشرف على كل فرع لجنة من ثلاثة اعضاء او اكثر، اذ يتوقف ذلك على حاجات وحجم الفرع. وهؤلاء يعملون تحت توجيه الهيئة الحاكمة في الاعتناء بعمل الملكوت في منطقتهم.
وفي السنة ١٩٩٢ زُوِّدت مساعدة اضافية للهيئة الحاكمة عندما عُيِّن عدد من المعاونين، من بين الجمع الكثير بصورة رئيسية، للاشتراك في اجتماعات وعمل لجان الكتابة، التعليم، الخدمة، النشر، والمستخدَمين.e
لقد اثبت توزيع المسؤولية هذا انه نافع جدا. ومع التعديلات التي أُجريت سابقا في الجماعات، ساعد ذلك على ازالة اية عقبة من الطريق قد تُحوِّل الافراد عن التقدير ان المسيح هو رأس الجماعة. وثبت انه من المفيد الى ابعد حد ان يتشاور عدد من الاخوة في مسائل تؤثر في عمل الملكوت. وبالاضافة الى ذلك، مكَّنت اعادة التنظيم هذه من تزويد الاشراف اللازم في المجالات العديدة حيث توجد حاجة ملحة في عصر يشهد نمو الهيئة بنسب سريعة حقا. ومنذ زمن بعيد سبق وأنبأ يهوه بواسطة النبي اشعياء: «الصغير يصير ألفا والحقير امة قوية. انا (يهوه) في وقته اسرع به.» (اشعياء ٦٠:٢٢) وهو لم يسرع به فحسب بل زوَّد ايضا التوجيه اللازم لتتمكن هيئته المنظورة من الاعتناء بذلك.
ان الاهتمام المباشر لشهود يهوه هو بالعمل الذي اعطاهم اياه يهوه للقيام به خلال هذه الايام الاخيرة للعالم القديم، وهم منظَّمون جيدا لانجازه. ويرى شهود يهوه الدليل الجلي على ان هذه الهيئة ليست لبشر بل للّٰه وأن ابن اللّٰه نفسه، يسوع المسيح، يوجِّهها. وكملك حاكم، سيحمي يسوع رعاياه الامناء عبر الضيق العظيم القادم ويتأكد انهم منظَّمون بشكل فعَّال لانجاز مشيئة اللّٰه خلال العصر الالفي المقبل.
[الحواشي]
a في السنة ١٨٩٤ رتَّب الاخ رصل ان ترسل جمعية برج مراقبة زيون للكراريس اخوة اكفاء كخطباء. وقد أُعطيت لهم شهادات موقَّعة لاستخدامها في تعريف الفرق المحلية بأنفسهم. وهذه الشهادات لم تمنح السلطة للكرازة او تدلّ ان ما يقوله حاملها يجب قبوله دون فحص لائق على ضوء كلمة اللّٰه. ولكن بما ان بعض الاشخاص اساءوا تفسير القصد منها، استردّ الاخ رصل الشهادات في غضون سنة. وسعى بحذر الى تجنُّب ايّ شيء يمكن ان يفسّره الملاحظون بأنه حتى مظهر صف رجال دين.
b برج مراقبة زيون، تشرين الاول-تشرين الثاني ١٨٨١، ص ٨، ٩ (بالانكليزية).
c احيانا كانت تجري الاشارة الى الفرق المحلية بصفتها «كنائس،» انسجاما مع اللغة المستعملة في ترجمة الملك جيمس. وكانت تُدعى ايضا اكليزياس، بحسب الاصطلاح المستعمل في النص اليوناني للكتاب المقدس. والتعبير «صفوف» استُخدم كذلك لانها كانت في الواقع هيئات من التلاميذ يجتمعون قانونيا للدرس. وفي ما بعد عندما دُعوا فِرقا، كان ذلك انعكاسا لادراكهم انهم في حرب روحية. (انظروا المزمور ٦٨:١١، مج، الحاشية.) وبعد نشر ترجمة العالم الجديد للاسفار اليونانية المسيحية في السنة ١٩٥٠، ابتدأ استعمال تعبير الكتاب المقدس العصري «جماعة» قانونيا في معظم البلدان.
d ان المعنى الحرفي للكلمة المستعملة في نص الكتاب المقدس اليوناني (خِيروتونِيو) هو «ان يمدّ، يبسط، او يرفع اليد،» وبشكل موسَّع يمكن ان تعني ايضا «ان ينتخب او يختار لمنصب برفع الايدي.» — المعجم اليوناني والانكليزي للعهد الجديد، لواضعه جون پاركهرست، ١٨٤٥، ص ٦٧٣.
e من اجل التفاصيل، انظروا الفصل ٢٥، «الكرازة جهرا ومن بيت الى بيت.»
f بواسطة مدير الخدمة، كانت تقارير خدمة الحقل لاولئك المقترنين بالجماعة، او الصف، سترسَل الى الجمعية اسبوعيا، ابتداء من السنة ١٩١٩.
g كما هو مذكور في ملف طريقة التنظيم، كان على كل جماعة ان تنتخب مديرا مساعدا وحافظا للمخزون. وهذان، الى جانب المدير المعيَّن من الجمعية، كانوا يشكلون لجنة الخدمة المحلية.
h برج المراقبة، ١ تموز ١٩٢٠، ص ١٩٥-٢٠٠ (بالانكليزية).
i شملت لجنة الخدمة في ذلك الوقت ليس اكثر من عشرة اعضاء. وكان احدهم مدير الخدمة، الذي لم يكن يُنتَخب محليا بل كانت تعيِّنه الجمعية. وكان الآخرون يعملون معه لترتيب ومواصلة عمل الشهادة.
j لعدد من السنين، من السنة ١٩٣٢ فصاعدا، جرت الاشارة الى هؤلاء باليونادابيين.
k عندما يُعرَّف الفعل اليوناني خِيروتونِيو بأنه يعني فقط ‹ينتخب بمدّ اليد،› لا يأخذ ذلك في الاعتبار المعنى اللاحق للكلمة. وهكذا فان المعجم اليوناني-الانكليزي، بواسطة ليدِل و سكوت، الذي اعدَّه للنشر جونز وماكينزي وأُعيد طبعه في السنة ١٩٦٨، يعرِّف الكلمة بأنها تعني «يمدّ اليد، بقصد اعطاء المرء صوته في الاجتماع . . . ٢- مع مفعول به، ينتخب، على نحو دقيق برفع الايدي . . . ب- لاحقا، بشكل عام، يعيِّن، . . . يعيِّن في منصب في الكنيسة، [پرسبيتيروس] اعمال الرسل ١٤:٢٣.» وهذا الاستعمال الاخير كان شائعا في ايام الرسل؛ واستُعمل الاصطلاح بهذا المعنى من قبل يوسيفوس المؤرخ اليهودي للقرن الاول في العاديات اليهودية، المجلد ٦، الفصل ٤، الفقرة ٢، والفصل ١٣، الفقرة ٩. والتركيب النحوي نفسه للاعمال ١٤:٢٣ في اليونانية الاصلية يُظهر ان بولس وبرنابا هما الشخصان اللذان فعلا ما هو موصوف هنا.
l في وقت لاحق من السنة نفسها، ١٩٣٨، اعطت ارشادات الهيئة، التي صدرت كنشرة من اربع صفحات، تفاصيل اضافية. فأوضحت ان الجماعة المحلية يجب ان تعيِّن لجنة لتعمل بالنيابة عنها. ويجب على هذه اللجنة ان تفكِّر في الاخوة على ضوء المؤهلات المبيَّنة في الاسفار المقدسة وتقدِّم التوصيات للجمعية. وعندما يزور الجماعات ممثِّلون جائلون للجمعية، كانوا يراجعون مؤهلات الاخوة المحليين وأمانتهم في الاعتناء بتعييناتهم. وكانت الجمعية تأخذ ايضا توصياتهم بعين الاعتبار عند اجرائها التعيينات.
a من السنة ١٨٩٤ الى السنة ١٩٢٧ كان الخطباء الجائلون الذين ترسلهم الجمعية معروفين اولا بممثِّلي جمعية البرج للكراريس، ثم بالخطباء الجائلين. ومن السنة ١٩٢٨ الى السنة ١٩٣٦، بتشديد متزايد على خدمة الحقل، دُعُوا مديري خدمة المناطق. وابتداء من تموز ١٩٣٦، للتشديد على علاقتهم اللائقة بالاخوة المحليين، صاروا معروفين بـ خدام المناطق. ومن السنة ١٩٣٨ الى السنة ١٩٤١ جرى تعيين خدام اقاليم للعمل مع عدد محدود من الجماعات على اساس دوري، عائدين بالتالي الى الفرق نفسها في فترات منتظمة. وبعد انقطاع لنحو سنة، جرى احياء هذه الخدمة في السنة ١٩٤٢ بخدام للاخوة. وفي السنة ١٩٤٨ جرى تبنِّي الاصطلاح خادم دائرة؛ والآن ناظر دائرة.
ومن السنة ١٩٣٨ حتى السنة ١٩٤١ قام خدام المناطق، في دور جديد، بخدمة المحافل المحلية قانونيا، حيث كان الشهود من منطقة (اقليم) محدودة يجتمعون من اجل برنامج خصوصي. وعندما جرى احياء هذا العمل في السنة ١٩٤٦، صار هؤلاء النظار الجائلون معروفين بخدام كور؛ والآن، نظار كور.
b صار هذا الترتيب نافذ المفعول في ١ تشرين الاول ١٩٣٨. وكانت هنالك صعوبة متزايدة في الترتيب للمحافل خلال سنوات الحرب، ولذلك عُلِّقت المحافل الاقليمية في اواخر السنة ١٩٤١. ولكن مرة اخرى، في السنة ١٩٤٦، جرى تجديد الترتيب، والمناسبات التي كان يجتمع فيها عدد من الجماعات معا من اجل الارشاد الخصوصي دُعيت محافل دائرية.
c توجد مواد هذه الخطابات في عددي ١٥ تشرين الاول و ١ تشرين الثاني ١٩٤٤ (بالانكليزية) من برج المراقبة.
d في وقت لاحق، اختاروا اعضاء آخرين من عائلة البتل للاشتراك في الاعتناء بهذه التعيينات.
[النبذة في الصفحة ٢٠٤]
لا مكان لصف رجال دين بينهم
[النبذة في الصفحة ٢٠٥]
لم يحاولوا تأسيس «هيئة ارضية»
[النبذة في الصفحة ٢٠٦]
كيف كان يجري اختيار الشيوخ؟
[النبذة في الصفحة ٢١٢]
مدير تعيِّنه الجمعية
[النبذة في الصفحة ٢١٣]
بعض الشيوخ لم يريدوا ان يكرزوا خارج الجماعة
[النبذة في الصفحة ٢١٤]
نقص في عدد المقترنين بالجماعة ولكن تقوية للهيئة
[النبذة في الصفحة ٢١٨]
كيف كانت ستُجرَى التعيينات؟
[النبذة في الصفحة ٢٢٠]
هل كان رذرفورد يحاول ان يكسب سيطرة اعظم؟
[النبذة في الصفحة ٢٢٢]
البقاء على اتصال بالفرق المؤلَّفة من شخصين وثلاثة اشخاص وكذلك الفرق الاكبر
[النبذة في الصفحة ٢٢٣]
مسؤوليات جديدة للنظار الجائلين
[النبذة في الصفحة ٢٣٤]
هيئة حاكمة موسَّعة مع تناوب مركز العريف
[النبذة في الصفحة ٢٣٥]
الاشراف اللازم خلال عصر النمو السريع
[الاطار في الصفحة ٢٠٧]
لماذا التغيير؟
عندما سُئل عن تغيير رأيه في اختيار الشيوخ في مختلف فرق شعب الرب اجاب ت. ت. رصل:
«اولا ابادر الى التأكيد لكم انني لم ادَّعِ قط العصمة من الخطإ. . . . ونحن لا ننكر النمو في المعرفة، وأننا نرى الآن في ضوء مختلف قليلا مشيئة الرب في ما يختص بالشيوخ او القادة في مختلف فرق شعبه الصغيرة. وغلطتنا في الرأي كانت في توقع الكثير جدا من الاخوة الاعزاء الذين، اذ اتوا باكرا الى الحق، صاروا القادة الطبيعيين لهذه الفرق الصغيرة. وكانت النظرة المثالية اليهم التي اتخذناها باعزاز هي ان معرفة الحق ستؤثر فيهم تأثيرا يتسم بالتواضع الشديد، جاعلة اياهم يقدِّرون عدم اهميتهم، وأن كل ما يعرفونه ويتمكنون من عرضه للآخرين كان بوصفهم ناطقين بلسان اللّٰه ولأنه يستخدمهم. وكانت آمالنا المثالية ان يصير هؤلاء امثلة للرعية بكل معنى الكلمة؛ وأنه في حال جلبت عناية الرب الى الفرقة الصغيرة واحدا او اكثر من الاخوة ذوي الكفاءة المساوية، او الاكثر كفاءة، لعرض الحق، ان تقودهم روح المحبة الى اعتبار احدهم الآخر، وبالتالي مساعدة وحثّ احدهم الآخر على الاشتراك في خدمة الكنيسة، جسد المسيح.
«واذ كنا نفكِّر هكذا، استنتجنا ان النصيب الاكبر من النعمة والحق الذي حان وقته الآن والذي يقدِّره شعب الرب المكرَّس كان سيجعله غير ضروري ان يتَّبعوا المسلك الذي رسمه الرسل في الكنيسة الباكرة. وغلطنا كان في الفشل في الادراك ان الترتيبات التي ذكرها الرسل تحت الاشراف الالهي هي اسمى من ايّ شيء يمكن ان يستنبطه الآخرون، وأن الكنيسة ككل ستحتاج الى حيازة القوانين التي اسسها الرسل، الى الوقت الذي فيه، بتغيُّرنا في القيامة، سنتمَّم ونكمَّل ونكون مباشرة مع السيد.
«وغلطنا اتضح لنا تدريجيا، اذ رأينا بين اخوتنا الاعزاء روح التنافس الى حد ما، ومن جهة الكثيرين رغبة في تولِّي قيادة الاجتماعات كمنصب عوضا عن خدمة، وفي استثناء واعاقة الاخوة الآخرين عن النمو كقادة، الاخوة ذوي المقدرة المساوية طبيعيا والمعرفة المساوية للحق والكفاءة في استخدام سيف الروح بمهارة.» — «برج مراقبة زيون،» ١٥ آذار ١٩٠٦، ص ٩٠ (بالانكليزية).
[الاطار/الصور في الصفحتين ٢٠٨ و ٢٠٩]
التسهيلات التي استخدمتها الجمعية قبل قرن في منطقة پيتسبورڠ
بيت الكتاب المقدس، الظاهر هنا، خدم بصفته المركز الرئيسي طوال ١٩ سنة، من السنة ١٨٩٠ الى السنة ١٩٠٩ f
الاخ رصل كان يقوم بدرسه هنا
اعضاء عائلة بيت الكتاب المقدس الذين خدموا هنا في السنة ١٩٠٢
شمل المبنى هذا القسم لتنضيد الحروف المطبعية والاخراج الفني (اعلى اليمين)، قسم الشحن (اسفل اليمين)، مخزن المطبوعات، مساكن للمستخدَمين، ومكانا للعبادة (قاعة اجتماع) يتسع لنحو ٣٠٠
[الحاشية]
f في السنة ١٨٧٩ كان المركز الرئيسي في ١٠١ الجادة الخامسة، پيتسبورڠ، پنسلڤانيا. ونُقلت المكاتب الى ٤٤ شارع فيديرال، ألليڠيني (الجهة الشمالية من پيتسبورڠ)، في السنة ١٨٨٤؛ ولاحقا في السنة نفسها، الى ٤٠ شارع فيديرال. (في السنة ١٨٨٧، سُمِّي هذا ١٥١ شارع روبنسون.) وعندما لزمت فسحة اضافية، في السنة ١٨٨٩، بنى الاخ رصل بيت الكتاب المقدس، الظاهر الى اليسار، في ٥٦-٦٠ شارع آرْك، ألليڠيني. (أُعيد ترقيم هذا لاحقا ٦١٠-٦١٤ شارع آرْك.) ولفترة قصيرة في السنة ١٩١٨-١٩١٩، كان مكتبهم الرئيسي مرة اخرى في پيتسبورڠ، في الطابق الثالث في ١١٩ شارع فيديرال.
[الاطار في الصفحة ٢١١]
عمل مَن هو؟
نحو نهاية خدمته الارضية، كتب تشارلز تاز رصل: «كثيرا ما ينسى شعب اللّٰه ان الرب نفسه هو على رأس عمله. وكثيرا ما تكون الفكرة، سنقوم بعمل ونجعل اللّٰه يعمل معنا في عملنا. دعونا نرى وجهة النظر الصائبة من المسألة، ونفهم ان اللّٰه قصد عملا عظيما وهو ينجزه؛ وأن العمل سينجح، بصرف النظر كليا عنا وعن جهودنا؛ وأنه امتياز عظيم ممنوح لشعب اللّٰه ان يعملوا مع صانعهم في انجاز مقاصده، تصاميمه، ترتيباته، بطريقته. واذ ننظر الى الامور من وجهة النظر هذه، يجب ان تكون صلاتنا ومراقبتنا بهدف معرفة وفعل مشيئة الرب، مكتفين بأيّ دور يُعطَى لنا لاتمامه، لأن الهنا هو الذي يقودنا. وهذا هو البرنامج الذي سعت الى اتِّباعه جمعية برج المراقبة للكتاب المقدس والكراريس.» — «برج المراقبة،» ١ ايار ١٩١٥ (بالانكليزية).
[الاطار/الصورة في الصفحة ٢١٥]
اسئلة V.D.M.
ان الاحرف .V.D.M تمثِّل الكلمات اللاتينية “، Verbi Dei Minister” او خادم الكلمة الالهية.
في السنة ١٩١٦ اعدَّت الجمعية قائمة بأسئلة حول مسائل من الاسفار المقدسة. وطُلب من اولئك الذين كانوا سيمثِّلون الجمعية كخطباء ان يجيبوا عن كلٍّ من الاسئلة كتابيا. وهذا مكَّن الجمعية من معرفة افكار، آراء، وفهم هؤلاء الاخوة في ما يختص بحقائق الكتاب المقدس الاساسية. وكانت هيئة فاحصة في مكاتب الجمعية تفحص بدقة الاجوبة المكتوبة. والذين يُعتَرف بهم كخطباء اكفاء كان يجب ان ينالوا علامة ٨٥ في المئة او اكثر.
وفي ما بعد سأل كثيرون من الشيوخ، الشمامسة، وتلاميذ الكتاب المقدس الآخرين عما اذا كان بامكانهم الحصول على قائمة الاسئلة. وفي حينه، ذُكر انه من المفيد ان تختار الصفوف كممثِّلين لها الاشخاص الذين تأهلوا فقط بصفتهم V.D.M.
وعندما كانت الجمعية تمنح درجة خادم الكلمة الالهية، لم يكن ذلك يعني ان الفرد قد عُيِّن. فكان ذلك يدلّ ان الهيئة الفاحصة في مكاتب الجمعية قد راجعت التطوُّر العقائدي للشخص، والى حد معقول سمعته، واستنتجت انه اهل لأن يُدعى خادم الكلمة الالهية.
اسئلة الـ V.D.M هي كما يلي:
(١) ماذا كان عمل اللّٰه الخلقي الاول؟
(٢) ما هو معنى الكلمة «لوغوس،» كما تقترن بابن اللّٰه؟ وإلى ماذا تشير الكلمتان الآب والابن؟
(٣) متى وكيف دخلت الخطية الى العالم؟
(٤) ما هو العقاب الالهي للخطاة على الخطية؟ ومَن هم الخطاة؟
(٥) لماذا كان ضروريا ان يصير «لوغوس» جسدا؟ وهل «تجسَّد»؟
(٦) من اية طبيعة كان الانسان المسيح يسوع من الطفولية الى الموت؟
(٧) من اية طبيعة هو يسوع منذ القيامة؛ وما هي علاقته الرسمية بيهوه؟
(٨) ما هو عمل يسوع خلال عصر الانجيل هذا — خلال الفترة الممتدة من يوم الخمسين حتى الوقت الحاضر؟
(٩) ماذا فعل يهوه اللّٰه حتى الآن لعالم الجنس البشري؟ وماذا فعل يسوع؟
(١٠) ما هو القصد الالهي في ما يتعلق بالكنيسة عند اتمامه؟
(١١) ما هو القصد الالهي في ما يتعلق بعالم الجنس البشري؟
(١٢) ماذا سيكون مصير الذين لا سبيل الى تقويمهم اخيرا؟
(١٣) ماذا ستكون المكافأة او البركات التي ستأتي الى عالم الجنس البشري بسبب الطاعة لملكوت المسيَّا؟
(١٤) بأية خطوات يمكن للخاطئ ان يأتي الى علاقة حيوية بالمسيح وبالآب السماوي؟
(١٥) بعد ان يولَد المسيحي من الروح القدس، ما هو مسلكه، حسب الارشاد في كلمة اللّٰه؟
(١٦) هل تحوَّلتَ عن الخطية لتخدم الاله الحي؟
(١٧) هل كرَّستَ كاملا حياتك وكل قواك ومواهبك للرب ولخدمته؟
(١٨) هل رمزتَ الى هذا التكريس بالتغطيس في الماء؟
(١٩) هل تبنَّيتَ نذر جمعية تلاميذ الكتاب المقدس من جميع الامم في ما يختص بقداسة الحياة؟
(٢٠) هل قرأتَ بشكل شامل ودقيق المجلدات الستة من دروس في الاسفار المقدسة؟
(٢١) هل استمددتَ الكثير من الاستنارة والفائدة منها؟
(٢٢) هل تعتقد انك تملك معرفة جوهرية ودائمة من الكتاب المقدس ستجعلك اكثر فعَّالية كخادم للرب طيلة ما تبقَّى من حياتك؟
[الاطار/الصور في الصفحتين ٢١٦ و ٢١٧]
المباني التي استُخدمت خلال الايام الباكرة في بروكلين
«بيت ايل»
١٢٢-١٢٤ كولومبيا هايتس
حجرة الطعام في «بيت ايل»
المسكن
المكاتب، مخزن المطبوعات، قسم البريد، معدات تنضيد الحروف، وقاعة اجتماع ذات ٨٠٠ مقعد كانت تقع هنا، في ١٧ شارع هيكس (استُخدم من السنة ١٩٠٩ الى السنة ١٩١٨)
قاعة الاجتماع
المصانع الباكرة
اعضاء عائلة البتل الذين كانوا يعملون في مصنع جادة ميرتل في السنة ١٩٢٠ (الى اليمين)
٣٥ جادة ميرتل (١٩٢٠-١٩٢٢)
١٨ شارع كونكورد (١٩٢٢-١٩٢٧)
١١٧ شارع آدمز (١٩٢٧- )
[الاطار/الصور في الصفحتين ٢٢٤ و ٢٢٥]
النظار الجائلون البعض من آلاف الذين خدموا
كندا، ١٩٠٥-١٩٣٣
انكلترا، ١٩٢٠-١٩٣٢
فنلندا، ١٩٢١-١٩٢٦، ١٩٤٧-١٩٧٠
الولايات المتحدة، ١٩٠٧-١٩١٥
السفر ما بين الجماعات —
ڠرينلندا
ڤنزويلا
ليسوتو
المكسيك
پيرو
سيراليون
اماكن نوم متنقلة في ناميبيا
الاشتراك مع الشهود المحليين في خدمة الحقل في اليابان
الاجتماع مع الشيوخ المحليين في المانيا
تزويد المشورة العملية للفاتحين في هاوايي
ارشاد جماعة في فرنسا
[الاطار/الصورة في الصفحة ٢٢٨]
المؤسسات الشرعية الباكرة
جمعية برج مراقبة زيون للكراريس. تشكَّلت اولا في السنة ١٨٨١ ثم تأسَّست شرعيا في ولاية پنسلڤانيا في ١٥ كانون الاول ١٨٨٤. وفي السنة ١٨٩٦ تغيَّر اسمها الى جمعية برج المراقبة للكتاب المقدس والكراريس. ومنذ السنة ١٩٥٥ صارت معروفة باسم جمعية برج المراقبة للكتاب المقدس والكراريس في پنسلڤانيا.
جمعية منبر الشعوب. تشكَّلت في السنة ١٩٠٩ مع نقل الجمعية لمكاتبها الرئيسية الى بروكلين، نيويورك. وفي السنة ١٩٣٩ تغيَّر الاسم الى جمعية برج المراقبة للكتاب المقدس والكراريس. ومنذ السنة ١٩٥٦ صارت معروفة باسم جمعية برج المراقبة للكتاب المقدس والكراريس في نيويورك.
جمعية تلاميذ الكتاب المقدس من جميع الامم. تأسَّست في لندن، انكلترا، في ٣٠ حزيران ١٩١٤.
لكي يبلغوا المطالب الشرعية شكَّل شهود يهوه مؤسسات اخرى في مجتمعات وبلدان عديدة. لكنَّ شهود يهوه ليسوا منقسمين الى هيئات قومية او محلية. انهم اخوَّة متحدة عالمية النطاق.
[الاطار في الصفحة ٢٣٤]
‹كالمجتمع المسيحي الباكر›
قالت المطبوعة الدينية «التفسير» في تموز ١٩٥٦: «في هيئتهم وعمل شهادتهم، يقاربون [شهود يهوه] كفريق المجتمع المسيحي الباكر. . . . والقليل من الفرق الاخرى يستخدمون بشكل واسع الاسفار المقدسة في رسائلهم، الشفهية والخطية على السواء، كما يفعلون هم.»
[الصورة في الصفحة ٢١٠]
لتزويد اشراف أدقّ، أُسِّست مكاتب فروع. كان الاول في لندن، انكلترا، في هذا المبنى
[الصورة في الصفحة ٢٢١]
ج. ف. رذرفورد في السنة ١٩٤١. عرف الشهود انه لم يكن قائدهم
[الصورة في الصفحة ٢٢٦]
جون بوث، ناظر جائل في الولايات المتحدة الاميركية من السنة ١٩٣٦ الى السنة ١٩٤١
[الصورة في الصفحة ٢٢٧]
كاري باربر الذي شملت كورته جزءا كبيرا من الولايات المتحدة
[الصورة في الصفحة ٢٢٩]
كان الاخ نور يزور قانونيا كل فرع وبيت ارسالي
[الصورة في الصفحة ٢٣٠]
النظار الرئيسيون لفروع الجمعية جُمعوا معا من اجل تدريب خصوصي (نيويورك، ١٩٥٨)
[الصورتان في الصفحة ٢٣١]
زوَّدت مدرسة خدمة الملكوت الارشاد القيِّم للنظار حول الكرة الارضية
مدرسة خدمة الملكوت في مخيم للاجئين في تايلند، السنة ١٩٧٨؛ في الفيليپين، السنة ١٩٦٦ (اعلى اليسار)
[الصور في الصفحة ٢٣٣]
ارشادات الهيئة كانت تصدر تدريجيا (اولا بالانكليزية، ثم بلغات اخرى) لتنسيق نشاط الشهود وإعلام الجميع بالتدابير المصنوعة لمساعدتهم في خدمتهم