هَلْ تَتَطَلَّعُ إِلَى يَهْوَهَ دَائِمًا؟
«إِلَيْكَ رَفَعْتُ عَيْنَيَّ، يَا سَاكِنًا فِي ٱلسَّمٰوَاتِ». — مز ١٢٣:١.
اَلتَّرْنِيمَتَانِ: ٦٩، ٦٣
١، ٢ مَاذَا يَعْنِي أَنْ نَتَطَلَّعَ إِلَى يَهْوَهَ؟
نَحْنُ نَعِيشُ فِي «أَزْمِنَةٍ حَرِجَةٍ». (٢ تي ٣:١) وَقَبْلَمَا يَأْتِي ٱلْعَالَمُ ٱلْجَدِيدُ وَيَحِلُّ ٱلسَّلَامُ عَلَى ٱلْأَرْضِ، سَتَسُوءُ ٱلْأَحْوَالُ أَكْثَرَ فَأَكْثَرَ. فَإِلَى مَنْ نَتَطَلَّعُ طَلَبًا لِلْمُسَاعَدَةِ وَٱلْإِرْشَادِ؟ لَا شَكَّ أَنَّنَا جَمِيعًا نُجِيبُ: «إِلَى يَهْوَهَ»؛ وَجَوَابُنَا هٰذَا فِي مَحَلِّهِ.
٢ وَلٰكِنْ مَاذَا يَعْنِي أَنْ نَتَطَلَّعَ إِلَيْهِ؟ وَكَيْفَ نُبْقِي عُيُونَنَا عَلَيْهِ فِيمَا نُوَاجِهُ ٱلصُّعُوبَاتِ؟ مُنْذُ قُرُونٍ، ذَكَرَ كَاتِبُ ٱلْمَزْمُورِ كَمْ مُهِمٌّ أَنْ نَرْفَعَ عُيُونَنَا إِلَى يَهْوَهَ طَلَبًا لِلْمُسَاعَدَةِ. (اقرإ المزمور ١٢٣:١-٤.) فَقَدْ قَالَ إِنَّنَا نَتَطَلَّعُ إِلَيْهِ مِثْلَمَا يَتَطَلَّعُ ٱلْخَدَمُ إِلَى سَيِّدِهِمْ. فَمَاذَا قَصَدَ؟ لَا يَلْتَفِتُ ٱلْخَدَمُ إِلَى سَيِّدِهِمْ لِيَنَالُوا ٱلطَّعَامَ وَٱلْحِمَايَةَ فَقَطْ، بَلْ أَيْضًا لِيَعْرِفُوا طَلَبَاتِهِ وَيُنَفِّذُوهَا. بِشَكْلٍ مُمَاثِلٍ، عَلَيْنَا أَنْ نَدْرُسَ ٱلْكِتَابَ ٱلْمُقَدَّسَ يَوْمِيًّا لِنَعْرِفَ مَشِيئَةَ ٱللّٰهِ وَنُنَفِّذَهَا. وَعِنْدَئِذٍ نَكُونُ وَاثِقِينَ أَنَّهُ سَيُسَاعِدُنَا وَقْتَ ٱلْحَاجَةِ. — اف ٥:١٧.
٣ مَاذَا يُمْكِنُ أَنْ يُحَوِّلَ نَظَرَنَا عَنْ يَهْوَهَ؟
٣ صَحِيحٌ أَنَّنَا نَعْرِفُ كَمْ مُهِمٌّ أَنْ نَتَطَلَّعَ دَائِمًا إِلَى يَهْوَهَ، وَلٰكِنْ مِنَ ٱلْمُحْتَمَلِ أَنْ نَلْتَهِيَ وَيَتَشَتَّتَ ٱنْتِبَاهُنَا. وَهٰذَا مَا حَدَثَ مَعَ ٱلْمَرْأَةِ ٱلْأَمِينَةِ مَرْثَا. فَرَغْمَ أَنَّ يَسُوعَ نَفْسَهُ كَانَ مَوْجُودًا فِي بَيْتِهَا، ‹ٱلْتَهَتْ بِٱلِٱعْتِنَاءِ بِوَاجِبَاتٍ كَثِيرَةٍ›. (لو ١٠:٤٠-٤٢) فَلَيْسَ مُسْتَبْعَدًا إِذًا أَنْ نَلْتَهِيَ نَحْنُ أَيْضًا. وَلٰكِنْ مَاذَا يُمْكِنُ أَنْ يُحَوِّلَ نَظَرَنَا عَنْ يَهْوَهَ؟ سَنُنَاقِشُ فِي هٰذِهِ ٱلْمَقَالَةِ كَيْفَ تُلْهِينَا تَصَرُّفَاتُ ٱلْآخَرِينَ، وَكَيْفَ نُرَكِّزُ عُيُونَنَا عَلَى يَهْوَهَ.
رَجُلٌ أَمِينٌ يَخْسَرُ ٱمْتِيَازًا ثَمِينًا
٤ لِمَ قَدْ نَسْتَغْرِبُ أَنَّ مُوسَى لَمْ يَدْخُلْ أَرْضَ ٱلْمَوْعِدِ؟
٤ لَقَدْ تَطَلَّعَ مُوسَى إِلَى يَهْوَهَ طَلَبًا لِلْإِرْشَادِ. فَقَدْ «بَقِيَ رَاسِخًا كَأَنَّهُ يَرَى مَنْ لَا يُرَى». (اقرإ العبرانيين ١١:٢٤-٢٧.) وَحَسْبَمَا يَذْكُرُ ٱلْكِتَابُ ٱلْمُقَدَّسُ، «لَمْ يَقُمْ مِنْ بَعْدُ فِي إِسْرَائِيلَ نَبِيٌّ مِثْلُ مُوسَى، ٱلَّذِي عَرَفَهُ يَهْوَهُ وَجْهًا لِوَجْهٍ». (تث ٣٤:١٠) وَلٰكِنْ رَغْمَ عَلَاقَتِهِ ٱلْقَوِيَّةِ بِيَهْوَهَ، خَسِرَ ٱمْتِيَازَ دُخُولِ أَرْضِ ٱلْمَوْعِدِ. (عد ٢٠:١٢) فَمَا ٱلسَّبَبُ؟
٥-٧ أَيَّةُ مُشْكِلَةٍ نَشَأَتْ بَعْدَمَا خَرَجَ ٱلْإِسْرَائِيلِيُّونَ مِنْ مِصْرَ، وَكَيْفَ عَالَجَهَا مُوسَى؟
٥ بَعْدَ أَقَلَّ مِنْ شَهْرَيْنِ عَلَى خُرُوجِ ٱلْإِسْرَائِيلِيِّينَ مِنْ مِصْرَ، وَقَبْلَ وُصُولِهِمْ إِلَى جَبَلِ سِينَاءَ، نَشَأَتْ مُشْكِلَةٌ خَطِيرَةٌ. فَقَدِ ٱشْتَكَى ٱلشَّعْبُ مِنْ قِلَّةِ ٱلْمَاءِ، وَتَذَمَّرُوا عَلَى مُوسَى. وَتَأَزَّمَ ٱلْوَضْعُ لِدَرَجَةِ أَنَّ مُوسَى صَرَخَ إِلَى يَهْوَهَ قَائِلًا: «مَاذَا أَفْعَلُ بِهٰذَا ٱلشَّعْبِ؟ بَعْدَ قَلِيلٍ يَرْجُمُونَنِي!». (خر ١٧:٤) فَأَعْطَاهُ يَهْوَهُ تَعْلِيمَاتٍ وَاضِحَةً: أَنْ يَأْخُذَ عَصَاهُ وَيَضْرِبَ ٱلصَّخْرَةَ فِي حُورِيبَ، فَيَتَدَفَّقُ مِنْهَا ٱلْمَاءُ. «فَفَعَلَ مُوسَى هٰكَذَا أَمَامَ عُيُونِ شُيُوخِ إِسْرَائِيلَ». وَبِهٰذِهِ ٱلطَّرِيقَةِ، ٱرْتَوَى ٱلْإِسْرَائِيلِيُّونَ وَٱنْحَلَّتِ ٱلْمُشْكِلَةُ. — خر ١٧:٥، ٦.
٦ ثُمَّ تُتَابِعُ ٱلرِّوَايَةُ أَنَّ مُوسَى «دَعَا ٱسْمَ ٱلْمَكَانِ مَسَّةَ وَمَرِيبَةَ، بِسَبَبِ مُخَاصَمَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَٱمْتِحَانِهِمْ لِيَهْوَهَ، قَائِلِينَ: ‹هَلْ يَهْوَهُ فِي وَسْطِنَا أَمْ لَا؟›». (خر ١٧:٧) وَهٰذَانِ ٱلِٱسْمَانِ مُلَائِمَانِ، لِأَنَّهُمَا يَعْنِيَانِ «ٱمْتِحَانًا» وَ «مُخَاصَمَةً».
٧ فَكَيْفَ شَعَرَ يَهْوَهُ حِيَالَ مَا حَدَثَ؟ اِعْتَبَرَ أَنَّ ٱلْإِسْرَائِيلِيِّينَ تَمَرَّدُوا عَلَيْهِ وَعَلَى سُلْطَتِهِ، وَلَيْسَ عَلَى مُوسَى فَقَطْ. (اقرإ المزمور ٩٥:٨، ٩.) فَكَمْ كَانَ خَطَأُهُمْ كَبِيرًا! أَمَّا مُوسَى فَتَصَرَّفَ بِطَرِيقَةٍ صَحِيحَةٍ. فَقَدِ ٱلْتَفَتَ إِلَى يَهْوَهَ وَنَفَّذَ إِرْشَادَهُ.
٨ مَاذَا حَدَثَ أَوَاخِرَ رِحْلَةِ ٱلْإِسْرَائِيلِيِّينَ فِي ٱلْبَرِّيَّةِ؟
٨ لٰكِنَّ ٱلْمُشْكِلَةَ تَكَرَّرَتْ بَعْدَ ٤٠ سَنَةً، فِي أَوَاخِرِ رِحْلَةِ ٱلْإِسْرَائِيلِيِّينَ فِي ٱلْبَرِّيَّةِ. وَآنَذَاكَ كَانُوا قُرْبَ قَادِشَ، عَلَى حُدُودِ أَرْضِ ٱلْمَوْعِدِ. فَٱشْتَكَى ٱلشَّعْبُ مُجَدَّدًا مِنْ قِلَّةِ ٱلْمَاءِ. لِذَا دُعِيَ هٰذَا ٱلْمَكَانُ أَيْضًا مَرِيبَةَ.a (عد ٢٠:١-٥) إِلَّا أَنَّ مُوسَى ٱرْتَكَبَ خَطَأً كَبِيرًا هٰذِهِ ٱلْمَرَّةَ.
٩ مَاذَا طَلَبَ يَهْوَهُ مِنْ مُوسَى، وَلٰكِنْ مَاذَا فَعَلَ هُوَ؟ (اُنْظُرِ ٱلصُّورَةَ فِي بِدَايَةِ ٱلْمَقَالَةِ.)
٩ فَمَاذَا فَعَلَ مُوسَى؟ صَحِيحٌ أَنَّهُ تَطَلَّعَ مُجَدَّدًا إِلَى يَهْوَهَ طَلَبًا لِلْإِرْشَادِ، لٰكِنَّهُ تَلَقَّى تَعْلِيمَاتٍ مُخْتَلِفَةً هٰذِهِ ٱلْمَرَّةَ. فَيَهْوَهُ لَمْ يَطْلُبْ مِنْهُ أَنْ يَضْرِبَ ٱلصَّخْرَةَ. بَلْ أَوْصَاهُ أَنْ يَأْخُذَ عَصَاهُ، يَجْمَعَ ٱلشَّعْبَ أَمَامَ ٱلصَّخْرَةِ، وَيُكَلِّمَهَا. (عد ٢٠:٦-٨) إِلَّا أَنَّ مُوسَى لَمْ يُكَلِّمِ ٱلصَّخْرَةَ. فَلِشِدَّةِ غَضَبِهِ وَإِحْبَاطِهِ، صَرَخَ عَلَى ٱلْجَمْعِ قَائِلًا: «اِسْمَعُوا أَيُّهَا ٱلْمُتَمَرِّدُونَ! أَمِنْ هٰذِهِ ٱلصَّخْرَةِ نُخْرِجُ لَكُمْ مَاءً؟». ثُمَّ ضَرَبَ ٱلصَّخْرَةَ، لَا مَرَّةً وَاحِدَةً بَلْ مَرَّتَيْنِ! — عد ٢٠:١٠، ١١.
١٠ كَيْفَ نَظَرَ يَهْوَهُ إِلَى مَا فَعَلَهُ مُوسَى؟
١٠ عِنْدَئِذٍ، ٱشْتَدَّ غَضَبُ يَهْوَهَ عَلَى مُوسَى. (تث ١:٣٧؛ ٣:٢٦) وَمَا ٱلسَّبَبُ؟ هُنَالِكَ عِدَّةُ ٱحْتِمَالَاتٍ. وَأَحَدُهَا أَنَّ مُوسَى لَمْ يُنَفِّذْ إِرْشَادَاتِ يَهْوَهَ ٱلْجَدِيدَةَ.
١١ أَيُّ ٱنْطِبَاعٍ رُبَّمَا أَعْطَاهُ مُوسَى بِضَرْبِهِ ٱلصَّخْرَةَ؟
١١ وَلٰكِنْ يُوجَدُ ٱحْتِمَالٌ آخَرُ. فَٱلصُّخُورُ فِي مَرِيبَةَ ٱلْأُولَى هِيَ مِنَ ٱلْغِرَانِيتِ ٱلصُّلْبِ. وَمَهْمَا ضُرِبَ ٱلْغِرَانِيتُ، لَا يَتَوَقَّعُ أَحَدٌ أَنْ يَخْرُجَ مِنْهُ مَاءٌ. أَمَّا ٱلصُّخُورُ فِي مَرِيبَةَ ٱلثَّانِيَةِ، فَمُخْتَلِفَةٌ تَمَامًا. فَهِيَ بِٱلْإِجْمَالِ صُخُورٌ كِلْسِيَّةٌ أَقَلُّ صَلَابَةً. وَبِسَبَبِ ٱلْمَسَامَّاتِ فِي هٰذِهِ ٱلصُّخُورِ، غَالِبًا مَا تَتَجَمَّعُ ٱلْمِيَاهُ ٱلْجَوْفِيَّةُ تَحْتَهَا وَيَسْهُلُ ٱسْتِخْرَاجُهَا. وَمُوسَى ضَرَبَ ٱلصَّخْرَةَ مَرَّتَيْنِ. فَهَلْ أَعْطَى ٱلِٱنْطِبَاعَ أَنَّ ٱلْمَاءَ سَيَخْرُجُ بِفَضْلِ عَوَامِلَ طَبِيعِيَّةٍ، لَا بِفَضْلِ يَهْوَهَ؟ وَهَلْ قَلَّلَ بِذٰلِكَ مِنْ قِيمَةِ ٱلْعَجِيبَةِ؟b لَا يُمْكِنُنَا أَنْ نَجْزِمَ فِي ذٰلِكَ.
كَيْفَ تَمَرَّدَ مُوسَى؟
١٢ أَيُّ ٱحْتِمَالٍ إِضَافِيٍّ يُفَسِّرُ غَضَبَ يَهْوَهَ عَلَى مُوسَى وَهَارُونَ؟
١٢ هُنَالِكَ ٱحْتِمَالٌ إِضَافِيٌّ يُفَسِّرُ لِمَ غَضِبَ يَهْوَهُ عَلَى مُوسَى وَهَارُونَ. قَالَ مُوسَى لِلشَّعْبِ: «اِسْمَعُوا أَيُّهَا ٱلْمُتَمَرِّدُونَ! أَمِنْ هٰذِهِ ٱلصَّخْرَةِ نُخْرِجُ لَكُمْ مَاءً؟». وَيَبْدُو أَنَّهُ أَشَارَ بِذٰلِكَ إِلَى نَفْسِهِ وَهَارُونَ. وَبِٱلتَّالِي، عَكَسَ كَلَامُهُ قِلَّةَ ٱحْتِرَامٍ لِيَهْوَهَ، لِأَنَّهُ لَمْ يَنْسِبْ إِلَيْهِ ٱلْفَضْلَ فِي هٰذِهِ ٱلْعَجِيبَةِ. وَلِمَ هٰذَا ٱلِٱحْتِمَالُ وَارِدٌ؟ يَذْكُرُ ٱلْمَزْمُور ١٠٦ أَنَّ ٱلْإِسْرَائِيلِيِّينَ «أَثَارُوا غَيْظَ [يَهْوَهَ] عِنْدَ مَاءِ مَرِيبَةَ، حَتَّى تَأَذَّى مُوسَى بِسَبَبِهِمْ. لِأَنَّهُمْ أَمَرُّوا رُوحَهُ فَفَرَطَ بِشَفَتَيْهِ»، أَيْ تَهَوَّرَ فِي ٱلْكَلَامِ.c (مز ١٠٦:٣٢، ٣٣؛ عد ٢٧:١٤) فَلَمْ يُعْطِ مُوسَى لِيَهْوَهَ ٱلْمَجْدَ ٱلَّذِي يَسْتَحِقُّهُ. لِذَا قَالَ يَهْوَهُ لَهُ وَلِهَارُونَ: «إِنَّكُمَا تَمَرَّدْتُمَا عَلَى أَمْرِي». (عد ٢٠:٢٤) وَهٰذِهِ فِعْلًا خَطِيَّةٌ خَطِيرَةٌ.
١٣ لِمَ عِقَابُ يَهْوَهَ لِمُوسَى مُنَاسِبٌ وَعَادِلٌ؟
١٣ لَقَدْ وَقَعَتْ مَسْؤُولِيَّةٌ كَبِيرَةٌ عَلَى مُوسَى وَهَارُونَ بِصِفَتِهِمَا قَائِدَيْنِ لِلْأُمَّةِ. وَلِذٰلِكَ كَانَا يُطَالَبَانِ بِأَكْثَرَ. (لو ١٢:٤٨) وَقَبْلَ تِلْكَ ٱلْحَادِثَةِ، مَنَعَ يَهْوَهُ جِيلًا كَامِلًا مِنَ ٱلْإِسْرَائِيلِيِّينَ مِنْ دُخُولِ أَرْضِ ٱلْمَوْعِدِ بِسَبَبِ تَمَرُّدِهِمْ. (عد ١٤:٢٦-٣٠، ٣٤) فَمَا كَانَ لِيَحْكُمَ عَلَى مُوسَى بِأَقَلَّ مِنْ ذٰلِكَ. لِذَا مَنَعَهُ مِنْ دُخُولِ أَرْضِ ٱلْمَوْعِدِ، مَثَلُهُ مَثَلُ بَاقِي ٱلْمُتَمَرِّدِينَ.
أَصْلُ ٱلْمُشْكِلَةِ
١٤، ١٥ لِمَاذَا تَمَرَّدَ مُوسَى عَلَى يَهْوَهَ؟
١٤ مَاذَا كَانَ وَرَاءَ تَمَرُّدِ مُوسَى عَلَى يَهْوَهَ؟ لِنَعُدْ مُجَدَّدًا إِلَى ٱلْمَزْمُور ١٠٦:٣٢، ٣٣. فَٱلْإِسْرَائِيلِيُّونَ «أَثَارُوا غَيْظَ [يَهْوَهَ] عِنْدَ مَاءِ مَرِيبَةَ، حَتَّى تَأَذَّى مُوسَى بِسَبَبِهِمْ. لِأَنَّهُمْ أَمَرُّوا رُوحَهُ فَفَرَطَ بِشَفَتَيْهِ». فَرَغْمَ أَنَّهُمْ أَغَاظُوا يَهْوَهَ، مُوسَى هُوَ ٱلَّذِي شَعَرَ بِٱلْمَرَارَةِ. وَلِأَنَّهُ لَمْ يَضْبُطْ نَفْسَهُ، تَهَوَّرَ فِي ٱلْكَلَامِ.
١٥ وَهٰكَذَا سَمَحَ مُوسَى لِتَصَرُّفَاتِ ٱلْآخَرِينَ أَنْ تُلْهِيَهُ، فَلَمْ يُبْقِ عَيْنَيْهِ عَلَى يَهْوَهَ. فَفِي ٱلْحَادِثَةِ ٱلْأُولَى، عَالَجَ ٱلْمُشْكِلَةَ بِطَرِيقَةٍ صَحِيحَةٍ. (خر ٧:٦) وَلٰكِنْ بَعْدَمَا تَعَامَلَ عَشَرَاتِ ٱلسَّنَوَاتِ مَعَ ٱلْإِسْرَائِيلِيِّينَ ٱلْمُتَمَرِّدِينَ، رُبَّمَا شَعَرَ بِٱلتَّعَبِ وَٱلْإِحْبَاطِ. وَمِنَ ٱلْمُحْتَمَلِ أَنَّهُ رَكَّزَ عَلَى مَشَاعِرِهِ، بَدَلَ أَنْ يُفَكِّرَ فِي تَمْجِيدِ يَهْوَهَ.
١٦ لِمَ يَهُمُّنَا مَا حَدَثَ لِمُوسَى؟
١٦ فَإِنْ كَانَ ٱلنَّبِيُّ ٱلْأَمِينُ مُوسَى قَدِ ٱلْتَهَى وَٱرْتَكَبَ خَطَأً خَطِيرًا، أَفَلَا يُمْكِنُ أَنْ نَقَعَ نَحْنُ فِي ٱلشَّرَكِ نَفْسِهِ؟ هٰذَا وَإِنَّنَا ٱلْيَوْمَ عَلَى وَشْكِ دُخُولِ ٱلْعَالَمِ ٱلْجَدِيدِ، مِثْلَمَا كَانَ مُوسَى عَلَى وَشْكِ دُخُولِ أَرْضِ ٱلْمَوْعِدِ. (٢ بط ٣:١٣) وَطَبْعًا، لَا يُرِيدُ أَيٌّ مِنَّا أَنْ يَخْسَرَ هٰذَا ٱلِٱمْتِيَازَ ٱلثَّمِينَ. لِذَا مِنَ ٱلضَّرُورِيِّ أَنْ نُرَكِّزَ عُيُونَنَا عَلَى يَهْوَهَ وَنُطِيعَهُ دَائِمًا. (١ يو ٢:١٧) فَمَاذَا نَتَعَلَّمُ مِمَّا حَدَثَ لِمُوسَى؟
لَا تَلْتَهِ بِتَصَرُّفَاتِ ٱلْآخَرِينَ
١٧ مَاذَا يُسَاعِدُنَا أَلَّا نَسْتَسْلِمَ لِلْإِحْبَاطِ؟
١٧ لَا تَسْتَسْلِمْ لِلْإِحْبَاطِ. أَحْيَانًا، نُوَاجِهُ ٱلْمَشَاكِلَ نَفْسَهَا مِرَارًا وَتَكْرَارًا. لٰكِنَّ ٱلْكِتَابَ ٱلْمُقَدَّسَ يُشَجِّعُنَا أَلَّا «يَفْتُرَ عَزْمُنَا فِي فِعْلِ مَا هُوَ حَسَنٌ، لِأَنَّنَا سَنَحْصُدُ فِي وَقْتِهِ إِنْ كُنَّا لَا نُعْيِي». (غل ٦:٩؛ ٢ تس ٣:١٣) فَإِذَا ٱسْتَفَزَّنَا وَضْعٌ أَوْ شَخْصٌ تَكْرَارًا، فَمِنَ ٱلْمُهِمِّ أَنْ نَضْبُطَ ٱنْفِعَالَاتِنَا وَكَلَامَنَا. (ام ١٠:١٩؛ ١٧:٢٧؛ مت ٥:٢٢) كَمَا يَلْزَمُ أَنْ ‹نُعْطِيَ مَكَانًا لِلسُّخْطِ›، أَيْ نَدَعَ يَهْوَهَ يُعَبِّرُ عَنْ غَضَبِهِ. (اقرأ روما ١٢:١٧-٢١.) فَبَدَلَ أَنْ نَغْضَبَ نَحْنُ، يَجِبُ أَنْ نَلْتَفِتَ إِلَيْهِ لِيَحُلَّ ٱلْمُشْكِلَةَ فِي ٱلْوَقْتِ ٱلْمُنَاسِبِ. أَمَّا إِذَا ٱنْتَقَمْنَا لِأَنْفُسِنَا، فَسَيَعْكِسُ تَصَرُّفُنَا هٰذَا قِلَّةَ ٱحْتِرَامٍ لَهُ.
١٨ مَاذَا عَلَيْنَا أَنْ نَتَذَكَّرَ بِخُصُوصِ ٱتِّبَاعِ ٱلْإِرْشَادَاتِ؟
١٨ اِتَّبِعْ بِدِقَّةٍ آخِرَ ٱلْإِرْشَادَاتِ. بَدَلَ أَنْ نَعْتَمِدَ عَلَى مَا ٱعْتَدْنَا عَلَيْهِ سَابِقًا، عَلَيْنَا أَنْ نُطَبِّقَ تَوْجِيهَاتِ يَهْوَهَ ٱلْجَدِيدَةَ ٱلَّتِي يُزَوِّدُهَا بِوَاسِطَةِ هَيْئَتِهِ. (عب ١٣:١٧) وَفِي ٱلْوَقْتِ نَفْسِهِ، يَلْزَمُ أَنْ نَنْتَبِهَ ‹لِكَيْلَا نَتَجَاوَزَ مَا هُوَ مَكْتُوبٌ›. (١ كو ٤:٦) فَحِينَ نَتَّبِعُ بِدِقَّةٍ آخِرَ ٱلْإِرْشَادَاتِ، نُبْقِي عُيُونَنَا مُرَكَّزَةً عَلَى يَهْوَهَ.
١٩ كَيْفَ نَمْنَعُ أَخْطَاءَ ٱلْآخَرِينَ مِنْ إِفْسَادِ عَلَاقَتِنَا بِيَهْوَهَ؟
١٩ لَا تَدَعْ أَخْطَاءَ ٱلْآخَرِينَ تُفْسِدُ عَلَاقَتَكَ بِيَهْوَهَ. إِذَا تَطَلَّعْنَا إِلَى يَهْوَهَ دَائِمًا، فَلَنْ نَدَعَ تَصَرُّفَاتِ ٱلْآخَرِينَ تُشْعِرُنَا بِٱلْمَرَارَةِ أَوْ تُؤْذِي عَلَاقَتَنَا بِهِ. وَهٰذَا مُهِمٌّ خُصُوصًا إِذَا كُنَّا، مِثْلَ مُوسَى، نَتَوَلَّى مَسْؤُولِيَّاتٍ فِي هَيْئَةِ يَهْوَهَ. طَبْعًا، عَلَيْنَا جَمِيعًا أَنْ نُطِيعَ يَهْوَهَ وَنَعْمَلَ بِٱجْتِهَادٍ لِأَجْلِ خَلَاصِنَا. (في ٢:١٢) وَلٰكِنْ كُلَّمَا زَادَتْ مَسْؤُولِيَّاتُنَا، طَالَبَنَا يَهْوَهُ بِأَكْثَرَ. (لو ١٢:٤٨) عَلَى أَيِّ حَالٍ، إِذَا أَحْبَبْنَا يَهْوَهَ فِعْلًا، فَلَنْ يُعْثِرَنَا شَيْءٌ أَوْ يَفْصِلَنَا عَنْ مَحَبَّتِهِ. — مز ١١٩:١٦٥؛ رو ٨:٣٧-٣٩.
٢٠ عَلَامَ نَحْنُ مُصَمِّمُونَ؟
٢٠ إِذًا فِي هٰذِهِ ٱلْأَزْمِنَةِ ٱلصَّعْبَةِ، لِنَتَطَلَّعْ دَائِمًا إِلَى يَهْوَهَ ‹ٱلسَّاكِنِ فِي ٱلسَّمٰوَاتِ› لِنَعْرِفَ مَشِيئَتَهُ. وَلْنَتَعَلَّمْ مِمَّا حَدَثَ لِمُوسَى. فَلَا نَدَعْ تَصَرُّفَاتِ ٱلْآخَرِينَ تُفْسِدُ عَلَاقَتَنَا بِيَهْوَهَ، بَلْ لِنَضْبُطِ ٱنْفِعَالَاتِنَا وَنُرَكِّزْ «عُيُونَنَا نَحْوَ يَهْوَهَ إِلٰهِنَا إِلَى أَنْ يَتَحَنَّنَ عَلَيْنَا». — مز ١٢٣:١، ٢.
a اِخْتَلَفَتْ هٰذِهِ عَنْ مَرِيبَةَ ٱلْأُولَى. فَٱلْأُولَى دُعِيَتْ أَيْضًا مَسَّةَ، وَوَقَعَتْ قُرْبَ رَفِيدِيمَ. أَمَّا ٱلثَّانِيَةُ فَوَقَعَتْ قُرْبَ قَادِشَ. لٰكِنَّ ٱلْمَكَانَيْنِ كِلَيْهِمَا دُعِيَا مَرِيبَةَ بِسَبَبِ ٱلْمُخَاصَمَةِ ٱلَّتِي حَصَلَتْ فِيهِمَا. — اُنْظُرِ ٱلْخَرِيطَةَ ٧ فِي ٱلْمُرْشِدِ إِلَى دَرْسِ كَلِمَةِ ٱللّٰهِ.
b تَعْلِيقًا عَلَى هٰذِهِ ٱلرِّوَايَةِ، قَالَ ٱلْبْرُوفِسُورُ جُون بِيك: «بِحَسَبِ تَقْلِيدٍ يَهُودِيٍّ، تَحَدَّى ٱلْمُتَمَرِّدُونَ مُوسَى قَائِلِينَ: ‹يَعْرِفُ مُوسَى طَبِيعَةَ هٰذِهِ ٱلصَّخْرَةِ. فَإِذَا كَانَ يَتَمَتَّعُ حَقًّا بِقُدُرَاتٍ عَجَائِبِيَّةٍ، فَلْيُخْرِجْ لَنَا ٱلْمَاءَ مِنْ تِلْكَ ٱلصَّخْرَةِ ٱلْأُخْرَى›». وَطَبْعًا هٰذَا مُجَرَّدُ تَقْلِيدٍ.
c اُنْظُرْ «أَسْئِلَةٌ مِنَ ٱلْقُرَّاءِ» فِي عَدَدِ ١٥ تِشْرِينَ ٱلْأَوَّلِ (أُكْتُوبِر) ١٩٨٧ مِنْ بُرْجِ ٱلْمُرَاقَبَةِ (بِٱلْإِنْكِلِيزِيَّةِ).