الفصل التاسع
يهوه يعلّمنا من اجل مصلحتنا
١ كيف يتجاوب الحكماء مع كلام يهوه؟
عندما ينطق يهوه، يصغي الحكماء بإجلال ويتجاوبون مع كلامه. وكل ما يقوله يهوه هو لمنفعتنا، لأنه يهتم اهتماما شديدا بخيرنا. مثلا، كم نتأثر عندما نرى كيف خاطب يهوه شعب عهده القديم، حين قال: «ليتك تنتبه انتباها لوصاياي!». (اشعيا ٤٨:١٨، عج) وبما ان لتعاليم اللّٰه فائدة، كما تؤكد التجربة، ينبغي ان يدفعنا ذلك الى الانتباه لما يقوله واتِّباع ارشاده. وسجل النبوة المتمَّمة يبدِّد ايّ شك في تصميم يهوه على اتمام وعوده.
٢ لمَن سُجِّلت الكلمات في اشعياء ٤٨، ومَن غيرهم يمكن ان يستفيدوا منها؟
٢ من الواضح ان كلمات الاصحاح ٤٨ من سفر اشعياء كُتبت من اجل اليهود الذين سيكونون مسبيين في بابل. لكن تحتوي هذه الكلمات ايضا على رسالة لا يمكن للمسيحيين اليوم ان يتجاهلوها. ففي اشعياء الاصحاح ٤٧، انبأ الكتاب المقدس بسقوط بابل. والآن يصف يهوه ما ينوي فعله من اجل اليهود المسبيين في هذه المدينة. يحزن يهوه بسبب رياء شعبه المختار ورفضهم تصديق وعوده. ومع ذلك، يريد ان يعلّمهم من اجل مصلحتهم. وهو يتنبأ بفترة تمحيص تؤدي الى رد بقية امينة الى ارضهم.
٣ ماذا كان الخطأ في عبادة يهوذا؟
٣ كم انحرف شعب يهوه عن العبادة الحقة! تأملوا في كلمات اشعيا الافتتاحية: «اسمعوا هذا يا بيت يعقوب المدعوين باسم اسرائيل الذين خرجوا من مياه يهوذا الحالفين باسم الرب والذين يذكرون اله اسرائيل ليس بالصدق ولا بالحق. فإنهم يسمَّون من مدينة القدس ويُسنَدون الى اله اسرائيل. رب الجنود اسمه». (اشعياء ٤٨:١، ٢) يا لهذا الرياء! فمن الواضح ان ‹الحلف باسم يهوه› لا يتعدى كونه استعمالا شكليا لاسم اللّٰه. (صفنيا ١:٥) واليهود، قبل سبيهم الى بابل، عبدوا يهوه في اورشليم، «مدينة القدس». لكنَّ عبادتهم لم تكن مخلصة. فقد كانت قلوبهم بعيدة جدا عن اللّٰه، ولم تكن عباداتهم «بالصدق ولا بالحق». ولم يمتلكوا ايمان الآباء الاجلاء. — ملاخي ٣:٧.
٤ ما نوع العبادة التي ترضي يهوه؟
٤ تذكّرنا كلمات يهوه بأن عبادتنا ينبغي ألا تكون آلية، بل يجب ان تنبع من القلب. فالخدمة الشكلية — التي تؤدَّى لمجرد ارضاء الغير او إثارة اعجابهم — ليست من ‹أعمال التعبُّد للّٰه›. (٢ بطرس ٣:١١) ودعوة الشخص نفسه مسيحيا لا تجعل عبادته مقبولة امام اللّٰه تلقائيا. (٢ تيموثاوس ٣:٥) صحيح ان الاعتراف بوجود يهوه ضروري، لكنه ليس سوى نقطة البداية. فيهوه يريد ان نعبده من كل النفس وبدافع المحبة والتقدير العميقين. — كولوسي ٣:٢٣.
الإنباء بالحديثات
٥ ما هي بعض «الاوليات» التي انبأ بها يهوه؟
٥ ربما يحتاج اليهود في بابل الى انعاش ذاكرتهم. لذلك يذكّرهم يهوه من جديد انه اله النبوة الحقة: «بالاوليات منذ زمان اخبرت ومن فمي خرجَت وأنبأتُ بها. بغتة صنعتُها فأتت». (اشعياء ٤٨:٣) «الاوليات» هي اشياء سبق ان فعلها اللّٰه، كتحرير الاسرائيليين من مصر وإعطائهم ارض الموعد ميراثا لهم. (تكوين ١٣:١٤، ١٥؛ ١٥:١٣، ١٤) وتخرج هذه التنبؤات من فم اللّٰه، اي انها من مصدر الهي. ويجعل اللّٰه البشر يسمعون احكامه، وما يسمعونه ينبغي ان يدفعهم الى الطاعة. (تثنية ٢٨:١٥) وهو بغتةً يصنع ما ينبئ به. وبما ان يهوه هو القادر على كل شيء، فهذا يضمن ان قصده يتم. — يشوع ٢١:٤٥؛ ٢٣:١٤.
٦ الى ايّ حد صار الشعب اليهودي «عنيدا متمردا»؟
٦ صار شعب يهوه «عنيدا متمردا». (مزمور ٧٨:٨، تف) يقول يهوه بصراحة: «انك قاسٍ وعضل من حديد عنقك وجبهتك نحاس». (اشعياء ٤٨:٤) فاليهود هم كالمعادن — متصلِّبون لا يلينون. وهذا احد الاسباب التي تجعل يهوه يكشف امورا قبل ان تحصل. وإلا فسيقول شعبه عن الاشياء التي يفعلها يهوه: «صنمي قد صنعها ومنحوتي ومسبوكي امر بها». (اشعياء ٤٨:٥) وهل يؤثر ما يقوله يهوه الآن في اليهود غير الامناء؟ يقول اللّٰه: «قد سمعتَ فانظر كلها. وأنتم ألا تخبرون. قد انبأتُك بحديثات منذ الآن وبمخفيَّات لم تعرفها. الآن خُلِقَت وليس منذ زمان وقبل اليوم لم تسمع بها لئلا تقول هأنذا قد عرفتها». — اشعياء ٤٨:٦، ٧.
٧ بماذا سيضطر اليهود المسبيون ان يعترفوا، وماذا يمكن ان يتوقعوا؟
٧ سجَّل اشعيا نبوة سقوط بابل قبل وقوع هذا الحدث بزمن طويل. والآن يؤمَر نبويا اليهود المسبيون في بابل بأن يتأملوا في اتمام هذه النبوة. هل يمكنهم الانكار ان يهوه هو اله النبوة المتمَّمة؟ وبما ان سكان يهوذا رأوا وسمعوا ان يهوه اله حق، أفلا يجب ان يعلنوا ايضا هذا الحق للآخرين؟ ان هذا الكشف لكلام يهوه ينبئ بحديثات لم تحصل بعد، كغزو كورش لبابل وإطلاق سراح اليهود. (اشعياء ٤٨:١٤-١٦) ويبدو ان هذه الاحداث المفاجئة تأتي من المجهول. فلم يكن بإمكان احد ان يتوقع حصولها بمجرد التأمل في تطوُّر الشؤون العالمية. فهي تحصل كما لو انها خُلقت من العدم. ومَن يسبِّب ظهورها؟ بما ان يهوه ينبئ بها قبل ٢٠٠ سنة، لا يبقى هنالك شك في هوية المسبِّب.
٨ اية حديثات يرجوها المسيحيون اليوم، ولماذا لهم ملء الثقة بكلمة يهوه النبوية؟
٨ كذلك يحقق يهوه كلمته حسب جدوله الزمني الخاص. والنبوات المتمَّمة لا تؤكد ألوهية يهوه لليهود القدماء فقط، بل ايضا للمسيحيين اليوم. فالسجل الحافل بالنبوات التي تمَّت في الماضي — «الاوليات» — يؤكد ان الحديثات التي يعد بها يهوه — «الضيق العظيم» المقبل، نجاة «جمع كثير» من هذا الضيق، ‹الارض الجديدة› واشياء كثيرة غيرها — ستتحقق. (كشف ٧:٩، ١٤، ١٥؛ ٢١:٤، ٥؛ ٢ بطرس ٣:١٣) وهذا التأكيد يدفع المستقيمي القلوب اليوم الى الإخبار عن يهوه بغيرة. وهم يضمّون صوتهم الى صوت صاحب المزمور الذي قال: «بشَّرتُ ببر في جماعة عظيمة. هوذا شفتاي لم امنعهما». — مزمور ٤٠:٩.
يهوه يمارس ضبط النفس
٩ كيف كانت امة اسرائيل ‹متعدِّية من البطن›؟
٩ ان عدم ايمان اليهود بنبوات يهوه منعهم من الانتباه لتحذيراته. لهذا السبب يمضي قائلا لهم: «لم تسمع ولم تعرف ومنذ زمان لم تنفتح اذنك فإني علمت انك تغدر غدرا ومن البطن سُمِّيتَ عاصيا [«ودعيتَ ‹متعدِّيا من البطن›، عج]». (اشعياء ٤٨:٨) سدَّ يهوذا اذنيه عن سماع بشائر يهوه. (اشعياء ٢٩:١٠) وطريقة تصرف شعب عهد اللّٰه تُظهر ان الامة ‹متعدِّية من البطن›. فأمة اسرائيل، من ولادتها وخلال كامل تاريخها، تميَّزت بكثرة تمردها. ولم يعد الغدر والتعدِّي مجرد خطيتين عابرتين يقع فيهما الشعب بل صارا عادة عندهم. — مزمور ٩٥:١٠؛ ملاخي ٢:١١.
١٠ لماذا سيمسك يهوه عن شعبه؟
١٠ ولكن هل فُقد الامل؟ كلا. فمع ان يهوذا تمرَّدت وغدرت، يبقى يهوه دائما صادقا وأمينا. وإكراما لاسمه العظيم، سيقلّل من سكب جام غضبه. يقول: «من اجل اسمي ابطِّئ غضبي ومن اجل فخري امسك عنك حتى لا اقطعك». (اشعياء ٤٨:٩) فيا له من تباين! لم يسلك شعب يهوه، اسرائيل ويهوذا على السواء، بأمانة معه. لكنَّ يهوه سيقدِّس اسمه ويتصرَّف بطريقة تجلب التسبيح والإكرام لهذا الاسم. وهذا ما يجعله يمتنع عن قطع شعبه المختار. — يوئيل ٢:١٣، ١٤.
١١ لماذا لن يسمح اللّٰه بأن يُقضى على شعبه كليا؟
١١ يتنبَّه الافراد المستقيمو القلوب بين اليهود المسبيين لتوبيخات اللّٰه ويعقدون العزم على الاصغاء الى تعاليمه. وتُوَجَّه الى هؤلاء هذه الكلمات المطمئنة جدا: «هأنذا قد نقَّيتُك وليس بفضة. اخترتُك في كور المشقة. من اجل نفسي من اجل نفسي افعل. لأنه كيف يدنَّس اسمي. وكرامتي لا اعطيها لآخر». (اشعياء ٤٨:١٠، ١١) فالمحن الصعبة التي سمح يهوه بأن تأتي على شعبه، كما لو انهم في «كور المشقة»، امتحنتهم ومحَّصتهم، كاشفةً عما في قلوبهم. وكان قد حدث شيء مماثل قبل قرون حين قال موسى لأسلافهم: «سار بك الرب الهك هذه الاربعين سنة في القفر لكي يذلك ويجربك ليعرف ما في قلبك». (تثنية ٨:٢) ورغم تمردهم، لم يهلك يهوه الامة آنذاك، ولن يقضي على الامة كليا الآن. وهكذا يرتفع اسمه وتسمو كرامته. فلو كان البابليون سيبيدون شعبه، لصار اللّٰه خائنا لعهده وتدنَّس اسمه. ولَظهر ان اله اسرائيل عاجز عن انقاذ شعبه. — حزقيال ٢٠:٩.
١٢ كيف تمحَّص المسيحيون الحقيقيون خلال الحرب العالمية الاولى؟
١٢ وفي الازمنة العصرية ايضا، احتاج شعب يهوه الى التمحيص. ففي اوائل القرن الـ ٢٠، كان كثيرون من الفريق الصغير من تلاميذ الكتاب المقدس يخدمون اللّٰه برغبة مخلصة في ارضائه، ولكن كانت لدى البعض دوافع خاطئة، كالرغبة في البروز. وقبل ان يتمكن هذا الفريق الصغير من الشروع في حملة الكرازة العالمية بالبشارة المنبإ بها لوقت النهاية، لزم ان يتطهروا. (متى ٢٤:١٤) وقد تنبأ النبي ملاخي بأن اجراء هذا التمحيص سيرتبط بمجيء يهوه الى هيكله. (ملاخي ٣:١-٤) وتمَّت كلماته في سنة ١٩١٨. فقد مرَّ المسيحيون الحقيقيون بفترة امتحان ناري في وطيس الحرب العالمية الاولى، وبلغ هذا الامتحان ذروته عندما سُجن جوزيف ف. رذرفورد، رئيس جمعية برج المراقبة آنذاك، وبعض المسؤولين في الجمعية. لكنَّ هؤلاء المسيحيين المخلصين استفادوا من عملية تمحيصهم. فبعد الحرب العالمية الاولى، زاد تصميمهم على خدمة الههم العظيم بالطريقة التي يريدها.
١٣ كيف تجاوب شعب يهوه مع الاضطهاد في السنوات التي اعقبت الحرب العالمية الاولى؟
١٣ ومنذ تلك الايام، يواجه شهود يهوه مرة تلو مرة ابشع اشكال الاضطهاد. لكنَّ ذلك لم يجعلهم يشكّون في كلام خالقهم، بل أصغوا الى كلمات الرسول بطرس الموجَّهة الى المسيحيين المضطهَدين في ايامه: «[انتم] تحزنون . . . بمحن متنوعة، لكي توجد نوعية إيمانكم الممتحنة . . . مدعاة للمدح والمجد والكرامة عند الكشف عن يسوع المسيح». (١ بطرس ١:٦، ٧) فالاضطهاد الشديد لا يقضي على استقامة المسيحيين الحقيقيين، بل يكشف نقاوة دوافعهم. ويجعل نوعية ايمانهم ممتحنة ويُظهر مدى عمق تعبُّدهم ومحبتهم. — امثال ١٧:٣.
«انا الاول وأنا الآخِر»
١٤ (أ) كيف يكون يهوه «الاول» و «الآخِر»؟ (ب) اية اعمال خارقة انجزها يهوه بواسطة ‹يده›؟
١٤ الآن يناشد يهوه شعب عهده بحرارة: «اسمع لي يا يعقوب وإسرائيل الذي دعوته. انا هو. انا الاول وأنا الآخِر ويدي اسست الارض ويميني نشرت السموات. انا ادعوهن فيقفن معا». (اشعياء ٤٨:١٢، ١٣) فاللّٰه، بخلاف البشر، سرمدي ولا يتغير. (ملاخي ٣:٦) وفي سفر الكشف يعلن يهوه: «أنا هو الألف والياء، الأول والآخِر، البداية والنهاية». (كشف ٢٢:١٣) فقبل يهوه لم يوجد اله قادر على كل شيء، ولن يوجد بعده ايضا. انه الاله السامي والسرمدي، الخالق العظيم. و ‹يده› — قوته المستخدمة بطريقة عملية — اسست الارض ونشرت السموات المرصَّعة بالنجوم. (ايوب ٣٨:٤؛ مزمور ١٠٢:٢٥) وعندما يدعو خلائقه، تقف استعدادا لخدمته. — مزمور ١٤٧:٤.
١٥ بأية طريقة ولأيّ هدف «احب» يهوه كورش؟
١٥ ثم تُوَجَّه دعوة هامة الى اليهود وغير اليهود على السواء: «اجتمعوا كلكم واسمعوا. مَن منهم اخبر بهذه. قد احبه الرب. يصنع مسرته ببابل ويكون ذراعه على الكلدانيين. انا انا تكلمت ودعوته. اتيت به فينجح طريقه». (اشعياء ٤٨:١٤، ١٥) يهوه وحده كلي القدرة وقادر على التنبؤ بالاحداث بدقة. فلا احد «منهم»، الاصنام العديمة القيمة، قادر على الإنباء بهذه الامور. ويهوه لا الاصنام «احبه»، اي كورش، بمعنى ان يهوه اختاره لقصد محدد. (اشعياء ٤١:٢؛ ٤٤:٢٨؛ ٤٥:١، ١٣؛ ٤٦:١١) وقد رأى مسبقا ظهور كورش على المسرح العالمي وخصَّه بامتياز احتلال بابل في المستقبل.
١٦، ١٧ (أ) لماذا يمكن القول ان اللّٰه لم يعطِ تنبؤاته خفيةً؟ (ب) كيف يعلن يهوه مقاصده اليوم؟
١٦ وبأسلوب جذاب يمضي يهوه قائلا: «تقدموا اليَّ اسمعوا هذا. لم اتكلم من البدء في الخفاء. منذ وجوده انا هناك». (اشعياء ٤٨:١٦ أ) لم تُعطَ التنبؤات التي صدرت من يهوه خفيةً، ولم تعلَن لأشخاص قليلين مميَّزين فقط. فقد كان انبياء يهوه يتكلمون باسم اللّٰه جهرا. (اشعياء ٦١:١) وأعلنوا للملإ مشيئة اللّٰه. مثلا، لم تكن الاحداث المرتبطة بكورش جديدة على اللّٰه او لم يرها مسبقا. فقبل نحو ٢٠٠ سنة من وقوعها، انبأ اللّٰه بها وأعلنها بواسطة اشعيا.
١٧ واليوم ايضا ليس يهوه متكتما بشأن مقاصده. فملايين الاشخاص في مئات البلدان وجزر البحار يعلنون من بيت الى بيت، في الشوارع، وحيثما امكن، التحذير بشأن اقتراب نهاية نظام الاشياء هذا وبشارة البركات التي ستأتي في ظل ملكوت اللّٰه. نعم، يهوه اله لا يحتفظ بمقاصده لنفسه.
‹انتبهوا لوصاياي!›
١٨ ماذا يريد يهوه لشعبه؟
١٨ يعلن النبي، بدعم من روح يهوه: «السيد الرب ارسلني وروحه. هكذا يقول الرب فاديك قدوس اسرائيل. انا الرب الهك معلمك لتنتفع وأمشّيك في طريق تسلك فيه». (اشعياء ٤٨:١٦ ب، ١٧) ان هذا التعبير الحبي عن عناية يهوه ينبغي ان يؤكد لأمة اسرائيل ان اللّٰه سينقذهم من بابل. فهو فاديهم ووليهم. (اشعياء ٥٤:٥) ويريد يهوه من كل قلبه ان يسترد الاسرائيليون علاقتهم الحميمة به وينتبهوا لوصاياه. فالعبادة الحقة تقوم على اطاعة الارشادات الالهية. لذلك لن يتمكن الاسرائيليون من السير في طريق الصواب إلا اذا تعلَّموا ‹الطريق الذي يجب ان يسلكوا فيه›.
١٩ اية مناشدة رقيقة يذكرها يهوه؟
١٩ ثم يعبَّر بأسلوب جميل عن رغبة يهوه في ألا يتعرض شعبه للمصائب بل ان يتمتعوا بالحياة: «ليتك تنتبه انتباها لوصاياي! فيكون سلامك كنهر، وبرُّك كأمواج البحر». (اشعيا ٤٨:١٨، عج) ما ارقّ هذه المناشدة من الخالق القادر على كل شيء! (تثنية ٥:٢٩؛ مزمور ٨١:١٣) فبإمكان الاسرائيليين، بدلا من الذهاب الى السبي، ان يتمتعوا بسلام جزيل كالمياه المتدفقة في نهر. (مزمور ١١٩:١٦٥) ويمكن ان تكثر اعمال برهم بحيث لا تُحصى، كأمواج البحر. (عاموس ٥:٢٤) ولأن يهوه مهتم بهم اهتماما شديدا، يوجِّه اليهم هذه المناشدة، مُظهرا لهم بمحبة الطريق الذي ينبغي ان يسلكوا فيه. فيا ليتهم يصغون!
٢٠ (أ) ما هي رغبة اللّٰه حيال اسرائيل رغم تمرُّدهم؟ (ب) ماذا نتعلم عن يهوه من تعاملاته مع شعبه؟ (انظروا الاطار في الصفحة ١٣٣.)
٢٠ وأية بركات تأتي اذا تاب اسرائيل؟ يقول يهوه انه يكون «كالرمل نسلك وذرية احشائك كأحشائه [«كعدد حبَّاته»، تف]. لا ينقطع ولا يباد اسمه من امامي». (اشعياء ٤٨:١٩) يذكّر يهوه الشعب بوعده ان يكثِّر نسل ابراهيم، «كنجوم السماء وكالرمل الذي على شاطئ البحر». (تكوين ٢٢:١٧؛ ٣٢:١٢) لكنَّ هؤلاء المتحدِّرين من ابراهيم متمرِّدون، ولا يحق لهم ان ينالوا اتمام الوعد. فسجلهم حافل بالشر حتى انهم يستحقون ان ينقطع اسمهم كأمة، وفقا لشريعة يهوه. (تثنية ٢٨:٤٥) ومع ذلك، لا يرغب يهوه في ان يباد شعبه، ولا يريد ان يتركهم كليا.
٢١ اية بركات يمكن ان ننالها اليوم اذا سعينا الى التعلم من يهوه؟
٢١ تنطبق المبادئ المشمولة بهذه الرسالة القوية على عبّاد يهوه اليوم. فيهوه ينبوع الحياة، ويعرف افضل من ايّ كائن آخر كيف يجب ان نستخدم حياتنا. (مزمور ٣٦:٩) ولم يعطنا الارشادات ليسلبنا متعة الحياة، بل لنستفيد. ويتجاوب المسيحيون الحقيقيون بسعيهم الى التعلم من يهوه. (ميخا ٤:٢) وتحمي توجيهاته روحياتنا وعلاقتنا به، وتردّ عنا تأثير الشيطان المفسد. وعندما نقدِّر المبادئ التي نستخلصها من شرائع اللّٰه، نجد ان يهوه يعلّمنا من اجل مصلحتنا. وندرك ان «وصاياه لا تشكل عبئا». وهكذا لن ننقطع ابدا. — ١ يوحنا ٢:١٧؛ ٥:٣.
«اخرجوا من بابل»
٢٢ ماذا يُحَثّ اليهود الامناء على فعله، وأية تأكيدات يُعطَون؟
٢٢ عندما تسقط بابل، هل سيمتلك ايٌّ من اليهود الموقف القلبي الصائب؟ وهل سيستفيدون من إنقاذ يهوه لهم ويعودون الى ارضهم ويؤسسون العبادة النقية من جديد؟ نعم. وتُظهر كلمات يهوه التالية ثقته بأن هذا ما سيحدث. «اخرجوا من بابل اهربوا من ارض الكلدانيين. بصوت الترنم اخبروا نادوا بهذا. شيِّعوه الى اقصى الارض. قولوا قد فدى الرب عبده يعقوب. ولم يعطشوا في القفار التي سيَّرهم فيها. اجرى لهم من الصخر ماء وشق الصخر ففاضت المياه». (اشعياء ٤٨:٢٠، ٢١) يُحَثّ شعب يهوه نبويا ان يغادروا بابل دون تأخير. (ارميا ٥٠:٨) ويجب ان يُعرف فداؤهم الى اقصى الارض. (ارميا ٣١:١٠) بعد الخروج من مصر، امَّن يهوه حاجات شعبه فيما كانوا يسيرون في الاراضي الصحراوية. والآن ايضا سيعيل شعبه في طريق عودتهم الى ارضهم من بابل. — تثنية ٨:١٥، ١٦.
٢٣ مَن لن يتمتعوا بالسلام الالهي؟
٢٣ هنالك مبدأ هام آخر يجب ان يتذكره اليهود بشأن اعمال يهوه الانقاذية. حتى لو تألم الميالون الى البر بسبب خطاياهم، لن يكون مصيرهم الفناء. وهم بذلك يختلفون عن الاثمة. «لا سلام قال الرب للاشرار». (اشعياء ٤٨:٢٢) فالخطاة غير التائبين لن يتمتعوا بالسلام الذي يحفظه اللّٰه للذين يحبونه. والاعمال الانقاذية ليست معدّة للاشرار العنيدين او الاشخاص غير المؤمنين. انها فقط للذين يملكون الايمان. (تيطس ١:١٥، ١٦؛ كشف ٢٢:١٤، ١٥) أما الاشرار فلن يحصلوا على سلام من اللّٰه.
٢٤ ماذا جعل شعب اللّٰه يتهللون في الازمنة العصرية؟
٢٤ في سنة ٥٣٧ قم، ابتهج الاسرائيليون الامناء حين سنحت لهم الفرصة ان يغادروا بابل. وفي سنة ١٩١٩، تهلل شعب اللّٰه حين أُطلق سراحهم من الاسر البابلي. (كشف ١١:١١، ١٢) فقد طفحت قلوبهم بالامل، وانتهزوا الفرصة ليوسّعوا دائرة نشاطهم. صحيح ان الاستفادة من الامكانيات الجديدة للكرازة في عالم عدائي تطلبت من هذا الفريق الصغير من المسيحيين اظهار الشجاعة. ولكن بمساعدة يهوه، انهمكوا في عمل الكرازة بالبشارة. ويشهد التاريخ ان يهوه باركهم.
٢٥ لماذا من المهم الانتباه جيدا لأحكام اللّٰه البارة؟
٢٥ يشدّد هذا الجزء من نبوة اشعيا على ان يهوه يعلّمنا من اجل مصلحتنا. فمن المهم الانتباه جيدا لأحكام اللّٰه البارة. (كشف ١٥:٢-٤) وإذا بقينا نذكّر انفسنا بأن اللّٰه حكيم ومحب، يساعدنا ذلك على اطاعة ما يقول يهوه انه صواب. فجميع اوامره هي لفائدتنا. — اشعياء ٤٨:١٧، ١٨.
[الاطار/الصورتان في الصفحة ١٣٣]
اللّٰه القادر على كل شيء يكبح غضبه
قال يهوه للاسرائيليين المرتدين: ‹ابطِّئ غضبي وأمسك عنك›. (اشعياء ٤٨:٩) تساعدنا هذه الكلمات ان نرى ان اللّٰه يرسم مثالا ممتازا لعدم اساءة استعمال السلطة. لا شك انه لا يوجد احد يفوق اللّٰه قوة. ولهذا السبب نشير اليه بالقادر على كل شيء. وهو يطلق على نفسه باستحقاق لقب «القدير». (تكوين ١٧:١) وبالاضافة الى القوة التي لا تُحَدّ، يتمتع ايضا بسلطة مطلقة لأنه الرب المتسلط على الكون الذي خلقه. لذلك لا يجرؤ احد ان يمنع يده او يقول له: «ماذا تفعل». — دانيال ٤:٣٥.
لكنَّ اللّٰه بطيء الغضب، حتى حين تدعو الحاجة الى اظهار قوته ضد اعدائه. (ناحوم ١:٣) ويمكن القول عن يهوه انه ‹يبطِّئ غضبه› لأن المحبة — لا الغضب — هي الصفة البارزة عنده. فغضبه بار دائما، مبرَّر دائما، ومضبوط دائما. — خروج ٣٤:٦؛ ١ يوحنا ٤:٨.
ولماذا يتصرف يهوه بهذه الطريقة؟ لأنه يوازن بدقة بين قدرته العظيمة وصفاته الرئيسية الاخرى: الحكمة، العدل، والمحبة. فاستخدامه للقوة يتناسب دائما مع هذه الصفات الثلاث الاخرى.
[الصورة في الصفحة ١٢٢]
رسالة الرد التي يتفوَّه بها اشعيا تعطي بصيص امل لليهود الامناء في السبي
[الصور في الصفحة ١٢٤]
كان عند اليهود ميل الى نسب اعمال يهوه الى الاصنام
١- عشتار ٢- زخرف من الآجرّ المزجَّج من شارع المواكب في بابل ٣- تنين يرمز الى مردوخ
[الصورة في الصفحة ١٢٧]
يمكن لـ «كور المشقة» ان يكشف هل دوافعنا الى خدمة يهوه نقية ام لا
[الصور في الصفحة ١٢٨]
واجه المسيحيون الحقيقيون اقسى اشكال الاضطهاد