الفصل ١٠
هل يمكن ان يكون تضليلا بارعا؟
١، ٢ (أ) ماذا حدث على مرّ القرون؟ (ب) ماذا يعتقد بعض الناس انه المسؤول عن مثل هذه الحوادث؟
على مرّ القرون رأى البشر اغرب الحوادث. فقد شوهدت صخور، كؤوس ماء وما شابه ذلك تطير في الهواء كما لو ان ايادي خفية تحركها. وسُمعت اصوات، طَرَقات وضجَّات اخرى على الرغم من انه لم يكن هنالك مصدر او سبب ظاهر لها. وظهرت اشكال غير واضحة المعالم واختفت بعد ذلك بسرعة. وأحيانا جرت الشهادة بصحة حوادث كهذه جيدا بحيث لا يوجد مجال للشك.
٢ يعتبر كثيرون من الناس ظواهر من هذا النوع دليلا على ان الموت لا ينهي الوجود الواعي. ويعتقد البعض ان الارواح الراحلة تحاول بطريقة ما ان تلفت انتباه الأحياء وتتصل بهم.
٣-٦ (أ) اية اسئلة يمكن طرحها نظرا الى ما يقال عن الأموات في الجامعة ٩:٥؟ (ب) ماذا يمكِّننا الكتاب المقدس من فعله؟
٣ ولكن قد يسأل المرء: اذا كان هؤلاء حقا احبَّاء راحلين يحاولون الاتصال بالأحياء، فلماذا تخيف ظواهرهم المشاهدين عموما؟ ماذا هنالك حقا وراء امور كهذه؟
٤ يُظهر الكتاب المقدس بوضوح ان الموت ينهي كل وجود واعٍ. (جامعة ٩:٥) اذًا، لا بد ان تكون هنالك قوى اخرى مسؤولة عن الأمور التي كثيرا ما تُنسب الى ارواح الأموات. فماذا يمكن ان تكون هذه القوى؟ هل يمكن ان تكون ذكية؟ وإذا كان الأمر كذلك، فهل يمكن ان تكون مذنبة باقتراف تضليل بارع للجنس البشري؟
٥ بالتأكيد نحن لا نريد ان يجري تضليلنا. فتضليلنا يعني خسارة لنا، وقد ينتهي بنا ايضا الى خطر جسيم. ولذلك لدينا سبب وجيه لفحص الدليل المتوافر، مفكِّرين فيه، لنتأكَّد اننا لم نقع ضحية تضليل بارع. ويجب ان نكون على استعداد للرجوع قدر المستطاع في التاريخ البشري في محاولة للوصول الى حقيقة المسألة.
٦ يمكِّننا الكتاب المقدس من فعل ذلك. فهو يعود بنا الى الوقت الذي اتى فيه الزوجان البشريان الأولان الى الوجود. ففي الاصحاح الثالث من سفر التكوين يسرد الكتاب المقدس محادثة قد تبدو لكثيرين اليوم غير قابلة للتصديق. ومع ذلك فهي ليست حكاية خيالية. وهذه المحادثة تزوِّد المفتاح لما اذا كان مضلِّل بارع يعمل في الشؤون البشرية.
بداية التضليل
٧، ٨ (أ) بحسب الكتاب المقدس، متى ابتدأ التضليل؟ (ب) ماذا يُظهر ان الرسالة التي جرى تسلُّمها بواسطة الحية لم تكن الحقيقة؟
٧ في احد الأيام، فيما لم تكن في صحبة زوجها، سمعت المرأة الاولى، حواء، صوتا. وكما بدا الامر، كان صوتَ حية. وفي ما يتعلق بالمحادثة يخبر الكتاب المقدس:
«وكانت الحية احيل جميع حيوانات البرية التي عملها الرب الاله. فقالت للمرأة أحقًّا قال اللّٰه لا تأكلا من كل شجر الجنة. فقالت المرأة للحية من ثمر شجر الجنة نأكل. وأما ثمر الشجرة التي في وسط الجنة فقال اللّٰه لا تأكلا منه ولا تمسَّاه لئلا تموتا. فقالت الحية للمرأة لن تموتا. بل اللّٰه عالم أنه يوم تأكلان منه تنفتح اعينكما وتكونان كاللّٰه عارفَين الخير والشر. فرأت المرأة ان الشجرة جيدة للأكل وأنها بهجة للعيون وأن الشجرة شهية للنظر.» — تكوين ٣:١-٦.
٨ ان الرسالة التي نقلتها الحية كانت كذبة. وهذه الكذبة كانت اول كذبة مسجَّلة. ووفقا لذلك، لا بد ان يكون مصدرها منشئ او أبا الأكاذيب. وبما ان الكذبة ادت الى عواقب مميتة، فقد كان الكذَّاب قاتلا ايضا. ومن الواضح ان هذا الكذَّاب لم يكن الحية الحرفية، المخلوق الذي لم يوهَب القدرة على الكلام. ولكن كان هنالك بالتاكيد شخص وراء الحية، شخص جعل، بما يمكن ان يدعى التكلُّم البطني، الأمر يظهر وكأن الحية تتكلَّم. ولا يجب ان يبدو ذلك غريبا جدا لنا في هذا القرن العشرين حيث يمكن جعل المخروط في مجهار الراديو او التلفزيون يتذبذب بحيث يعيد انتاج الصوت البشري. ولكن مَن كان المتكلِّم وراء الحية؟
مضلِّل غير منظور
٩ (أ) مَن كان المتكلِّم وراء الحية؟ (ب) كيف نعرف ذلك؟
٩ يحدِّد هويته يسوع المسيح، الذي اتى هو نفسه من السموات وكان يعرف ما جرى في الحيِّز غير المنظور. (يوحنا ٣:١٣؛ ٨:٥٨) فعندما كان بعض القادة الدينيين يسعون الى قتله، قال لهم يسوع: «انتم من أب هو ابليس وشهوات أبيكم تريدون ان تعملوا. ذاك كان قتَّالا للناس من البدء ولم يثبت في الحق لأنه ليس فيه حق. متى تكلَّم بالكذب فإنما يتكلَّم مما له لأنه كذَّاب وأبو (الكذب).» — يوحنا ٨:٤٤.
١٠-١٢ (أ) كيف اتى ابليس الى الوجود؟ (ب) لماذا يدعى «ابليسا» و «شيطانا»؟
١٠ وبما ان ابليس كذَّاب وقتَّال، فمن الواضح انه شخص يملك ذكاء. وهذا ينشئ السؤال، كيف اتى الى الوجود؟
١١ يكشف الكتاب المقدس انه حتى قبل ان توجد الأرض، كان اشخاص روحانيون غير منظورين يتمتعون بالحياة. وأيوب ٣٨:٧ تقول عن هؤلاء الأشخاص الروحانيين، «بني اللّٰه،» انهم ‹هتفوا› عندما خُلقت الأرض. وبصفتهم «بني اللّٰه،» نالوا حياتهم منه. — مزمور ٩٠:٢.
١٢ لهذا السبب لا بد ان يكون الشخص الذي ضلَّل حواء بواسطة الحية احد هؤلاء الأبناء الروحانيين، احد مخلوقات اللّٰه الذكية. وإذ ناقض تحذير اللّٰه بشأن شجرة معرفة الخير والشر، افترى هذا الشخص على خالقه، جاعلا اللّٰه يبدو وكأنه كذَّاب. ولذلك يُدعى على نحو صائب «ابليسا،» وهذه الكلمة تقابل اللفظة اليونانية ديابولوس، التي تعني «متَّهِما كاذبا، مشوِّها للحقائق، مفتريا.» وبمسلكه جعل هذا المخلوق نفسَه مقاوما للّٰه، وبالتالي شيطانا (في العبرانية، سَطَن؛ في اليونانية، ساتاناس)، الذي يعني «مقاوما.»
١٣ لماذا لا يمكن اعتبار اللّٰه مسؤولا عما فعله هذا المخلوق؟
١٣ لا يمكن لوم يهوه اللّٰه على ما فعله هذا المخلوق. يقول الكتاب المقدس عن اللّٰه انه «الكامل صنيعه،» و «ان جميع سبله عدل. اله امانة لا جور فيه صدِّيق وعادل هو.» (تثنية ٣٢:٤) لقد خلق ابناءه الاذكياء، الروحانيين والبشر، بمقدرة الارادة الحرة. فلم يجبرهم على خدمته، بل اراد ان يفعلوا ذلك طوعا، بدافع المحبة. ووهبهم المقدرة على تطوير المحبة له اكثر فأكثر بصفته الههم وأباهم.
١٤ اعمال مَن كانت مشابهة لأعمال تلك الروح الشريرة؟
١٤ لكنَّ المخلوق الروحاني الذي جعل نفسه مقاوما للّٰه ومفتريا عليه لم يختر ان يكمِّل محبته لخالقه. فقد سمح للطموحات الأنانية بالتأصل في قلبه. (قارنوا ١ تيموثاوس ٣:٦.) وينعكس ذلك في سلوك «ملك صور» الذي قيلت فيه مرثاة في نبوة حزقيال. وفي المرثاة يقال لملك صور الذي صار خائنا لمملكة اسرائيل:
«انت خاتم الكمال ملآن حكمة وكامل الجمال. كنت في عدن جنة اللّٰه. . . . انت الكروب المنبسط المظلل وأقمتك. على جبل اللّٰه المقدس كنت. بين حجارة النار تمشيت. انت كامل في طرقك من يوم خُلقت حتى وُجد فيك اثم. . . . قد ارتفع قلبك لبهجتك. افسدت حكمتك لأجل بهائك.» — حزقيال ٢٨:١٢-١٧.
١٥ ماذا جعل ذلك المخلوق الروحاني يتصرف كما فعل؟
١٥ ان ابن اللّٰه الروحاني المتمرِّد، المشابه لِـ «ملك صور» الخائن، اعتبر نفسه ارفع مما ينبغي. وجعلته الكبرياء يرغب في السيطرة على الجنس البشري، فسعى الى تحقيق غاياته عن طريق التضليل. وحتى هذا اليوم لا تزال غالبية الجنس البشري ضحايا هذا التضليل. وبرفضهم فعل مشيئة اللّٰه كما هي معلنة في كلمته، الكتاب المقدس، يصطفون في الواقع الى جانب الشيطان. وبذلك يقبلون الكذبة نفسها التي قبلتها حواء، اي ان اختيار العمل بخلاف مشيئة اللّٰه يمكن ان يجلب ربحا حقيقيا.
١٦ اولئك الذين يحاولون التكلُّم مع الأموات يجعلون انفسهم الى جانب مَن؟
١٦ وبما ان كلمة اللّٰه تدين الاتصال بالأموات، فإن اولئك الذين يحاولون التكلُّم مع الأموات يجعلون انفسهم الى جانب الشيطان. وفيما يظنون انهم يتكلَّمون مع الأموات، يصيرون ضحايا خدعة. وكما جعل الشيطان الأمر يظهر لحواء وكأن حية تتكلَّم، كذلك يستطيع بالسهولة نفسها ان يجعل الأمر يظهر وكأن الأموات يتكلَّمون عبر الوسطاء. فهل يعني ذلك ان الشيطان مسؤول مباشرة عن كل الظواهر الغريبة التي تُنسب غالبا الى ارواح الأموات؟ أم ان آخرين مشمولون ايضا؟
مضلِّلون آخرون غير منظورين
١٧ ماذا يُظهر ان آخرين بالاضافة الى الشيطان مسؤولون عن كل الظواهر الغريبة التي تُنسب غالبا الى ارواح الأموات؟
١٧ يكشف الكتاب المقدس ان الشيطان ليس المخلوق الروحاني المتمرِّد الوحيد. فالرؤيا ١٢:٣، ٤، ٩ تُظهر ان هنالك آخرين. وفي هذا المقطع من الأسفار المقدسة يُصوَّر الشيطان ابليس رمزيا بأنه «تنين عظيم احمر» له «ذنب . . . يجرُّ ثلث نجوم السماء.» نعم، كان الشيطان قادرا على استعمال تأثيره، كذنب، لجعل «نجوم،» ابناء روحانيين للّٰه، آخرين ينضمون اليه في مسلك التمرُّد. (قارنوا ايوب ٣٨:٧، حيث يدعى ابناء اللّٰه الروحانيون «كواكب الصبح.») وحدث ذلك قبل الطوفان العالمي في ايام نوح. فملائكة عديدون، بخلاف قصد اللّٰه، «تركوا مسكنهم» في السموات، اتخذوا اجسادا بشرية، عاشوا كأزواج مع النساء وأنجبوا نسلا هجينا معروفا بالطغاة (النفاليم). وعن ذلك يجري اخبارنا:
«وحدث لما ابتدأ الناس يكثرون على الأرض ووُلد لهم بنات أن ابناء اللّٰه رأوا بنات الناس أنهنَّ حسنات. فاتخذوا لأنفسهم نساء من كل ما اختاروا. . . . كان في الأرض طغاة في تلك الأيام. وبعد ذلك ايضا اذ دخل بنو اللّٰه على بنات الناس وولدن لهم اولادا. هؤلاء هم الجبابرة الذين منذ الدهر ذوو اسم.» — تكوين ٦:١-٤.
١٨ ماذا حدث لأبناء اللّٰه هؤلاء اثناء وبعد الطوفان في ايام نوح؟
١٨ وفي اثناء الطوفان خسر ابناء اللّٰه هؤلاء زوجاتهم ونسلهم الهجين. واضطروا الى التخلي عن اجسادهم المادية. وفي ما يتعلق بما حدث لهم بعد ذلك يخبر الكتاب المقدس: «اللّٰه لم يشفق على ملائكة قد اخطأوا بل في سلاسل الظلام طرحهم في (ترتاروس) وسلَّمهم (الى هُوَى القَتام) محروسين للقضاء.» (٢ بطرس ٢:٤) وفي يهوذا ٦ يضيف: «الملائكة الذين لم يحفظوا رياستهم بل تركوا مسكنهم حفظهم الى دينونة اليوم العظيم بقيود ابدية تحت الظلام.»
١٩، ٢٠ كيف نعرف ان التعبيرين «(هُوَى القَتام)» و ‹القيود الأبدية› لا يشيران الى سجن حرفي؟
١٩ وبما ان هذه الأوصاف تتعلق بمخلوقات روحانية، فمن الواضح ان «(هُوَى القَتام)» و ‹القيود الأبدية› ليست حرفية. فهذان التعبيران ينقلان الينا صورة ردع، حالة انحطاط بمعزل عن كل استنارة الهية.
٢٠ لا يوجد اساس من الأسفار المقدسة للاستنتاج ان هؤلاء الملائكة العصاة هم في مكان شبيه بترتاروس الأسطورية في إلياذة هوميروس، اي في السجن الادنى الذي قيل ان كْرونوس وأرواح التيتان الأخرى محبوسة فيه. فالرسول بطرس لم يؤمن بأية آلهة اسطورية كهذه. لذلك لا يوجد سبب للاستنتاج ان استعماله للتعبير اليوناني ‹الطرح في ترتاروس› يلمِّح بطريقة ما الى وجود المكان الأسطوري الذي اشار اليه هوميروس قبل نحو تسعة قرون. وفي الواقع، ان التعبير ‹الطرح في ترتاروس› في اليونانية هو كلمة واحدة فقط، فعل، تارتاروو. ويُستعمل ايضا ليعني الحطّ الى ادنى درجة.
٢١، ٢٢ (أ) ماذا تعني الكلمة الانكليزية «debase» (حطَّ)، وكيف يساعدنا ذلك على فهم الكلمة اليونانية «ترتاروس»؟ (ب) الردع الذي صار تحته هؤلاء الملائكة جعل من غير الممكن ان يفعلوا ماذا؟
٢١ للايضاح، ان الكلمة الانكليزية «debase» (حطَّ) تحتوي على الاسم «base» (قاعدة). ومع ذلك لا يعني استعمالنا للكلمة ان قاعدة حرفية في موقع جغرافي هي مشمولة بعمل الحطّ. وعلى نحو مماثل، فإن الفعل اليوناني المنقول الى ‹الطرح في ترتاروس› لا يجب الاعتبار انه يقترح وجود مكان فعلي، بل انه يقترح حالة.
٢٢ وفي ١ بطرس ٣:١٩، ٢٠ تجري الاشارة الى المخلوقات الروحانية المنحطة بأنها «الأرواح التي في السجن اذ عصت قديما حين كانت اناة اللّٰه تنتظر مرة في ايام نوح اذ كان الفلك يبنى.» وهكذا يوضح الكتاب المقدس انه بعد الطوفان صار ‹الملائكة الذين اخطأوا› تحت شكل من الردع. ولا يوجد دليل من الكتاب المقدس على انهم كانوا قادرين على التجسُّد واستئناف نشاط منظور على الأرض بعد الطوفان. ولذلك من المنطقي القول ان الردع الذي صاروا تحته جعل من غير الممكن ان يتخذوا جسدا من جديد.
احترسوا من التأثير الابليسي
٢٣ اية رغبة لا تزال لدى الملائكة العصاة؟
٢٣ ولكن يجب الملاحظة ان الملائكة العصاة، الذين صاروا الآن معروفين بالأبالسة، كانت لديهم رغبة قوية في معاشرة البشر معاشرة لصيقة. وكانوا على استعداد لترك مركزهم السماوي من اجل متعة العيش كأزواج مع النساء. ويُظهر الدليل من الأسفار المقدسة انهم، على الرغم من ردعهم عن مثل هذا الاتصال الجسدي الآن، لم يغيِّروا رغباتهم. وهم يسعون وراء كل وسيلة متاحة لهم ليكونوا على اتصال بالبشر ويسيطروا عليهم ايضا. وقد اشار يسوع المسيح الى ذلك، مستخدما لغة مجازية بقوله:
«اذا خرج الروح النجس من الانسان يجتاز في اماكن ليس فيها ماء يطلب راحة ولا يجد. ثم يقول ارجع الى بيتي الذي خرجت منه. فيأتي ويجده فارغا مكنوسا مزيَّنا. ثم يذهب ويأخذ معه سبعة ارواح أُخر اشرَّ منه فتدخل وتسكن هناك. فتصير اواخر ذلك الانسان اشرَّ من اوائله.» — متى ١٢:٤٣-٤٥.
٢٤ كيف يذعن بعض الأشخاص للتأثير الابليسي؟
٢٤ من الحيوي اذًا ان يحترس المرء لئلا يذعن للتأثير الابليسي. فقد يكون غير متيقن تماما بشأن نفسه ومستقبله. وقد يريد بيأس تأكيدا ان الأمور ستسير معه سيرا حسنا. او قد يجد افتتانا معيَّنا في الظواهر الغامضة والمخيفة للممارسات السحرية. وقد يسمع عن شخص يُقال انه يستطيع التنبؤ بدقة عن المستقبل. او قد يعلم بالوسائل المتنوِّعة للعرافة المستعملة — لوحات ويجا، ESP (الادراك خارج نطاق الحس)، اشكال اوراق الشاي في الفناجين، هيئات الزيت على الماء، عصيّ العرافة، الرقّاصات، موقع وحركة النجوم والكواكب (التنجيم)، عواء الكلاب، طيران الطيور، حركة الأفاعي، التحديق الى الكرة البلورية وما شابه ذلك. وقد تبدو حالته يائسة او افتتانه عظيما بحيث يقرِّر ان يستشير قارئ بخت او وسيطا او ان يلجأ الى شكل من اشكال العرافة. وقد يكون على استعداد لتجربة ايّ شيء مرة واحدة فقط.
٢٥-٢٧ لماذا من الحكمة تجنب كل اشكال العرافة؟
٢٥ فهل ذلك حكيم؟ قطعا لا. فيمكن ان يؤدي به فضوله الى الصيرورة تحت السيطرة الابليسية. وبدلا من ان يجلب له مسلك كهذا الراحة والتعزية، يمكن ان تصير حالته اسوأ. والمضايقات من مصدر فوق الطبيعة قد تسلبه النوم وتملأ ساعات النهار ايضا بالخوف. وقد يبدأ بسماع اصوات غريبة، مقترحة ان يقتل نفسه او شخصا آخر.
٢٦ أليس من الحكمة اذًا تجنب مجازفة كهذه والابتعاد عن كل اشكال العرافة؟ لا ينظر يهوه اللّٰه الى هذه المسألة باستخفاف. ولكي يحمي الاسرائيليين من ان تضلِّلهم وتؤذيهم الأرواح الشريرة جعل ممارسة العرافة جرما عقوبته الموت، قائلا في الناموس: «اذا كان في رجل او امرأة جان او تابعة فإنه يُقتل.» — لاويين ٢٠:٢٧.
٢٧ لم تتغيَّر نظرة اللّٰه الى الوسطاء الأرواحيين، العائفين والعرافة. فلا يزال الحكم الالهي قائما ضد جميع ممارسي الأرواحية. — رؤيا ٢١:٨.
٢٨ (أ) ماذا يجب ان نفعل اذا سمعنا يوما ما «صوتا» من الحيِّز غير المنظور يتكلم الينا؟ (ب) كيف يستطيع المرء ان يتحرر من الأرواحية اليوم باتِّباع مثال المسيحيين الأولين في افسس؟
٢٨ لذلك ابذلوا جهدكم لتقاوموا تضليل المخلوقات الروحانية الشريرة. واذا سمعتم يوما ما صوتا غريبا، ربما يقترح انه ذاك الذي لصديق او نسيب راحل، فلا تعيروه ايّ انتباه. ادعوا باسم الاله الحقيقي، يهوه، ليساعدكم على مقاومة الصيرورة تحت التأثير الابليسي. وكما نصح ابن اللّٰه، اطلبوا بروح الصلاة: ‹نجني من الشرير.› (متى ٦:١٣) وبالنسبة الى الأشياء التي لها علاقة بالعرافة، اقتدوا بمثال اولئك الذين قبلوا العبادة الحقة في افسس القديمة. «كان كثيرون من الذين يستعملون السحر [هناك] يجمعون الكتب ويحرِّقونها امام الجميع.» وعلى الرغم من ان هذه الأشياء كانت غالية الثمن، لم يمتنعوا عن اتلافها. — اعمال ١٩:١٩.
٢٩-٣١ (أ) الجوابان الصحيحان عن اي سؤالين يمكن ان يساعدانا على التحرر من الأرواح الشريرة؟ (ب) ماذا يساعد على منع الأرواح الشريرة من جعلنا ضحايا؟
٢٩ وبالنظر الى هذا المثال، هل تعتقدون انه من الصواب ان تعاشروا عمدا اولئك المعروفين بأنهم يتعاطون السحر وأن تقبلوا منهم عطايا؟ ألا يمكن ان يصبحوا الادوات التي بواسطتها قد تصيرون تحت التأثير الابليسي؟
٣٠ ان ادراكنا ان الأرواح الشريرة غالبا ما تكون مسؤولة عن جعل الناس يرون او يسمعون ظواهر غامضة ومخيفة — اصواتا، طَرَقات وأشكالا غير واضحة المعالم ليست لها اسباب ظاهرة — هو عامل رئيسي في وقايتنا من التضليل. وهذه المعرفة تحرِّرنا من خوف الأموات ومن الانهماك في شعائر عديمة القيمة لأجلهم. وتساعد ايضا على منع الأرواح الشريرة من جعلنا ضحايا.
٣١ ولكن اذا اردنا الحماية من كل وجه من اوجه التضليل الذي يسببه الشيطان وأبالسته في ما يتعلق بالأموات، يجب ان نؤمن بكامل الكتاب المقدس ونعمل بانسجام معه. ذلك لأنه كله كلمة اللّٰه الموحى بها.