يسوع المسيح
اسم ولقب ابن اللّٰه منذ مسحه وهو على الارض.
الاسم يسوع (باليونانية إِيِسُوس) مأخوذ من الاسم العبراني يِشُوع (او بالصيغة الاكمل يهوشوع)، ومعناه «يهوه خلاص». وهذا الاسم كان مألوفا في تلك الفترة اذ أُطلق على رجال كثيرين. لذلك غالبا ما اضاف الناس لقبا للتوضيح، قائلين مثلا «يسوع الناصري». (مر ١٠:٤٧؛ اع ٢:٢٢) وكلمة مسيح تقابل الكلمة اليونانية خريستوس والكلمة العبرانية ماشياح (مسيا)، ومعناها «ممسوح». وفي حين كان ملائما ان يقال عن اشخاص قبل يسوع مثل موسى وهارون وداود انهم ‹ممسوحون› (عب ١١:٢٤-٢٦؛ لا ٤:٣؛ ٨:١٢؛ ٢ صم ٢٢:٥١)، الا ان المركز والمنصب والخدمة التي مُسحوا من اجلها لم تكن سوى رمز الى منصب يسوع المسيح ومركزه وخدمته الاسمى. لذلك يسوع هو الوحيد الذي يُدعى «المسيح ابن اللّٰه الحي». — مت ١٦:١٦؛ انظر «المسيح»؛ «المسيا».
قبل مجيئه الى الارض: ان حياة الشخص الذي دُعي يسوع المسيح لم تبدأ هنا على الارض. فهو بذاته تكلم عن حياته في السماء قبل مجيئه الى الارض. (يو ٣:١٣؛ ٦:٣٨، ٦٢؛ ٨:٢٣، ٤٢، ٥٨) ويوحنا ١:١، ٢ تذكر اسمه السماوي قائلة: «في البدء كان الكلمة [باليونانية لوغوس]، والكلمة كان عند اللّٰه، وكان الكلمة الها [«الهيا»، ت ا؛ مو؛ او «من طبيعة الهية»، بوهمر؛ ستايج (ترجمتان المانيتان)]. هذا كان في البدء عند اللّٰه». وبما ان يهوه بلا بداية ولا نهاية (مز ٩٠:٢؛ رؤ ١٥:٣)، فلا بد ان وجود الكلمة معه من «البدء» يشير الى بداية اعمال يهوه الخلقية. وهذا ما تؤكده آيتان اخريان تقولان ان يسوع هو «بكر كل خليقة» و «بداية خليقة اللّٰه». (كو ١:١٥؛ رؤ ١:١؛ ٣:١٤) اذًا، تُظهر الاسفار المقدسة ان الكلمة (يسوع قبل مجيئه الى الارض) هو اول خليقة اللّٰه، ابنه البكر.
وتوضح كلمات يسوع نفسه ان يهوه هو بالفعل ابو او معطي حياة هذا الابن البكر وأن هذا الابن هو بالتالي من خليقة اللّٰه. فقد ذكر ان اللّٰه هو مصدر حياته قائلا: «انا احيا بالآب». وبحسب السياق، تعني هذه الكلمات انه نال حياته من ابيه او بسبب ابيه، تماما كما ان البشر المائتين ينالون الحياة نتيجة ايمانهم بذبيحة يسوع الفدائية. — يو ٦:٥٦، ٥٧.
اذا صحَّت الى حد ما تقديرات العلماء العصريين حول عمر الكون المادي، فهذا يدل ان حياة يسوع كمخلوق روحاني بدأت قبل بلايين السنين من خلق الانسان الاول. (قارن مي ٥:٢.) وقد استخدم يهوه ابنه الروحاني البكر هذا في خلق سائر الاشياء. (يو ١:٣؛ كو ١:١٦، ١٧) ويشمل ذلك الملايين من الابناء الروحانيين الآخرين في عائلة يهوه اللّٰه السماوية (دا ٧:٩، ١٠؛ رؤ ٥:١١)، بالاضافة الى الكون المادي والمخلوقات الحية فيه. لذا من المنطقي الاستنتاج ان يهوه كان يتكلم مع هذا الابن البكر حين قال: «لنصنع الانسان على صورتنا، كشبهنا». (تك ١:٢٦) وكل المخلوقات الاخرى لم توجد «به» فحسب، بل «له» ايضا، بصفته ابن اللّٰه البكر و ‹وارث كل شيء›. — كو ١:١٦؛ عب ١:٢.
ليس شريكا في الخلق: ان دور الابن في الاعمال الخلقية لم يجعله شريكا للآب في الخلق. فالقدرة على الخلق اتت من اللّٰه بواسطة روحه القدس اي قوَّته الفعالة. (تك ١:٢؛ مز ٣٣:٦) وبما ان يهوه هو ينبوع الحياة، فكل المخلوقات الحية المنظورة وغير المنظورة تدين له بحياتها. (مز ٣٦:٩) فالابن اذًا ليس شريكا في الخلق، بل اداة او وسيلة استخدمها يهوه الخالق لإنجاز هذا العمل. ويسوع نفسه نسب الفضل في الخلق الى اللّٰه، وهذا ما تفعله كل الاسفار المقدسة ايضا. — مت ١٩:٤-٦؛ انظر «الخلق».
الحكمة مجسَّمة: ان ما تذكره الاسفار المقدسة عن «الكلمة» ينسجم انسجاما تاما مع الوصف في الامثال ٨:٢٢-٣١. ففي هذه الاعداد، تُشخَّص الحكمة بحيث يبدو انها قادرة على الكلام والعمل. (ام ٨:١) وكثيرون من كتَّاب العالم المسيحي المتضلعين الذين عاشوا في القرون الباكرة من العصر الميلادي ادركوا انها تنطبق مجازيا على ابن اللّٰه قبل مجيئه الى الارض. وعلى ضوء الآيات التي سبق ان ناقشناها، لا مجال للشك ان يهوه «خلق» ذاك الابن «بداية لطريقه، اول اعماله منذ القدم»، وأن الابن كان «بجانب [يهوه] عاملا ماهرا» اثناء خلق الارض، كما تذكر هذه الاعداد من سفر الامثال. ولكن قد يعترض احد قائلا انه في اللغة العبرانية، وهي احدى اللغات التي تكون فيها الكلمات بصيغة المذكر او المؤنث مثل العربية، تُستخدم الكلمة «حكمة» دائما بصيغة المؤنث. رغم ان هذا صحيح، تبقى هذه الكلمة مؤنثة حتى في اسلوب التشخيص، وبالتالي لا مانع من استخدامها رمزا الى ابن اللّٰه البكر. فالكلمة اليونانية التي تقابل «محبة» في عبارة «اللّٰه محبة» (١ يو ٤:٨) هي ايضا مؤنثة، لكن هذا لا يعني ان اللّٰه مؤنث. كما ان سليمان، الكاتب الرئيسي لسفر الامثال (ام ١:١)، اطلق على نفسه اللقب قوهيليث (الجامعة). (جا ١:١) وهذه الكلمة هي ايضا بصيغة المؤنث.
لا تَظهر الحكمة الا عندما يُعبَّر عنها بوسيلة ما. وحكمة اللّٰه ظهرت عند الخلق (ام ٣:١٩، ٢٠)، ولكن من خلال ابنه. (قارن ١ كو ٨:٦.) كما ان قصد اللّٰه الحكيم المتعلق بالبشر ظهر واكتمل بابنه يسوع المسيح. لذلك استطاع الرسول بولس ان يقول ان المسيح يمثِّل «قدرة اللّٰه وحكمة اللّٰه»، وإن المسيح يسوع «صار لنا حكمة من اللّٰه، وبرًّا وقداسة وفداء». — ١ كو ١:٢٤، ٣٠؛ قارن ١ كو ٢:٧، ٨؛ ام ٨:١، ١٠، ١٨-٢١.
معنى عبارة «الابن، مولود اللّٰه الوحيد»: صحيح ان يسوع يُدعى «الابن، مولود اللّٰه الوحيد» (يو ١:١٤؛ ٣:١٦، ١٨؛ ١ يو ٤:٩)، الا ان ذلك لا يعني ان المخلوقات الروحانية الاخرى ليسوا ابناء للّٰه، فهم ايضا يُدعون ابناءه. (تك ٦:٢، ٤؛ اي ١:٦؛ ٢:١؛ ٣٨:٤-٧) ولكن ما يميِّز هذا الابن البكر هو انه الوحيد الذي خلقه ابوه مباشرة فيما كل ابناء اللّٰه الآخرين خلقهم او ولدهم يهوه بواسطة ذاك الابن البكر. اذًا، «الكلمة» كان «الابن، مولود [يهوه] الوحيد» بمعنى خصوصي، مثلما كان اسحاق هو «الابن، مولود [ابراهيم] الوحيد» بمعنى خصوصي (كان لأبيه ابراهيم ابن آخر ولكن ليس من زوجته سارة). — عب ١١:١٧؛ تك ١٦:١٥.
لماذا يُدعى «الكلمة»: الاسم (او ربما اللقب) «الكلمة» (يو ١:١) يحدِّد كما يتضح دور ابن اللّٰه البكر بعدما وُجدت باقي المخلوقات الذكية. ونجد تعبيرا مماثلا في الخروج ٤:١٦ حيث قال يهوه لموسى عن اخيه هارون: «هو يكلِّم الشعب عنك. وهو يكون لك فما، وأنت تكون له الها». فهارون كان «فما» لموسى بمعنى انه كان الناطق باسم ممثل اللّٰه الرئيسي على الارض. وهذا صح ايضا في الكلمة او لوغوس الذي صار يسوع المسيح. فمن الواضح ان يهوه استخدم ابنه لينقل معلومات وإرشادات الى باقي عائلته المؤلفة من ابناء روحانيين، وكذلك ليوصل رسالته الى البشر على الارض. وقد اظهر يسوع انه كلمة اللّٰه او الناطق باسمه حين قال لمستمعيه اليهود: «ما اعلِّمه ليس لي، بل للذي ارسلني. ان رغب احد ان يفعل مشيئته، يعرف التعليم هل هو من اللّٰه ام اتكلم انا من عندي». — يو ٧:١٦، ١٧؛ قارن يو ١٢:٥٠؛ ١٨:٣٧.
اثناء وجود يسوع في السماء بصفته الكلمة، لا شك انه تكلم مرارا باسم يهوه مع اشخاص على الارض. وفي حين تشير بعض الآيات الى يهوه وكأنه تكلم مباشرة مع البشر، توضح آيات اخرى انه فعل ذلك بواسطة ممثل ملائكي. (قارن خر ٣:٢-٤ بـ اع ٧:٣٠، ٣٥؛ ايضا تك ١٦:٧-١١، ١٣؛ ٢٢:١، ١١، ١٢، ١٥-١٨.) ومنطقيا، تكلم اللّٰه بواسطة الكلمة في معظم هذه الحالات. فهو على الارجح فعل ذلك في عدن لأنه في اثنتين من المرات الثلاث التي يقول فيها السجل ان اللّٰه تكلم، يذكر بالتحديد ان احدا كان معه، ولا شك ان هذا الشخص هو ابنه. (تك ١:٢٦-٣٠؛ ٢:١٦، ١٧؛ ٣:٨-١٩، ٢٢) بناء على ذلك، ربما كان ابن اللّٰه، الكلمة، هو الملاك الذي ارشد الاسرائيليين في البرية والذي امرهم يهوه ان يطيعوا قوله طاعة تامة لأن ‹اسم يهوه فيه›. — خر ٢٣:٢٠-٢٣؛ قارن يش ٥:١٣-١٥.
لكن هذا لا يعني ان الكلمة كان الممثل الملائكي الوحيد الناطق باسم يهوه. فالكلمات الموحى بها في الاعمال ٧:٥٣، غلاطية ٣:١٩، والعبرانيين ٢:٢، ٣ توضح ان عهد الشريعة نُقل الى موسى بواسطة ابناء ملائكيين للّٰه غير ابنه البكر.
وقد ظل يسوع يحمل الاسم «كلمة اللّٰه» بعد عودته الى مجده السماوي. — رؤ ١٩:١٣، ١٦.
لماذا تقول بعض ترجمات الكتاب المقدس ان يسوع هو «اللّٰه» فيما تقول اخرى انه «اله»؟
تنقل بعض الترجمات يوحنا ١:١ الى: «في البدء كان الكلمة، والكلمة كان عند اللّٰه، وكان الكلمة اللّٰه». لكن النص اليوناني يقول حرفيا: «في بدء كان الكلمة، والكلمة كان عند الاله، وإلها [او «اللّٰه»] كان الكلمة». في اللغة اليونانية، لا يمكن الجزم دائما هل الحديث عن «اله» او عن «اللّٰه» بالاستناد الى اللغة فقط. لذا عندما ترد كلمة «اله»، على المترجم ان يحدد إن كان الحديث هو عن اللّٰه. وفي يوحنا ١:١، تشير كلمة اله بوضوح في ورودها الاول الى اللّٰه القادر على كل شيء الذي كان الكلمة عنده. ولكن لا يمكن الجزم بذلك في ورودها الثاني.
تنقل ترجمة العالم الجديد هذه الآية كما يلي: «في البدء كان الكلمة، والكلمة كان عند اللّٰه، وكان الكلمة الها». فلمَ اختارت هذه الترجمة ان تنقل الكلمة اليونانية الى «اله» بدل «اللّٰه» في ورودها الثاني؟
في البداية، من الجدير بالملاحظة ان الآية نفسها تُظهر ان الكلمة كان «عند اللّٰه»، وبالتالي لا يمكن ان يكون هو اللّٰه، اي الاله القادر على كل شيء. (لاحظ ايضا انه لو كان العدد ١ يُظهر فعلا ان الكلمة هو اللّٰه، لما كانت هناك حاجة الى العدد ٢.) اضافة الى ذلك، من اللافت ان الكلمة المنقولة الى «اله» (باليونانية ثِيوس) في ورودها الثاني في هذه الآية هي من دون اداة التعريف «ال» (باليونانية هو). وفي هذا الخصوص، ذكر ارنست هانشن معلِّقا على انجيل يوحنا (الاصحاحات ١–٦): «[ثِيوس] و [هو ثِيوس] (‹اله، الهيّ› و ‹الاله، اللّٰه›) لم يشيرا الى الشخص نفسه في هذه الفترة. . . . في الواقع، بالنسبة الى . . . كاتب الانجيل، وحده الآب كان ‹اللّٰه› ([هو ثِيوس]؛ قارن ١٧:٣)؛ ‹الابن› كان خاضعا له (قارن ١٤:٢٨). لكن هذه الآية لا تورد الا اشارة غير مباشرة الى هذا الموضوع لأن التشديد الرئيسي فيها هو على العلاقة اللصيقة بين الواحد والآخر. . . . وكان من الممكن في الديانتين اليهودية والمسيحية اللتين تتبنيان عبادة الاله الواحد ان يُحكى عن كائنات الهية موجودة الى جانب اللّٰه وتحت امرته، لكنها ليست مساوية له. والآيات في فيلبي ٢:٦-١٠ هي دليل يثبت ذلك. ففي هذه الاعداد، يصف بولس كائنا الهيا اصبح في ما بعد الانسان يسوع المسيح . . . اذًا، ليس الهدف من الآيات في فيلبي وفي يوحنا ١:١ مناقشة ماهية العلاقة بين شخصين هما في الحقيقة شخص واحد، بل الاشارة الى الوحدة بين كائنين منفصلين». — يوحنا ١، ترجمة ر. و. فَنك، ١٩٨٤، ص ١٠٩، ١١٠.
وبعدما ترجم هانشن يوحنا ١:١ج الى «وإلهيا (من الطبيعة الالهية) كان الكلمة»، تابع قائلا: «في هذه الحالة، يُستعمل الفعل ‹كان› ([إِن]) كمجرد فعل خبري (اي فعل يمهِّد لخبر). ومن الضروري الانتباه اكثر من المعتاد عند ترجمة الخبر؛ فهناك اختلاف بين كلمة [ثِيوس] و [هو ثِيوس] (اي ان كلمة ‹الهيّ› ليست هي نفسها ‹اللّٰه›)». (ص ١١٠، ١١١) وقد شرح فيليب ب. هارنر هذه النقطة موضحا ان التركيب القواعدي في يوحنا ١:١ يشتمل على خبر يسبق الفعل وهو صفة نكرة، اي دون اداة التعريف «ال»؛ وهذا التركيب هو من حيث الاساس وصفي في معناه ويشير ان «لوغوس هو من طبيعة ثِيوس». ثم اضاف: «في يوحنا ١:١، ارى ان قوة الخبر الوصفية واضحة جدا بحيث لا يمكن اعتبار الاسم [ثِيوس] معرفة». (مجلة مطبوعات الكتاب المقدس، ١٩٧٣، ص ٨٥، ٨٧ [بالانكليزية]) وقد ادرك مترجمون آخرون ايضا ان الكلمة اليونانية لديها مدلول وصفي يعبِّر عن طبيعة «الكلمة»، لذلك ترجموا العبارة الى «الكلمة كان الهيا». — تا؛ سد؛ قارن الانجيل الالهي الشريف، ترجمة ارثوذكسية، الصفحة ١؛ مو؛ انظر ملحق كم٧، ص ٥٩٧-٥٩٨.
تُظهر الاسفار العبرانية تكرارا ان هناك الها واحدا قادرا على كل شيء، وهو خالق كل الاشياء والاله العلي الذي اسمه يهوه. (تك ١٧:١؛ اش ٤٥:١٨؛ مز ٨٣:١٨) لهذا السبب قال موسى لأمة اسرائيل: «يهوه الهنا، يهوه واحد. فتحب يهوه الهك بكل قلبك وبكل نفسك وبكل قوتك». (تث ٦:٤، ٥) ولا تناقض الاسفار اليونانية المسيحية هذا التعليم الذي قبله وآمن به خدام اللّٰه على مدى آلاف السنين، بل بالاحرى تؤكد عليه. (مر ١٢:٢٩؛ رو ٣:٢٩، ٣٠؛ ١ كو ٨:٦؛ اف ٤:٤-٦؛ ١ تي ٢:٥) فيسوع المسيح بنفسه قال: «الآب اعظم مني»، وأشار الى الآب بصفته الهه، «الاله الحق الوحيد». (يو ١٤:٢٨؛ ١٧:٣؛ ٢٠:١٧؛ مر ١٥:٣٤؛ رؤ ١:١؛ ٣:١٢) وفي مناسبات عديدة، بيَّن يسوع انه ادنى من ابيه وخاضع له. (مت ٤:٩، ١٠؛ ٢٠:٢٣؛ لو ٢٢:٤١، ٤٢؛ يو ٥:١٩؛ ٨:٤٢؛ ١٣:١٦) حتى بعد صعوده الى السماء، ظل رسله يعبِّرون عن الفكرة نفسها. — ١ كو ١١:٣؛ ١٥:٢٠، ٢٤-٢٨؛ ١ بط ١:٣؛ ١ يو ٢:١؛ ٤:٩، ١٠.
ان هذه الحقائق هي ادلة قاطعة تجيز ترجمة الآية في يوحنا ١:١ الى «كان الكلمة الها» او ما شابه ذلك. ومركز الكلمة الرفيع بين مخلوقات اللّٰه بصفته البكر والذي به خلق اللّٰه كل الاشياء والناطق باسم اللّٰه يشكِّل اساسا راسخا كي يُدعى «الها» او قديرا. كما ان النبوة المسيانية في اشعيا ٩:٦ انبأت انه سيُدعى «الها قديرا» مع انه ليس اللّٰه القادر على كل شيء، وأنه سيكون «ابا ابديا» لكل الذين سيتمتعون بالامتياز ان يكونوا تحت رعايته. وغيرة ابيه «يهوه الجنود» هي التي تحقق ذلك. (اش ٩:٧) ايضا، اذا كان عدو اللّٰه الشيطان ابليس يدعى ‹الها› (٢ كو ٤:٤) نظرا الى سيطرته على البشر والشياطين (١ يو ٥:١٩؛ لو ١١:١٤-١٨)، فكم بالاحرى من الملائم ولأسباب اقوى بكثير دعوة ابن اللّٰه البكر «الها»، «الاله المولود الوحيد» حسبما تذكر يوحنا ١:١٨ في المخطوطات الموثوق بها؟!
وجدير بالذكر ايضا انه حين اتهم المقاومون يسوع بأنه ‹يجعل نفسه الها›، اجابهم: «أليس مكتوبا في شريعتكم: ‹انا قلت: «انكم آلهة»›؟ فإن دعا ‹آلهة› اولئك الذين صارت عليهم كلمة اللّٰه، ولا يمكن ان تُنقض الاسفار المقدسة، أفتقولون لي، انا الذي قدَّسني الآب وأرسلني الى العالم: ‹انك تجدِّف›، لأني قلت: انا ابن اللّٰه؟». (يو ١٠:٣١-٣٧) كان يسوع هنا يقتبس من المزمور ٨٢ حيث دُعي القضاة البشر «آلهة» مع العلم ان اللّٰه ادانهم لأنهم لم يحققوا العدل. (مز ٨٢، ١، ٢، ٦، ٧) وهكذا اظهر ان مقاوميه كانوا مخطئين حين اتهموه بالتجديف لأنه قال فقط انه ابن اللّٰه وليس اللّٰه نفسه.
وقد نشأ هذا الاتهام بالتجديف بعدما قال يسوع: «انا والآب واحد». (يو ١٠:٣٠) وجوابه الذي ناقشنا الآن جزءا منه يدل انه لم يدَّعِ هنا انه الآب او اللّٰه. فالوحدانية التي اشار اليها يلزم فهمها على ضوء سياق الكلام. فهو كان يتحدث عن اعماله واهتمامه ‹بالخراف› التي ستتبعه. فأعماله، فضلا عن كلامه، بيَّنت ان هناك وحدة لا خلافا او عدم انسجام بينه وبين ابيه، وهذا ما شدَّد عليه في تكملة جوابه. (يو ١٠:٢٥، ٢٦، ٣٧، ٣٨؛ قارن يو ٤:٣٤؛ ٥:٣٠؛ ٦:٣٨-٤٠؛ ٨:١٦-١٨.) كما انه هو وأباه متحدان في الاهتمام ‹بخرافه› اذ يحميان المشبهين بالخراف ويرشدانهم الى الحياة الابدية. (يو ١٠:٢٧-٢٩؛ قارن حز ٣٤:٢٣، ٢٤.) فضلا عن ذلك، ان صلاة يسوع بشأن وحدة كل تلاميذه، بمن فيهم الذين كانوا سيصيرون تلاميذه في المستقبل، تُظهر ان الوحدانية او الاتحاد بينه وبين ابيه لا يعني انهما شخص واحد، بل انهما متحدان في القصد والعمل. فبهذه الطريقة يكون تلاميذه «جميعهم واحدا»، تماما كما انه هو وأباه واحد. — يو ١٧:٢٠-٢٣.
وانسجاما مع ذلك، قال يسوع مجيبا على سؤال طرحه توما: «لو كنتم قد عرفتموني، لعرفتم ابي ايضا. ومن الآن تعرفونه وقد رأيتموه»، وردًّا على فيلبس، قال: «من رآني فقد رأى الآب ايضا». (يو ١٤:٥-٩) ومرة اخرى، يُظهر شرح يسوع اللاحق ان هذه الكلمات تعني انه مثَّل اباه بأمانة، تكلم بكلمات ابيه، وعمل اعمال ابيه. (يو ١٤:١٠، ١١؛ قارن يو ١٢:٢٨، ٤٤-٤٩.) وفي المناسبة ذاتها، اي في ليلة موته، قال لتلاميذه: «الآب اعظم مني». — يو ١٤:٢٨.
وتوضح امثلة اخرى من الاسفار المقدسة ماذا عنى يسوع حين قال لتلاميذه انهم يرون الآب فيه. مثلا، قال يعقوب لعيسو: «رأيت وجهك كأني رأيت وجه اللّٰه، فرضيت عني». والسبب هو ان ما فعله عيسو كان استجابة لصلاة يعقوب الى اللّٰه. (تك ٣٣:٩-١١؛ ٣٢:٩-١٢) كذلك، بعدما طرح اللّٰه على ايوب عدة اسئلة من عاصفة الريح مصحِّحا وجهة نظره، قال ايوب: «قد سمعت عنك سماع الاذن، اما الآن فإني اراك بأم عيني». (اي ٣٨:١؛ ٤٢:٥؛ انظر ايضا قض ١٣:٢١، ٢٢.) وقصد بذلك ان ‹اعين قلبه› أُنيرت. (قارن اف ١:١٨.) وما يؤكد ان عبارة يسوع عن رؤية الآب مجازية لا حرفية هو كلماته في يوحنا ٦:٤٥، وكذلك كلمات يوحنا بعد موت يسوع بفترة طويلة: «اللّٰه لم يره احد قط. الاله المولود الوحيد، الذي في حضن الآب، هو الذي شرح ما يختص به». — يو ١:١٨؛ ١ يو ٤:١٢.
ماذا قصد توما حين قال ليسوع: «ربي وإلهي»؟
حين ظهر يسوع للرسل وأزال شكوك توما حول قيامته، قال له توما بحماسة: «ربي وإلهي». وفي هذه الآية ترِد كلمة «اله» مع اداة تعريف [هو ثِيوس]. (يو ٢٠:٢٤-٢٩) يرى بعض العلماء ان هذه العبارة التي قالها توما ليسوع تعبيرا عن تعجبه هي في الحقيقة موجهة الى اللّٰه ابيه. اما آخرون فيعتقدون ان اللغة اليونانية الاصلية تحتِّم فهم الكلام على انه موجه الى يسوع. اذا كان الاحتمال الثاني صحيحا، يجب ان تكون عبارة «ربي وإلهي» على انسجام مع باقي الاسفار المقدسة. وبما ان سجل الكتاب المقدس يُظهر ان يسوع سبق وأرسل الى تلاميذه قائلا: «اني صاعد الى ابي وأبيكم وإلى الهي وإلهكم»، فلا مبرر للاعتقاد ان توما ظن ان يسوع هو اللّٰه القادر على كل شيء. (يو ٢٠:١٧) ويوحنا نفسه، بعدما اخبر عن لقاء توما بيسوع المقام، قال عن هذه وغيرها من الحوادث: «وأما هذه فكُتبت لتؤمنوا ان يسوع هو المسيح ابن اللّٰه، ولكي تكون لكم بسبب ايمانكم حياة باسمه». — يو ٢٠:٣٠، ٣١.
اذًا، ربما دعا توما يسوع «الهي» باعتباره «الها»، ولكن ليس اللّٰه القادر على كل شيء «الاله الحق الوحيد» الذي كثيرا ما سمع توما يسوع يصلي اليه. (يو ١٧:١-٣) او ربما دعاه «الهي» بطريقة مماثلة لما ذكره اجداده من عبارات سُجلت في الاسفار العبرانية وكانت مألوفة لديه. ففي عدة مناسبات حين كان رسول ملائكي من يهوه يزور بعض الاشخاص او يتكلم معهم، كان هؤلاء، او احيانا كاتب الحادثة في الكتاب المقدس، يعتبرون او يقولون ان هذا الرسول الملائكي هو يهوه اللّٰه. (قارن تك ١٦:٧-١١، ١٣؛ ١٨:١-٥، ٢٢-٣٣؛ ٣٢:٢٤-٣٠؛ قض ٦:١١-١٥؛ ١٣:٢٠-٢٢.) والسبب هو ان الرسول الملائكي كان يمثل يهوه، متحدثا باسمه وربما متكلما احيانا كما لو انه يهوه نفسه. (تك ٣١:١١-١٣؛ قض ٢:١-٥) وعليه، ربما هذا ما عناه توما حين دعا يسوع «الهي»، معترفا بأن يسوع هو ممثل الاله الحق والناطق باسمه. على اية حال، من المؤكد ان ما قاله توما لا يتناقض مع الكلمات الواضحة التي سمع بأذنيه يسوع يقولها: «الآب اعظم مني». — يو ١٤:٢٨.
ولادته على الارض: قبل وقت طويل من ولادة يسوع على الارض، اتى ملائكة الى هذا الكوكب بهيئة بشر. فاتخذوا كما يبدو اجساما بشرية تلائم تعييناتهم ثم حلُّوا هذه الاجسام بعد انتهاء مهمتهم. (تك ١٩:١-٣؛ قض ٦:٢٠-٢٢؛ ١٣:١٥-٢٠) فهم استخدموا جسما بشريا لفترة مؤقتة لكنهم بقوا مخلوقات روحانية. اما حالة ابن اللّٰه فكانت مختلفة. فحين اتى الى الارض، اصبح الانسان يسوع. تقول يوحنا ١:١٤ ان «الكلمة صار جسدا وأقام بيننا». لهذا السبب دعا نفسه «ابن الانسان». (يو ١:٥١؛ ٣:١٤، ١٥) الا ان البعض يلفتون الانتباه الى عبارة «اقام [حرفيا، «خيَّم»] بيننا» مدّعين انها تدل ان يسوع لم يكن في الحقيقة انسانا، بل الها متجسدا. لكن الرسول بطرس تحدث عن نفسه مستعملا تعبيرا مشابها، وهو بالطبع لم يكن الها متجسدا. — ٢ بط ١:١٣، ١٤.
وكيف صار يسوع انسانا؟ يقول السجل الموحى به: «اما ولادة يسوع المسيح فكانت هكذا: لما كانت مريم امه مخطوبة ليوسف، وُجدت قبل ان يجتمعا حاملا من روح قدس». (مت ١:١٨) فقبل ان يحدث هذا، اخبر رسول ملائكي من يهوه الصبية العذراء مريم انها «ستحبل» بواسطة روح اللّٰه القدس الذي يأتي عليها وقدرة اللّٰه التي تظللها. (لو ١:٣٠، ٣١، ٣٤، ٣٥) وبما ان حبلا حقيقيا قد حصل، يبدو ان يهوه اللّٰه سبَّب اخصاب بويضة في رحم مريم بنقل حياة ابنه البكر من السماء الى الارض. (غل ٤:٤) وهكذا، حافظ الصبي المولود على هويته وبقي الشخص نفسه الذي كان في السماء، الكلمة. ولكنه في الوقت نفسه كان ابنا فعليا لمريم، وبالتالي متحدرا اصيلا من اسلافها ابراهيم وإسحاق ويعقوب ويهوذا والملك داود، ووريثا شرعيا للوعود الالهية التي قُطعت لهم. (تك ٢٢:١٥-١٨؛ ٢٦:٢٤؛ ٢٨:١٠-١٤؛ ٤٩:١٠؛ ٢ صم ٧:٨، ١١-١٦؛ لو ٣:٢٣-٣٤؛ انظر «سلسلة نسب يسوع المسيح».) لذلك، ورث هذا الولد على الارجح خصائص جسدية من امه اليهودية.
بما ان مريم متحدرة من آدم الخاطئ، فهي ايضا ناقصة وخاطئة. لذلك ينشأ السؤال: كيف يكون يسوع، ابن مريم «البكر» (لو ٢:٧)، انسانا كاملا وبلا خطية؟ مع ان علماء الوراثة العصريين فهموا الكثير عن قوانين الوراثة والصفات السائدة والمتنحية، لم يسبق لهم ان اختبروا ماذا يحصل نتيجة اتحاد الكمال والنقص، كما حصل عندما حبلت مريم بيسوع. ولكن بناء على النتيجة التي يكشفها الكتاب المقدس، يتبين ان قوة حياة يسوع الكاملة (التي سببت الحمل) ابطلت اي نقص في بويضة مريم، منتجة بذلك نموذجا وراثيا (ونموًّا جنينيا) كاملا منذ بدايته. على اية حال، ضمن عمل روح اللّٰه القدس في ذلك الوقت نجاح قصد اللّٰه. فكما شرح الملاك جبرائيل لمريم، «قدرة العلي» ظللتها بحيث كان المولود قدوسا، ابن اللّٰه. فروح اللّٰه القدس شكَّل جدارا واقيا، اذا جاز التعبير، لمنع النقص او الاذى ان يلحق عيبا او ضررا بالجنين منذ الحبل به. — لو ١:٣٥.
وبما ان روح اللّٰه القدس جعل الولادة ممكنة، كان يسوع مدينا بحياته البشرية لأبيه السماوي وليس لأي انسان، حتى يوسف ابيه بالتبني. (مت ٢:١٣-١٥؛ لو ٣:٢٣) فكما تذكر العبرانيين ١٠:٥، يهوه اللّٰه ‹هيأ له جسدا›، ويسوع منذ الحبل به كان فعلا ‹غير مدنَّس، منفصلا عن الخطاة›. — عب ٧:٢٦؛ قارن يو ٨:٤٦؛ ١ بط ٢:٢١، ٢٢.
بناء على ذلك، ان النبوة المسيانية في اشعيا ٥٢:١٤ عن «تشوُّه منظر» يسوع المسيا يلزم فهمها بطريقة مجازية. (قارن العدد ٧ في الاصحاح نفسه.) فمع ان جسد يسوع المسيح كان كاملا، فإن رسالة الحق والبر التي اعلنها بكل جرأة جعلته مكروها في اعين مقاوميه الريائيين الذين ادعوا انه عميل لبيلزبوب، رجل به شيطان، ودجال مجدِّف. (مت ١٢:٢٤؛ ٢٧:٣٩-٤٣؛ يو ٨:٤٨؛ ١٥:١٧-٢٥) بطريقة مشابهة، ان الرسالة التي نادى بها تلاميذ يسوع لاحقا جعلتهم «رائحة طيبة»، اي رائحة حياة للمتجاوبين، ولكن «رائحة موت» للمقاومين. — ٢ كو ٢:١٤-١٦.
وقت ولادته ومدة خدمته: يتضح ان يسوع وُلد في شهر ايثانيم (ايلول [سبتمبر] – تشرين الاول [اكتوبر]) سنة ٢ قم، اعتمد في الفترة نفسها تقريبا عام ٢٩ بم، ومات نحو الساعة ٠٠:٣ بظ من يوم الجمعة في الـ ١٤ من الشهر الربيعي نيسان القمري (آذار [مارس] – نيسان [ابريل]) سنة ٣٣ بم. وهذه التواريخ ترتكز على ما يلي:
وُلد يسوع بعد حوالي ٦ اشهر من ولادة قريبه يوحنا (المعمِّد)، خلال حكم الامبراطور الروماني اوغسطس قيصر (٣١ قم – ١٤ بم) وحُكم كيرينيوس على سورية (انظر «الاكتتاب» لمعرفة التواريخ التقريبية لحكم كيرينيوس)، ونحو نهاية مُلك هيرودس الكبير على اليهودية. — مت ٢:١، ١٣، ٢٠-٢٢؛ لو ١:٢٤-٣١، ٣٦؛ ٢:١، ٢، ٧.
وقت ولادته بالنسبة الى موت هيرودس: مع ان تاريخ موت هيرودس يثير الجدل، هناك ادلة وافية تشير انه مات سنة ١ قم. (انظر «هيرودس» رقم ١ [تاريخ موته]؛ «التأريخ» [خسوف القمر].) وثمة حوادث عديدة حصلت بين ولادة يسوع وموت هيرودس. وهي تشمل ختان يسوع في اليوم الثامن (لو ٢:٢١)؛ اخذه الى الهيكل في اورشليم بعد ٤٠ يوما من ولادته (لو ٢:٢٢، ٢٣؛ لا ١٢:١-٤، ٨)؛ رحلة المنجمين الآتين «من المشارق» الى بيت لحم (لم يعد يسوع آنذاك في مذود بل في بيت — مت ٢:١-١١؛ قارن لو ٢:٧، ١٥، ١٦)؛ هروب يوسف ومريم مع الصغير الى مصر (مت ٢:١٣-١٥)؛ اكتشاف هيرودس ان المنجمين لم يطيعوا امره ثم القضاء على كل الصبيان في بيت لحم وجميع نواحيها من ابن سنتين فما دون (ما يدل ان يسوع ما عاد في تلك الفترة طفلا حديث الولادة). (مت ٢:١٦-١٨) وهكذا فإن ولادة يسوع في خريف سنة ٢ قم كانت ستتيح الوقت لحصول كل هذه الحوادث بين ولادته وموت هيرودس الذي حدث على الارجح سنة ١ قم. ولكن هناك ادلة اضافية تؤكد ان يسوع وُلد سنة ٢ قم.
وقت ولادته بالنسبة الى خدمة يوحنا: نجد في لوقا ٣:١-٣ دليلا اضافيا يؤكد صحة التواريخ في بداية هذا القسم. فهذه الاعداد تُظهر ان يوحنا المعمِّد بدأ يكرز ويعمِّد في «السنة الخامسة عشرة من مُلك القيصر طيباريوس». وهذه السنة امتدت من النصف الثاني لسنة ٢٨ بم الى آب (اغسطس) او ايلول (سبتمبر) من سنة ٢٩ بم. (انظر «طيباريوس».) وفي مرحلة ما من خدمة يوحنا، ذهب يسوع اليه واعتمد. ومن ثم بدأ خدمته، وكان عمره «نحو ثلاثين سنة» (لو ٣:٢١-٢٣)، العمر نفسه الذي اصبح فيه داود ملكا. (٢ صم ٥:٤، ٥) ومنذ ذلك الوقت، ما عاد خاضعا لسلطة ابوين بشريين. — قارن لو ٢:٥١.
بناء على العدد ٤:١-٣، ٢٢، ٢٣، ٢٩، ٣٠، كان عمر الذين خدموا في المقدس تحت عهد الشريعة «ثلاثين سنة فصاعدا». لذا من المنطقي ان يكون يوحنا المعمِّد، الذي كان لاويا وابن كاهن، قد بدأ خدمته في هذا العمر، ليس في الهيكل طبعا بل في تعيين خصوصي من يهوه. (لو ١:١-١٧، ٦٧، ٧٦-٧٩) كما ان تحديد فارق العمر بين يوحنا ويسوع (مرتين) والربط بين ظهور ملاك يهوه للإخبار بمجيء يوحنا وبين ظهوره للإخبار بمجيء يسوع (لو ١) يشكِّلان اساسا للاعتقاد ان كلًّا منهما سيبدأ خدمته في العمر نفسه، اي ان خدمة يوحنا (الذي مهَّد الطريق ليسوع) بدأت قبل خدمة يسوع بستة اشهر.
وعلى هذا الاساس، يمكن القول ان يوحنا وُلد قبل ٣٠ سنة من بداية خدمته في السنة الـ ١٥ لطيباريوس، اي في وقت ما بين النصف الثاني من سنة ٣ قم وآب (اغسطس) او ايلول (سبتمبر) من سنة ٢ قم، وتلت ذلك ولادة يسوع بعد ٦ اشهر تقريبا.
معطيات تثبت ان خدمة يسوع امتدت ثلاث سنوات ونصفا: بناء على معطيات اخرى يزوِّدها تسلسل الاحداث الزمني، يمكن التوصل الى استنتاج اكثر تحديدا بخصوص مدة خدمة يسوع وتاريخ موته. فالنبوة في دانيال ٩:٢٤-٢٧ (نوقشت بالتفصيل في المقالة «السبعون اسبوعا») تشير الى ظهور المسيا في بداية ‹الاسبوع› السبعين المؤلف من سنين (دا ٩:٢٥) وموته الفدائي في وسط او «في نصف» هذا الاسبوع، مبطلا بذلك قيمة الذبائح وقرابين التقدمة تحت عهد الشريعة. (دا ٩:٢٦، ٢٧؛ قارن عب ٩:٩-١٤؛ ١٠:١-١٠.) وهذا يعني ان خدمة يسوع المسيح كانت ستمتد ثلاث سنوات ونصفا (نصف «اسبوع» مؤلف من سبع سنوات).
وكي تكون خدمة يسوع قد امتدت ثلاث سنوات ونصفا منتهية بموته وقت الفصح، وجب ان تشتمل على اربعة اعياد فصح. والدليل على ذلك وارد في يوحنا ٢:١٣؛ ٥:١؛ ٦:٤؛ و ١٣:١. لكن يوحنا ٥:١ لا تذكر عيد الفصح بالتحديد بل تشير فقط الى «عيد لليهود»، او «عيد اليهود» حسب بعض المخطوطات القديمة. مع ذلك، هناك اسباب وجيهة للاعتقاد ان هذا العيد هو عيد الفصح وليس ايًّا من الاعياد السنوية الاخرى.
فقبل ذلك، ذكرت يوحنا ٤:٣٥ ان يسوع قال: «هي اربعة اشهر بعد ويأتي الحصاد». وكان موسم الحصاد، تحديدا حصاد الشعير، يبدأ وقت الفصح تقريبا (الذي احتُفل به في ١٤ نيسان القمري). وعليه، فإن يسوع قال هذه الكلمات قبل اربعة اشهر من العيد اي نحو شهر كسلو (تشرين الثاني [نوفمبر] – كانون الاول [ديسمبر]). وفي هذا الشهر، كان يُحتفل بعيد التكريس الذي بدأ الاحتفال به بعد السبي، لكنه لم يكن من الاعياد الكبيرة التي استلزمت الذهاب الى اورشليم. (خر ٢٣:١٤-١٧؛ لا ٢٣:٤-٤٤) فتبعا للتقليد اليهودي، أُقيمت الاحتفالات بهذا العيد في المجامع العديدة في كل انحاء اسرائيل. (انظر «عيد التكريس».) ولاحقا، ذكرت يوحنا ١٠:٢٢ بالتحديد ان يسوع حضر عيد تكريس في اورشليم. ولكن يبدو ان يسوع كان موجودا في تلك المنطقة منذ عيد المظال الذي يُحتفل به قبلا، وبالتالي لم يذهب الى هناك من اجل عيد التكريس. بالمقابل، تشير يوحنا ٥:١ بكل وضوح ان يسوع ذهب من الجليل (يو ٤:٥٤) الى اورشليم كي يحضر ‹عيد اليهود›.
والعيد الوحيد الآخر بين شهر كسلو ووقت الفصح هو عيد الفوريم الذي احتُفل به في شهر أذار القمري (شباط [فبراير] – آذار [مارس])، اي قبل شهر تقريبا من الفصح. لكن عيد الفوريم، الذي بدأ الاحتفال به بعد السبي، كان يُقام هو ايضا في البيوت والمجامع في كل انحاء اسرائيل. (انظر «الفوريم».) اذًا، يبدو ان عيد الفصح هو على الارجح ‹عيد اليهود› المشار اليه في يوحنا ٥:١، ووجود يسوع في اورشليم منسجم مع شريعة اللّٰه للاسرائيليين. ومع ان يوحنا لا يدوِّن بعدئذ سوى احداث قليلة قبل ان يذكر الفصح مرة اخرى (يو ٦:٤)، يبين جدول «ابرز الاحداث خلال حياة يسوع على الارض» ان ما كتبه يوحنا عن خدمة يسوع الباكرة مختصر جدا، اذ لم يأتِ على ذكر الكثير من الاحداث التي سبق ودوَّنها كتَّاب الاناجيل الثلاثة الآخرون. وفي الواقع، ان اعمال يسوع الكثيرة التي سجَّلها هؤلاء الكتَّاب (متى، مرقس، ولوقا) تدعم الاستنتاج ان فصحا سنويا احتُفل به بالفعل بين الفصحين المذكورين في يوحنا ٢:١٣ و ٦:٤.
تاريخ موته: بحسب التقويم اليهودي، مات يسوع المسيح في الربيع، يوم عيد الفصح في ١٤ نيسان القمري (او أبيب). (مت ٢٦:٢؛ يو ١٣:١-٣؛ خر ١٢:١-٦؛ ١٣:٤) وفي سنة موته، وقع عيد الفصح في اليوم السادس من الاسبوع (امتد هذا اليوم عند اليهود من مغيب الشمس يوم الخميس الى مغيبها يوم الجمعة). وهذا واضح من يوحنا ١٩:٣١ التي تُظهر ان اليوم التالي كان سبتا «عظيما». فاليوم الذي يلي الفصح اعتُبر دائما سبتا، حتى ولو وقع في يوم آخر من الاسبوع. (لا ٢٣:٥-٧) ولكن حين يتزامن هذا السبت الخصوصي مع يوم سبت اسبوعي (اليوم السابع من الاسبوع)، كان يُعتبر «عظيما». اذًا، مات يسوع يوم الجمعة في ١٤ نيسان القمري، نحو الساعة ٠٠:٣ بظ. — لو ٢٣:٤٤-٤٦.
الخلاصة: بما ان يسوع مات في الشهر الربيعي نيسان القمري، فلا بد ان خدمته، التي استهلَّها قبل ثلاث سنوات ونصف بحسب دانيال ٩:٢٤-٢٧، بدأت في الخريف، تقريبا في شهر إيثانيم (ايلول [سبتمبر] – تشرين الاول [اكتوبر]). وهكذا، لا بد ان خدمة يوحنا (التي استهلَّها في السنة الـ ١٥ لطيباريوس) بدأت في ربيع سنة ٢٩ بم. وعليه، فإن يوحنا وُلد في ربيع سنة ٢ قم، ويسوع وُلد بعد حوالي ٦ اشهر في خريف سنة ٢ قم، وخدمته بدأت بعد نحو ٣٠ سنة في خريف سنة ٢٩ بم، وموته حصل سنة ٣٣ بم (في الربيع يوم ١٤ نيسان القمري كما ذُكر آنفا).
لا دليل على ولادته في الشتاء: بناء على ما تقدَّم، لا اساس في الاسفار المقدسة لاعتبار ٢٥ كانون الاول (ديسمبر) تاريخ ميلاد يسوع كما هو شائع. وحسبما تُظهر مراجع عديدة، تعود جذور الاحتفال بعيد ميلاد يسوع في هذا اليوم الى عيد عند الوثنيين. وفي هذا الخصوص، كتب العالم اليسوعي اوربانوس هولتسميستر:
«في ايامنا، من المتعارف عليه عموما ان المناسبة التي يُحتفل بها في ٢٥ كانون الاول (ديسمبر) كانت عيدا احتفل به الوثنيون في ذلك اليوم. وبيتافيوس [عالم يسوعي فرنسي، ١٥٨٣-١٦٥٢] كان محقًّا حين قال ان ٢٥ كانون الاول (ديسمبر) كان يوما للاحتفال ‹بمولد الشمس التي لا تُقهر›.
«وما يشهد على هذا الاحتفال: (أ) روزنامة فوريوس ديونيسيوس فيلوكالوس التي وضعها سنة ٣٥٤ [بم] حيث يرد: ‹٢٥ كانون الاول (ديسمبر)، مولد الشمس التي لا تُقهر›. (ب) روزنامة المنجِّم انطيوخوس (وضعها نحو سنة ٢٠٠ [بم]): ‹شهر كانون الاول (ديسمبر) . . . ٢٥ . . . مولد الشمس؛ يطول النهار›. (ج) القيصر جوليان [الامبراطور يوليانوس الجاحد، ٣٦١-٣٦٣ بم] اثنى على الالعاب التي أُقيمت في نهاية السنة تكريما للشمس، التي دُعيت ‹الشمس التي لا تُقهر›». — تواريخ في حياة المسيح، المعهد البابوي للكتاب المقدس، روما، ١٩٣٣، ص ٤٦ (باللاتينية).
ولعل اوضح برهان على عدم صحة تاريخ ٢٥ كانون الاول (ديسمبر) هو ما تذكره الاسفار المقدسة. فهي تخبر ان الرعاة في ليلة ولادة يسوع كانوا في الحقول ساهرين على رعيتهم. (لو ٢:٨، ١٢) فبحلول الشهر الخريفي بُول (تشرين الاول [اكتوبر] – تشرين الثاني [نوفمبر])، يكون موسم الامطار قد بدأ (تث ١١:١٤) والقطعان أُدخلت في الليل الى مخابئ تقيها من الامطار. والشهر التالي، اي كسلو (الشهر التاسع في الروزنامة اليهودية، تشرين الثاني [نوفمبر] – كانون الاول [ديسمبر]) يكون شهرا باردا وماطرا (ار ٣٦:٢٢؛ عز ١٠:٩، ١٣). وفي شهر طيبيت (كانون الاول [ديسمبر] – كانون الثاني [يناير])، كانت الحرارة تصل الى ادنى معدلاتها في السنة، والثلوج تتساقط احيانا على المرتفعات. لذلك فإن وجود الرعاة في الحقول ليلا ينسجم مع البراهين التي تشير ان يسوع وُلد في اوائل الشهر الخريفي إيثانيم. — انظر «بُول»؛ «كسلو».
وما ينفي ايضا ولادة يسوع في كانون الاول (ديسمبر) هو انه من المستبعد جدا ان يختار الامبراطور الروماني شهرا شتويا ماطرا ليطلب من رعاياه اليهود (الذين غالبا ما تمردوا عليه) ان يسافروا، «كل واحد الى مدينته»، كي يكتتبوا. — لو ٢:١-٣؛ قارن مت ٢٤:٢٠؛ انظر «طيبيت».
حياته الباكرة: ان سجل حياة يسوع الباكرة مختصر جدا. فهو وُلد في بيت لحم باليهودية، مسقط رأس الملك داود، ثم أُخذ الى الناصرة في الجليل بعد عودة عائلته من مصر، كل هذا اتماما للنبوات الالهية. (مت ٢:٤-٦، ١٤، ١٥، ١٩-٢٣؛ مي ٥:٢؛ هو ١١:١؛ اش ١١:١؛ ار ٢٣:٥) وكان يوسف، ابوه بالتبني، نجارا (مت ١٣:٥٥) فقيرا كما يتضح. (قارن لو ٢:٢٢-٢٤ بـ لا ١٢:٨.) وهذا يعني ان يسوع، الذي امضى اليوم الاول من حياته على الارض في اسطبل، عاش طفولته في ظروف متواضعة. كما ان مدينة الناصرة التي نشأ فيها لم تكن مهمة تاريخيا، رغم موقعها الاستراتيجي قرب طريقين تجاريين رئيسيين. ويبدو ان العديد من اليهود ازدروا بها. — قارن يو ١:٤٦؛ انظر الصور في المجلد ٢، ص X؛ «الناصرة».
لا يُعرف شيء عن يسوع في سني حياته الاولى الا انه كان «ينمو ويتقوى، ممتلئا حكمة، وله حظوة عند اللّٰه». (لو ٢:٤٠) ومع الوقت، كبرت عائلة يوسف ومريم اذ انجبا ٤ ابناء وبعض البنات. (مت ١٣:٥٤-٥٦) فابن مريم «البكر» (لو ٢:٧) لم يكبر وحيدا. ولا شك ان هذا يوضح لماذا لم يلاحظ والداه لبعض الوقت ان ابنهما البكر يسوع لم يكن ضمن المجموعة العائدة من اورشليم. وهذه المناسبة، التي زار يسوع خلالها الهيكل (بعمر ١٢ سنة) وخاض نقاشا مع المعلمين اليهود الذين بُهتوا من كلامه، هي الحادثة الوحيدة التي تذكر تفاصيل عن حياته الباكرة. (الصورة في المجلد ٢، ص X) وما قاله يسوع لوالديه القلقين حين وجداه هناك يُظهر انه عرف بولادته العجائبية وأدرك انه سيصبح المسيا في المستقبل. (لو ٢:٤١-٥٢) فمن المنطقي ان امه وأباه بالتبني اخبراه عما ذكره الملائكة، وعن النبوتين اللتين تفوه بهما سمعان وحنة في الزيارة الاولى الى اورشليم بعد ٤٠ يوما من ولادته. — مت ١:٢٠-٢٥؛ ٢:١٣، ١٤، ١٩-٢١؛ لو ١:٢٦-٣٨؛ ٢:٨-٣٨.
لا شيء يُظهر ان يسوع امتلك او استخدم قدرات عجائبية في طفولته، كما تدَّعي القصص الخيالية المسجلة في بعض اسفار الابوكريفا مثل انجيل الطفولة لتوما. فتحويل الماء الى خمر في قانا اثناء خدمة يسوع كان العجيبة التي عملها «بداية لآياته». (يو ٢:١-١١) وحين كان بين عائلته في الناصرة، لم يستعرض حكمته وتفوقه كإنسان كامل. ولعل الدليل على ذلك هو ان اخوته من امه لم يمارسوا الايمان به اثناء خدمته على الارض، وكذلك ايضا معظم سكان الناصرة. — يو ٧:١-٥؛ مر ٦:١، ٤-٦.
ولكن من الواضح ان يسوع كان معروفا جدا عند اهل الناصرة. (مت ١٣:٥٤-٥٦؛ لو ٤:٢٢) فلا بد ان صفاته الرائعة وشخصيته المميزة لفتت انتباه الآخرين، او على الاقل انتباه الذين قدَّروا البر والصلاح. (قارن مت ٣:١٣، ١٤.) وكان يذهب الى المجمع كل سبت. ومع انه لم يتلقَّ «تعليما عاليا» في المدارس الربانية، فقد كان شخصا واسع الاطلاع. وهذا يظهر من قدرته على ايجاد وقراءة اجزاء من الكتابات المقدسة. — لو ٤:١٦؛ يو ٧:١٤-١٦.
ان سبب الايجاز في المعلومات عن سني حياة يسوع الباكرة هو ان يهوه لم يكن آنذاك قد عيَّنه ليكون «المسيح» (مت ١٦:١٦)، ولم يكن يسوع قد بدأ تعيينه الالهي. لكن طفولته ونشأته، مثل ولادته، كانتا ضروريتين، مع انهما اقل اهمية، لتحقيق الغاية التي اشار اليها لاحقا في كلامه مع الحاكم الروماني بيلاطس: «لهذا وُلدت، ولهذا اتيت الى العالم، لأشهد للحق». — يو ١٨:٣٧.
معموديته: اشار سكب الروح القدس عند معمودية يسوع انه اصبح فعلا المسيا، او المسيح، الممسوح من اللّٰه (كما يتضح، استعمل الملائكة هذا اللقب نبويا اثناء الاعلان عن ولادته؛ لو ٢:٩-١١، لاحظ ايضا العددين ٢٥، ٢٦). وكان يوحنا قد ابتدأ قبل ٦ اشهر ‹يهيئ الطريق لوسيلة خلاص اللّٰه›. (لو ٣:١-٦) وحين اصبح عمر يسوع «نحو ثلاثين سنة»، اعتمد رغم معارضة يوحنا في البداية لأنه كان حتى ذلك الوقت يعمِّد خطاة تائبين فقط. (مت ٣:١، ٦، ١٣-١٧؛ لو ٣:٢١-٢٣) ولكن بما ان يسوع كان بلا خطية، فقد اشارت معموديته انه يقدِّم نفسه لفعل مشيئة ابيه. (قارن عب ١٠:٥-٩.) وبعد «صعوده من الماء» وفيما كان يصلي، «رأى السموات تنشق» ونزل عليه روح اللّٰه بهيئة جسمية مثل حمامة، وسُمع صوت يهوه من السماء يقول: «انت ابني الحبيب، عنك رضيت». — مت ٣:١٦، ١٧؛ مر ١:٩-١١؛ لو ٣:٢١، ٢٢.
ولا شك انه حين سُكب روح اللّٰه على يسوع، توضحت له مسائل عديدة. فتعابيره بعدئذ، لا سيما صلاته الحميمة الى ابيه ليلة الفصح سنة ٣٣ بم، تُظهر انه تذكر حياته قبل مجيئه الى الارض والامور التي سمع اباه يقولها ورآه يفعلها، وكذلك المجد الذي حظي به في السموات. (يو ٦:٤٦؛ ٧:٢٨، ٢٩؛ ٨:٢٦، ٢٨، ٣٨؛ ١٤:٢؛ ١٧:٥) ومن المرجح انه تذكر هذه الامور وقت معموديته ومسحه.
وبمسح يسوع بالروح القدس، نال تعيينا وتفويضا ليبشِّر ويعلِّم (لو ٤:١٦-٢١) ويخدم ايضا كنبي للّٰه. (اع ٣:٢٢-٢٦) لكن الاهم هو انه بذلك نال تعيينا وتفويضا ليكون الملك الذي وعد به يهوه، وريث عرش داود (لو ١:٣٢، ٣٣، ٦٩؛ عب ١:٨، ٩) ووريث ملكوت ابدي. لهذا السبب استطاع لاحقا ان يقول للفريسيين: «ملكوت اللّٰه في وسطكم». (لو ١٧:٢٠، ٢١) كما انه مُسح ليكون رئيس كهنة اللّٰه، لا كمتحدر من هارون بل على غرار الملك الكاهن ملكي صادق. — عب ٥:١، ٤-١٠؛ ٧:١١-١٧.
كان يسوع ابن اللّٰه منذ ولادته، تماما كما كان آدم الكامل «ابن اللّٰه». (لو ٣:٣٨؛ ١:٣٥) والملاك جبرائيل اعلن قبل ولادة يسوع انه ابن اللّٰه. لذلك حين سُمع صوت ابيه يقول بعد معموديته «انت ابني الحبيب، عنك رضيت»، (مر ١:١١) لم يكن هذا الاعلان الذي رافق مسحه بروح اللّٰه مجرد اعتراف بهويته. وهذا منطقي لأن يسوع وُلد آنذاك من اللّٰه بصفته ابنا له، اي «وُلد ثانية» اذا جاز التعبير، وصار لديه الامل ان يعيش من جديد في السموات كابن روحاني للّٰه. — قارن يو ٣:٣-٦؛ ٦:٥١؛ ١٠:١٧، ١٨؛ انظر «المعمودية»؛ «المولود الوحيد».
دوره المهم في قصد اللّٰه: رأى يهوه اللّٰه مناسبا ان يجعل ابنه البكر الشخصية الاساسية او الاهم في اتمام كل مقاصده (يو ١:١٤-١٨؛ كو ١:١٨-٢٠؛ ٢:٨، ٩)، الشخص الذي تسلِّط النبوات الاضواء عليه والذي يلقي هو الضوء على النبوات (١ بط ١:١٠-١٢؛ رؤ ١٩:١٠؛ يو ١:٣-٩)، الحل لكل المشاكل التي سبَّبها تمرد الشيطان (عب ٢:٥-٩، ١٤، ١٥؛ ١ يو ٣:٨)، والاساس الذي يبني عليه اللّٰه كل الترتيبات المستقبلية لتحقيق الخير الابدي لعائلته الكونية في السماء وعلى الارض. (اف ١:٨-١٠؛ ٢:٢٠؛ ١ بط ٢:٤-٨) ونظرا الى هذا الدور المهم الذي يؤديه يسوع في قصد اللّٰه، استطاع ان يقول بحق ودون اي مبالغة: «انا الطريق والحق والحياة. لا يأتي احد الى الآب الا بي». — يو ١٤:٦.
«السر المقدس»: ان قصد اللّٰه الذي كُشف بيسوع المسيح ‹ظل سرًّا مقدسا [لغزا] مكتوما طوال ازمنة دهرية›. (رو ١٦:٢٥-٢٧) فعلى مدى اكثر من ٠٠٠,٤ سنة، اي منذ التمرد في عدن، انتظر رجال الايمان اتمام وعد اللّٰه ‹بنسل› يسحق رأس العدو المشبه بحية ويريح بالتالي كل البشر. (تك ٣:١٥) وطوال ٠٠٠,٢ سنة تقريبا، رجوا على اساس عهد يهوه مع ابراهيم مجيء «نسل» «يمتلك . . . ابواب مدن اعدائه» وتتبارك به جميع امم الارض. — تك ٢٢:١٥-١٨.
وأخيرا، لما «جاء تمام الزمان، ارسل اللّٰه ابنه» وكشف من خلاله معنى «السر المقدس»، اعطى جوابا قاطعا عن القضية التي اثارها عدو اللّٰه (انظر «يهوه» [القضية العظمى هي قضية اخلاقية])، وهيأ الوسيلة ليفدي البشر الطائعين من الخطية والموت، اي ذبيحة ابنه الفدائية. (غل ٤:٤؛ ١ تي ٣:١٦؛ يو ١٤:٣٠؛ ١٦:٣٣؛ مت ٢٠:٢٨) وهكذا ازال يهوه اللّٰه من عقول خدامه اي شك او غموض حول مقاصده. ولهذا السبب، يقول الرسول بولس ان «وعود اللّٰه، مهما كان عددها، صارت نعم بواسطة [يسوع المسيح]». — ٢ كو ١:١٩-٢٢.
لم يشمل «السر المقدس» مجرد تحديد هوية النسل انه ابن اللّٰه، بل ايضا معرفة الدور الذي أُوكل اليه في قصد اللّٰه المعيَّن مسبقا والكشف عن هذا القصد وإتمامه من خلال يسوع المسيح. وكان هذا القصد، الذي ظل سرًّا لفترة طويلة، «لأجل تدبير عند تمام الازمنة المعيَّنة، اي ليجمع ثانية كل الاشياء في المسيح، ما في السموات وما على الارض». — اف ١:٩، ١٠.
وأحد اوجه «السر المقدس» المرتبط ارتباطا وثيقا بالمسيح يسوع هو ترؤسه حكومة سماوية جديدة. ويتألف اعضاء هذه الحكومة من اشخاص (يهود وغير يهود) يؤخذون من بين سكان الارض. ويضم نطاق حكمها السماء والارض. ففي الرؤيا المسجلة في دانيال ٧:١٣، ١٤، يدخل شخص «مثل ابن انسان» (لقب أُطلق مرارا في ما بعد على المسيح — مت ١٢:٤٠؛ ٢٤:٣٠؛ لو ١٧:٢٦؛ قارن رؤ ١٤:١٤) الى حضرة يهوه السماوية ويعطى «سلطانا وسموًّا وملكوتا، لتخدمه جميع الشعوب والامم والالسنة». لكن الرؤيا نفسها تُظهر ان «قدوسي العلي» ايضا سيشاركون ‹ابن الانسان› في مملكته وسلطانه وعظمته. (دا ٧:٢٧) فحين كان يسوع على الارض، اختار من بين تلاميذه اول اعضاء في حكومة ملكوته. وبعدما ‹التصقوا به في محنه›، صنع معهم عهدا لملكوت وصلَّى الى ابيه ان يقدسهم وطلب منه: «اريد ان يكونوا هم ايضا معي حيث اكون انا، ليروا مجدي الذي اعطيتني». (لو ٢٢:٢٨، ٢٩؛ يو ١٧:٥، ١٧، ٢٤) وبما ان الجماعة المسيحية متحدة بالمسيح، فإن «السر المقدس» يشملها هي ايضا، كما ذكر الرسول بولس لاحقا بوحي من اللّٰه. — اف ٣:١-١١؛ ٥:٣٢؛ كو ١:٢٦، ٢٧؛ انظر «السر المقدس».
«الوكيل الرئيسي للحياة»: قدَّم المسيح يسوع حياته البشرية الكاملة ذبيحة تعبيرا عن نعمة ابيه. وهذا اتاح الفرصة لأتباع المسيح المختارين ان يتحدوا به في مُلكه السماوي، وفسح المجال ان يكون هناك رعايا ارضيون في حكم ملكوته. (مت ٦:١٠؛ يو ٣:١٦؛ اف ١:٧؛ عب ٢:٥؛ انظر «الفدية».) وبذلك صار «الوكيل الرئيسي للحياة [«رئيس الحياة»، ع أ؛ م ج؛ ك ا]» لكل البشر. (اع ٣:١٥) والتعبير اليوناني المستخدم هنا يعني من حيث الاساس «القائد الرئيسي»، وهو مرتبط بكلمة «رئيس» التي أُطلقت على موسى (اع ٧:٢٧، ٣٥) نظرا الى دوره في امة اسرائيل.
ويسوع المسيح هو «القائد الرئيسي» او «رائد الحياة» (مو) بمعنى انه ادخل عنصرا جديدا ضروريا للحصول على الحياة الابدية، اي انه صار وسيلة او وسيطا لنيل الحياة. كما انه «القائد الرئيسي» بمعنى انه تسلم سلطة تنفيذية ايضا. فهو رئيس كهنة اللّٰه الذي سيطهِّر البشر كاملا من الخطية ويحرِّرهم من آثارها المميتة (عب ٣:١، ٢؛ ٤:١٤؛ ٧:٢٣-٢٥؛ ٨:١-٣)، الديان المعيَّن الذي فُوِّضت اليه كل الدينونة اذ مُنح الصلاحية ان يفيد بذبيحته الاشخاص الذين يقضي انهم مؤهلون للعيش في ظل ملكه (يو ٥:٢٢-٢٧؛ اع ١٠:٤٢، ٤٣)، والشخص الذي سيُستخدم ايضا لإقامة الاموات. (يو ٥:٢٨، ٢٩؛ ٦:٣٩، ٤٠) ولأن يهوه اللّٰه قرَّر ان يوكل هذه الادوار الى ابنه، «لا خلاص بأحد غيره، لانه ليس اسم آخر تحت السماء أُعطي بين الناس به ينبغي ان نخلص». — اع ٤:١٢؛ قارن ١ يو ٥:١١-١٣.
وبما ان «اسم» يسوع، الوكيل الرئيسي للحياة، يشمل هذا الوجه من سلطته ايضا، فإن تلاميذه الذين مثَّلوه استطاعوا بواسطة هذا الاسم ان يشفوا المرضى من العلل الناتجة عن الخطية الموروثة، حتى انهم اقاموا الاموات ايضا. — اع ٣:٦، ١٥، ١٦؛ ٤:٧-١١؛ ٩:٣٦-٤١؛ ٢٠:٧-١٢.
المغزى الكامل ‹لاسمه›: في حين يؤدي موت يسوع على خشبة آلام دورا اساسيا في خلاص البشر، من الواضح ان ‹الايمان باسم يسوع› يشمل اكثر بكثير من الاعتراف بذلك. (اع ١٠:٤٣) فبعد قيامة يسوع، اخبر تلاميذه: «دُفعت اليَّ كل سلطة في السماء وعلى الارض»، مظهرا بالتالي انه يترأس حكومة نطاقها الكون. (مت ٢٨:١٨) وقد اوضح الرسول بولس ان ابا يسوع «لم يترك شيئا غير خاضع له [اي ليسوع]»، باستثناء «الذي أَخضع له كل شيء»، اي صاحب السلطة يهوه اللّٰه. (١ كو ١٥:٢٧؛ عب ١:١-١٤؛ ٢:٨) لذلك فإن «اسم» يسوع المسيح يفوق اسم ملائكة اللّٰه، بمعنى ان اسمه يشمل او يمثل السلطة التنفيذية الواسعة التي اوكلها يهوه اليه. (عب ١:٣، ٤) ووحدهم الذين يعترفون طوعا بهذا ‹الاسم› وينحنون له، اذ يخضعون للسلطة التي يمثلها، يحصلون على حياة ابدية. (اع ٤:١٢؛ اف ١:١٩-٢٣؛ في ٢:٩-١١) فعليهم بكل صدق وبلا رياء ان يطبقوا المقاييس التي جسَّدها يسوع ويطيعوا وصاياه بإيمان. — مت ٧:٢١-٢٣؛ رو ١:٥؛ ١ يو ٣:٢٣.
ما هو «اسم» يسوع الذي من اجله يكون المسيحيون مبغضين من جميع الامم؟
اوضح يسوع هذا الوجه الآخر ‹لاسمه› حين حذر اتباعه نبويا: «تكونون مبغضين من جميع الامم من اجل اسمي». (مت ٢٤:٩؛ ايضا مت ١٠:٢٢؛ يو ١٥:٢٠، ٢١؛ اع ٩:١٥، ١٦) وبالطبع، ليس السبب وراء ذلك ان اسمه يمثل دوره كفادٍ، بل كحاكم معيَّن من اللّٰه، ملك الملوك، الذي يجب ان تنحني له كل الامم بخضوع وإلا فستهلك. — رؤ ١٩:١١-١٦؛ قارن مز ٢:٧-١٢.
ومن المؤكد ايضا ان الشياطين حين خضعت لأمر يسوع ان تخرج من اشخاص كانت تسيطر عليهم، لم تفعل ذلك لأنه حَمَلُ اللّٰه الذي سيقدَّم ذبيحة. بل بسبب السلطة التي شملها اسمه كممثل الملكوت المعيَّن الذي لديه الصلاحية ان يطلب لا فيلقا واحدا بل اثني عشر فيلقا من الملائكة قادرين على اخراج الشياطين التي قد تقاوم امره بعناد. (مر ٥:١-١٣؛ ٩:٢٥-٢٩؛ مت ١٢:٢٨، ٢٩؛ ٢٦:٥٣؛ قارن دا ١٠:٥، ٦، ١٢، ١٣.) وقد كان رسل يسوع الامناء قبل موته وبعده مخوَّلين ان يُخرجوا الشياطين باسمه. (لو ٩:١؛ ١٠:١٧؛ اع ١٦:١٦-١٨) ولكن حين حاول ابناء الكاهن اليهودي سكاوا ان يستعملوا اسم يسوع لهذه الغاية، اعترض الروح الشرير على استخدامهم السلطة التي يمثلها هذا الاسم، وجعل الرجل الذي يسيطر عليه يهاجمهم ويؤذيهم. — اع ١٩:١٣-١٧.
كثيرا ما استخدم اتباع يسوع عبارة «اسم الرب يسوع» او «اسم ربنا يسوع المسيح». (اع ٨:١٦؛ ١٥:٢٦؛ ١٩:٥، ١٣، ١٧؛ ١ كو ١:٢، ١٠؛ اف ٥:٢٠؛ كو ٣:١٧) وهم اعتبروه ربهم ليس فقط لأنه قدَّم نفسه ذبيحة فصار فاديهم ومالكهم المعيَّن من اللّٰه (١ كو ٦:٢٠؛ ٧:٢٢، ٢٣؛ ١ بط ١:١٨، ١٩؛ يه ٤)، بل ايضا بسبب سلطته ومركزه الملكيين. فباسمه، الذي يمثِّل سلطته الملكية والكهنوتية الكاملة، نقلوا البشارة (اع ٥:٢٩-٣٢، ٤٠-٤٢)، عمَّدوا تلاميذ (مت ٢٨:١٨-٢٠؛ اع ٢:٣٨؛ قارن ١ كو ١:١٣-١٥)، فصلوا اشخاصا فاسدين جنسيا (١ كو ٥:٤، ٥)، وحثوا وأوصوا الجماعات المسيحية التي كانوا رعاة لها. (١ كو ١:١٠؛ ٢ تس ٣:٦) وهذا يعني ان الذين يعتبرهم يسوع مؤهلين لنيل الحياة لا يجب ان يؤمنوا او يعطوا ولاءهم ‹لاسم› آخر بصفته ممثل سلطة اللّٰه كحاكم، بل يلزم ان يعربوا عن ولاء مطلق ‹لاسم› هذا الملك المفوَّض من اللّٰه، الرب يسوع المسيح. — مت ١٢:١٨، ٢١؛ رؤ ٢:١٣؛ ٣:٨؛ انظر «الاقتراب الى اللّٰه».
‹الشهادة للحق›: عندما سأل بيلاطس يسوع: «أفأنت اذًا ملك؟»، اجابه يسوع: «انت نفسك تقول اني ملك. لهذا وُلدت، ولهذا اتيت الى العالم، لأشهد للحق. كل من هو الى جانب الحق يسمع صوتي». (يو ١٨:٣٧؛ انظر «الدعوى» [محاكمة يسوع].) وتُظهر الاسفار المقدسة انه لم يشهد للحق بالمطلق، بل للحق البالغ الاهمية عن مقاصد اللّٰه في الماضي والحاضر، الحق المبني على حقيقة جوهرية متعلقة بمشيئة اللّٰه السامية وقدرته على اتمام هذه المشيئة. وقد كشف يسوع من خلال خدمته بأن هذا الحق، الذي هو جزء من «السر المقدس»، هو ملكوت اللّٰه الذي يؤدي فيه يسوع المسيح، «ابن داود»، دور الكاهن والملك الجالس على العرش. وكان هذا ايضا فحوى الرسالة التي اعلنها الملائكة قبل وعند ولادته في بيت لحم باليهودية، مدينة داود. — لو ١:٣٢، ٣٣؛ ٢:١٠-١٤؛ ٣:٣١.
تطلبت خدمة يسوع التي اشتملت على الشهادة للحق اكثر من مجرد التكلم والتبشير والتعليم. ففضلا عن تخليه عن مجده السماوي ليولد كإنسان، كان عليه ان يتمم كل ما أُنبئ عنه، بما في ذلك الظلال او النماذج الواردة في عهد الشريعة. (كو ٢:١٦، ١٧؛ عب ١٠:١) ولكي يدافع عن حق كلمة ابيه النبوية ووعوده، لزم ان يجسد هذا الحق بأقواله وأفعاله، نمط حياته، وطريقة موته. ففي الواقع، كان عليه ان يكون الحق، اي يجسِّد الحق، كما قال عن نفسه. — يو ١٤:٦.
لهذا السبب كتب الرسول يوحنا ان يسوع كان «مملوءا نعمة وحقًّا»، وذكر ايضا ان «الشريعة أُعطيت بموسى»، ولكن «صارت النعمة والحق بيسوع المسيح». (يو ١:١٤، ١٧) فمن خلال ولادته كإنسان، تقديم نفسه للّٰه بمعمودية الماء، خدمته في سبيل ملكوت اللّٰه ثلاث سنوات ونصفا، موته امينا للّٰه، وقيامته الى السماء، من خلال هذه الحوادث التاريخية كلها، «صار . . . الحقُّ»، اي تحقق او صار واقعا. (قارن يو ١:١٨؛ كو ٢:١٧.) وعليه فإن سيرة حياة يسوع المسيح بكاملها كانت ‹شهادة للحق›، للأمور التي حلف اللّٰه ان يتممها. فيسوع لم يكن ظلا للمسيا او المسيح بل كان هو المسيا الحقيقي الموعود به. ولم يكن ظلا للملك الكاهن بل كان هو بذاته الملك الكاهن المرموز اليه. — رو ١٥:٨-١٢؛ قارن مز ١٨:٤٩؛ ١١٧:١؛ تث ٣٢:٤٣؛ اش ١١:١٠.
وهذا الحق «يحرر» مَن يُظهر انه «الى جانب الحق» بقبول دور يسوع في قصد اللّٰه. (يو ٨:٣٢-٣٦؛ ١٨:٣٧) اما مَن يتجاهل قصد اللّٰه المتعلق بابنه، ويعلِّق آماله على اساس آخر، ويتوصل الى استنتاجات عن اساس آخر يبني عليه حياته، فهو ينجرُّ وراء الاكاذيب ويخدع نفسه ويتبع ابا الكذب عدو اللّٰه. (مت ٧:٢٤-٢٧؛ يو ٨:٤٢-٤٧) وهذا يؤدي به الى ‹الموت في خطاياه›. (يو ٨:٢٣، ٢٤) لهذا السبب، لم يتردد يسوع في الكشف عن مكانته في قصد اللّٰه.
صحيح ان يسوع امر تلاميذه بشدة الا يقولوا لأحد انه المسيا (مت ١٦:٢٠؛ مر ٨:٢٩، ٣٠)، ونادرا ما قال مباشرة عن نفسه انه المسيح الا حين كان وحده معهم (مر ٩:٣٣، ٣٨، ٤١؛ لو ٩:٢٠، ٢١؛ يو ١٧:٣)، لكنه لفت الانتباه تكرارا وبكل جرأة الى الادلة في النبوات وفي اعماله التي برهنت انه المسيح. (مت ٢٢:٤١-٤٦؛ يو ٥:٣١-٣٩، ٤٥-٤٧؛ ٧:٢٥-٣١) اما في الحادثة حين كان يكلِّم المرأة السامرية على البئر بعدما «اعيا من السفر»، فقد كشف لها هويته ربما ليثير فضول سكان المدينة كي يأتوا اليه، وهذا ما حصل بالفعل. (يو ٤:٦، ٢٥-٣٠) على اية حال، ادعاؤه انه المسيا لم يكن له معنى لو لم ترافقه ادلة؛ وبالمقابل، وجب على الذين رأوه وسمعوه ان يتحلوا بالايمان كي يقبلوا الحقيقة التي اشارت اليها هذه الادلة الدامغة. — لو ٢٢:٦٦-٧١؛ يو ٤:٣٩-٤٢؛ ١٠:٢٤-٢٧؛ ١٢:٣٤-٣٦.
امتُحن وكُمِّل: اعرب يهوه اللّٰه عن ثقة مطلقة بابنه حين اوكل اليه مهمة المجيء الى الارض ليكون المسيا الموعود به. وقصْد اللّٰه ان يأتي «نسل» (تك ٣:١٥)، اي المسيا، ويقدِّم نفسه ذبيحة بصفته حمل اللّٰه، كان امرا عرفه اللّٰه مسبقا «قبل تأسيس العالم» (١ بط ١:١٩، ٢٠)، عبارة تناقَش تحت العنوان «المعرفة المسبقة، التعيين المسبق» (تعيين المسيا مسبقا). لكن سجل الكتاب المقدس لا يذكر في اي وقت بالتحديد اختار يهوه الشخص الذي سيتمم هذا الدور او متى اعلمه بذلك، هل وقت التمرد في عدن او في وقت لاحق. والمتطلبات، تحديدا تلك المتعلقة بالذبيحة الفدائية، استبعدت استخدام انسان ناقص، لكنها بالمقابل اوجبت استخدام ابن روحاني كامل. وقد اختار يهوه، من بين ابنائه الروحانيين الذين يُعدُّون بالملايين، ابنا واحدا ليقوم بهذه المهمة: ابنه البكر، الكلمة. — قارن عب ١:٥، ٦.
قبِل ابن اللّٰه هذا التعيين عن طيب خاطر. وهذا واضح في فيلبي ٢:٥-٨ التي تذكر انه «اخلى نفسه» اي ترك مجده السماوي وطبيعته الروحانية «آخذا هيئة عبد»، اذ قبِل ان تُنقل حياته الى الارض ليعيش انسانا من لحم ودم. وقد رافقت تعيينه مسؤولية ضخمة شملت امورا كثيرة. فبقاؤه امينا كان سيثبت كذب ادعاء الشيطان، الواضح في حالة ايوب، ان خدام اللّٰه ينكرونه اذا واجهوا الحرمان والمعاناة والتجارب. (اي ١:٦-١٢؛ ٢:٢-٦) وبما ان يسوع هو ابن اللّٰه البكر، فهو الوحيد بين كل مخلوقات اللّٰه القادر ان يعطي الجواب الشافي عن هذا الاتهام ويزوِّد افضل برهان لصالح ابيه في القضية الاهم المرتبطة بحق يهوه بأن يكون صاحب السلطة في الكون. وهكذا يُثبت انه «الآمين، الشاهد الامين والحق». (رؤ ٣:١٤) اما فشله فكان سيلحق باسم ابيه اسوأ تعيير على الاطلاق.
وبالطبع، عندما اختار يهوه ابنه المولود الوحيد، لم يكن ‹يضع يديه عليه بالعجلة› معرِّضا نفسه ‹للاشتراك في خطايا الآخرين›، لأن يسوع لم يكن شخصا حديث الايمان يُحتمل ان «ينتفخ بالكبرياء فيسقط في الدينونة التي صدرت على ابليس». (قارن ١ تي ٥:٢٢؛ ٣:٦.) فيهوه ‹عرف ابنه تماما› نتيجة علاقتهما اللصيقة على مدى دهور لا تحصى (مت ١١:٢٧؛ قارن تك ٢٢:١٢؛ نح ٩:٧، ٨.)، واختاره على هذا الاساس ليتمم النبوات الصادقة في كلمته. (اش ٤٦:١٠، ١١) اذًا، لم يكن اللّٰه يضمن اعتباطيا او آليا ‹نجاح› ابنه بمجرد اعطائه دور المسيا المنبإ به (اش ٥٥:١١)، حسبما تدعي عقيدة القضاء والقدر.
ومع ان الابن لم يكن قد مر بامتحان كهذا من قبل، فهو سبق ان اعرب عن امانته وتعبده للّٰه بطرائق اخرى. فرغم انه تولى مسؤولية كبيرة بصفته الكلمة اي الناطق باسم اللّٰه، لم يسئ استخدام مركزه وسلطته، كما فعل ذات مرة موسى المتحدث باسم اللّٰه على الارض. (عد ٢٠:٩-١٣؛ تث ٣٢:٤٨-٥١؛ يه ٩) وبما انه هو الذي وُجدت به كل الاشياء، فقد كان هذا الابن الها، «الاله المولود الوحيد» (يو ١:١٨)، وبالتالي تمتع بمركز مجيد وأسمى من كل ابناء اللّٰه الروحانيين الآخرين. مع ذلك، لم يتكبر. (قارن بالمقابل حز ٢٨:١٤-١٧.) لذا، لا يمكن القول ان الابن لم يبرهن من قبل عن ولائه وتواضعه وتعبده للّٰه من نواح عديدة.
للإيضاح، فكر في الامتحان الذي وُضع امام آدم، اول ابن بشري للّٰه. فهذا الامتحان كما وضعه اللّٰه في الاساس لم يشمل تحمُّل الاضطهاد او العذاب، بل مجرد اطاعة واحترام مشيئة اللّٰه المتعلقة بشجرة معرفة الخير والشر. (تك ٢:١٦، ١٧؛ انظر «الاشجار».) ولم يشمل ايضا تمرد الشيطان وتجربته؛ فهذا كان امتحانا اضافيا نشأ من مصدر لا علاقة له باللّٰه. كما انه لم يتضمن اي تجربة من مصدر بشري، كما حصل مع آدم نتيجة خطإ حواء. (تك ٣:٦، ١٢) وعليه، كان يمكن ان يُمتحن آدم دون اي تجربة او تأثير خارجي يجره الى فعل الخطإ؛ فالمسألة كلها اعتمدت على قلبه، على محبته للّٰه وعدم انانيته. (ام ٤:٢٣) ولو اعرب عن الامانة لحظي بالامتياز ان «يأخذ من شجرة الحياة . . . ويأكل ويحيا الى الدهر» بصفته انسانا ممتحنا ومقبولا كابن للّٰه (تك ٣:٢٢)، وكل ذلك دون ان يتعرض لأي تجربة او تأثير رديء، او اضطهاد، او معاناة.
والجدير بالذكر ايضا ان الابن الروحاني الذي اصبح الشيطان لم يبتعد عن خدمة اللّٰه لأن احدا اضطهده او جرَّبه كي يفعل الخطأ. وطبعا، لم يكن اللّٰه مصدر هذه التجربة لأنه ‹لا يمتحن احدا بالسيئات›. الا ان هذا الابن الروحاني لم يحافظ على ولائه، بل سمح ‹لشهوته بأن تجتذبه وتغريه› فأخطأ وأصبح متمردا. (يع ١:١٣-١٥) وهكذا لم ينجح في امتحان المحبة.
بالمقابل، استلزمت القضية التي اثارها عدو اللّٰه ان يخضع الابن، المسيا الموعود به والملك المستقبلي في ملكوت اللّٰه، لامتحان الاستقامة في ظروف جديدة. وهذا الامتحان والمعاناة الناتجة عنه كانا ايضا ضروريين ‹ليُكمَّل› من اجل مركزه كرئيس كهنة اللّٰه للبشر. (عب ٥:٩، ١٠) وكي يبلغ المتطلبات اللازمة ليُنصَّب بالكامل وكيلا رئيسيا للخلاص، «لزم ان يشبه ‹اخوته› [الذين صاروا اتباعه الممسوحين] من جميع النواحي، لكي يكون رئيس كهنة رحيما وأمينا». فلزم ان يتحمل الصعاب والمعاناة كي «يقدر ان يأتي لمساعدة الممتحَنين» ويتعاطف معهم في ضعفاتهم، اذ «امتُحن في كل شيء مثلنا، الا انه بلا خطية». ومع انه كامل وبلا خطية، فهو «قادر ان يرفق بالجاهلين والضالين». فبواسطة رئيس كهنة مثل هذا فقط، يقدر البشر الناقصون ان ‹يقتربوا بحرية كلام من عرش النعمة، لكي ينالوا رحمة ويجدوا نعمة عندما يحتاجون الى العون›. — عب ٢:١٠-١٨؛ ٤:١٥–٥:٢؛ قارن لو ٩:٢٢.
بقي حر الارادة: قال يسوع بنفسه ان كل النبوات عن المسيا ‹لا بد ان تتم›. (لو ٢٤:٤٤-٤٧؛ مت ١٦:٢١؛ قارن مت ٥:١٧.) لكن هذا بالتأكيد لم يعفِ ابن اللّٰه من المسؤولية الثقيلة ولم يجرِّده من حرية الاختيار: ان يكون امينا او لا. فالمسألة لم تكن من طرف واحد، معتمدة بالكامل على يهوه اللّٰه القادر على كل شيء. بل كان على ابنه ان يقوم بدوره كي يتمم النبوات. فاللّٰه ضمِن اتمام النبوات باختياره الحكيم للشخص الذي سيقوم بالتعيين، اي «ابن محبته». (كو ١:١٣) ومن الواضح ان هذا الابن بقي يتمتع بحرية الارادة ويستخدمها حين كان انسانا على الارض. فيسوع تكلم بإرادته، اظهر انه يُخضع نفسه طوعا لمشيئة ابيه (مت ١٦:٢١-٢٣؛ يو ٤:٣٤؛ ٥:٣٠؛ ٦:٣٨)، وسعى الى اتمام تعيينه حسبما أُنبئ به في كلمة ابيه. (مت ٣:١٥؛ ٥:١٧، ١٨؛ ١٣:١٠-١٧، ٣٤، ٣٥؛ ٢٦:٥٢-٥٤؛ مر ١:١٤، ١٥؛ لو ٤:٢١) وبالطبع، لم يقدر يسوع ان يتحكم بتفاصيل نبوية اخرى، ولا سيما ان بعضها حصل بعد موته. (مت ١٢:٤٠؛ ٢٦:٥٥، ٥٦؛ يو ١٨:٣١، ٣٢؛ ١٩:٢٣، ٢٤، ٣٦، ٣٧) وما يذكره السجل عن الليلة التي سبقت موته يُظهر بوضوح تام انه بذل جهدا كبيرا كي يُخضع مشيئته للمشيئة الاسمى، مشيئة ابيه الاكثر حكمة. (مت ٢٦:٣٦-٤٤؛ لو ٢٢:٤٢-٤٤) ويُظهر ايضا ان يسوع، رغم كماله، عرف جيدا انه بحاجة كإنسان ان يتكل على ابيه يهوه اللّٰه كي يمده بالقوة وقت الحاجة. — يو ١٢:٢٣، ٢٧، ٢٨؛ عب ٥:٧.
بناء على ذلك، كان لدى يسوع امور كثيرة ليتأمل فيها ويحصِّن نفسه استعدادا لها خلال الـ ٤٠ يوما التي قضاها صائما (مثل موسى) في البرية بعد معموديته ومسحه. (خر ٣٤:٢٨؛ لو ٤:١، ٢) فهو تعرض هناك لمواجهة مباشرة مع عدو ابيه المشبه بحية. فالشيطان ابليس استخدم اساليب مشابهة لأساليبه في عدن، محاولا ان يقنع يسوع بالتصرف بأنانية وترفيع نفسه وإنكار سلطة ابيه. ولكن بخلاف آدم، حافظ يسوع («آدم الاخير») على استقامته. وبالاشارة تكرارا الى مشيئة ابيه المعلنة، جعل الشيطان ينسحب «الى فرصة اخرى». — لو ٤:١-١٣؛ ١ كو ١٥:٤٥.
اعماله وصفاته: بما ان ‹النعمة والحق كانا سيصيران بيسوع المسيح›، لزم ان يختلط بالناس كي يسمعوا كلامه ويروا اعماله وصفاته. وهكذا يميزون انه المسيا ويؤمنون بذبيحته حين يموت من اجلهم بصفته «حمل اللّٰه». (يو ١:١٧، ٢٩) وقد زار يسوع مناطق عديدة في فلسطين، قاطعا مئات الكيلومترات سيرا على الاقدام. وتحدث مع الناس قرب البحيرات والتلال، في المدن والقرى، في الهيكل والمجامع، في الاسواق والشوارع والبيوت (مت ٥:١، ٢؛ ٢٦:٥٥؛ مر ٦:٥٣-٥٦؛ لو ٤:١٦؛ ٥:١-٣؛ ١٣:٢٢، ٢٦؛ ١٩:٥، ٦)، مخاطبا افرادا وجموعا كبيرة، رجالا ونساء، كبارا وصغارا، اغنياء وفقراء. — مر ٣:٧، ٨؛ ٤:١؛ يو ٣:١-٣؛ مت ١٤:٢١؛ ١٩:٢١، ٢٢؛ ١١:٤، ٥.
والجدول المرافق لهذه المقالة يعرض بالترتيب الزمني الاحداث التي ترد في الروايات الاربع لحياة يسوع على الارض. ويقدِّم ايضا تفاصيل حول «الحملات» او الجولات العديدة التي قام بها اثناء خدمته ثلاث سنوات ونصفا.
وقد رسم يسوع لتلاميذه مثالا في الاجتهاد، الاستيقاظ باكرا، والخدمة حتى الليل. (لو ٢١:٣٧، ٣٨؛ مر ١١:٢٠؛ ١:٣٢-٣٤؛ يو ٣:٢؛ ٥:١٧) وأكثر من مرة، بقي كل الليل يصلِّي، كما فعل قبل موعظته على الجبل. (مت ١٤:٢٣-٢٥؛ لو ٦:١٢–٧:١٠) وفي مناسبة اخرى، بعد خدمته في الليل، قام اذ كان ظلام بعد وذهب الى مكان خلاء ليصلِّي. (مر ١:٣٢، ٣٥) ومع ان الجموع غالبا ما قاطعوا خلوته، «استقبلهم وابتدأ يكلمهم عن ملكوت اللّٰه». (لو ٩:١٠، ١١؛ مر ٦:٣١-٣٤؛ ٧:٢٤-٣٠) وعانى من التعب والعطش والجوع، حتى انه امتنع عن الاكل احيانا كي يتمم عمله. — مت ٢١:١٨؛ يو ٤:٦، ٧، ٣١-٣٤؛ قارن مت ٤:٢-٤؛ ٨:٢٤، ٢٥.
نظرته المتزنة الى الامور المادية: الا ان يسوع لم يكن شخصا زاهدا ينكر نفسه الى اقصى الحدود دون ان يأخذ في الاعتبار الظروف حوله. (لو ٧:٣٣، ٣٤) فهو لبى دعوات كثيرة الى وجبات طعام او حتى ولائم في بيوت الاغنياء. (لو ٥:٢٩؛ ٧:٣٦؛ ١٤:١؛ ١٩:١-٦) وأضفى جوا من الفرح في عرس بتحويل الماء الى خمر جيدة. (يو ٢:١-١٠) كما انه قدَّر الاعمال الحسنة التي صنعها الآخرون من اجله. مثلا، حين سكبت مريم اخت لعازر مَنًا من زيت عطر (اي ما يعادل آنذاك اجرة عامل في السنة تقريبا) على قدمي يسوع، عبَّر يهوذا عن استيائه منها وادعى انه مهتم بالفقراء الذين كانوا سيستفيدون لو بيع هذا الزيت. عندئذ قال له يسوع: «دعها وشأنها، لكي تَحفظ هذه العادة إعدادا ليوم دفني. لأن الفقراء عندكم كل حين، وأما انا فلن اكون عندكم كل حين». (يو ١٢:٢-٨؛ مر ١٤:٦-٩) ويبدو ان القميص الذي كان يلبسه عند اعتقاله نوعيته جيدة لأنه ‹منسوج من فوق على مدى طوله›. (يو ١٩:٢٣، ٢٤) رغم كل ذلك، وضع يسوع دائما الامور الروحية اولا ولم يقلق فوق اللزوم بشأن الامور المادية، تماما كما نصح الآخرين. — مت ٦:٢٤-٣٤؛ ٨:٢٠؛ لو ١٠:٣٨-٤٢؛ قارن في ٤:١٠-١٢.
محرِّر شجاع: اعرب يسوع عن الشجاعة والرجولة والقوة خلال خدمته. (مت ٣:١١؛ لو ٤:٢٨-٣٠؛ ٩:٥١؛ يو ٢:١٣-١٧؛ ١٠:٣١-٣٩؛ ١٨:٣-١١) فهو، مثل يشوع والملك داود وغيرهما، حارب دفاعا عن قضية اللّٰه ومن اجل محبي البر. فبصفته ‹النسل› الموعود به، كان عليه ان يواجه عداوة ‹نسل الحية› ويحاربه. (تك ٣:١٥؛ ٢٢:١٧) فشنَّ حربا شرسة ضد الشياطين وتأثيرهم على اذهان الناس وقلوبهم. (مر ٥:١-١٣؛ لو ٤:٣٢-٣٦؛ ١١:١٩-٢٦؛ قارن ٢ كو ٤:٣، ٤؛ اف ٦:١٠-١٢.) كما جابه القادة الدينيين المرائين الذين اظهروا انهم في الحقيقة مقاومون لسلطان اللّٰه ومشيئته. (مت ٢٣:١٣، ٢٧، ٢٨؛ لو ١١:٥٣، ٥٤؛ يو ١٩:١٢-١٦) وغلبهم غلبة تامة في سلسلة من المواجهات الكلامية. فقد استخدم «سيف الروح»، اي كلمة اللّٰه، بقوة وإتقان وأسلوب بارع كي يدحض حججهم الخبيثة ويرد على اسئلتهم الملغومة، مفحما اياهم بمهارة. (مت ٢١:٢٣-٢٧؛ ٢٢:١٥-٤٦) وبكل جرأة، كشفهم على حقيقتهم: معلمين متمسكين بتقاليد البشر وشكلياتهم، قادة عميان، سلالة افاعٍ، وأولاد عدو اللّٰه رئيس الشياطين المجرم والكذاب. — مت ١٥:١٢-١٤؛ ٢١:٣٣-٤١، ٤٥، ٤٦؛ ٢٣:٣٣-٣٥؛ مر ٧:١-١٣؛ يو ٨:٤٠-٤٥.
وفي كل هذا، لم يتهور يسوع او يفتعل المشاكل، ولم يعرِّض نفسه للمخاطر دون لزوم. (مت ١٢:١٤، ١٥؛ مر ٣:٦، ٧؛ يو ٧:١، ١٠؛ ١١:٥٣، ٥٤؛ قارن مت ١٠:١٦، ١٧، ٢٨-٣١.) فشجاعته كانت نابعة من ايمانه. (مر ٤:٣٧-٤٠) ولم يفقد السيطرة على نفسه بل حافظ على هدوئه في وجه الاهانة وسوء المعاملة، «مسلِّما امره لمن يدين بالبر». — ١ بط ٢:٢٣.
وقد حارب يسوع بشجاعة دفاعا عن الحق وكان نورا للناس اذ كشف قصد اللّٰه لهم. وبذلك تمم دوره المنبأ به كمحرِّر اعظم من موسى. فهو نادى بالحرية للمأسورين. (اش ٤٢:١، ٦، ٧؛ ار ٣٠:٨-١٠؛ اش ٦١:١) وفي حين رفض كثيرون هذه الحرية لأسباب انانية او خوفا من اصحاب السلطة (يو ٧:١١-١٣؛ ٩:٢٢؛ ١٢:٤٢، ٤٣)، استجمع آخرون الجرأة وتحرروا من قيود الجهل والتبعية المذلة للقادة الزائفين ومن الاتكال على الآمال الكاذبة. (يو ٩:٢٤-٣٩؛ قارن غل ٥:١.) ومثل الحملات التي شنها ملوك يهوذا الامناء لإزالة العبادة الباطلة (٢ اخ ١٥:٨؛ ١٧:١، ٤-٦؛ ٢ مل ١٨:١، ٣-٦)، زعزعت خدمة يسوع، الملك المسياني المعيَّن من اللّٰه، أُسس الدين الباطل في ايامه. — يو ١١:٤٧، ٤٨.
لمزيد من المعلومات حول خدمة يسوع المسيح على الارض، انظر «الخرائط»، المجلد ٢، ص X،X.
رقيق المشاعر: من جهة اخرى، كان يسوع رجلا يتحلى بالرقة، صفة ضرورية للخدمة كرئيس كهنة للّٰه. فمع انه كامل، لم يكن انتقاديا ومتكبرا ومستبدا (مثل الفريسيين) في تعاملاته مع الناس الناقصين المثقلين بالخطية الذين عاش بينهم وعمل معهم. (مت ٩:١٠-١٣؛ ٢١:٣١، ٣٢؛ لو ٧:٣٦-٤٨؛ ١٥:١-٣٢؛ ١٨:٩-١٤) حتى الاولاد شعروا بالراحة معه. وحين استعان بولد ليعطي تلاميذه مثلا، لم يوقفه امامهم فحسب بل «ضمَّه بذراعيه» ايضا. (مر ٩:٣٦؛ ١٠:١٣-١٦) وكان صديقا حقيقيا ورفيقا حنونا لأتباعه، اذ «بلغت محبته لهم الى المنتهى». (يو ١٣:١؛ ١٥:١١-١٥) ولم يستغل سلطته ليطلب الكثير من الناس ويزيد اعباءهم، بل قال لهم: «تعالوا اليَّ يا جميع المتعبين . . . وأنا انعشكم». وقد شعر تلاميذه انه «وديع ومتضع القلب» وأن نيره لطيف وحمله خفيف. — مت ١١:٢٨-٣٠.
شملت مهام الكاهن الاعتناء بصحة الشعب الجسدية والروحية. (لا ١٣–١٥) على نحو مماثل، ساعد يسوع بدافع الشفقة والرأفة الذين عانوا من المرض والعمى وغيرها من المصائب. (مت ٩:٣٦؛ ١٤:١٤؛ ٢٠:٣٤؛ لو ٧:١١-١٥؛ قارن اش ٦١:١.) وعندما مات صديقه لعازر وشعرت اختا الميت بحزن شديد، ‹أنَّ وذرف الدموع›. (يو ١١:٣٢-٣٦) وهكذا كما هو منبأ مسبقا عن المسيا، ‹حمل يسوع امراض› الناس و ‹تحمل اوجاعهم›، ولو على حساب طاقته. (اش ٥٣:٤؛ لو ٨:٤٣-٤٨) لكنه لم يفعل ذلك اتماما للنبوة فحسب، بل لأنه ‹اراد›. (مت ٨:٢-٤، ١٦، ١٧) والاهم انه شفى الناس روحيا وغفر خطاياهم لأنه مخوَّل ان يفعل ذلك بصفته المسيح، وبالتالي المعيَّن مسبقا ليقدِّم نفسه ذبيحة فدائية. وفي الواقع، كان آنذاك قد ابتدأ يختبر المعمودية في الموت التي كانت ستكتمل بتعليقه على خشبة الآلام. — اش ٥٣:٤-٨، ١١، ١٢؛ قارن مت ٩:٢-٨؛ ٢٠:٢٨؛ مر ١٠:٣٨، ٣٩؛ لو ١٢:٥٠.
‹مشير عجيب›: كان الكاهن مسؤولا عن تعليم الشعب شريعة اللّٰه ومشيئته. (مل ٢:٧) بصورة مشابهة، كان على يسوع، بصفته المسيا الملك، ‹القضيب› المنبأ انه ‹يخرج من جذع يسى [ابي داود]›، ان يُظهر ان ‹روح يهوه› عليه بالاعراب عن ‹الحكمة والفهم، المشورة والقدرة، المعرفة ومخافة يهوه›. كما كان عليه ان يُظهر ان «متعته في مخافة يهوه». (اش ١١:١-٣) والحكمة الفريدة في تعاليمه، هو الذي كان «اعظم من سليمان» (مت ١٢:٤٢)، هي من اقوى الادلة انه كان بالفعل ابن اللّٰه وأن روايات الاناجيل لا يمكن ان تكون حصيلة افكار وتخيلات رجال ناقصين.
لقد اثبت يسوع انه ‹المشير العجيب› الموعود به (اش ٩:٦) من خلال معرفة كلمة اللّٰه ومشيئته، فهم الطبيعة البشرية، القدرة على معرفة ابعاد الامور وأعماقها، وتزويد حلول لمشاكل الحياة اليومية. وأبرز مثال على ذلك هو موعظته الشهيرة على الجبل. (مت ٥–٧) فمن خلالها، اظهر يسوع كيفية ايجاد السعادة الحقيقية، حل الخلافات، تجنب الفساد الجنسي، والتعامل مع الاشخاص العدائيين. وأوضح ايضا كيفية ممارسة البر دون رياء، الموقف الصائب من الامور المادية في الحياة، ضرورة الثقة بكرم اللّٰه، القاعدة الذهبية للعلاقات الجيدة مع الآخرين، طريقة كشف الخداع الديني، والسبيل الى بناء مستقبل آمن. وفي النتيجة، «ذهلت الجموع من طريقة تعليمه، لأنه كان يعلِّمهم كمن له سلطة، لا ككتبتهم». (مت ٧:٢٨، ٢٩) وبعد قيامته، بقي يسوع العنصر الرئيسي في القناة التي استخدمها يهوه للتواصل مع البشر.— رؤ ١:١.
معلِّم بارع: كان اسلوب يسوع التعليمي فعالا جدا. (يو ٧:٤٥، ٤٦) فهو عالج مسائل مهمة وعميقة ببساطة واختصار ووضوح. وشرح افكاره بأمثلة مألوفة لسامعيه (مت ١٣:٣٤، ٣٥) الذين كانوا صيادي سمك (مت ١٣:٤٧، ٤٨)، رعاة (يو ١٠:١-١٧)، مزارعين (مت ١٣:٣-٩)، بنائين (مت ٧:٢٤-٢٧؛ لو ١٤:٢٨-٣٠)، تجارا (مت ١٣:٤٥، ٤٦)، عبيدا وأسيادا (لو ١٦:١-٩)، ربات منزل (مت ١٣:٣٣؛ لو ١٥:٨)، وغيرهم (مت ٦:٢٦-٣٠). واستخدم اشياء بسيطة كالخبز، الماء، الملح، زقاق الخمر، والاردية العتيقة ليشير الى امور في غاية الاهمية، مثلما ورد من قبل في الاسفار العبرانية. (يو ٦:٣١-٣٥، ٥١؛ ٤:١٣، ١٤؛ مت ٥:١٣؛ لو ٥:٣٦-٣٩) وكلامه المنطقي، الذي تضمن الكثير من التشابيه، نقض الاعتراضات الخاطئة ووضع الامور في نصابها الصحيح. (مت ١٦:١-٣؛ لو ١١:١١-٢٢؛ ١٤:١-٦) وكان الهدف من كلامه ان يصل الى قلوب الناس. فطرح عليهم اسئلة مسَّتهم في الصميم ودفعتهم الى التفكير والاستنتاج وفحص دوافعهم واتخاذ القرارات. (مت ١٦:٥-١٦؛ ١٧:٢٤-٢٧؛ ٢٦:٥٢-٥٤؛ مر ٣:١-٥؛ لو ١٠:٢٥-٣٧؛ يو ١٨:١١) لكنه لم يسعَ الى الفوز برضى الناس، بل اراد ان يحرِّك قلوب المخلصين الجياع الى الحق والبر. — مت ٥:٣، ٦؛ ١٣:١٠-١٥.
ورغم انه اخذ في الاعتبار قدرة الاستيعاب المحدودة لدى سامعيه، بمن فيهم تلاميذه (مر ٤:٣٣)، وحدَّد بتمييز كمية المعلومات التي يتحملونها (يو ١٦:٤، ١٢)، لم يلطِّف رسالة اللّٰه ليحظى بشعبية كبيرة او ينال استحسان الآخرين. فكلامه كان صريحا، حتى شديد اللهجة احيانا. (مت ٥:٣٧؛ لو ١١:٣٧-٥٢؛ يو ٧:١٩؛ ٨:٤٦، ٤٧) وكان محور رسالته: «توبوا، فقد اقترب ملكوت السموات». (مت ٤:١٧) ومثل انبياء يهوه الذين سبقوه، اخبر الناس صراحة «بعصيانهم، وبيت يعقوب بخطاياهم» (اش ٥٨:١؛ مت ٢١:٢٨-٣٢؛ يو ٨:٢٤)، موجِّها اياهم الى ‹البوابة الضيقة والطريق الحرج› اللذين يؤديان الى رضى اللّٰه والحياة الابدية. — مت ٧:١٣، ١٤.
‹قائد وآمر›: اظهر يسوع انه ‹قائد وآمر› و ‹شاهد للامم›. (اش ٥٥:٣، ٤؛ مت ٢٣:١٠؛ يو ١٤:١٠، ١٤؛ قارن ١ تي ٦:١٣، ١٤.) فعندما حان الوقت ليؤدي هذا الدور، اي بعد اشهر من بداية خدمته، ذهب الى بعض الذين يعرفهم ودعاهم قائلا: ‹اتبعوني›. فترك الرجال مهنة صيد السمك وجباية الضرائب ولبَّوا دعوته دون تردد. (مت ٤:١٨-٢٢؛ لو ٥:٢٧، ٢٨؛ قارن مز ١١٠:٣.) وضحَّت النساء بالوقت والجهد والممتلكات ليؤمنَّ حاجات يسوع وأتباعه. — مر ١٥:٤٠، ٤١؛ لو ٨:١-٣.
وهذا الفريق الصغير شكَّل نواة «امة» اسرائيل الروحي الجديدة التي كانت ستظهر لاحقا. (١ بط ٢:٧-١٠) فقد امضى يسوع ليلة بكاملها يصلي الى ابيه طالبا ارشاده قبل اختيار الرسل الـ ١٢ الذين، اذا بقوا امناء، كانوا سيصبحون اعمدة في هذه الامة الجديدة، مثلما كان ابناء يعقوب الـ ١٢ في امة اسرائيل الجسدي. (لو ٦:١٢-١٦؛ اف ٢:٢٠؛ رؤ ٢١:١٤) وكما اختار موسى ٧٠ رجلا يمثلون الامة ليكونوا معه، عيَّن يسوع لاحقا ٧٠ تلميذا آخر للقيام بعمل الخدمة. (عد ١١:١٦، ١٧؛ لو ١٠:١) وفي ما بعد، اولى يسوع هؤلاء التلاميذ انتباها خصوصيا في تعليمه وإرشاده، حتى ان الموعظة على الجبل كانت موجهة اليهم بشكل رئيسي، كما يتبيَّن من مضمونها. — مت ٥:١، ٢، ١٣-١٦؛ ١٣:١٠، ١١؛ مر ٤:٣٤؛ ٧:١٧.
تولى يسوع كاملا مسؤولياته كقائد. فأخذ القيادة في كل المجالات (مت ٢٣:١٠؛ مر ١٠:٣٢)، وعيَّن لتلاميذه مسؤوليات ومهام الى جانب عملهم التبشيري (لو ٩:٥٢؛ ١٩:٢٩-٣٥؛ يو ٤:١-٨؛ ١٢:٤-٦؛ ١٣:٢٩؛ مر ٣:٩؛ ١٤:١٢-١٦)، وشجعهم ووبخهم (يو ١٦:٢٧؛ لو ١٠:١٧-٢٤؛ مت ١٦:٢٢، ٢٣). كما انه قام بمهمته كآمر؛ وأهم وصية امر بها تلاميذه هي ان ‹يحبوا بعضهم بعضا كما احبهم هو›. (يو ١٥:١٠-١٤) كذلك استطاع ان يضبط جموعا تُعَدُّ بالآلاف. (مر ٦:٣٩-٤٦) وقد استفاد تلاميذه، الذين كان اغلبهم رجالا خلفيتهم متواضعة ومستواهم التعليمي متدنٍّ، من تدريبه المستمر والنافع. (مت ١٠:١–١١:١؛ مر ٦:٧-١٣؛ لو ٨:١) ففي وقت لاحق، اثار كلام الرسل القوي والمليء بالثقة تعجب رجال متعلمين مراكزهم مرموقة؛ وحصد ‹صيادو الناس› هؤلاء نتائج رائعة اذ تجاوب الآلاف مع بشارتهم. (مت ٤:١٩؛ اع ٢:٣٧، ٤١؛ ٤:٤، ١٣؛ ٦:٧) كما ان فهمهم مبادئ الكتاب المقدس التي غرسها يسوع في قلوبهم جعل منهم في السنوات اللاحقة رعاة حقيقيين للرعية. (١ بط ٥:١-٤) وهكذا وضع يسوع في مجرد ثلاث سنين ونصف اساسا راسخا لجماعة عالمية موحدة تضم الآلاف من مختلف العروق.
معيل قدير وديَّان بار: ان قدرة يسوع على توجيه تلاميذه كي يصطادوا سمكا كثيرا بيَّنت ان حكمه سيحقق ازدهارا يفوق الازدهار ايام حكم سليمان. (لو ٥:٤-٩؛ قارن يو ٢١:٤-١١.) وإطعام الآلاف على يد يسوع، الذي ولد في بيت لحم (اي «بيت الخبز»)، وتحويله الماء الى خمر جيدة اعطيا لمحة عن المأدبة التي سيهيئها ملكوت اللّٰه المسياني «لجميع الشعوب» في المستقبل. (اش ٢٥:٦؛ قارن لو ١٤:١٥.) ولن يقضي حكمه على الفقر والجوع فحسب، بل ‹سيبتلع الموت› ايضا. — اش ٢٥:٧، ٨.
كان هناك ايضا اسباب وجيهة للثقة بعدل حكومته ودينونتها البارة، انسجاما مع النبوات المسيانية. (اش ١١:٣-٥؛ ٣٢:١، ٢؛ ٤٢:١) فهو اعرب عن احترام فائق للشرائع، وخصوصا شريعة الهه وأبيه، ولقوانين «السلطات الفائقة» اي الحكومات الدنيوية التي يُسمح لها ان تدير شؤون الارض. (رو ١٣:١؛ مت ٥:١٧-١٩؛ ٢٢:١٧-٢١؛ يو ١٨:٣٦) ورفض ان ينزل عند رغبة الناس الذين ارادوا ان يقحموه في الحياة السياسية ‹بجعله ملكا›. (يو ٦:١٥؛ قارن لو ١٩:١١، ١٢؛ اع ١:٦-٩.) كما انه لم يتجاوز حدود سلطته. (لو ١٢:١٣، ١٤) ولم يستطع احد ان ‹يدينه بخطية›، ليس فقط لأنه وُلد كاملا بل لأنه حرص ايضا ان يحفظ كلمة اللّٰه. (يو ٨:٤٦، ٥٥) كذلك، كان البر والامانة حزاما له. (اش ١١:٥) وقد اقترنت محبته للبر ببغضه للشر والرياء والخداع وغيظه على الاشخاص الطماعين واللامبالين بمعاناة الآخرين. (مت ٧:٢١-٢٧؛ ٢٣:١-٨، ٢٥-٢٨؛ مر ٣:١-٥؛ ١٢:٣٨-٤٠؛ قارن الاعداد ٤١-٤٤.) هذا وإن الحلماء والمساكين كان يمكن ان يطمئنوا لأن حكمه سيقضي على الظلم والاستبداد. — اش ١١:٤؛ مت ٥:٥.
ايضا، ميَّز يسوع جيدا المبادئ، اي المعنى الحقيقي لشرائع اللّٰه والهدف منها، مشددا على «اثقل» الامور اي «العدل والرحمة والامانة». (مت ١٢:١-٨؛ ٢٣:٢٣، ٢٤) ولم يكن محابيا مفضِّلا شخصا على آخر، رغم انه شعر بمحبة خصوصية تجاه واحد من تلاميذه. (مت ١٨:١-٤؛ مر ١٠:٣٥-٤٤؛ يو ١٣:٢٣؛ قارن ١ بط ١:١٧.) ومع ان احد الامور الاخيرة التي قام بها وهو يموت على خشبة الآلام كان الاهتمام بأمه البشرية، لم يعطِ الاولوية قط للروابط العائلية على حساب الروابط الروحية. (مت ١٢:٤٦-٥٠؛ لو ١١:٢٧، ٢٨؛ يو ١٩:٢٦، ٢٧) وكما أُنبئ مسبقا، لم يعالج المشاكل اطلاقا بطريقة سطحية، «بحسب ما ينظره بعينيه، ولا [وبَّخ] بحسب ما يسمعه بأذنيه». (اش ١١:٣؛ قارن يو ٧:٢٤.) وقد استطاع ان يعرف ما في قلوب البشر ويدرك افكارهم ودوافعهم. (مت ٩:٤؛ مر ٢:٦-٨؛ يو ٢:٢٣-٢٥) وكان يصغي بانتباه الى كلمة اللّٰه ولم يسعَ الى فعل مشيئته بل مشيئة ابيه. وهذا ضمان ان القرارات التي سيتخذها بصفته الديان المعيَّن من اللّٰه ستكون دائما صائبة وبارة. — اش ١١:٤؛ يو ٥:٣٠.
نبي مميَّز: بلغ يسوع المطالب التي تخوله ان يكون نبيا كموسى، ولكن اعظم منه. (تث ١٨:١٥، ١٨، ١٩؛ مت ٢١:١١؛ لو ٢٤:١٩؛ اع ٣:١٩-٢٣؛ قارن يو ٧:٤٠.) فهو تنبأ عن معاناته وطريقة موته، تبدُّد تلاميذه، حصار اورشليم وتدميرها كاملا مع هيكلها. (مت ٢٠:١٧-١٩؛ ٢٤:١–٢٥:٤٦؛ ٢٦:٣١-٣٤؛ لو ١٩:٤١-٤٤؛ ٢١:٢٠-٢٤؛ يو ١٣:١٨-٢٧، ٣٨) وذكر نبوات مرتبطة بهذه الاحداث كانت ستتم خلال حضوره، بعد ابتداء حكم ملكوته. ومثل الانبياء الذين سبقوه، صنع آيات وعجائب اظهرت ان اللّٰه ارسله. وقد فاقت قدراته قدرات موسى. فهو هدَّأ عاصفة في بحر الجليل؛ مشى على مياهه (مت ٨:٢٣-٢٧؛ ١٤:٢٣-٣٤)؛ شفى العمي والصم والعرج وأشخاصا مصابين بأمراض خطيرة مثل البرص؛ حتى انه اقام الموتى. — لو ٧:١٨-٢٣؛ ٨:٤١-٥٦؛ يو ١١:١-٤٦.
مثال رائع في المحبة: بين كل هذه الصفات والميزات في شخصية يسوع، تبقى المحبة هي الصفة الغالبة: محبته لأبيه في المقام الاول، ومحبته للمخلوقات الاخرى ايضا. (مت ٢٢:٣٧-٣٩) لذلك كانت المحبة ستميز تلاميذه. (يو ١٣:٣٤، ٣٥؛ قارن ١ يو ٣:١٤.) ومحبة يسوع لم تكن مجرد عواطف وأحاسيس. فمع انه عبَّر عن مشاعر قوية، وجَّهته المبادئ على الدوام (عب ١:٩)، وكانت مشيئة ابيه هي شغله الشاغل. (قارن مت ١٦:٢١-٢٣.) وقد برهن عن محبته للّٰه بإطاعة وصاياه (يو ١٤:٣٠، ٣١؛ قارن ١ يو ٥:٣) والسعي الى تمجيده في كل حين. (يو ١٧:١-٤) وفي ليلته الاخيرة مع تلاميذه، كلَّمهم عن المحبة حوالي ٣٠ مرة، مكررا ٣ مرات وصيته لهم ان ‹يحبوا بعضهم بعضا›. (يو ١٣:٣٤؛ ١٥:١٢، ١٧) وقال لهم ايضا: «ليس لأحد محبة اعظم من هذه: ان يبذل احد نفسه عن اصدقائه. انتم اصدقائي ان فعلتم ما اوصيكم به». — يو ١٥:١٣، ١٤؛ قارن يو ١٠:١١-١٥.
وتعبيرا عن محبة يسوع للّٰه والبشر الناقصين، رضخ حين أُتي به «كشاة الى الذبح». فخضع لتجارب، لُطم، لُكم، بُصق في وجهه، جُلد، وأخيرا عُلِّق على خشبة بين مجرمَين. (اش ٥٣:٧؛ مت ٢٦:٦٧، ٦٨؛ ٢٧:٢٦-٣٨؛ مر ١٤:٦٥؛ ١٥:١٥-٢٠؛ يو ١٩:١) وبموته الفدائي جسَّد محبة اللّٰه للبشر (رو ٥:٨-١٠؛ اف ٢:٤، ٥) وعزَّز ثقتهم بمحبته الشديدة لتلاميذه الامناء. — رو ٨:٣٥-٣٩؛ ١ يو ٣:١٦-١٨.
وبما ان ما تخبرنا اياه الاناجيل عن ابن اللّٰه رائع حقا مع انه مختصر (يو ٢١:٢٥)، فلا بد ان الواقع كان اروع بكثير. فمثاله المطمئن في التواضع واللطف، فضلا عن دفاعه بقوة عن البر والعدل، هو ضمانة ان حكومة ملكوته ستحقق كل ما تمناه رجال الايمان على مر القرون، حتى ان انجازاتها ستفوق كل توقعاتهم. (رو ٨:١٨-٢٢) وقد اظهر يسوع لتلاميذه بالمثال ما هو المقياس الكامل في كل المجالات، مقياس بعيد كل البعد عن مقاييس حكام العالم. (مت ٢٠:٢٥-٢٨؛ ١ كو ١١:١؛ ١ بط ٢:٢١) فمع انه ربهم، غسل اقدامهم واضعا لهم نموذجا في التواضع والاهتمام بالآخرين ومراعاة ظروفهم. وجماعته المؤلفة من اتباع ممسوحين كانت ستعرب عن هذه السمات ليس فقط على الارض، بل في السماء ايضا. (يو ١٣:٣-١٥) فرغم انهم سيجلسون على عروش في السماء وينالون مع يسوع المسيح «كل سلطة في السماء وعلى الارض» خلال حكمه الالفي، يلزم ان يهتموا بكل تواضع برعاياه على الارض ويلبوا حاجاتهم بكل محبة. — مت ٢٨:١٨؛ رو ٨:١٧؛ ١ بط ٢:٩؛ رؤ ١:٥، ٦؛ ٢٠:٦؛ ٢١:٢-٤.
مبرَّر ومستحق: من خلال استقامة يسوع المسيح في كامل مسلك حياته، بما في ذلك تقديم نفسه ذبيحة، قام ‹بعمل التبرير الواحد› الذي برهن انه مؤهل ليكون الكاهن والملك المعيَّن من اللّٰه في السماء. (رو ٥:١٧، ١٨) ومن خلال قيامته من الموت الى الحياة في السماء كابن للّٰه، «بُرِّر في الروح». (١ تي ٣:١٦) وقد اعلنت مخلوقات روحانية انه «مستحق ان ينال القوة والغنى والحكمة والقدرة والكرامة والمجد والبركة»، باعتباره اسدا من حيث تحقيق العدل وتنفيذ الدينونة، وحملا ايضا من حيث تقديم نفسه ذبيحة لخلاص البشر. (رؤ ٥:٥-١٣) وقد حقَّق يسوع هدفه الرئيسي ان يقدِّس اسم ابيه. (مت ٦:٩؛ ٢٢:٣٦-٣٨) وهو لم يفعل ذلك باستعمال هذا الاسم فقط، بل ايضا بالكشف عن شخصية حامل هذا الاسم من خلال الاعراب عن صفات ابيه المميزة، اي المحبة والحكمة والعدل والقدرة، ما يتيح للبشر ان يعرفوا او يختبروا ما يعنيه اسم اللّٰه. (مت ١١:٢٧؛ يو ١:١٤، ١٨؛ ١٧:٦-١٢) وأهم من ذلك كله ان يسوع قدَّس اسم ابيه بتأييد سلطان يهوه الكوني، مظهرا ان حكومة ملكوته سترتكز على اساس راسخ هو سلطة ابيه الفائقة. لذلك يصح فيه القول: «اللّٰه عرشك الى ابد الآبدين». — عب ١:٨.
وعليه فإن الرب يسوع المسيح هو «الوكيل الرئيسي لإيماننا ومكمِّله». فبإتمامه النبوات وكشفه عن مقاصد اللّٰه المستقبلية، فضلا عن اقواله وأفعاله وشخصيته، زوَّد الاساس الراسخ الذي يجب ان يرتكز عليه الايمان الحقيقي. — عب ١٢:٢؛ ١١:١.
[الجدول في الصفحة]
ابرز الاحداث خلال حياة يسوع على الارض:
احداث الاناجيل الاربعة مدرَجة بحسب الترتيب الزمني
احداث سبقت خدمة يسوع
الزمان
المكان
الحدث
متى
مرقس
لوقا
يوحنا
٣ قم
اورشليم، الهيكل
إخبار زكريا مسبقا عن ولادة يوحنا المعمِّد
—
—
—
نحو ٢ قم
الناصرة؛ اليهودية
إخبار مريم مسبقا عن ولادة يسوع؛ زيارة مريم لأليصابات
—
—
—
٢ قم
تلال اليهودية
ولادة يوحنا المعمِّد وحياته في القفر
—
—
—
٢ قم، نحو ١ تشرين الاول (اكتوبر)
بيت لحم
ولادة يسوع (الكلمة الذي بواسطته وُجِدت سائر الاشياء) كمتحدر من ابراهيم ومن داود
—
—
قرب بيت لحم
الملاك يعلن البشارة؛ الرعاة يزورون الطفل
—
—
—
—
بيت لحم؛ اورشليم
ختن يسوع (اليوم الـ ٨)، تقريبه في الهيكل (اليوم الـ ٤٠)
—
—
—
١ قم او ١ بم
اورشليم؛ بيت لحم؛ الناصرة
المنجمون؛ الهرب الى مصر؛ قتل الاطفال؛ عودة يسوع
—
—
١٢ بم
اورشليم
يسوع البالغ ١٢ سنة في الفصح؛ يعود الى موطنه
—
—
—
٢٩، الربيع
البرية، نهر الاردن
خدمة يوحنا المعمِّد
بداية خدمة يسوع
الزمان
المكان
الحدث
متى
مرقس
لوقا
يوحنا
٢٩، الخريف
نهر الاردن
معمودية ومسح يسوع، المولود انسانا في سلالة داود ولكن المُعلن انه ابن اللّٰه
—
برية اليهودية
صوم يسوع وتجربته
—
—
بيت عنيا في عبر الاردن
يوحنا المعمِّد يشهد عن يسوع
—
—
—
—
وادي الاردن الاعلى
اول تلاميذ ليسوع
—
—
—
—
قانا الجليل؛ كفرناحوم
عجيبة يسوع الاولى؛ يزور كفرناحوم
—
—
—
٣٠، الفصح
اورشليم
الاحتفال بالفصح؛ يطرد التجار من الهيكل
—
—
—
—
اورشليم
مناقشة يسوع مع نيقوديموس
—
—
—
—
اليهودية؛ عين نون
تلاميذ يسوع يعمِّدون؛ يوحنا سينقص
—
—
—
—
طبرية
سجن يوحنا؛ يسوع يغادر الى الجليل
٤:١٢؛ ١٤:٣-٥ ١:١٤؛ ٦:١٧-٢٠ ٣:١٩، ٢٠؛ ٤:١٤ ٤:١-٣
—
سوخار، في السامرة
يسوع يعلِّم السامريين في الطريق الى الجليل
—
—
—
خدمة يسوع الحافلة بالانجازات في الجليل
الزمان
المكان
الحدث
متى
مرقس
لوقا
يوحنا
—
الجليل
يعلن لأول مرة: «قد اقترب ملكوت السموات»
—
الناصرة؛ قانا؛ كفرناحوم
يشفي صبيًّا؛ يقرأ تفويضه؛ يُرفض؛ يذهب الى كفرناحوم
—
—
بحر الجليل، قرب كفرناحوم
دعوة سمعان وأندراوس، يعقوب ويوحنا
—
—
كفرناحوم
يشفي رجلا به شيطان، ايضا حماة بطرس وكثيرين آخرين
—
—
الجليل
الجولة الاولى في الجليل، مع الاربعة الذين قد دعاهم
—
—
الجليل
شفاء ابرص؛ الجموع تتدفق الى يسوع
—
—
كفرناحوم
يشفي مشلولا
—
—
كفرناحوم
دعوة متى؛ الوليمة مع جباة الضرائب
—
—
اليهودية
يكرز في مجامع اليهودية
—
—
—
٣١، الفصح
اورشليم
يحضر العيد؛ يشفي رجلا؛ يوبِّخ الفريسيين
—
—
—
—
في طريق العودة من اورشليم (؟)
التلاميذ يقطفون السنابل في السبت
—
—
الجليل؛ بحر الجليل
يشفي يد رجل في السبت؛ يتوجه الى الشاطئ؛ يشفي كثيرين
—
—
جبل قرب كفرناحوم
يختار الرسل الـ ١٢
—
—
—
قرب كفرناحوم
الموعظة على الجبل
—
—
—
كفرناحوم
يشفي خادم الضابط
—
—
—
نايين
يقيم ابن الارملة
—
—
—
—
الجليل
يوحنا السجين يرسل اثنين من تلاميذه الى يسوع
—
—
—
الجليل
تعيير المدن؛ كشف الحق للاولاد الصغار؛ نير يسوع لطيف
—
—
—
—
الجليل
امرأة خاطئة تمسح قدميه؛ مثل المديونَين
—
—
—
—
الجليل
الجولة الكرازية الثانية في الجليل مع الـ ١٢
—
—
—
—
الجليل
يُخرج الشياطين؛ يُتهم بالتحالف مع بيلزبوب
—
—
—
الجليل
الكتبة والفريسيون يطلبون آية
—
—
—
—
الجليل
تلاميذ المسيح هم اقرباؤه اللصيقون
—
—
بحر الجليل
مثلَا الزارع والزوان وغيرهما؛ شرح المعنى
—
—
بحر الجليل
تهدئة عاصفة اثناء عبور البحيرة
—
—
منطقة جدَرة جنوب شرق بحر الجليل
شفاء رجلين تسيطر عليهما الشياطين؛ الشياطين تدخل في خنازير
—
—
على الارجح كفرناحوم
يقيم ابنة يايرس؛ يشفي امرأة
—
—
كفرناحوم (؟)
يشفي اعميين وأخرس يسيطر عليه شيطان
—
—
—
—
الناصرة
يزور ثانية المدينة حيث تربَّى، ويُرفض مرة اخرى
—
—
—
الجليل
الجولة الثالثة في الجليل، توسيعها بإرسال الرسل
—
—
طبرية
قطع رأس يوحنا المعمِّد؛ مخاوف هيرودس وشعوره بالذنب
—
٣٢، قرابة الفصح (يو ٦:٤)
كفرناحوم (؟)؛ الجانب الشمالي الشرقي لبحر الجليل
الرسل يعودون من الجولة التبشيرية؛ اطعام ٠٠٠,٥
—
الجانب الشمالي الشرقي لبحر الجليل؛ جنِّيسارت
محاولة لتنصيب يسوع ملكا؛ يمشي على البحر؛ يشفي المرضى
—
—
كفرناحوم
يوضح من هو «خبز الحياة»؛ تلاميذ كثيرون يتوقفون عن اتِّباعه
—
—
—
٣٢، بعد الفصح
على الارجح كفرناحوم
تقاليد تبطل كلمة اللّٰه
—
—
فينيقية؛ دكابوليس
قرب صور، صيدون؛ ثم الى دكابوليس؛ اطعام ٠٠٠,٤
—
—
—
مجدان
الصدوقيون والفريسيون يطلبون ثانية آية
—
—
—
الجانب الشمالي الشرقي لبحر الجليل؛ بيت صيدا
يحذِّر من خمير الفريسيين؛ يشفي اعمى
—
—
—
قيصرية فيلبي
يسوع المسيا؛ ينبئ بموته وقيامته
—
—
على الارجح جبل حرمون
التجلي امام بطرس ويعقوب ويوحنا
—
—
قيصرية فيلبي
يشفي شخصا به شيطان لم يقدر التلاميذ ان يشفوه
—
—
الجليل
ينبئ ثانية بموته وقيامته
—
—
كفرناحوم
يزوِّد المال بأُعجوبة لدفع الضريبة
—
—
—
—
كفرناحوم
الاعظم في الملكوت؛ تسوية الاخطاء؛ الرحمة
—
—
الجليل؛ السامرة
يغادر الجليل من اجل عيد المظال؛ التخلي عن كل شيء من اجل الخدمة
—
خدمة يسوع اللاحقة في اليهودية
الزمان
المكان
الحدث
متى
مرقس
لوقا
يوحنا
٣٢، عيد المظال
اورشليم
يسوع يعلِّم علانية في عيد المظال
—
—
—
—
اورشليم
يعلِّم بعد العيد؛ يشفي اعمى
—
—
—
—
على الارجح اليهودية
ارسال الـ ٧٠ ليكرزوا؛ عودتهم وتقريرهم
—
—
—
—
اليهودية؛ بيت عنيا
يخبر عن السامري المحب للقريب؛ في بيت مرثا ومريم
—
—
—
—
على الارجح اليهودية
يعلِّم ثانية الصلاة النموذجية؛ الطلب بإلحاح
—
—
—
—
على الارجح اليهودية
يدحض تهمة باطلة؛ يُظهر ان الجيل يستحق الدينونة
—
—
—
—
على الارجح اليهودية
على مائدة فريسي، يسوع يشهِّر المرائين
—
—
—
—
على الارجح اليهودية
محاضرة عن اهتمام اللّٰه بالبشر؛ الوكيل الامين
—
—
—
—
على الارجح اليهودية
يشفي امرأة بها ضعف في السبت؛ ثلاثة امثال
—
—
—
٣٢، عيد التكريس
اورشليم
يسوع في عيد التكريس؛ الراعي الفاضل
—
—
—
خدمة يسوع اللاحقة شرقي الاردن
الزمان
المكان
الحدث
متى
مرقس
لوقا
يوحنا
—
الجانب الآخر من الاردن
كثيرون يؤمنون بيسوع
—
—
—
—
بيريا (في الجانب الآخر من الاردن)
يعلِّم في المدن والقرى، متوجها الى اورشليم
—
—
—
—
بيريا
دخول الملكوت؛ تهديد هيرودس؛ البيت خراب
—
—
—
—
على الارجح بيريا
التواضع؛ مثل العشاء العظيم
—
—
—
—
على الارجح بيريا
حساب النفقة قبل اتِّباع يسوع
—
—
على الارجح بيريا
امثال: الخروف الضائع، الدرهم الضائع، الابن الضال
—
—
—
—
على الارجح بيريا
مثلان: الوكيل الاثيم، الغني ولعازر
—
—
—
—
على الارجح بيريا
الغفران والايمان؛ العبيد غير الصالحين لشيء
—
—
—
—
بيت عنيا
يسوع يقيم لعازر من الموت
—
—
—
—
اورشليم؛ افرايم
مشورة قيافا ضد يسوع؛ يسوع لا يعود يظهر علانية
—
—
—
—
السامرة؛ الجليل
يشفي ويعلِّم في الطريق عبر السامرة والجليل
—
—
—
—
السامرة او الجليل
مثلان: الارملة الملحَّة، الفريسي وجابي الضرائب
—
—
—
—
بيريا
يجول عبر بيريا؛ يعلِّم عن الطلاق
—
—
—
بيريا
يدع الاولاد يأتون اليه ويباركهم
—
—
بيريا
الشاب الغني؛ مثل العمال في الكرم
—
—
على الارجح بيريا
يسوع ينبئ للمرة الثالثة بموته وقيامته
—
—
على الارجح بيريا
يُطلب منه مكان بارز ليعقوب ويوحنا في الملكوت
—
—
—
اريحا
يشفي اعميين فيما يمر عبر اريحا؛ يزور زكَّا؛ مثل العشرة أمْناء
—
خدمة يسوع الاخيرة في اورشليم
الزمان
المكان
الحدث
متى
مرقس
لوقا
يوحنا
٨ نيسان القمري سنة ٣٣
بيت عنيا
يصل الى بيت عنيا قبل ستة ايام من الفصح
—
—
—
٩ نيسان القمري
بيت عنيا
الوليمة في بيت سمعان الابرص؛ مريم تدهن رأس يسوع وقدميه؛ يهود يأتون ليروا يسوع ولعازر
—
—
بيت عنيا- اورشليم
دخول المسيح المنتصر الى اورشليم
١٠ نيسان القمري
بيت عنيا- اورشليم
يلعن شجرة التين غير المثمرة؛ يطهِّر الهيكل مرة ثانية
—
—
اورشليم
الكتبة وكبار الكهنة يخططون لإهلاك يسوع
—
—
—
اورشليم
مناقشة مع يونانيين؛ عدم ايمان اليهود
—
—
—
١١ نيسان القمري
بيت عنيا- اورشليم
شجرة التين غير المثمرة توجد يابسة
—
—
—
اورشليم، الهيكل
الشك في سلطة المسيح؛ مثل الابنين
—
—
اورشليم، الهيكل
مثلَا الفلاحين الاشرار ووليمة العرس
—
—
اورشليم، الهيكل
اسئلة ماكرة عن الضريبة والقيامة والوصية العظمى
—
—
اورشليم، الهيكل
سؤال يسوع المُفحِم عن تحدُّر المسيا
—
—
اورشليم، الهيكل
يسوع يشهِّر الكتبة والفريسيين
—
—
اورشليم، الهيكل
فلسا الارملة
—
—
—
جبل الزيتون
التنبؤ بسقوط اورشليم؛ حضور يسوع؛ نهاية النظام
—
—
جبل الزيتون
امثال العشر عذارى، الوزنات، الخراف والجداء
—
—
—
١٢ نيسان القمري
اورشليم
القادة الدينيون يخططون لقتل يسوع
—
—
اورشليم
يهوذا يتفق مع الكهنة على تسليم يسوع
—
١٣ نيسان القمري (الخميس بعد الظهر)
قرب اورشليم وفيها
الترتيبات من اجل الفصح
—
١٤ نيسان القمري
اورشليم
يأكل الفصح مع رسله الـ ١٢
—
—
اورشليم
يسوع يغسل اقدام رسله
—
—
—
—
اورشليم
يكشف ان يهوذا خائن ويصرفه
—
اورشليم
تأسيس العشاء التذكاري مع الـ ١١
[١ كو ١١: ٢٣-٢٥]
—
اورشليم
يسوع ينبئ بإنكار بطرس له وتشتُّت الرسل
—
اورشليم
المعين؛ المحبة المتبادلة؛ الضيق؛ صلاة يسوع
—
—
—
—
جتسيماني
حزن وانزعاج شديد في البستان؛ تسليم يسوع واعتقاله
—
اورشليم
محاكمته من قِبل حنَّان، قيافا، والسنهدريم؛ بطرس ينكره
—
اورشليم
يهوذا الخائن يشنق نفسه
[اع ١:١٨، ١٩]
—
—
اورشليم
الوقوف امام بيلاطس، ثم هيرودس، ثم العودة الى بيلاطس
—
اورشليم
تسليمه للموت، بعد ان يسعى بيلاطس الى اطلاقه
(نحو ٣ بظ، الجمعة)
جلجثة، اورشليم
موت يسوع على خشبة الآلام وما رافق ذلك من احداث
—
اورشليم
رفع جسد يسوع عن خشبة الآلام ودفنه
١٥ نيسان القمري
اورشليم
الكهنة والفريسيون يقيمون حرسا للقبر
—
—
—
١٦ نيسان القمري
اورشليم وجوارها
قيامة يسوع وأحداث ذلك اليوم
—
اورشليم؛ الجليل
ظهورات يسوع المسيح اللاحقة
[١ كو ١٥:٥-٧]
[اع ١:٣-٨]
٢٥ إِيَّار القمري
جبل الزيتون، قرب بيت عنيا
صعود يسوع الى السماء في اليوم الـ ٤٠ بعد قيامته
[اع ١:٩-١٢]
—
—